لعل ما يوجب علينا الانتباه والاهتمام بمعرفة المراد بقول الله تعالى: ووجدك ضالا فهدى  في سورة الضحى، والمخاطب فيها نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، أنها إحدى آيات القرآن الكريم وهو كلام الله تعالى المنزل، ولنا في كل حرف من حروفه نفحات ورحمات وبركات، وأنوار تهدينا إلى الخير وتنجينا من الشرور ، ومن ثم ينبغي معرفة المراد بقوله تعالى :  ووجدك ضالا فهدى .

 

ماذا يحدث عند قراءة سورة الذاريات كل يوم؟.. انتبه لـ20 حقيقة ينبغي معرفتها متى تقرأ آية الكرسي؟.. رسول الله أوصى بها في 5 أوقات ووجدك ضالا فهدى

قالت دار الإفتاء المصرية، عن المراد من قوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَآلًّا فَهَدَى﴾ في سورة الضحى ، إن أكثر المفسرين على أن معنى قوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَآلًّا فَهَدَىٰ﴾ أنه كان ضالًّا عما هو عليه الآن من الشريعة فهداه الله تعالى إليها.

وأوضحت " الإفتاء" في بيان المراد من قوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَآلًّا فَهَدَى﴾ عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه ذهب بعضهم إلى أن معناها: وجدك في قوم ضلَّال فهداهم بك، وقيل: أي وجدك متحيرًا في بيان ما أنزل إليك، فهداك لبيانه.

واستندت لقوله جل وعلا: ﴿وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيۡهِمۡ﴾ [النحل: 44].
ولا يصحّ فهم أنَّ قول الله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَآلًّا فَهَدَىٰ﴾ [الضحى: 7] يدل على هداية الله للنبي بعد ضلالٍ وكفر؛ فحاشاه صلى الله عليه وآله وسلم؛ إذ العصمة ثابتة وواجبة لِحَقِّهِ الشريف وجنابه المنيف قبل النبوة وبعدها.

تفسير قوله ووجدك ضالا فهدى

وورد في تفسير القرطبي لقول الله تعالى : (َوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ ) الآية 7 من سورة الضحى ، أن قوله تعالى : ووجدك ضالا فهدى ، أي غافلا عما يراد بك من أمر النبوة ، فهداك : أي أرشدك . والضلال هنا بمعنى الغفلة كقوله جل ثناؤه : لا يضل ربي ولا ينسى أي لا يغفل . وقال في حق نبيه : وإن كنت من قبله لمن الغافلين .

 وقال قوم : ضالا لم تكن تدري القرآن والشرائع ، فهداك الله إلى القرآن ، وشرائع الإسلام عن الضحاك وشهر بن حوشب وغيرهما . وهو معنى قوله تعالى : ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ، على ما بينا في سورة ( الشورى ) . وقال قوم : ووجدك ضالا أي في قوم ضلال ، فهداهم الله بك . هذا قول الكلبي والفراء . وعن السدي نحوه أي ووجد قومك في ضلال ، فهداك إلى إرشادهم .

 وقيل : ووجدك ضالا عن الهجرة ، فهداك إليها . وقيل : ضالا أي ناسيا شأن الاستثناء حين سئلت عن أصحاب الكهف وذي القرنين والروح - فأذكرك كما قال تعالى : أن تضل إحداهما . وقيل : ووجدك طالبا للقبلة فهداك إليها بيانه : قد نرى تقلب وجهك في السماء الآية . ويكون الضلال بمعنى الطلب ; لأن الضال طالب . وقيل : ووجدك متحيرا عن بيان ما نزل عليك ، فهداك إليه فيكون الضلال بمعنى التحير ; لأن الضال متحير . وقيل : ووجدك ضائعا في قومك فهداك إليه ويكون الضلال بمعنى الضياع . وقيل : ووجدك محبا للهداية ، فهداك إليها ويكون الضلال بمعنى المحبة . ومنه قوله تعالى : قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم أي في محبتك . 

وقيل : ضالا في شعاب مكة ، فهداك وردك إلى جدك عبد المطلب . قال ابن عباس : ضل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو صغير في شعاب مكة ، فرآه أبو جهل منصرفا عن أغنامه ، فرده إلى جده عبد المطلب فمن الله عليه بذلك ، حين رده إلى جده على يدي عدوه . وقال سعيد بن جبير : خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - مع عمه أبي طالب في سفر ، فأخذ إبليس بزمام الناقة في ليلة ظلماء ، فعدل بها عن الطريق ، فجاء جبريل - عليه السلام - ، فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى أرض الهند ، ورده إلى القافلة فمن الله عليه بذلك .

