منذ أيام افتتحت مصر داخل متحفها العريق، المتحف المصري في التحرير معرضًا أثيرًا لدى كل عاشق لآثار تلك الحاضرة المتألقة، وهو يخص أحد أشهر الأسماء لدى علماء المصريات وهو حسي رع المعروف بأنه أقدم طبيب أسنان في التاريخ، والعرض يضم اللوحات الخشبية لمصطبة حسي- رع، والتي تعد واحدة من أهم المجموعات الخشبية في مصر القديمة، بعد الانتهاء من أعمال دراستها وترميمها بالتعاون مع المعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة.

افتتاح المعرض 

وافتتح العرض الجديد الدكتور محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والسفير إيريك شوفالييه السفير الفرنسي بالقاهرة، بمرافقة يمني البحار نائب وزير السياحة والآثار، والدكتور بيير تاليه مدير المعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة، ومؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار والدكتور علي عبد الحليم مدير عام المتحف المصري، وبحضور الدكتور زاهي حواس عالم المصريات وزير الآثار الأسبق والدكتور ممدوح الدماطي وزير الآثار الأسبق، وعدد من سفراء الدول الأجنبية بالقاهرة، ومديري المعاهد الأثرية الأجنبية بالقاهرة، ولفيف من أساتذة الجامعات وعدد من قيادات المجلس الأعلى للآثار.

لوحات بعرض جديد 

يقدم العرض الجديد للوحات عملية محاكاة سياقية كاملة لشكلها داخل المصطبة وفقًا للنشر العلمي لها، حيث تم بناء ممر طبق الأصل من الممر الغربي لمصطبة حسي – رع بسقارة، وعمل كوات تحتوي كل واحدة على اللوحات الخشبية الحقيقية، كما تم عمل محاكاة للجدار الشرقي للمصطبة وتزيينه بنقوش شبيهة لما كانت عليه المصطبة الأصلية.

تعليق المتخصصون

وعلق العديد من المتخصصين على تلك الخطوة ومنهم بسام الشماع مؤرخ المصريات للمعروف والذي قال إن لوحات «حسي رع» بعرضها الجديد تعد فتحًا جديدًا في الآثار المصرية القديمة حيث أن هناك معلومات لأول مرة نعرفها تم الكشف عنها في هذه الفعالية الهامة، والتي تمت بالتعاون بين مصر وفرنسا. 
ومعنى حسي رع  أي «الممدوح من رع»، وهو أحد كبار المسؤولين في زمن حكم الملك زوسر، الأسرة الثالثة، (2700 ق.م)، وكان مقربًا من الملك، وكان رئيس الكتبة الملكيين، وكان إداريًا عظيمًا، ولعب دورًا في التنمية الزراعية للبلاد والبعثات الملكية لاستغلال الثروات المعدنية بالصحاري المطلة على وادي النيل، وهو حاصل على لقب رئيس الكتبة الملكيين، وله ألقاب مرتبطة بأدوار مقدسة مثل كاهن محيت، «إلهة الأسد المرتبطة بالكتابة»، أو حِر [حورس]، المعبود الراعي للملكية، وهو أيضا كان رئيس أطباء الأسنان والأطباء، وهو يعتبر لقب غامض، ولقبه يعد أول دليل معروف لتلك الوظيفة.

وهناك آخرون يترجمون هذا اللقب حرفيا رئيس أنياب الفيل والسهام باعتباره لقبا مرتبطا بدور حسي رع في الرحلات الاستكشافية، وهنا يعد حسي رع سابق في استكشاف إفريقيا لـ «حر خوف» الشهير، فحسي رع يرجع للأسرة الثالثة، أما حر خوف قد أتى من بعده بعشرات السنين، وكنا نعتقد أن حسي رع طبيب أسنان لأن يتم الرمز له بسن الفيل، وهي رمزية طبيب الأسنان إن جاءت بعد كلمة سونو والتي تعني طبيب.

