هل تخوض أوكرانيا حربا مباشرة مع بيلاروسيا؟
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
موسكو– أجواء جديدة من التوتر برزت بين مينسك وكييف أثارتها تصريحات لنائب في البرلمان الأوكراني دعا فيها إلى نقل الحرب الدائرة بين بلاده وروسيا إلى بيلاروسيا.
ورغم أن التصريح صدر عن شخصية برلمانية لا تلزم السلطة التنفيذية في البلاد، فإن ردود الفعل البيلاروسية والروسية الحادة تجاهها، والتي انضم إليها الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو نفسه، تشير وفق مراقبين إلى أن الجانب البيلاروسي يأخذها على محمل الجد.
ويرى مراقبون روس أن تصريحات النائب الأوكراني تعبر عن مزاج موجود لدى صناع القرار في كييف وتحت غطاء غربي.
وكان أوليغ دوندا، النائب في البرلمان الأوكراني عن حزب "خادم الشعب" (التابع للرئيس فولوديمير زيلينسكي)، دعا إلى ضرورة " نقل الحرب ليس فقط إلى مقاطعتي بريانسك وكورسك (الروسيتين)، ولكن أيضًا إلى بيلاروسيا"، معربًا عن ثقته بأن القوات الأوكرانية "التي تدخل بوحدات صغيرة نسبيًا سوف تجبر الجيش البيلاروسي على إلقاء أسلحته" – حسب تعبيره.
وأضاف دوندا، في كلمة له أمام مؤتمر للمعارضة الروسية أنهى أعماله قبل أيام في العاصمة الليتوانية فيلنيوس، أن من شأن نقل الحرب إلى بيلاروسيا "ضرب كبرياء موسكو وإظهارها بأنها لا تستطيع الدفاع عن حليفتها".
الرئيس البيلاروسي رد بنفسه على هذه التصريحات، وقال "لا أحد في أوكرانيا، حتى على مستوى الرئيس زيلينسكي، يفكر بشن هجوم عسكري ضد بيلاروسيا لأن ذلك سيؤدي إلى انهيار سلطات كييف عسكريًا".
أما نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيديف، وبلهجة حادة، حذر عبر قناته على تليغرام من احتمال استخدام الأسلحة النووية التكتيكية في مثل هذه الحالة، وأنه سيكون لدى الرئيس البيلاروسي كل الأسباب للجوء إلى روسيا لاستخدام الأسلحة النووية التكتيكية المتمركزة في بيلاروسيا.
واللافت أن تصريحات النائب الأوكراني جاءت بعد يومين فقط من تصريحات وصفت بالإيجابية للوكاشينكو تجاه كييف، قال فيها إن بلاده تسعى إلى التعايش السلمي مع أوكرانيا، وأنها مستعدة للمشاركة في إعادة الإعمار فيها، لافتًا إلى أن الإدارة الأميركية سوف تكون منشغلة بالمشاكل الداخلية والانتخابات الرئاسية، لذلك لن يكون لديها وقت لأوكرانيا، حسب تعبيره.
ورغم أن بيلاروسيا لا تشارك رسميا في الحرب الروسية في أوكرانيا، فإنها تدعم مواقف موسكو حيالها وتوصف بأنها حليفتها في الحرب. كما أنها تتهم كييف بالمسؤولية عن الصراع مع موسكو.
تبدل الأولوياتيشير الخبير في شؤون أوروبا ورابطة الدول المستقلة، أندريه مامكين، إلى أن التصريحات ضد مينسك تخفي وراء كواليسها محاولة لاستعادة تركيز الاهتمام الدولي من منطقة الشرق الأوسط إلى كييف، لأن أوكرانيا خرجت مؤخرًا عن جدول الأعمال الرئيسي للسياسة الدولية، حسب رأيه.
ويوضح للجزيرة نت بأن التصريحات تأتي كذلك في سياق محاولات حثيثة تقوم بها السلطات في كييف لجر المنظومة الغربية إلى جبهة مفترضة جديدة متمثلة في بيلاروسيا، من أجل الحفاظ على زخم تدويل الصراع مع روسيا بطريقة أو بأخرى، وهو الذي بدأ يتراجع إلى حد ما على خلفية تدهور الأوضاع في الشرق الأوسط واحتمال اندلاع حرب واسعة النطاق هناك.
وبحسب المحلل الروسي، فإن زيارة الزعيم البيلاروسي الأخيرة إلى موسكو في هذه الأجواء مرتبطة بمحاولات بعض الدول الغربية كذلك لجر مينسك بشكل مباشر إلى الصراع في أوكرانيا، وهو ما تجلى بوضوح في تركيز المحادثات على قضايا الأمن العسكري، لأن الوضع صعب للغاية ورغبة أعداء روسيا في تحويل بيلاروسيا إلى نقطة مواجهة باتت أكبر من أي وقت مضى.
