بمشاعر وأفكار متضاربة ناتجة عن صدمة إسرائيل من مفاجأة القوات المسلّحة المصرية في السادس من أكتوبر، حاول قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي تبرير الهزيمة التي تكبدها جيشهم على أيدي الجيش المصري، وكتبوا بكثير من الحسرة عن «أسوأ يوم في حياتهم».

هزيمة الجيش الإسرائيلي

«هل تستطيع أن تخمن اليوم؟، بالطبع لا، لأن العسكريين وحدهم هم من يستطيعون ذلك، وكل واحد حسب السلاح الذي ينتمي إليه، إنه يوم 8 أكتوبر، وهو أسود يوم في تاريخ الجيش الإسرائيلي يوم انهزم فيه الجيش الإسرائيلي حقا وصدقا، لو حدث ذلك في اليوم السادس أو السابع لوجد القادة في إسرائيل ألف عذر، ففي هذا اليوم تجرعنا مرارة الهزيمة وكان من الممكن أن نجد أعذارا كثيرة مثل اضطراب المخابرات وتناقض الأوامر والمفاجآت الفظيعة»، بألم عميق وكلمات قليلة، روى آرييل شارون في مذكراته «محارب» هزيمة الجيش الإسرائيلي.

وأضاف «شارون»: «يوم الثامن من أكتوبر 1973 فهو يوم الجيش الإسرائيلي وحده، هزيمته وحده أما الخطأ والفشل فقد جاء من التكتيك ومن الغرور والمسؤول عن ذلك كله هو انتصارنا في حرب يونيو 1967 وأشعل النار في غطرستنا، فمن ذلك الوقت ونحن نؤمن إيمانا مطلقا بأن الدبابة هي سيدة المعارك، لكن المصيبة أن قوات المشاة المصرية قد تدربت جيدا على تصيد الدبابات الإسرائيلية، وكانت الدبابات عادة هي التي تتقدم وتخيف وتسحق، وهي التي تنهي المَعارك لصالحنا».

وتابع: «هناك غلطة قائد الجبهة الجنوبية، الذي لم يحسب كل الاحتمالات، إنما اعتمد على ذكائه هو، وكان يعتمد على تجاربه السابقة في محاربة الجيش المصري، وكانت هزيمة بشعة على أيدي جنوده، لكن لم تكن هذه هي الغلطة الوحيدة التي انفرد بها، لذلك كانت نتائج هذه المشاعر العمياء أننا فوجئنا بأن المصريين قد تدربوا تدريبا فائقا يوم 8 أكتوبر على اصطياد الدبابات ومطاردتها وإحراقها»، مشيرا إلى أن الجنود المصريين الذين واجهوا المدرعات الإسرائيلية، كانوا من المشاة المتطورة المزودة بأحدث الأسلحة والمدربة على القتال تدريبا ممتازا.

وأوضح «شارون» أن الجنود المصريين كانوا يحطمون الدبابات بأيديهم، دبابات من طراز سنتوريون ويأتون، كلها أصيبت إصابات مروعة وعلى مسافات بعيدة، بصواريخ ساجر ومدافع «آر بي جي» ففي ساعات تحولت معظم الدبابات إلى عجائن من النيران.

أما وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي موشيه ديان، فكتب في مذكراته عن حرب أكتوبر: «عبر المصريون القناة وضربوا بشدة قواتنا في سيناء، وتوغل السوريون في العمق على مرتفعات الجولان، وتكبدنا خسائر جسيمة على الجبهتين.. وكان السؤال المؤلم في ذلك الوقت هو ما إذا كنا نطلع الأمة على حقيقة الموقف السيئ أم لا؟ أريد أن أصرح بمنتهى الوضوح أننا فوجئنا أننا لا نملك القوة الكافية لدفع المصريين إلى الخلف، وأننا لا نملك القوة الكافية لإعادة المصريين عبر قناة السويس مرة أخرى».

