خبيران: كمين جباليا عمل أسطوري ويعكس الخبرة التي راكمتها المقاومة خلال الحرب
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
وصف خبيران عسكريان الكمين الذي أعدته كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، للقوة الإسرائيلية في مخيم جباليا بشمال قطاع غزة بأنه "عمل أسطوري" لأنه يتطلب تخطيطا وتنفيذا دقيقين جدا.
وأشار العميد إلياس حنا إلى أن هذا الكمين الذي تم بنوعيات مختلفة من العبوات المتفجرة محلية الصنع يتطلب معرفة جيدة بالمكان واستطلاعا وتخطيطا للكمين وترتيب لاستخدام العبوات المختلفة بشكل متناغم.
ولفت إلى أن قوات الاحتلال أصبحت مضطرة للوقوع في الأزمة نفسها بسبب عدم قدرتها على البقاء لفترة طويلة في مكان واحد حتى لا تتحول إلى هدف ثابت.
وأضاف "لكن هذا الاحتلال يسمح للمقاومة بإعادة ترتيب نفسها وهو ما يدفع قوات الاحتلال للعودة مجددا من أجل القضاء عليها لكنها تجد نفسها فريسة الأكمنة".
وقال حنا إن استغلال النجاح من جانب المقاومة في هذا الكمين يتمثل في ضربها للإسعاف وفرق الإنقاذ التي وصلت إلى المكان بعد الهجوم، لأن هذا يعني أن الخسائر في القوة كانت كبيرة.
ووصف الخبير العسكري سلوك المقاومة في هذا الكمين بأنه نجاح في استغلال ما لديها من قوة لضرب كل ما يملكه العدو من قوة باستدراجه إلى حيث تريد.
وفي تعليق على التحرك الإسرائيلي الأخير في الشمال، قال حنا إن مناورة الاحتلال تشير إلى سعيه لعزل جباليا البلد عن المخيم من أجل تطويق المخيم وتدميره.
كمين أسطوريكما قال اللواء محمد الصمادي إن هذا العمل يعتبر أسطوريا من الناحية العسكرية بالنظر إلى أنه وقع في منطقة تم تدميرها بمئات الأطنان من المتفجرات خلال عام كامل من الحرب، مؤكدا أنه يعكس الخبرات التي راكمتها المقاومة خلال هذه المواجهة.
وأكد الصمادي أن الحرب أصبحت وجودية بالنسبة للمقاومة وللفلسطينيين في القطاع كما هي وجودية بالنسبة لإسرائيل، مشيرا إلى أن المقاومين لم يعد لديهم ما يخسرونه وهو أمر يدفعهم للإبداع.
ومن الناحية العسكرية، قال الصمادي إن تنفيذ هذا الكمين في ظل القصف العنيف والقوات الكبيرة الموجودة في المنطقة يعكس قدرة المقاومة على الإبداع في المقاومة.
ولفت الخبير العسكري إلى أن العمليات لا تزال تجري في جباليا، مما يعني تعرض جيش الاحتلال لمقتلة بالمكان رغم ما يرتكبه من جرائم ضد المدنيين لإظهار أنه يلحق خسائر بالمقاومة على عكس الواقع.
وأشار إلى أن المقاومة وصلت إلى درجة من الكفاءة تمكنها من قراءة ما يمكن للعدو أن يقوم به على الأرض ووضع تقدير موقف لكل عملية.
وقالت القسام إنها أوقعت سرية مشاة ميكانيكية مؤللة تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في كمين مركب شرق مخيم جباليا. وأوضحت أنها استهدفت سرية كانت تتألف من 12 مركبة وشاحنة محملة بالجنود.
وأضافت أن مقاتليها توجهوا نحو منطقة الكمين، وأجهزوا على من تبقى من الجنود من "المسافة صفر" بالأسلحة الخفيفة، واستهدفوا عددا من الجنود الذين فروا من المكان باتجاه أحد المنازل بعبوة مضادة للأفراد، وأوقعوهم بين قتيل وجريح.
وأكدت الكتائب استهداف دبابتين إسرائيليتين من نوع ميركافا بقذيفة تاندوم وعبوة شواظ في الكمين.
