رحبت وزارة الخارجية السودانية، الثلاثاء، ببيان «مجلس السلم والأمن» بالاتحاد الأفريقي، ووصفت ما تضمنه من توجهات بأنها «إيجابية وبنّاءة»، فيما عدّه بعض المسؤولين «خطوة في اتجاه إعادة النظر في تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي».

وقالت في بيان إن «الحكومة السودانية تؤكد اتفاقها مع الأولويات التي حددها مجلس السلم والأمن بتنفيذ إعلان (مبادئ جدة) بإخلاء منازل المواطنين، وتيسير تقديم المساعدات الإنسانية، ومطالبته لـ(ميليشيا الدعم السريع) بالرفع الفوري للحصار عن الفاشر، وإدانته الفظائع التي ترتكبها الميليشيا ضد المدنيين».



وأضافت: «كما نثمن عالياً ترحيب المجلس بخريطة الطريق التي قدمها السودان لحل الأزمة، وقرار المجلس بمواصلة ترقية وانخراط الاتحاد الأفريقي الإيجابي مع السودان، وإعادة فتح مكتبه في مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية الجديدة للبلاد».

وقالت: «تجدد الحكومة التزامها الكامل بالانخراط البنّاء مع الاتحاد الأفريقي في إطار مبدأ الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية».

وجدد «مجلس السلم والأمن الأفريقي» في بيان صادر في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي تأكيده أنه «لا يوجد حل عسكري للنزاع»، مطالباً الأطراف المتحاربة «بالتوقف الفوري وغير المشروط عن جميع الأعمال العدائية، ووقف دائم لإطلاق النار، والعودة إلى المفاوضات للوصول إلى تسوية سياسية للأزمة».

وكشف البيان عن تقديم رئيس «مجلس السيادة الانتقالي»، القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، اقتراحين لوفد مجلس الأمن والسلم الأفريقي، «الأول إنهاء الحرب، وإنشاء مناطق تجميع متفق عليها، والثاني استعادة الانتقال السياسي المدني الديمقراطي، بتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية».

وشدد المجلس على أهمية «مزيد من التواصل مع السلطات السودانية وأصحاب المصلحة بشأن تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، وتطلّعه إلى مناقشات غير رسمية بين المجلس وممثلي حكومة جمهورية السودان».

وطالب المجلس بإعادة فتح مكتب الاتحاد الأفريقي في بورتسودان بحد أدنى من الموظفين، مع مراعاة الوضع الأمني الحالي، للسماح بالتواصل بين الاتحاد وأصحاب المصلحة في السودان على جميع المستويات.

وخفف «مجلس السيادة السوداني» من موقفه تجاه الاتحاد الأفريقي عقب الزيارة التي أجراها وفد «مجلس الأمن والسلم» مطلع أكتوبر، إلى بورتسودان، وأشارت إلى «انتقال العلاقة من التوتر والقطيعة التامة إلى التواصل المفتوح».

ووصف المتحدث الرسمي باسم «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) بكري الجاك، بيان «مجلس السلم والأمن» الأفريقي بشأن الوضع في السودان، بأنه «غير متوازن»، وبدا كأنه في عجلة من أمره لإضفاء شرعية على سلطة بورتسودان بالإصرار على وصفها بحكومة، والوصف الذي أطلقه على «الفريق البرهان» كما جاء في البيان.

وقال: «إن الأخطر في ذلك القبول بفكرة أن مجرد تشكيل حكومة بواسطة البرهان وتسميتها بحكومة مدنية يمكن أن يعد بمثابة العودة إلى مسار الانتقال المدني الديمقراطي».

وأضاف قائلاً: «إن البيان أشار إلى انتهاكات (قوات الدعم السريع) دون ذكر الانتهاكات الواسعة التي تقوم بها القوات المسلحة السودانية باستخدام الطيران الحربي، كما ورد في تقرير لجنة تقصّي الحقائق التابعة لمجلس الأمن».

وقال الجاك: «ليس من المستغرب محاولة إضفاء شرعية على سلطة الأمر الواقع باستغلال رئاسة مصر لمجلس الأمن والسلم الأفريقي، على الرغم من أن موقف مصر الرسمي وفق ما يردد كبار المسؤولين فيها هو الحفاظ على مؤسسات الدولة، لكن هذا يعني ضمنياً أن يكون هنالك دور للقوات المسلحة في السلطة في أي ترتيبات سياسية مقبلة».

وأضاف: «ليس من المستبعد أن يتم تصوير هذه الخطوة كأنها تهدف لمساعدة الاتحاد الأفريقي ليكون له قدرة على التواصل مع طيف عريض من السودانيين لمعرفة ماذا يريدون، والحقيقة أن أي وجود للاتحاد الأفريقي في بورتسودان سيكون فقط لسماع رواية سلطة الأمر الواقع، والمؤتمر الوطني، وبقايا نظام الرئيس المعزول عمر البشير».