الجيش المصري يعرف كيف يستخدم أسلحته 

وتحدث «ديان» عن الكفاءة القتالية للجندي المصري، قائلا: «إسرائيل كانت تمتلك سلاحا متقدما في ذلك الوقت، لكن ما ميز المصريين هو أنهم كانوا يعرفون كيف يستخدمون أسلحتهم ضد الجيش الإسرائيلي ولا أعرف مكانا في العالم محميا بكل هذه الصواريخ كما هو عند مصر، ويمتلك الجيش المصري العديد من الأنواع المختلفة من السلاح، ويستعملون كل هذه الأنواع بامتياز وبدقة متناهية، وكانوا يستخدمون الصواريخ المضادة للدبابات وللطائرات بدقة ونجاح تام».

وأضاف: «الموقف تلخص في أن المصريين نجحوا في أن يعبروا إلى الشرق بأعداد من الدبابات والمدرعات تفوق ما لدينا في سيناء، والدبابات والمدرعات المصرية تؤيدها المدافع البعيدة المدى وبطاريات الصواريخ والمشاة المسلحون بالصواريخ الخاصة بالدبابات».

وتابع: «وركز المصريون قواهم طوال السنوات الماضية في إعداد رجالهم لحرب طويلة شاقة بأسلحة متطورة تدربوا عليها واستوعبوها تماما».

فيما وصف الجنرال شموئيل جونين قائد جيش الاحتلال الإٍسرائيلي في جبهة سيناء، الحرب من المصريين بأنها: كانت صعبة للغاية، ومعارك المدرعات بها كانت قاسية وأن معارك الجو فيها مريرة، موضحا أن الجندي المصري كان يتقدم في موجات تلو الأخرى رغم إطلاق القوات الإسرائيلية النار عليه، إلا أنه يواصل تقدمه ويحول ما حوله إلى جحيم ويظل يتقدم.

أما مساعده أروي بن أري، فكتب في مذكراته: «في الساعات الأولي لهجوم الجيش المصري كان شعورنا مخيفا لأننا كنا نشعر أننا نزداد صغرا والجيش المصري يزداد كبرا والفشل سيفتح الطريق إلى تل أبيب».

وأضاف «بن أري»: «في يوم 7‏ أكتوبر خيم على إسرائيل ظل الكآبة ومنذ فجر ذلك اليوم، وحتى غروب الشمس كان مصير إسرائيل متوقفا على قدرة صدها لهجوم مصر وسوريا، نحن لم نتعرض خلال الـ‏25‏ عاما التي سبقت الحرب منذ حرب 1948، لخطر الدمار بصورة ملموسة كما حدث في ذلك اليوم المصيري».‏

من جهته ألقى اللواء أفراهام أدان، قائد سلاح المدرعات في جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر، بمسؤولية الهزيمة على عدم تزويد جيشه بأسلحة متقدمة ومتطورة مثل نظيره المصري خلال الحرب.

وقال «أدان»: «لقد وجدنا أنفسنا أمام آلاف الجنود من المشاة المصريين، مزودين بالسلاح الأوتوماتيكي والمضاد للدبابات، كنا في وضع سخيف وغبي، بشكل عام، لم يكن لدينا منظومة سلاح أكثر تطورا وتحديثا، ولو كنا كذلك، لكانت الأمور اختلفت».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: جيش الاحتلال الإسرائيلي إسرائيل مصر الجيش المصري حرب أكتوبر 1973 حرب أكتوبر الجیش الإسرائیلی الجیش المصری

إقرأ أيضاً:

رئيس الشاباك الجديد يتحدث عن فشل 7 أكتوبر.. من يتحمل المسؤولية؟

قال الرئيس الجديد لجهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" ديفيد زيني، إن "الفشل في أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 كان عميقا وواسع النطاق".

وفي تصريحات نقلتها  هيئة البث الإسرائيلية، قال زيني، "إن فشلا بهذا الحجم ليس محددا، بل عميقا وواسع النطاق، ونحن جميعا نشارك فيه".

وأضاف، "سأغادر إلى مساحة جديدة وصعبة ومثيرة للاهتمام ولكنها غير واضحة"، في إشارة إلى رئاسة "الشاباك".

وكان رئيس "الشاباك" الحالي رونين بار، أعلن إنه سيغادر منصبه في 15 من الشهر الجاري، عقب خلافات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، دفعت الأخير لإقالة بار.