كما أعلنت كتائب القسام عن تمكن مقاتليها من الاشتباك مع قوة إسرائيلية خاصة من "المسافة صفر"، وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح، غرب معسكر جباليا شمالي قطاع غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات إلى أن
إقرأ أيضاً:
الإمارات في حرب غزة.. شريك في مشروع سحق المقاومة
الثورة / متابعات
بينما يتعرض قطاع غزة لأشرس حملات الإبادة في التاريخ المعاصر، تبدو أبو ظبي منهمكة في مشروع آخر، لا يقل فتكًا عن آلة الحرب الإسرائيلية
هذا المشروع ـ بحسب موقع الإمارات ليكس- هو سحق المقاومة الفلسطينية، سياسيًا وميدانيًا، خدمة لتحالفاتها الاستراتيجية مع إسرائيل والولايات المتحدة.
ولا يُخفى على أحد أن الإمارات تحوّلت من داعم معلن لـ”القضية الفلسطينية” إلى طرف معادٍ بوضوح لأي شكل من أشكال المقاومة، ضمن مسار تحالف إقليمي هدفه القضاء على آخر خطوط الدفاع في غزة وتفكيك ما تبقى من الإرادة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال.
فمنذ توقيع “اتفاق إبراهام” في 2020م، تحوّلت الإمارات إلى رأس حربة في مسار التطبيع مع إسرائيل. لم تكتف أبو ظبي بإقامة علاقات دبلوماسية، بل نقلت التحالف إلى مستوى من التنسيق الأمني والعسكري والاقتصادي غير المسبوق.
وكشفت الحرب على غزة، منذ 7 أكتوبر 2023م، عمق هذا التحالف، بعدما امتنعت الإمارات عن إدانة المجازر الإسرائيلية في بدايتها، ثم راحت تروّج لروايات الاحتلال عن “حرب على الإرهاب”، بل وأبدت دعمًا سياسيًا صريحًا لما يسمى خطة “تفكيك المقاومة”.
وحين طرح القادة العرب خطة لإعادة إعمار غزة خلال قمة القاهرة في مارس 2024م، كانت الإمارات -بحسب تقارير إعلامية موثوقة- تضغط على واشنطن للتخلي عن الخطة، بل وتدفع باتجاه بدائل تصب في إفراغ غزة من أهلها.
ووفقًا لموقع “ميدل إيست آي”، مارست أبو ظبي ضغوطًا مباشرة على مصر لفتح حدودها أمام الفلسطينيين المهجّرين، في خطوة وصفتها منظمات حقوقية بأنها تندرج ضمن هندسة تطهير عرقي مقنّعة بدعوى إنسانية.
ولا تقتصر المؤامرة الإماراتية على المواقف السياسية، بل تتجاوزها إلى ممارسات ميدانية تستهدف شلّ قدرة فصائل المقاومة على الصمود.
فخلف الكواليس، تدعم أبوظبي -بحسب تقارير استخباراتية وإفادات مسؤولين غربيين أوردها الصحفي بوب وودوارد في كتابه “الحرب”- الجهود الأميركية والإسرائيلية لتصفية القوة العسكرية للمقاومة، وتطمئن البيت الأبيض إلى أن “حلفاء واشنطن العرب” يقفون في صفّها، لا يزعجهم سفك دماء الفلسطينيين، بل يخشون فقط ارتداداتها الشعبية في الداخل.
تتقاطع هذه الاستراتيجية مع جهود قديمة بذلتها أبو ظبي منذ سنوات في محاربة كل القوى التي تمثّل مشروع مقاومة، سواء في فلسطين أو خارجها. فقد دعمت الإمارات انقلابًا في السودان ضد حكومة كانت مناصرة للفلسطينيين، ومولت قوات تعمل على محاصرة حركات المقاومة في اليمن ولبنان.
وتُوظف الإمارات أدوات إعلامية واسعة لشيطنة المقاومة الفلسطينية، ووصمها بالإرهاب، وتحميلها مسؤولية الدمار الذي تُلحقه آلة الحرب الإسرائيلية.
