زهير عثمان

منذ اندلاع الصراع والحرب في السودان، لعبت القنوات الإخبارية دورًا بارزًا في نقل الأحداث والتطورات السياسية والعسكرية إلى الجماهير السودانية والعربية والدولية. ومع ذلك، يختلف تقييم أدائها من ناحية فنية وإعلامية بشكل كبير بناءً على قدرتها على تحقيق التوازن بين تقديم المعلومات الدقيقة والالتزام بقيم الحياد والشفافية.


التقييم الفني والإعلامي
التغطية السريعة والشاملة تتميز بعض القنوات الإخبارية بقدرتها على الوصول إلى مواقع الأحداث وتقديم تقارير مباشرة في وقت قصير، مما يعكس تطورًا في بنيتها التحتية الإعلامية. القنوات التي تعتمد على فرق إخبارية محلية أو مراسلين في السودان كانت الأقدر على تقديم تغطية مستمرة وموثوقة للأحداث.
الجودة التقنية تختلف جودة التغطية التقنية للقنوات الإخبارية، حيث برعت بعض القنوات في تقديم تقارير إخبارية مدعومة بالخرائط التفاعلية والرسوم البيانية التي تساعد المشاهدين على فهم تعقيدات الصراع السوداني. إلا أن بعض القنوات الأخرى كانت تعاني من مشاكل في جودة الصورة والصوت، ما قلل من فاعلية الرسالة الإعلامية.
استخدام مصادر المعلومات: تعتمد بعض القنوات على تقارير من جهات محلية ودولية ومنظمات حقوق الإنسان، فيما تفضل أخرى الاعتماد على تصريحات المسؤولين الرسميين فقط. القنوات التي استطاعت المزج بين هذه المصادر المتعددة أثبتت قدرتها على تقديم صورة أكثر شمولية وموضوعية حول الصراع.
الحياد والموضوعية في سياق الصراعات المسلحة مثل الحرب السودانية، يُعتبر الحياد أحد أبرز القيم الإعلامية التي يجب الحفاظ عليها. مع ذلك، واجهت بعض القنوات انتقادات بسبب تحيزها الواضح لأحد أطراف النزاع، سواء كان ذلك من خلال نوعية الضيوف الذين يتم استضافتهم، أو أسلوب الطرح في البرامج الحوارية. تميزت بعض القنوات بالتزامها بالحياد، فيما قامت أخرى بالترويج لخطابات متحيزة.
التزام القنوات بقيم الحياد والشفافية
قيم الحياد الحياد يتطلب من القنوات الإخبارية نقل الأحداث دون انحياز لأي طرف، وفتح المجال لمختلف الآراء ووجهات النظر. التحدي الذي واجهته معظم القنوات هو كيفية نقل الحرب السودانية بشكل موضوعي مع تقديم صورة واضحة عن المعاناة الإنسانية دون أن تظهر كأنها تدعم طرفًا دون الآخر. في هذا السياق، كانت بعض القنوات تسعى لتحقيق التوازن بين استضافة ممثلين عن الفصائل المتنازعة والساسة السودانيين بمختلف توجهاتهم.
الشفافية والمصداقية الشفافية تتطلب تقديم المعلومات بطريقة موضوعية وغير مضللة. بعض القنوات العربية كانت قادرة على تحقيق هذه القيم من خلال تقديم تحقيقات موثقة ومستندة إلى أدلة، بينما واجهت أخرى اتهامات بنشر معلومات غير دقيقة أو التضليل عن طريق العناوين الجذابة والمبالغ فيها. عدم التحقق الدقيق من المصادر أو الاعتماد على تقارير غير موثوقة أدى إلى فقدان ثقة المشاهدين في بعض الأحيان.
الموضوعية في الطرح تعد الموضوعية من أبرز القيم الإعلامية التي تساعد الجمهور على تكوين رؤية متكاملة حول الصراع. تميزت بعض القنوات بتقديم خلفيات تاريخية وتحليلات عميقة للأحداث، ما ساعد في فهم أبعاد الصراع. في المقابل، ركزت قنوات أخرى على جوانب الإثارة فقط، مما قلل من قيمة الطرح الموضوعي.
دور الوسائط الإعلامية في مقابلات الساسة السودانيين وأثرها على الصراع
وعند الانتقال إلى كيفية تعامل الوسائط الإخبارية مع مقابلات الساسة السودانيين، نجد أن بعض القنوات تتبنى نهجًا يميل إلى تأجيج الخلافات. عبر طرح أسئلة حادة أو التركيز على النقاط الخلافية، تهدف هذه الوسائط إلى الحصول على تصريحات مثيرة من السياسيين، مما يؤدي إلى زيادة حدة التوتر السياسي داخل السودان.
استغلال الخلافات تستغل بعض القنوات الخلافات بين الساسة السودانيين لجذب أكبر عدد من المشاهدين. يتم ذلك عبر استدراج الضيوف لتبادل الاتهامات أو الكشف عن مواقف متناقضة، مما يغذي الانقسام السياسي في السودان ويزيد من تعقيد الصراع. هذه المقابلات تساهم في تصعيد الأزمة بدلاً من دفع نحو الحوار والتفاهم.
التأثير على المشهد السياسي وعبر استضافة شخصيات سياسية مؤثرة وتحفيزها على اتخاذ مواقف حادة، تساهم القنوات في تشكيل الرأي العام والتأثير على الجمهور\
ومع تكرار هذه الأساليب، تزداد مخاطر تغذية الانقسامات السياسية وزعزعة استقرار البلاد.