وفي أيار/ مايو الماضي أعلن نتنياهو تعيين زيني رئيسا للشاباك خلفا للمقال بار، في خطوة اعتبرتها المحكمة العليا الإسرائيلية أنها مخالفة للقانون، واثارت احتجاجات شعبية وانتقادات حادة من المعارضة.

ونفذت حركة "حماس" في 7 أكتوبر 2023 هجوما مفاجئا على عشرات القواعد العسكرية والبلدات الإسرائيلية في غلاف قطاع غزة ما أدى إلى مقتل وإصابة مئات الإسرائيليين.

ومنذ ذلك الحين، يعتبر مسؤولون سياسيون وعسكريون وأمنيون إسرائيليون الهجوم بأنه مثل "إخفاقا سياسيا وعسكريا واستخباريا غير مسبوق".

والجمعة، قال الناطق باسم كتائب القسام، إن ما تكبده الاحتلال، من خسائر خانيونس وجباليا، "هو امتداد لسلسلة العمليات النوعية، ونموذج لما ستجابه به قوات الاحتلال، في كل مكان تتواجد فيه".

وأضاف في منشور عبر حسابه الرسمي بمنصة تليغرام: "لا يزال مجاهدونا ورثة الأنبياء يقذفون بحجارة داود على عربات جدعون فتدمغ جبروت الاحتلال فإذا هو زاهق، ليسطروا ببطولاتهم انتصار الفئة المؤمنة المستضعفة على الفئة الظالمة المتغطرسة".

وتابع: "ليس أمام جمهور العدو إلا إجبار قيادتهم على وقف حرب الإبادة، أو التجهز لاستقبال المزيد من أبنائهم في توابيت".



واعترف جيش الاحتلال، بمقتل 4 من جنوده، وإصابة ضابط بجروح خطرة، في كمين للمقاومة صباح اليوم الجمعة، في خانيونس جنوب قطاع غزة.

وقال الاحتلال، إن القتلى من وحدتي ماغلان ويهلوم، المتخصصتين في الكشف عن الأنفاق، وقتلوا جميعا في منطقة بني سهيلا شرق خانيونس جنوب القطاع.

وأشارت إذاعة جيش الاحتلال، إلى أن الجنود دخلوا مبنى في بني سهيلا، بعد وصول معلومات بأنه يستخدم من قبل حماس.

من جانبه قال رئيس حكومة الاحتلال، تعليقا على إعلان مقتل الجنود الأربعة: "إنه يوم حزين وصعب، باسم جميع مواطني إسرائيل، أتقدم أنا وزوجتي بأحر التعازي لعائلات أبطالنا الأربعة الذين سقطوا في غزة خلال معركة دحر حماس واستعادة رهائننا، والذين سمح بنشر أسماء اثنين منهم، الرقيب أول يوآف ريفر والرقيب أول تشين غروس".

مقالات مشابهة

  • 32 شهيدا في غزة بنيران الجيش الإسرائيلي منذ الفجر
  • مشعل والحية وجهاد طه.. الاحتلال يحرض على قادة حماس والجهاد في الخارج
  • إسرائيل تعلن العثور على جثة محمد السنوار في نفق بغزة
  • فيديو.. إسرائيل تكشف تفاصيل عملية اغتيال محمد السنوار
  • إسحق بريك: حماس هزمت الجيش الإسرائيلي الذي يقدم نفسه على أنه الأقوى
  • النجاة بالزحف.. "الأونروا" تنقل شهادات من جحيم الجوع والرصاص في غزة
  • شارك بهجوم 7 أكتوبر.. إسرائيل تقتل القيادي أبو شريعة
  • اليونيسيف والغذاء العالمي: الاحتلال حوّل غزة إلى جحيم حقيقي وو71 ألف طفل مهددون بالموت جوعا
  • رئيس الشاباك الجديد يتحدث عن فشل 7 أكتوبر.. من يتحمل المسؤولية؟
  • ما هي القنابل الارتجاجية التي قصف بها الاحتلال الضاحية الجنوبية؟