واعترض مسؤول رفيع سابق في «الخارجية» السودانية لـ«الشرق الأوسط» على طلب الاتحاد الأفريقي فتح مكتب له في بورتسودان، قبل أن يتخذ «الاتحاد الأفريقي» قرار إلغاء تعليق عضوية السودان في المنظمة القارية.

وأضاف «أن الاتحاد الأفريقي كان مقصراً في حق السودان، على الرغم من أن مهمته الأساسية بسط الأمن والسلام والمساعدة في حل القضايا الأفريقية»، مشيراً إلى أن ما يحدث في السودان الآن «يعد من أكبر التحديات التي تواجه المنظمات الإقليمية: الأفريقي والـ(إيغاد)».

وقال الدبلوماسي: «إن الاتحاد الأفريقي لم يقم بدوره في الأزمة السودانية، بل ساعد بصورة أو أخرى في تأزُّمها، وإطالة أمد الحرب بدعم بعض رؤساء الدول الأفريقية لتمرُّد (ميليشيا الدعم السريع)، وهي مواقف لا تتسق مع ميثاق الاتحاد الأفريقي بخصوص رفض التدخلات الخارجية في الشأن الأفريقي».

وأضاف «أن زيارة وفد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي للسودان ونتائجها، لا تلبيان طموحات السودان فيما يتعلق بشروط العلاقة بينهما، كما أنهما ليستا كافيتين أن يطالب المجلس (قوات الدعم السريع) بفك الحصار عن الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، بينما هنالك كثير من المدن المحتلة من قبل تلك القوات».

ورأى الدبلوماسي الذي تَقَلَّدَ منصباً رفيعاً، «أن البيان الصادر عن مجلس السلم والأمن الأفريقي، بعيد جداً عن متطلبات السودان لإعادة العلاقة مع الاتحاد الأفريقي، الذي يتمثل في العودة الفورية لعضوية المنظمة بوصفها شرطاً أساسياً، وكان يجب عليه أن يحدد مواقيت زمنية قاطعة لفك تجميد عضوية السودان».

وأوضحت دوائر على صلة وثيقة بـ«الاتحاد الأفريقي» في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يطلب فتح مكتب جديد، بل هو المكتب نفسه الذي كان مقره في الخرطوم قبل اندلاع الحرب في 15 أبريل (نيسان) 2023 وانتقاله إلى الرئاسة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وأن «الاتحاد الأفريقي» طالب بعودة عمل مكتبه مرة أخرى من مدينة بورتسودان.

ورأت هذه الدوائر «أن قرارات مجلس السلم والأمن الأفريقي قوية جداً، وتدعم موقف السودان، وأنها اتُخذت عقب لقاء رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان بوفده، الذي ذهب وفقاً للمحددات التي وضعتها الرئاسية السودانية».

وأجرى وفد من «مجلس الأمن والسلم الأفريقي» خلال زيارته إلى بورتسودان للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، مباحثات مع المسؤولين السودانيين تتعلق بسبل إنهاء الحرب المستمرة منذ عام ونصف العام، وعودة الأطراف إلى التفاوض.

ومنذ 27 أكتوبر 2021، علق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان بعد الانقلاب العسكري الذي نفّذه الجيش ضد الحكومة المدنية برئاسة عبد الله حمدوك، قبل يومين من تعليق العضوية في الاتحاد الأفريقي، وذلك بتوصية من «مجلس الأمن والسلم» الذي أدان في بيان سيطرة الجيش على الحكم، وحلّ الحكومة المدنية الانتقالية، وعدّ الانقلاب «إهانة للقيم المشتركة والمعايير الديمقراطية للاتحاد الأفريقي».

و«مجلس الأمن والسلم الأفريقي» هو الهيئة الرئيسة في الاتحاد الأفريقي، ويتكون من 15 دولة يتم انتخابها دورياً، بما يعكس التوازن في القارة، حيث تُنتخب 5 دول لمدة 3 سنوات، و10 لمدة سنتين.

وتتولى مصر رئاسة الدورة الحالية للمجلس بدءاً من أكتوبر الحالي. وأهم صلاحيات المجلس التوصية «بتدخل الدول الأعضاء لمنع وقوع الحروب، وتعزيز الممارسة الديمقراطية الرشيدة وسيادة حكم القانون، والتنسيق بين الآليات الإقليمية والدولية لصناعة السلام».  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: مجلس الأمن والسلم الأفریقی فی الاتحاد الأفریقی مجلس السلم والأمن عضویة السودان الدعم السریع السودان فی

إقرأ أيضاً:

استئناف صادرات نفط جنوب السودان عبر بورتسودان

تم استئناف إنتاج نفط جنوب السودان منذ قرابة الشهر بعد إصلاح المنشآت المتضررة في بورتسودان- وفقاً لدبلوماسي سوداني.