خطورة هذا النهج الإعلامي
تصعيد الصراع السعي وراء نسب المشاهدة العالية من خلال تأجيج الصراعات بين الساسة يعزز من حالة الاستقطاب السياسي. وسائل الإعلام التي تشجع على هذا النهج تسهم في تعميق الخلافات بين الأطراف المتنازعة، ما يضعف فرص الوصول إلى حلول سلمية.
فقدان الثقة والمصداقية وسائل الإعلام التي تستمر في اتباع نهج الإثارة على حساب الموضوعية تفقد ثقة الجمهور. عندما يدرك المشاهدون أن الهدف الأساسي للقناة هو تحقيق نسب مشاهدة عالية، وليس تقديم تغطية إخبارية نزيهة، ينخفض مستوى ثقتهم في المعلومات المقدمة.
والإضرار بجهود السلام تتطلب جهود المصالحة الوطنية والإصلاح السياسي تغطية إعلامية تدعم الحوار والتفاهم بين الأطراف المتنازعة. عندما تتبنى الوسائط الإعلامية نهجًا مستفزًا، فإنها تعيق هذه الجهود وتسهم في استمرار الصراع.
وفي ظل تعقيدات الحرب السودانية، يحتاج المشهد الإعلامي إلى التركيز على دور بناء في نقل الحقيقة وتحقيق السلام. التزام القنوات الإخبارية بقيم الحياد والشفافية هو الضمان الأساسي لاستمرار مصداقيتها، ودورها يجب أن يتمحور حول تقديم تغطية موضوعية وعادلة تساعد على فهم الصراع وتوجيهه نحو الحلول السلمية.
إن قضية الحرب والصراع الحالي في السودان ليست مجرد نزاع سياسي بين أطراف متنازعة، بل هي قضية الأمة السودانية بأكملها. مصير البلاد ومستقبل شعبها يتوقف على مدى قدرتهم على تجاوز هذه المحنة وتحقيق السلام. ومع خروج السودان من هذه الأزمة، سيأتي وقت للحساب والتقييم، حيث سيتعين على الإعلاميين السودانيين والوسائط الإعلامية، سواء المحلية أو العربية، أن ينظروا في دورهم خلال هذه الفترة الحرجة.