ما يحدث لا يمكن قراءته فقط ضمن الحسابات الجيوسياسية. فعداء النظام الإماراتي للمقاومة الفلسطينية يبدو عقائديًا، مرتبطًا بهوس السيطرة وتصفية أي مشروع يعيد الاعتبار لفكرة النضال الشعبي.
بالنسبة للإمارات، فإن انتصار غزة سيمنح شعوب المنطقة -وخاصة شعوب الخليج- أملًا في التغيير، ويهدد منظومة الاستبداد التي تبني عليها أبو ظبي نفوذها.
لذلك، لم تقف الإمارات على الحياد، بل شاركت فعليًا في الحرب النفسية والإعلامية على المقاومة، وسعت لترويج “بدائل فلسطينية” تتماهى مع نهجها، من خلال رعاية شخصيات وواجهات سياسية في الضفة الغربية والقدس تحظى برضا الاحتلال.
ووفق ما ترصده مراكز بحث غربية، فإن أبوظبي تستثمر بكثافة في ما يسمى بـ”إعادة هندسة القيادة الفلسطينية”، عبر دعم سلطة ضعيفة تقبل بالتنسيق الأمني مع إسرائيل وتتنازل عن الثوابت الوطنية.
ومنذ بداية العدوان، لم تصدر عن أبو ظبي سوى تصريحات فضفاضة تدعو إلى “ضبط النفس”، دون أي إدانة واضحة للجرائم الإسرائيلية.
وحتى حين صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرارات تطالب بوقف إطلاق النار، امتنعت الإمارات في مرات عدة، أو شاركت في تمييع مضمون القرارات، حرصًا على عدم إزعاج حلفائها في تل أبيب وواشنطن.
وفي وقت تتظاهر فيه بعض العواصم العربية بالانزعاج، تُبرم الإمارات صفقات مع إسرائيل تتجاوز الاقتصاد والتقنية، لتشمل التعاون في ملفات أمنية واستراتيجية.
ومن اللافت أن صفقات تصدير الأسلحة والتكنولوجيا المتقدمة لم تتأثر، بل تسارعت، رغم نداءات المنظمات الحقوقية الدولية التي دعت إلى حظر التعامل مع إسرائيل باعتبارها دولة ترتكب جرائم حرب.
ما يُعمّق المفارقة أن الشعوب العربية، بما في ذلك الشعب الإماراتي، عبّرت عن تضامن واسع مع غزة، رغم القيود الأمنية التي تمنع التظاهر أو التعبير العلني.
وهذا يكشف التناقض الصارخ بين الإرادة الشعبية والانحياز الرسمي، ويعكس مدى اختطاف القرار السياسي في أبو ظبي لصالح أجندة تبتعد تمامًا عن نبض الشارع.
وفي ظل هذا المشهد، تبدو الإمارات كمن اختارت عن وعي الاصطفاف مع القوة الاستعمارية، ضد شعب يُباد، فقط لضمان مصالح نُخَبها الحاكمة. لا يعد التقاعس موقفًا سلبيًا، بل يتحوّل إلى تواطؤ نشط، يُغذّي آلة القتل، ويمنح إسرائيل شرعية مفتوحة لمواصلة مشروعها الاستيطاني والتهجيري.
لقد حطّمت حرب غزة وهم الحداثة الذي تحاول الإمارات تسويقه. لا يمكن لنظام يشارك في مشروع سحق شعب تحت الاحتلال، ويُجرّم مقاومته، أن يدّعي التقدم أو الاستقرار.
وقد اختارت أبو ظبي الاصطفاف الكامل مع المشروع الصهيوني، متخلية عن أبسط المبادئ الأخلاقية والسياسية، مقابل وعود بالاستثمار والتقنية والحماية الأمنية.
لكن التاريخ لا يرحم. كما لم يُغفر لمن طرد المقاتلين الفلسطينيين من بيروت في 1982، لن يُغفر لمن يسهّل اليوم تفكيك آخر معاقل المقاومة في غزة، فيما الصور القادمة من القطاع لا تكشف فقط فظائع إسرائيل، بل تُعرّي من يساعدها في الظل.
نقلاً عن موقع الإمارات ليكس