 وقال كعب : إن حليمة لما قضت حق الرضاع ، جاءت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لترده على عبد المطلب ، فسمعت عند باب مكة : هنيئا لك يا بطحاء مكة ، اليوم يرد إليك النور والدين والبهاء والجمال . قالت : فوضعته لأصلح ثيابي ، فسمعت هدة شديدة ، فالتفت فلم أره ، فقلت : معشر الناس ، أين الصبي ؟ فقالوا : لم نر شيئا فصحت : وامحمداه فإذا شيخ فان يتوكأ على عصاه ، فقال : اذهبي إلى الصنم الأعظم ، فإن شاء أن يرده عليك فعل . ثم طاف الشيخ بالصنم ، وقبل رأسه وقال : يا رب ، لم تزل منتك على قريش ، وهذه السعدية تزعم أن ابنها قد ضل ، فرده إن شئت . فانكب ( هبل ) على وجهه ، وتساقطت الأصنام ، وقالت : إليك عنا أيها الشيخ ، فهلاكنا على يدي محمد . فألقى الشيخ عصاه ، وارتعد وقال : إن لابنك ربا لا يضيعه ، فاطلبيه على مهل . فانحشرت قريش إلى عبد المطلب ، وطلبوه في جميع مكة ، فلم يجدوه . فطاف عبد المطلب بالكعبة سبعا ، وتضرع إلى الله أن يرده ، وقال :
يا رب رد ولدي محمدا اردده ربي واتخذ عندي يدا.. يا رب إن محمد لم يوجدا فشمل قومي كلهم تبددا.

فسمعوا مناديا ينادي من السماء : معاشر الناس لا تضجوا ، فإن لمحمد ربا لا يخذله ولا يضيعه ، وإن محمدا بوادي تهامة ، عند شجرة السمر . فسار عبد المطلب هو وورقة بن نوفل ، فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - قائم تحت شجرة ، يلعب بالأغصان وبالورق . 

وقيل : ووجدك ضالا ليلة المعراج ، حين انصرف عنك جبريل وأنت لا تعرف الطريق ، فهداك إلى ساق العرش . وقال أبو بكر الوراق وغيره : ووجدك ضالا : تحب أبا طالب ، فهداك إلى محبة ربك . وقال بسام بن عبد الله : ووجدك ضالا بنفسك لا تدري من أنت ، فعرفك بنفسك وحالك . وقال الجنيدي : ووجدك متحيرا في بيان الكتاب ، فعلمك البيان بيانه : لتبين للناس ما نزل إليهم الآية . لتبين لهم الذي اختلفوا فيه . 

وقال بعض المتكلمين : إذا وجدت العرب شجرة منفردة في فلاة من الأرض ، لا شجر معها ، سموها ضالة ، فيهتدى بها إلى الطريق فقال الله تعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : ووجدك ضالا أي لا أحد على دينك ، وأنت وحيد ليس معك أحد فهديت بك الخلق إلي .
قلت : هذه الأقوال كلها حسان ، ثم منها ما هو معنوي ، ومنها ما هو حسي . والقول الأخير أعجب إلي ; لأنه يجمع الأقوال المعنوية .

 وقال قوم : إنه كان على جملة ما كان القوم عليه ، لا يظهر لهم خلافا على ظاهر الحال فأما الشرك فلا يظن به بل كان على مراسم القوم في الظاهر أربعين سنة . وقال الكلبي والسدي : هذا على ظاهره أي وجدك كافرا والقوم كفار فهداك . وقد مضى هذا القول والرد عليه في سورة ( الشورى ) . 

وقيل : وجدك مغمورا بأهل الشرك ، فميزك عنهم . يقال : ضل الماء في اللبن ومنه أئذا ضللنا في الأرض أي لحقنا بالتراب عند الدفن ، حتى كأنا لا نتميز من جملته . وفي قراءة الحسن ووجدك ضال فهدى أي وجدك الضال فاهتدى بك وهذه قراءة على التفسير . وقيل : ووجدك ضالا لا يهتدي إليك قومك ، ولا يعرفون قدرك فهدى المسلمين إليك ، حتى آمنوا بك .

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ووجدك ضالا فهدى صلى الله علیه وسلم الله تعالى قوله تعالى عبد المطلب فی سورة

إقرأ أيضاً:

كيفية سجود الشكر لله تعالى وما حكمه؟

سجود الشكر.. أوجب الله تعالى على العبد أن يشكره سبحانه على عظيم نعمته عليه، وقَرن سبحانه الذكر بالشكر في كتابه الكريم حيث قال: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152]، مع علو مكانة الذكر التي قال الله تعالى فيها: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: 45].

سجود الشكر لله تعالى:

 ووعد الله تعالى بنجاة الشاكرين من المؤمنين وجزائهم خير الجزاء حيث قال: ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾ [النساء: 147]، وقال تعالى: ﴿وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 145]، وقال تعالى: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7].

مشروعية سجدة الشكر:

وشرعت سجدة الشكر لوجوب شكر نعمة الله تعالى على عباده عند حدوث نعمةٍ أو دفعِ بليةٍ، فعن أبي بكرة رضي الله عنه أنَّه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا جاء الشيء يُسَرُّ به خَرَّ ساجدًا شُكْرًا لله تعالى» رواه أبو داود، والترمذي -واللفظ له-، وابن ماجه في "سننهم".