التغيير: وكالات

أكد مسؤولون، استئناف صادرات نفط جنوب السودان عبر بورتسودان، بعد أسابيع من هجمات شنتها قوات الدعم السريع بطائرات مسيرة استهدفت منشآت رئيسية.

في الشهر الماضي، أمرت الحكومة السودانية، المتحالفة مع الجيش، شركات الطاقة بالاستعداد لوقف شحنات النفط الخام من جنوب السودان، ما يُمثل ضربة موجعة لجارتها غير الساحلية، التي تعتمد على السودان في صادراتها النفطية، وتستمد أكثر من 90% من عائداتها من النفط.

ومع ذلك، صرح دبلوماسي سوداني رفيع المستوى لراديو تمازج يوم الثلاثاء، بأن فرقًا فنية من كلا البلدين عالجت الأضرار، واستأنفت صادرات النفط عبر بورتسودان.

وقال مبارك محجوب موسى، نائب سفير السودان لدى جنوب السودان، بأن إنتاج النفط الخام استؤنف بعد إصلاح المنشآت المتضررة في بورتسودان.

وأضاف موسى “لقد استؤنف الإنتاج منذ ما يقرب من شهر – لا أتذكر التاريخ الدقيق، لكن العمليات تسير بسلاسة”.

وأوضح أنه تم إصلاح الأضرار من خلال لجان فنية مشتركة بين جوبا وبورتسودان. مؤكدا أن كل شيء يعمل بشكل جيد.

ولم يُعلق مسؤولو جنوب السودان على الفور.

مع ذلك، أكدت نانسي مالير، عضو نقابة عمال شركة “نايلبت”، استئناف إنتاج النفط، لكنها انتقدت عدم دفع رواتب الموظفين.

وقالت مالير “خُفِّضت رواتبنا بنسبة 70%، ووعدت الإدارة بسداد المتأخرات عند استئناف الإنتاج، لكن لم يُدفع شيئاً”.

ودخل موظفو “نايلبت” في إضراب عن العمل، وهي شركة نفط وغاز مملوكة للحكومة في جنوب السودان، حاليًا بسبب عدم دفع رواتبهم لأشهر.

في الشهر الماضي، أفادت التقارير بتعرض محطة ضخ رئيسية ومستودع وقود في السودان الخاضع لسيطرة الجيش لهجوم من قوات الدعم السريع شبه العسكرية، التي استهدفت البنية التحتية الحكومية في جميع أنحاء البلاد، مما أدى إلى انقطاع إمدادات الكهرباء والوقود.

أدى الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الذي بدأ في أبريل 2023، إلى مقتل عشرات الآلاف، ونزوح 13 مليون شخص، وزعزعة استقرار أجزاء من شرق أفريقيا.

تُشحن صادرات جنوب السودان النفطية، التي تُقدر حاليًا بنحو 110 آلاف برميل يوميًا، عادةً عبر ميناء بورتسودان، حيث يتقاضى السودان رسوم عبور.

ولم تُستأنف الصادرات إلا في يناير بعد توقف دام عامًا بسبب أضرار في خط الأنابيب ناجمة عن اشتباكات سابقة.

الوسومالجيش الدعم السريع السودان النفط بورتسودان جنوب السودان نانسي مالير نايلبت

مقالات مشابهة

  • ترامب يؤكد التزامه بالحل الدبلوماسي لأزمة النووي الإيراني
  • وزير الخارجية المصري يؤكد التمسك بوحدة السودان وتسريع جهود التسوية
  • وزير الخارجية يؤكد ضرورة الحفاظ على استقرار الممرات الملاحية الدولية
  • “التطورات الدستورية المهمة” .. السفير الزين يلتقي مفوض السلم والأمن والشؤون السياسية بالاتحاد الأفريقي
  • مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي تؤكد لوزير الخارجية أهمية الدور المحوري لمصر
  • المدير العام لشركة كهرباء السودان يتعرض لحادث سير بطريق بورتسودان عطبرة
  • استئناف صادرات نفط جنوب السودان عبر بورتسودان
  • رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد
  • إيران تشدد على عدم تنازلها عن تخصيب اليورانيوم
  • بعد لقاء مجلس الصحوة.. كامل إدريس يؤكد ضرورة وقوف ودعم كل المكونات المجتمعية للقوات المسلحة في حرب الكرامة