فلو صحت الترجمة الجديدة، ولو كان سن الفيل يشير إلى إفريقيا لأصبح حسي رع هو أول مستكشف إلى إفريقيا في التاريخ وهو ما يعني فتحًا جديدًا في الآثار المصرية القديمة، والتي جاءت من العرض العلمي الدقيق المحترم الذي قام به المتحف المصري في التحرير بالتعاون مع معهد الآثار الفرنسي بالقاهرة.

حر خوف 

وعن حرخوف  قال الشماع إنه كان مسؤول رفيع المستوى، في الجنوب زمن حكم كل من مرن رع، الأسرة المصرية السادسة، والملك بيبي الثاني الذي حكم ٩٤ عاما. 
وقد نقش سيرته الذاتية [التي من الممكن اعتبارها من أقدم السير الذاتية «c.v» في العالم بشكل مفصل ودقيق جدًا والموثقة بلغة واضحة على صخر مقبرته في منطقة جبانة قبة الهوا على الضفة الغربية للنيل أمام أسوان، بالقرب من الشلال الأول.

وقد سافر حر خوف مسافة كبيرة إلى أرض تسمى إيام ????????????????????، بإفريقيا وكان من ألقابة رئيس المترجمين أي كان عالم لغات أجنبية، رحلاته تضمنت  استكشاف الطريق إلى أرض يام بافريقيا، وقد استغرقت إحدى رحلاته سبعة أشهر، وفي رحلة أخرى، كان حرخوف في القيادة وكتب العديد من أسماء الأماكن الافريقية.

وأكد حرخوف أن رحلته وانجازاته هذه لم يقم به أحد من قبل، وهذا ما يجعل اقتراح البعض أن حسي رع هو مكتشف لافريقيا مثيرا للاهتمام، لأن حسي رع جاء بعشرات السنين قبل حرخوف.  

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

كاتبة بين النازحين: نحن سكان غزة نمحى من التاريخ على الهواء

اعترفت الصحفية والشاعرة الفلسطينية الشابة نور العاصي بكل ألم وخجل -كما تقول- بأنها تفكر جديا في مغادرة غزة، لأن إسرائيل نجحت في خطتها للتهجير القسري بتدميرها كل الاحتمالات.

وتذكّر الكاتبة التي نزحت من شمال غزة مرتين -في مقال لها بموقع ميديا بارت الفرنسي- بأنها نشأت على الاعتقاد أن غزة ليست مجرد مكان، بل هي روحها وتاريخها وهويتها، وهي لم تر فيها سوى معاناة مغلفة بالقداسة، وحرب مغلفة بالدفء، ودمار محاط بشعور لا يتزعزع بالانتماء، كما تقول.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مقال بتلغراف: هذه الانتخابات ستؤثر كثيرا في تحديد مستقبل أوروباlist 2 of 2واشنطن بوست: الشرع يواجه تحدي الأجانب الذين ساعدوه في الإطاحة بالأسدend of list

ومع ذلك، وبعد كل ما عانيناه -تقول نور العاصي- وبعد ليال لا تنتهي من القصف والجوع والتشرد والجثث المدفونة تحت الأنقاض، أترك الآن فكرة "ماذا لو غادرت؟" تكبر في ذهني، ككثير من الشباب الأذكياء المتجذرين في هذه الأرض، وهم يفكرون الآن في المستحيل، "فنحن نحلم ببناء شيء ما في الخارج، لأن كل ما نبنيه هنا مدمر ماديا وروحيا".

"تطهير ديمغرافي"

وتقول بنت حي التفاح بشمال شرق غزة، بكل ألم، إن إسرائيل نجحت في إستراتيجيتها الشيطانية المتمثلة في التهجير القسري من خلال الصدمة بجعل غزة غير صالحة للسكن، "فقد حولوا المنازل إلى أهداف، والمستشفيات إلى مقابر، والمدارس إلى أنقاض، جوعونا وشردونا وقصفونا مرارا وتكرارا. لم يكن هدفهم قتلنا فحسب، بل أرادوا قتل إرادتنا في البقاء".

إعلان

وتتابع "يؤلمني أكثر من أي صاروخ أو جرح أن أقول إنهم يدفعوننا إلى الرحيل، وقد بدأنا نضعف، لا في حب غزة، بل في إيماننا بأننا نستطيع العيش هنا، وسلاحهم الحاسم في ذلك ليس القنابل، بل اليأس".