أين سيجد الإعلاميون وهذه الوسائط أنفسهم بعد انتهاء الصراع؟ سيتوجب عليهم مواجهة قرارات الشعب السوداني، الذي سيقيّم دورهم في تغطية الأحداث. هل ساهموا في تعزيز الحوار والبحث عن حلول سلمية؟ أم كانوا جزءًا من تأجيج الصراع وزيادة الاستقطاب؟

قرار الأمة السودانية فيهم سيكون بناءً على مدى التزامهم بالموضوعية والحياد والشفافية. ستتذكر الأمة من دعم جهودها للسلام والوحدة، ومن استغل معاناتها لتحقيق مكاسب إعلامية قصيرة المدى. في النهاية، سيكون دور الإعلام محوريًا في تحديد مسار المستقبل، وسيتعين على الصحفيين والإعلاميين أن يتحملوا مسؤولية ما قدموه خلال هذه المرحلة التاريخية.

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القنوات الإخباریة الحرب السودانیة بعض القنوات فی السودان

إقرأ أيضاً:

غياب القناة الرياضية الوحيدة عن تغطية كأس أفريقيا يثير تساؤلات المغاربة

زنقة 20 | الرباط

يستمر الجدل وسط الجمهور المغربي، و بين المتابعين للشأن الإعلامي الرياضي بالمغرب حول الغياب غير المفهوم للقناة الرياضية عن تغطية منافسات كأس أفريقيا التي تقام ببلادنا.

غياب القناة الرياضية الوحيدة عن تغطية أمم أفريقيا التي تقام بالديار ، أثار استغراباً واسعاً في صفوف الجمهور المغربي و أيضا الفعاليات الإعلامية و الرياضية ، في ظل اهتمام و حضور قوي للإعلام العربي و الأفريقي الذي شرع في بث ربورتاجات وتقارير حول الكان على بعد شهر من انطلاقة البطولة.

في الوقت الذي تعيش بلادنا على وقع تعبئة واسعة لاحتضان هذا الحادث القاري الذي لا يتكرر في كل مناسبة، عبر الجمهور المغربي عن استيائه و تذمره من غياب المتابعة و المواكبة من قبل القناة الرياضية المتخصصة الوحيدة التي يتوفر عليها الإعلام العمومي المغربي.

هذا الغياب الإعلامي ، و بحسب مهتمين يفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة حول طريقة تدبير الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لملف الحقوق السمعية البصرية، وحول غياب رؤية واضحة للتغطية الإعلامية لكأس أفريقيا في زمن أصبح فيه النقل التلفزيوني رافعة أساسية للرياضة وصورتها.

هذا الوضع يعيد إلى الواجهة النقاش حول ضرورة إصلاح الإعلام العمومي ليكون فاعلا و متفاعلا مع الأحداث الرياضية الكبرى خاصة تلك التي تنظمها بلادنا، و قادرا على منافسة الإعلام الأجنبي لتقديم صورة لائقة و مشرفة للمغرب أمام العالم.

و خلص عديد المتتبعين إلى أن الإعلام الرياضي العمومي أخلف الموعد تماما حينما تجاهل بطريقة غريبة وغير مفهومة أهم بطولة في أفريقيا و ثالث أغلى بطولة كروية في العالم.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تعتزم تقييم استراتيجيتها الخاصة باللاجئين
  • مدبولي يؤكد دعم الدولة لمختلف المشروعات الثقافية المتنوعة التي تستهدف تقديم الخدمات خاصة للشباب والنشء
  • نقل الرفات إلى مقابر رسمية يجدّد حزن العائلات السودانية
  • غياب القناة الرياضية الوحيدة عن تغطية كأس أفريقيا يثير تساؤلات المغاربة
  • الأسواق الأوروبية ترتفع بعد تقييم المستثمرين لقرارات الفيدرالي والبنك السويسري
  • القناة الأولى تشرف على تغطية أمم أفريقيا بدل الرياضية
  • القابضة للمياه: إعداد مقيمي جوائز التميز وتوحيد معايير تقييم خدمة العملاء
  • لبنان: الاعتداءات الإسرائيلية تهدد الاستقرار وقرار السلم والحرب بيد الحكومة
  • «الحب والحرب» في رمضان 2026.. إياد نصار ومنة شلبي يوثقان معاناة أهل غزة بعد 7 أكتوبر
  • إياد نصار يتناول أحداث غزة في مسلسل "الحب والحرب"