تروس الشمال … أهي لمصلحة الهيمنة الدولارية ؟
تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT
تروس الشمال … أهي لمصلحة الهيمنة الدولارية ؟
الصادرات البينية بين الدول بالعملات الوطنية …. موضة العصر ومحاولة للفكاك من المنظومة البنكية العالمية الدولارية.
مكرر من 20 فبراير 2022م.
لفت نظري أن النغمة التي تداوم حماسيات تتريسات الشمال على تكرارها هي الاحتجاج على أن منتجات السودان تذهب لمصر بدون عائد دولاري.
هذا الطلب في ظاهره وجيه وهو أن تتم عمليات التبادل التجاري بين البلدين من خلال البنوك وفتح خطابات الاعتماد L.C والإجراءات والمستندات المعروفة لدى من يعمل في الاستيراد والتصدير وبالتالي تذهب الصادرات السودانية لمصر ويأتي مقابلها بالدولار أو اليورو.
الفكاك من الهيمنة الدولارية :
ربما يعلم القليل من المتحمسين المرابطين في التروس أنهم يقدمون للهيمنة الدولارية على التجارة الدولية أفضل خدمة ، هذا في الوقت الذي تسعى فيه كبرى دول العالم للفكاك من هيمنة التعامل بالدولار والسعي لاعتماد عملاتها الوطنية في التجارة البينية سواء كان ذلك مع الدول المجاورة أو الغير مجاورة.
إن قدرة الولايات المتحدة على فرض الحصار الإقتصادي على دولة من الدول ظل على الدوام ممكنا من خلال سيطرتها على تعاملات التجارة الدولية بالدولار من خلال نظام التحويل المالي العالمي وارتباطه بنظام المراسلات البنكية الدولية سويفت SWIFT، ولهذا تجدها تهدد حتى دولة مثل روسيا بالحصار الإقتصادي فما بالك بدولة مثل السودان لا تقارن بروسيا بوجه من الوجوه.
في عام 1997م كان بدء الحظر الإقتصادي الامريكي على السودان ، وسعى سودان الإنقاذ لاعتماد عملات بديلة مثل اليورو والريال والدرهم ، إلا أن منظومة الحصار الأمريكي ظلت تضيق باستمرار من خلال توجيه الانذارات للبنوك العالمية بفرض الغرامات عليها اذا تعاملت مع السودان.
سنرصد في الأسطر القليلة التالية بعض محاولات الفكاك من رهن التجارة الخارجية للتعامل بالدولار :
الصين : سعت الصين بدءا من 2008م لتسوية التجارة بينها وبين جيرانها من خلال العملات المحلية ، وأدى ذلك إلى إجراء التحويلات المالية والمدفوعات البينية دون الحاجة إلى بنك مراسل أو ضرورة مرور التحويلات بأميركا أو أوروبا.
تركيا : في عام 2018م وبسبب هبوط قيمة الليرة التركية هدد الرئيس التركي أردوغان بالتخلي عن التعامل بالدولار في التعاملات التجارية لتركيا، وقال إن بلاده تستعد لاستخدام العملات المحلية في التبادلات التجارية البينية الخارجية مع الدول ذات التبادلات التجارية الكبيرة مع تركيا مثل روسيا والصين وأوكرانيا
وأضاف: “نستعد لاستخدام العملات المحلية في تجارتنا مع الصين وروسيا وإيران وأوكرانيا وغيرها من الدول التي نملك التبادل التجاري الأكبر معها ، وهذا يعني مثلا أن تتقابض تركيا والصين بالين الصيني والليرة التركية ، وبالليرة التركية والروبل الروسي عند التعامل مع روسيا وقس على ذلك.
وذهب أبعد من ذلك بالقول أن تركيا مستعدة لتأسيس نفس النظام (استخدام العملة المحلية) مع الدول الأوربية إذا كانت تريد الخروج من قبضة الدولار.
2021م – 2022م التهديد بحصار الروس في سياق الأزمة الروسية مع أوكرانيا :
صرحت كريستينا كفيان، القائمة بالأعمال الأمريكية في أوكرانيا، لمراسل CNN سام كيلي، الأربعاء، بأن العقوبات الأمريكية على روسيا سيكون لها “ثمن باهظ على الاقتصاد الروسي”، وحذرت كفيان من أن روسيا ستصبح “منبوذة عالميًا”.
