الجيش هو هو ... بالأمس واليوم وغدًا
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
ليس سرًّا من أسرار الالهة إن قلنا إن المؤسسة العسكرية، قيادة وضباطًا وعناصر، هي المؤسسة شبه الوحيدة التي لا تزال صامدة على رغم ما تعانيه من أزمات اقتصادية ومالية، وهي الوحيدة التي يتطلع إليها جميع اللبنانيين من دون استثناء على أنها خشبة الخلاص. هكذا كانت بالأمس، وهي على هذا الخط ثابتة اليوم، والمطلوب منها غدًا قد يكون أكبر وأكثر أهمية مما قامت به، ماضيًا وحاضرًا.
فللحرب نهاية حتمية على رغم تجبّر المتجبّرين. ومع كل نهاية هناك دور منتظر للجيش، الذي عليه يقع التعويل في استتباب الأمن الداخلي في مختلف المناطق، التي كانت عرضة أكثر من غيرها لوحشية الاعتداءات الإسرائيلية الغادرة، وبالأخص في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت. فلدوره في مرحلة السلم أهمية قد توازي أهمية الأدوار العسكرية في زمن الحرب. هو الوحيد كمؤسسة عسكرية الذي سيُطلب منه بعد فرض القرار 1701، وبعد إدخال التعديلات المناسبة، أن يحلّ في المنطقة الجنوبية الواقعة جغرافيًا جنوب نهر الليطاني. ولكنه لن يحلّ هذه المرّة كما في المرّات السابقة، بل سيكون لحضوره الفاعلية القصوى في القبض على الأمن في هذه المنطقة، كما في سائر المناطق، بيد من حديد، خصوصًا أنه سيزوّد بما يحتاج إليه في مهماته الجديدة من معنويات ووحدة قرار، ومن عديد كافٍ ومن معدّات حديثة ومتطورة تسمح له بأن يواجه الصعوبات التي يمكن أن تعترض مهامه الأمنية.
ولأنه المؤسسة شبه الوحيدة الواقفة في وجه العواصف سيسندّ إليها المهمات الصعبة في زمن السلم. هي الضمانة الأكيدة لاستعادة المؤسسات الناظمة للحياة السياسية الطبيعية دورها الكامل، تخطيطًا وتنفيذًا، من خلال ما يجب اتخاذه من إجراءات إصلاحية، بعد أن يوضع حدّ للفراغ الرئاسي، وبعد أن توضع الآلية الدستورية في اطارها الصحيح من خلال الانتظام التلقائي لعمل السلطات التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، والإدارية. وقد لا يجمع اللبنانيون، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، على أمر واحد بقدر ما يجمعون على أهمية دور المؤسسة العسكرية كضمانة أكيدة للوحدة الوطنية المعرّضة بين الفينة والأخرى لانتكاسات موسمية، وعلى أنها المقدّر لها أن تقوم بما لا يجرؤ الآخرون على القيام به من أدوار في كل مجالات الأمن، الداخلي منها والحدودي وحتى الأمن الاستباقي، لأن المتضررين من استتباب الأمن ستكون أعدادهم كثيرة وكبيرة، ولأن المصطادين بالمياه العكرة يتربصون عند مفارق الطرقات للانقضاض والعمل على اثارة الفوضى وأعمال الشغب.
فمن دون جيش قوي لا وحدة وطنية صلبة وراسخة ومحصّنة ضد العوامل الخارجية وملقحة بمضادات ضد كل أنواع الفيروسات، التي أنهكت الجسم اللبناني على مدى سنوات. ومن دون هذه الوحدة الحقيقية لا قيامة للبنان من تحت انقاضه السياسية والاقتصادية والمالية. فقيامة الأوطان لا تكون على أيدي الذين كانوا السبب الرئيسي في إيصاله إلى ما وصل إليه من أحوال سيئة وكارثية، بل على أيدٍ غير ملوثة بصفقات الفساد المشبوهة.
فالجيش هو هو بالأمس واليوم وغدًا. وهو الوحيد المعّول عليه في ما ننتظره في اليوم التالي. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الجيش الأمريكي: نشر 700 جندي من قوات مشاة البحرية في لوس أنجلوس
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية رسميًا عن نشر 700 جندي من قوات مشاة البحرية (المارينز) في مدينة لوس أنجلوس، في خطوة وُصفت بأنها غير مسبوقة منذ أعمال الشغب في عام 1992.
القرار يأتي في سياق مواجهة اضطرابات اجتماعية واسعة، اندلعت عقب حملة أمنية شنتها وكالة الهجرة والجمارك (ICE) ضد مهاجرين غير نظاميين، وتحوّلت إلى موجة احتجاجات عنيفة هزّت شوارع المدينة.
جاء التحرك العسكري الذي أقرّه الرئيس دونالد ترامب، رغم كونه خارج السلطة التنفيذية، بدعم من وزارة الدفاع وبتوجيه مباشر من القيادة الشمالية الأميركية (NORTHCOM).
وتمثل الهدف، كما تم الإعلان، في "دعم الحرس الوطني في حفظ الأمن"، إلا أن المشهد العام يشير إلى ما هو أعمق من مجرد مهمة دعم لوجستي أو أمني.
وتحولت المدينة التي اعتادت أن تكون مسرحًا للفنون والثقافة، في ساعات إلى مسرح مفتوح للاشتباكات والكر والفر بين متظاهرين غاضبين وقوات الأمن.
نتنياهو: ترامب قدّم عرضًا "معقولًا" لإيران.. وردّ طهران خلال أيام
ترامب: أداء الحرس الوطني في لوس أنجلوس كان مميزًا واستحق الإشادة
واحتلت مشاهد إحراق السيارات، وحواجز الشرطة، والغازات المسيلة للدموع، مقدمة تصعيد أكبر مع وصول قوات المارينز، المدربة على خوض المعارك وليس التعامل مع الحشود المدنية.
الجدل القانوني لم يتأخر، فحاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم أعرب عن رفضه التام لهذه الخطوة، واعتبر نشر القوات الفيدرالية "انتهاكًا صريحًا" لسيادة الولاية، محذرًا من أن عسكرة المدن الأمريكية قد تفتح أبوابًا خطيرة في العلاقة بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية. المدعي العام للولاية، روب بونتا، أعلن بدوره أنه بصدد رفع دعوى دستورية لوقف هذا الإجراء، معتبرًا أن استخدام الجيش في الداخل الأميركي يجب أن يخضع لضوابط مشددة وليس لقرارات فردية.
لكن ما يزيد من تعقيد المشهد هو الدعم الشعبي المتفاوت للقرار. ففي حين يرى البعض أن نشر القوات ضروري لضبط الفوضى، يعتبره آخرون محاولة مفضوحة لإخماد أصوات الاحتجاج وفرض الأمر الواقع بالقوة.
واللافت أن هذا الانتشار يتزامن مع حملة إعلامية أطلقها ترامب يهاجم فيها القادة المحليين ويتهمهم بالفشل في إدارة الأوضاع.
وفي المحصلة، يبدو أن نشر قوات مشاة البحرية في لوس أنجلوس يمثل لحظة فارقة في علاقة الفيدرالية بالولايات. إنها لحظة اختبار حقيقي للدستور الأميركي، ولمدى التوازن بين الأمن والحقوق المدنية، في زمن تتداخل فيه السياسة بالقوة، ويتحول فيه التعامل مع المظاهرات إلى قضية أمن قومي.