ما تفعله إسرائيل في غزة ليس حربا، بل تطهيرا عرقيا وإبادة جماعية -كما تقول الكاتبة- فقد "دمروا كل شيء عمدا والعالم يراقب، والكاميرات تصور، وشاحنات المساعدات تصل محملة بفتات المساعدات والشعارات الزاهية، والمجتمع الدولي المتستر بلغة الدبلوماسية والديمقراطية، لم يعد متواطئا فحسب، بل هو المسؤول".

وذكّرت الكاتبة بإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن عملية "عربات جدعون"، مشيرة إلى أنها اسم توراتي لمجزرة معاصرة، تعني غزوا عسكريا شاملا لمدن غزة المتبقية -كما تقول الكاتبة- "فها هي رفح التي كانت يوما مدينة جميلة ومزدهرة، قد محيت تماما، وخان يونس تحت الغزو الآن، ودير البلح تختنق تحت وطأة النازحين".

لا نموت بصمت

وأشارت الشاعرة إلى أن ما تريده إسرائيل هو إجبارهم على الاستسلام، وجعل الجيل القادم من الفلسطينيين يعتقد أنه لا يوجد ما يستحق المرء البقاء من أجله، لأن "بيوتنا غبار، ومدارسنا خراب، وشهاداتنا ودفاترنا وحتى أحلامنا ترقد تحت الأنقاض".

وتضيف نور العاصي: "نشهد شيئا يتجاوز القسوة، حيث الأطفال يحرقون أحياء، وتنتزع الأطراف من أجسادهم الصغيرة، نحن شعب غزة، نُمحى من التاريخ على الهواء، ومع ذلك لم يُتخذ أي إجراء، لأن العالم قد باع روحه للسياسة والتطبيع".

وذكّرت الشابة الفلسطينية بأنها لا تكتب هذه السطور بوصفها صحفية، بل بوصفها ابنة لم تعد قادرة على ضمان سلامة والديها، وأختا تسمع دوي الانفجارات وتتساءل هل ستكون هي الضحية التالية، هي الطالبة التي تحول تعليمها إلى رماد، والإنسانة التي تصرخ في الفراغ، متوسلة لأي شخص أن ينظر إلى هذه الحقيقة ولا يغض الطرف عنها.

إعلان

وختمت نور العاصي عمودها بأن حقوق الإنسان والقانون والأخلاق يجب أن تحفظ في غزة، وأن العالم الذي يشاهدنا نختفي دون أن يفعل شيئا، لا يدافع حقيقة عن شيء، "فنحن لا نموت بصمت، نحن نوثق دمارنا، وإذا سقطت غزة فلن تسقط في الظلام، بل ستسقط في دائرة الضوء، ويمضي العالم مفضلا النسيان".

مقالات مشابهة

  • ما حظوظ العين الإماراتي في كأس العالم للأندية؟ خالد عيسى يجيب
  • حلم الثراء الفاحش.. سقوط المتهم بالتنقيب عن الآثار بالقاهرة
  • رئيس الوزراء يستقبل السفير العراقي بالقاهرة لبحث الملفات ذات الاهتمام المشترك
  • “الأزرق المصري” يعود إلى الحياة.. فك شفرة أقدم صبغة اصطناعية في التاريخ
  • شيخ قبلي في الحديدة يُضرم النار في سيارته احتجاجًا على ممارسات حوثية تعسفية بحقه
  • صدور العدد الجديد (17) من مجلة ريدان عن الهيئة العامة للآثار والمتاحف
  • شريف مدكور: «أنا شيخ في نفسي» وحلمي أقدم برنامج ديني
  • كاتبة بين النازحين: نحن سكان غزة نمحى من التاريخ على الهواء
  • هل يجوز للمضحي بيع جلد الأضحية؟.. الأزهر للفتوى يجيب
  • رئيس جامعة أسوان يتفقد امتحانات كلية الآثار للفصل الدراسى الثانى