تخريب أجواءمن جانبه، يعيد الخبير المتخصص في الشؤون الدولية، ديمتري كيم، إلى الأذهان أن بيلاروسيا تعتبر منطقة مصالح روسية ذات أهمية قصوى وترتبط معها بمعاهدة اتحادية واتفاقية دفاع مشترك، وعليه فإن محاولات نقل جزء من العمليات العسكرية إلى بيلاروسيا تدخل ضمن إطار المتابعة الدقيقة والمتواصلة على مدار الساعة لدى صناع القرار في الكرملين.
ويتابع، في تعليق للجزيرة نت، بأن هذه التصريحات اتخذت توقيتًا "غير بريء"، حيث جاءت بعد أيام قليلة من إعلان بيلاروسيا على لسان وزير خارجيتها، مكسيم ريجينكوف، في خطابه أمام جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، استعداد بلاده للعب دور الوساطة في جهود حل الصراع في أوكرانيا، وهي التي لطالما لعبت هذا الدور قبل أن تتجه الأمور إلى الحرب.
ويشير في هذا السياق إلى أنه لم يتم في السابق التعليق من قبل أعلى المستويات في بيلاروسيا على هذا النوع من التصريحات، لكن الأصوات التي بدأت تظهر من داخل البرلمان الأوكراني وخارجه تشير إلى أن مسلسل الاستفزازات التي تمارسها كييف ضد بيلاروسيا، بما في ذلك من خلال التحشيد العسكري على الحدود معها لم ينته بعد.
وكان وزير الدفاع البيلاروسي، فيكتور خرينين، كشف في أغسطس/آب الماضي عن احتمال حصول استفزازات من جانب أوكرانيا بالقرب من الحدود مع بلاده، وأن القوات البيلاروسية رصدت عمليات تعزيز لوجود القوات الأوكرانية هناك مصحوبة بعمليات استطلاع تقوم بها باستخدام طائرات بدون طيار.
جدير بالذكر أن بيلاروسيا وروسيا ترتبطان منذ عام 1999 بمعاهدة اتحادية تنص، من جملة أمور أخرى، على الدفاع المشترك والتعاون العسكري وإجراء مناورات عسكرية منتظمة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات إلى بیلاروسیا فی أوکرانیا إلى أن
إقرأ أيضاً:
إيطاليا ترحب بالاتفاق التجاري الأوروبي الأميركي
رحبت إيطاليا، الأحد، بالاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي ينص على فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على صادرات التكتل، قائلة إنه يجنّب حربا تجارية، مع بقائها حذرة في انتظار معرفة التفاصيل.
وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، على منصة "إكس"، إن "الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ينهي مرحلة من عدم اليقين ويجنّب حربا تجارية. سندرس جميع التفاصيل".
وصدر موقف مماثل عن رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني التي تزور إثيوبيا لحضور قمة للأمم المتحدة بشأن الأمن الغذائي.
وقالت في أديس أبابا "أعتبر أن التوصل إلى اتفاق أمر إيجابي، لكن لا يمكنني إصدار حكم أفضل حتى أرى التفاصيل"، بحسب ما نقلت عنها وسائل إعلام إيطالية.
كما أوردت ميلوني ونائباها تاياني وماتيو سالفيني في بيان مشترك "ترحب الحكومة الإيطالية بالاتفاق الذي يجنّب حربا تجارية داخل الغرب ذات عواقب لا يمكن التنبؤ بها".
وأضاف البيان أن الاتفاق يضمن "الاستقرار، وهو جانب أساسي للعلاقات بين الأنظمة الاقتصادية والشركات المترابطة للغاية"، معتبرا أن الرسوم الجمركية البالغة 15% "يمكن تحملها".
وأكد المسؤولون الثلاثة أنهم مستعدون "لتفعيل إجراءات دعم على المستوى الوطني" للقطاعات الاقتصادية التي ستعاني أكثر من غيرها، لكنهم دعوا أيضا إلى اتخاذ إجراءات "على المستوى الأوروبي".
تعتمد إيطاليا، بشكل كبير، على صادرات صناعتها التي تمثل ما يقرب من ربع ناتجها المحلي الإجمالي.
وتوصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إلى اتفاق تجاري في تورنبري باسكتلندا، الأحد، بعد اجتماع قصير.
ينص الاتفاق على فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، والتزام الاتحاد الأوروبي بشراء منتجات طاقة أميركية بقيمة 750 مليار دولار أميركي واستثمار 600 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة.