الحرب على لبنان.. أهداف ووقائع واستشراف
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
محمد فوّاز **
انطلقت حرب لبنان الثالثة - التي أطلق عليه الإسرائيلي اسم "سهام الشمال"- بشراسة غير مسبوقة، ففي يومها المفتوح الأول وفي قصف لمركز في الجنوب والبقاع، سقط 558 شهيدا بينهم 50 طفلا و94 امرأة في أقل من 24 ساعة إضافة الى 1853 مصابًا موزعين على 54 مستشفى بحسب وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض.
أما وزير الداخلية فأكد في اليوم الثاني للحرب أن عدد النازحين إثر القصف الإسرائيلي بلغ أكثر من 20 ألف نازح.
مشهد لبنان اليوم يشبه المشهد الغزّاوي في بداياته، فتكثر الأسئلة عن الأسباب والمصير والمآلات، فيربط البعض ما يحصل بأنه جنون نتنياهو. شخصيا، لا أتعاطف مع الآراء التي تصف نتنياهو بالمجنون الذي لا يعرف ما يفعل؛ أو الآراء القائلة إن نتنياهو يريد فقط خدمة مصالحه الشخصية والهروب من المحاسبة القضائية.
في جميع كتاباته، يلتزم نتنياهو بمنهجية واضحة؛ فهو يرى في انتصار 1967 نموذجاً يحتذى به، وهو القائل بجدوى الانتصارات العسكرية وبأنها الوحيدة القادرة على فرض السلام لإسرائيل. كذلك يعبّر دوماً عن عدم رضاه عن الحدود الحالية لإسرائيل، مؤكداً أن "أرض إسرائيل" تمتد من النيل إلى الفرات، وهو ما يعدّه جزءاً من الوعد الإلهي لبني إسرائيل وكذلك الوعد الذي قُدم لليهود في عصبة الأمم حينها، بحسب ما يكتب.
منذ حوالي سنة، تلقت إسرائيل ضربة قاتلة في 7 أكتوبر. ويحاول نتنياهو استغلالها لتحقيق ارتداد عكسي للقضاء على المقاومة نهائي ا، عن طريق أمرين: أولاً، إنهاء الوضع في غزة سياسياً وعسكرياً، وفتح ملف اقتصادي وسياسي جديد للشرق الأوسط. ثانياً، القضاء على أي محاولات مقاومة للواقع الاستيطاني في الضفة الغربية. وثالثاً، توجيه ضربات قاصمة لحزب الله تُعجزه عن النهوض مجدداً، ما يجبره على الرضوخ لشروط إسرائيل التفاوضية.
وفي حال نجحت إسرائيل في ذلك ستكون قد ثبتت أقدامها في المنطقة وفتحت الباب على شرق أوسط جديد لا معارضة حقيقية فيه لإسرائيل ويفتح الباب على مصراعيه لإعادة تنفيذ خطة دونالد ترامب المسامة بصفقة القرن، خاصة اذا عاود الأخير الوصول الى الرئاسة الأمريكية الأولى. وبذلك تكون القضية الفلسطينية قد انتهت للأبد وتربعت إسرائيل على عرش الشرق الأوسط لقرن قادم!!
لكن الواقع لا يعني بالضرورة تحقيق هذه الأهداف، فحتى الآن، لم تحقق إسرائيل نجاحاً كاملاً في النقطة الأولى والثانية، نظراً لعدم قدرتها على فرض شروطها في غزة واستمرار المقاومة، كما أن الوضع في الضفة الغربية لا يزال مفتوحاً على كافة الاحتمالات مع استمرار المقاومة.
إقليمياً.. إيران في حالة ارتباك وتخشى على نفسها لذلك تراهن على التهدئة والتفاوض مع أمريكا. بينما الولايات المتحدة تمر بفترة ضعف انتخابي تعزز التحكم الإسرائيلي بها، فهي رغم دعمها لمشروع إسرائيل، يبقى صراعها مع الوقت وحدود توسع الصراع وانعكاس ذلك على مصالحها.
من هذه الزاوية يمكن فهم ما يحدث في لبنان، فملفات غزة والضفة مفتوحة ويقف فيها نتنياهو رافضا الخضوع وعاجزا عن الحسم. عليه، يتحول الى لبنان محاولا تحقيق أهداف مرسومة سلفًا.
وتضع إسرائيل لافتة للحرب الشرسة التي تشنها على لبنان بفك ارتباط الجبهة اللبنانية عن جبهة غزة وإعادة سكان شمال إسرائيل، لكن أهداف إسرائيل الحقيقية أعمق من هذا، ومن السذاجة اعتبار أن فتح حزب الله جبهة الإسناد يوم 8 أكتوبر هو السبب الرئيس والوحيد في الحرب الراهنة.
لقد كان معلوما أن ضربة لحزب الله كانت تتحضر قبل 7 أكتوبر تحت نظرية "جذ العشب" الإسرائيلية. لكن ظرف 7 أكتوبر بدّل الأوراق وقلب الأولويات دون أن تتغير الأهداف ليعود حزب الله لواجهة الاهتمام الإسرائيلي بعد استعصاء جبهة غزة بعد قرابة السنة على الحرب.
لذلك يمكن ايجاز أهداف إسرائيل الرئيسة في الحرب على لبنان فيما يلي:
1- ضرب حزب الله ضربات تُعجِّزه وتقوّده مستقبلا (على أقل تقدير) خاصة قيادته العامة والمعتقلة بالعمليات خلف خطوط العدو (وحدة الرضوان على الأخص) والصواريخ الدقيقة ومخازن الأسلحة واللوجستيات ونُظم القيادة والسيطرة، ووصولا إلى القادة الميدانيين والعناصر والمراكز أو المخازن التي ممكن أن تحتوي أسلحة أو يستفيد منها حزب الله. وهذا ما كانت إسرائيل تتحضر له منذ حرب 2006 وهو ما اتضح اليوم من حجم بنك الأهداف والمعلومات الذي تمتلكه.
2- إخضاع حزب الله ولبنان لاتفاق حده الأدنى قرار مجلس الأمن 1701؛ بما يطمئن إسرائيل على حدودها الشمالية ويحميها - وفق رؤيتها- من 7 أكتوبر لبناني مستقبلا(ومن هنا الاهتمام الكبير بالرضوان)
3- ضرب بيئة حزب الله الحاضنة ومحاولة سلخها عن الحزب بطرق مختلفة.
4- آنيا، إعادة سكان الشمال في إسرائيل، وفك الارتباط بين جبهات المقاومة.
بالمقابل: يدرك حزب الله أهداف إسرائيل جيدا ويضع أهدافه المضادة:
1- الاستمرار بعملية الإسناد ورفض فك ارتباط الجبهات.
2- منع عودة سكان الشمال الإسرائيلي.
3- حصر العمليات بالشق العسكري لعدم إعطاء أي ذريعة لتوسع الحرب الىالبنى التحتية اللبنانية.
4- محاولة الحفاظ على التناسب في التصعيد لتأكيد عدم تأثر هيكله العسكري وخاصة القيادة والسيطرة بالضربات الإسرائيلية ومحاولة الحفاظ على شيء من الردع.
حتى الآن أثبت حزب الله قدرته على الحفاظ على القيادة والسيطرة، بينما يواصل تصعيد هجماته تدريجيًا ويستعد لمعركة طويلة الأمد، رغم حجم الضربات التي تلقاها.
من جانبها، تستمر إسرائيل في قصف بنك أهدافها الواسع وتصادق يوميا على أهداف جديدة دون تحقيق هدفها المعلن وهو إيقاف جبهة الإسناد. لذلك، من المتوقع أن تستمر الضربات الإسرائيلية بالتصاعد في الكثافة والمدى، كما يتوقع أن يواصل حزب الله تقديم الجديد بشكل يعتبره متناسبا.
يتم تداول مقترح لوقف إطلاق نار لمدة شهر، لتمهيد الطريق لتطبيق القرار 1701 على لبنان دون أن تكون غزة خارج الإتفاق. ومع ذلك، من غير المرجح نجاح هذه الجولة من المفاوضات بسبب تمسك الأطراف بمواقفهم وصلابتهم على الأرض.
المشهد الحالي لا يدعو للتفاؤل، واحتمال العملية البرية انطلاقا من الجولان واردة خاصة إذا تعذر الحل السياسي، ما قد يدفع نتنياهو إلى محاولة مقايضة الأرض باتفاق.