مجموعة بريكس BRICS :
تأسست مجموعة بريكس في 2006م وتتكون من البرازيل Brazil وروسيا Russia والهند India والصين China وجنوب أفريقيا South Africa ، ويتكون الاسم المختصر من الحرف الأول لاسم كل دولة مؤسسة.
وتسعى المجموعة من خلال اجتماعات رؤسائها ووزرائها المختصين سنويا منذ 2006م وحتى 2021م إلى تأسيس نظام مالي عالمي مواز لنظام البنك الدولي W.B وصندوق النقد الدولي I.M.F للانقلات من هيمنة الدولار ، وحتى الآن قامت المجموعة بتأسيس بنكها العالمي في شنهاي ، وتعمل على اعتماد سلة عملات تتكون من عملات الدول المؤسسة للتعاملات البنكية وتسعى لتأسيس نظام للتراسل البنكي لبنوكها غير نظام السويفت SWIFT والذي تتعامل به بنوكنا السودانية وهو من أدوات الحصار الأمريكي.
ما ذكرناه آنفا غيض من فيض الصراعات والتجاذبات المالية الدولية ، وبناء على ماسبق ووفقا لتقديراتي وقراءاتي فإن الناشطين في التروس ومن خلال الاحتجاج على التعامل بالعملات المحلية بين مصر والسودان فإنهم يبذلون جهدا يصب في مصلحة هيمنة الدولار ومؤسساته المالية في عالم تسعى كبرى إقتصادياته للإنفكاك والتحرر من هذه الهيمنة وأثمانها السياسية الباهظة ، يسيئون من حيث يظنون أنهم يحسنون صنعا.
#كمال_حامد ????
مجموعة رؤساء دول بريكس BRICS.
ترس في الشمال.إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
من طهران إلى تل أبيب.. معركة السيادة في زمن الهيمنة
مسعود أحمد بيت سعيد
masoudahmed58@gmail.com
يُعد العدوان الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، واستهداف قادتها العسكريين، وعلمائها، ومنشآتها، انتهاكًا سافرًا لسيادتها الوطنية، وتعديًا صارخًا على الأعراف والقوانين الدولية.
ومن البديهي أن من حق إيران المشروع، بل من واجبها، أن تدافع عن نفسها بكل الوسائل المتاحة. وفي هذا السياق، تتحمل إسرائيل المسؤولية الأولى عن العواقب المترتبة على سياساتها العدوانية، واستهتارها بما يسمى بالقانون الدولي. وينبغي أن يكون هذا الجانب محور الإدانة الأساسية لهذا الكيان المصطنع، الذي يجب التعامل معه كما هو، لا كما يراد له أن يصور؛ فهو، عمليًا، يمارس دوره بوصفه أداة في خدمة الإمبريالية العالمية، ولا سيما الأمريكية.
والاعتراف بهذه الحقيقة يعد خطوة ضرورية لفهم طبيعته الفاشية وسبل مواجهته، سواء على الصعيد العسكري، أو في المجال السردي، والتاريخي، والثقافي، والإعلامي، والسياسي. ومن أبرز وجوه المعركة، فضح الزيف الذي تسعى المنظومة الغربية إلى ترويجه، عبر محاولة فصل الكيان الصهيوني عن وظيفته الاستعمارية، وتقديمه ككيان طبيعي. ويبدو هذا الأمر، في نظرهم، أكثر سهولة في هذا العصر الذي تتراجع فيه أشكال الاستعمار التقليدية لصالح استعمار مقنع، بأدوات اقتصادية وسياسية. ورغم وضوح هذه الحقيقة، فإنها تحجب عن الرأي العام بفعل هيمنة الإعلام الاحتكاري، الخاضع بالكامل لمصالح الشركات الرأسمالية.
وربما يعد أعظم إنجازات الإمبريالية هو قدرتها على تقديم إسرائيل ككيان مستقل، ودمجه في المنظومة الإقليمية، في حين أن دوره الفعلي، سابقًا وحاضرًا، هو حماية المصالح الرأسمالية العالمية. ولعل الخطورة الأكبر تكمن في أنَّ هذا الكيان الاستيطاني العنصري يمارس مهامه الوظيفية من داخل المؤسسات الدولية نفسها، في سابقة تاريخية فريدة؛ حيث يحتل كيان استعماري مقنع موقعًا قانونيًا في النظام الدولي. وستبقى أي محاولة لمنحه شرعية طبيعية جهدًا عبثيًا، لأنَّ وجوده غير قابل للاستمرار دون دعم خارجي. وإذا ما تعرض هذا الكيان لخطر وجودي حقيقي، فإنَّ بنيته الاجتماعية ستتفكك، ولن تستطيع الصمود كدرع بشري للمصالح الغربية؛ بل ستظهر تناقضاته الداخلية التي لن تتمكن الدوائر الإمبريالية من احتوائها؛ فقد أبدت بعض هذه الدوائر، في فترات سابقة، استعدادًا للتخلي عنه.