كيفية سجود الشكر :

وسجود الشكر يصلى سجدة واحدة يؤديها المسلم عند حصول نعمةٍ له ونزولها به، أو بأحد المسلمين، أو عند اندفاع نقمةٍ وانكشافها عنه أو عن غيره من المسلمين؛ حمدًا لله تعالى وشكرًا وثناء وتَعبُّدًا، وهي مشروعة من حيث كونها قُرْبةً.


سجود الشكر 
وروى الإمام أحمد في "المسند" بسنده عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتوجَّه نحو صدقته، فدخل فاستقبل القبلة، فخرَّ ساجدًا فأطال السجود، حتى ظننت أن الله عز وجل قد قَبض نفسَه فيها، فدنوتُ منه فجلستُ، فرفع رأسه، فقال: «من هَذا؟»، قلت: عبد الرحمن، قال: «ما شأنك؟»، قلت: يا رسول الله، 
سجدتَ سجدةً خشيتُ أن يكون الله عز وجل قد قَبض نفسك فيها، فقال: «إنَّ جبريل عليه السلام أتاني فبشرني فقال: إن الله عز وجل يقول: مَن صَلَّى عليك صليتُ عليه، ومَن سَلَّم عليك سلمتُ عليه، فسجدت لله عزَّ وجل شكرًا».

وروى أبو داود بسنده عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكة نريد المدينة، فلما كنا قريبًا من عَرْوَزا -بفتح أوله وسكون ثانيه وفتح الواو، هضبة الجحفة عليها الطريق بين مكة والمدينة- نزل فرفع يديه فدعا الله تعالى ساعة ثم خر ساجدًا فمكث طويلًا، ثم قام فرفع يديه ساعة ثم خر ساجدًا فمكث طويلا، ثم قام فرفع يديه قال: «إني سألت ربي وشفعت لأمتي فأعطاني ثلث أمتي، فخررت لربي شكرًا، ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني الثلث الآخر، فخررت ساجدًا لربي».

حكم سجود الشكر والفرق بينه وبين صلاة الشكر

ذهب الشافعية والحنابلة ومحمد وأبو يوسف من الحنفية -وعلى قولهما الفتوى في مذهب الحنفية- إلى أَنَّ سجدة الشكر من السُّنَن المستحبة، على خلافٍ بينهم وبين المالكية القائلين بالكراهة -في المشهور عندهم. ينظر: "رد المحتار" لابن عابدين (2/ 119، ط. دار الفكر)، و"حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (1/ 308، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 447، و"الإنصاف" للمرداوي (2/ 200، ط. دار إحياء التراث العربي).

وسبب الخلاف بينهم نظرتهم لسجدة الشكر هل هي عبادة مقصودة أم لا؟ فمَن ذهب إلى قَصْديتها وكونها قُرْبة قال بسُنِّيَّتها، ومن نَظَر إلى عدم قَصْديتها وعدم كونها قُرْبة نَفَى السُّنِّيَّة، أو نَفَى المشروعية مطلقًا. وأيًّا يكن الخلاف: فإنَّ سجدة الشكر لا تخرج عن كونها مشروعةً، فالكراهة -عند مَن قال بها- وإن كان فيها اللومُ على الفعل والحَثُّ على عدم الإقدام عليه، إلَّا أنَّ الأصوليين نَصُّوا على أنَّها لا تخرج عن دائرة المشروعية، بمعنى عدم تَرتُّب الإثم الأخروي، والمعنى مِن ذلك أنَّ المسلم لا يَلْحقه الإثم في فِعْلها.

وزاد ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" (2/ 217، ط. المكتبة التجارية) على هذا المعنى أنَّه: [لو ضَمَّ للسجود صدقةً أو صلاةً كان أولى، أو أقامهما مقامه فحَسَنٌ] اهـ.

قال الشِّرْواني مُحَشِّيًا: [قد يوهم أنَّه ينوي بالصلاة الشكر، لكن في "ع ش" -حاشية الإمام الشبراملسي على نهاية المحتاج- خلافه، عبارته قوله: "أو صلاة"، أي: بنية التطوع، لا بنية الشكر؛ أخذًا مما ذَكَره في الاستسقاء من أنَّه ليس لنا صلاة سببها الشكر] اهـ.

مقالات مشابهة

  • في ذمة الله
  • علي جمعة: أثنى الله تعالى على النبي ﷺ ومدح ما يتعلق به
  • حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم
  • أذكار الصباح اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025
  • هل يجوز قول: «اللهم كما جعلت سورة الرحمن عروس القرآن عجّل بزواجي»؟
  • هل الكلام على الآخرين ينقض الوضوء؟.. الإفتاء ترد
  • كيفية سجود الشكر لله تعالى وما حكمه؟
  • كيف فضل الله تعالى النبي ﷺ بين سائر الأنبياء؟
  • لتهريبه الميثامفيتامين المخدر إلى المملكة.. تنفيذ حُكم القتل تعزيرًا بأفغاني في مكة المكرمة
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بجانيين من الجنسية المصرية في منطقة تبوك