كل ذلك يمكن تلخيصه بأن الحديث اليوم هو للميدان، حيث تستمر لعبة عض الأصابع بين حزب الله وإسرائيل على قاعدة الحياة أو الموت.
** باحث لبناني
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: على لبنان حزب الله
إقرأ أيضاً:
هآرتس تكشف خطة نتنياهو التي سيطرحها على الكابينت بشأن غزة
قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية ، مساء الاثنين 28 يوليو / تموز 2025 ، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعتزم طرح خطة على الكابينيت الأمني والسياسي المصغّر، تقضي بضمّ تدريجي لأجزاء من قطاع غزة ، وذلك في محاولة لإبقاء وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ضمن الحكومة.
وبحسب هآرتس ، تنصّ الخطة على أن تُمهل إسرائيل حركة " حماس " عدة أيام للموافقة على اتفاق لوقف إطلاق النار، وفي حال رفضها، تبدأ إسرائيل بضم مناطق من القطاع بشكل تدريجي. ووفق "هآرتس"، سيُعرض هذا المخطط على الكابينيت بعد قرار نتنياهو زيادة حجم المساعدات الإنسانية لغزة وهو القرار الذي اتُخذ رغم اعتراضات "الصهيونية الدينية" بقيادة سموتريتش.
وبحسب التفاصيل التي قدّمها نتنياهو خلال محادثاته مع وزراء في الحكومة، فإن عملية الضم ستبدأ بالمناطق الحدودية الفاصلة قطاع غزة عن مناطق الـ48 (الغلاف الداخلي الذي أحدثه الاحتلال لقطاع غزة)، ثم تمتد إلى شمالي القطاع، ولا سيما المناطق القريبة من "سديروت" و"عسقلان"، وصولًا إلى ضم القطاع بالكامل على مراحل. وادعى نتنياهو في هذه المحادثات أن "الخطة حصلت على الضوء الأخضر من إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب".
ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية أن سموتريتش قال لنتنياهو خلال الأيام الأخيرة إنه "سيُقيّمه بالأفعال"، وإنه "سيبقى في الحكومة في هذه المرحلة إذا نُفذت خطة الضم". وفي رسالة وجّهها إلى أعضاء حزبه، كتب سموتريتش: "نحن ندفع باتجاه خطوة إستراتيجية جيدة، ولا داعي لتفصيلها الآن، وسنعرف قريبًا إن كانت ستنجح وإلى أين سنتجه". وأضاف: "لا ينبغي اتخاذ قرارات سياسية خلال الحرب. سنُقيّم الموقف بناء على النتيجة – أي حسم المعركة ضد حماس".
وحذّرت الصحيفة من أن تهديد إسرائيل بضمّ أراضٍ في غزة، بالتوازي مع دعوات العديد من الوزراء لإقامة مستوطنات في القطاع، من شأنه أن يُدخلها في صدام مباشر مع المجتمع الدولي، باستثناء الولايات المتحدة. ورجّحت "هآرتس" أن تُشعل خطوة كهذه موجة اعترافات بالدولة الفلسطينية على غرار ما قامت به فرنسا، إضافة إلى فرض عقوبات على إسرائيل.
وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو لم يُبدِ حماسة في السابق لخيار الضمّ، لكنه بات مستعدًا للمضي فيه في محاولة لإنقاذ حكومته. وأبلغ وزراءه أن وزير الشؤون الإستراتيجية، رون ديرمر، قدّم الخطة لوزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، وأنها "تحظى بدعم البيت الأبيض". وذكرت الصحيفة أن الرئيس دونالد ترامب، الذي يزور حاليًا أسكتلندا، لم يحضر الاجتماع.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية جنود إسرائيليون يرفضون العودة للقتال في غزة تفاصيل خطة الجيش الإسرائيلي الجديدة بشأن غزة نتنياهو يعقد مشاورات أمنية بشأن غزة ويُصر على "هدفي الحرب" الأكثر قراءة محمد اشتية... خيرا فعلت واستمر في فعل الخير - بقلم : د. احمد المعروف حماس : نواصل المشاورات لإنجاز اتفاق مشرّف الكشف عن هدف العملية العسكرية في دير البلح محدث: ارتفاع عدد المتوفين نتيجة التجويع في غزة إلى 20 خلال يومين عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025