أما التصعيد العسكري الأخير، فيعود جزئيًا إلى أزمات إسرائيل الداخلية، خصوصًا تلك التي يواجهها رئيس حكومتها، الذي يرى في استمرار التوتر وسيلة لتأمين مستقبله السياسي، واستعادة ثقة الغرب بوظيفته ودوره المأجور. وفي هذا الإطار، يأتي عدوانه على إيران كجزء من محاولته لتأكيد دوره الإقليمي. لكن يبقى السؤال، هل سينجح في استعادة هذه الثقة؟ الإجابة ستتضح في ضوء الخطوات الإيرانية، التي اتسمت سابقًا بالحسابات الدقيقة.
ورغم بعض الملاحظات، لم يكن من المنطقي أن تخوض إيران مواجهة مباشرة عقب "طوفان الأقصى"، لعدة أسباب؛ منها: أن المواجهة مع إسرائيل تعني تلقائيًا مواجهة شاملة مع المنظومة الإمبريالية الغربية، وهو ما يتطلب استعدادات ومعطيات مختلفة. خلافًا لمن يعتقد خطأً أن عدم انخراط إيران عسكريًا يُدينها، بينما لا يُحرجه تواطؤه المُخجِل مع إسرائيل. ومع ذلك، قدمت إيران دعمًا ملموسًا لفصائل المقاومة، ضمن حدود إمكاناتها، وبما يتماشى مع رؤيتها وتقديراتها الاستراتيجية. غير أن البعض أساؤوا قراءة هذا الموقف، واعتبروه ضمنيًا تراجعًا عن التزاماتها تجاه محور المقاومة، كما رأوا في العملية الإجرامية التي استهدفت قيادات حزب الله، وعلى رأسهم سماحة السيد حسن نصر الله، اختبارًا حاسمًا للرد الإيراني. وقد غابت عن هذه التقديرات حقائق مُهمة، وهي أن إيران، رغم ما تمتلكه من قوة، تبقى دولة نامية تواجه تكتلًا إمبرياليًا ضخمًا، ولا يُمكنها المجازفة بكل شيء. ومن ناحية أخرى، فإن مواجهة الهيمنة الإمبريالية والصهيونية على الصعيد الإقليمي مسؤولية جماعية، لا تقع على عاتق إيران وحدها. وتدرك إيران تمامًا أن المواجهة ليست مع إسرائيل فقط، بل مع الغرب بأسره؛ ولذلك فهي تُدير صراعها بحذرٍ ووعيٍ تاريخيٍ. ورغم ما أصاب تحالفاتها الإقليمية من ضعف، لا تزال تحافظ على موقف ثابت ومعاد للإمبريالية والصهيونية.
ولا شك أنَّ الكيان الصهيوني وداعميه يرون أن الوقت مناسباً ليس فقط لفرض تنازلات في الملف النووي؛ بل لإسقاط النظام الإيراني. وفي هذا السياق، فإنَّ المواجهة المقبلة ستكون صعبة، ومن المرجح أن تتسع، إلّا أن إيران أثبتت حتى الآن قدرة فائقة على احتواء الضربة الأولى، وتجاوز حالة الإرباك، واستعادة زمام المبادرة. كما تمتلك من المقومات ما يؤهلها لحرب طويلة النفس، تحقق فيها نصرًا مؤكدًا. ولا يغيب عن الأذهان أن الكيان الصهيوني وحلفاءه يُعدون أنفسهم لعملية نوعية، ولن يردعهم عنها سوى رد مُزلزل يفقدهم التوازن، ويُغيِّر قواعد الاشتباك بشكل ملموس؛ فالتجارب التاريخية تؤكد أن إرادة الشعوب أقوى من إرادة المستعمرين، وترساناتهم النووية والتكنولوجية. وهذا ما سيحدد شكل المواجهة المقبلة، وأساليبها، وحدودها.
رابط مختصر