عربي21:
2025-07-31@09:21:25 GMT

قوافل الشهداء وعودة الوعي

تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT

لعب الحظ لعبته فصادفت وحدةٌ إسرائيلية ثلاثة مقاومين أو نحواً من ذلك، تبين في ما بعد (وفيما يزعمون إذ أن حركة حماس لم تؤكد ولم تنفِ حتى وقت كتابة المقال) أن أحدهم هو يحيى السنوار، وإثر اشتباكٍ جُرح فيه وبُترت يمينه في ما يبدو من الفيديو، الذي التقطته المسيرة التي أجهزت عليه في النهاية، أجرى العدو بعض التحاليل وأكد أن الشهيد هو بالفعل السنوار.

المهم، على الرغم من اعترافهم ومسار الحكاية في حد ذاته الذي يثبت الدور الحاسم والأول، بل الوحيد للصدفة المحضة، فإن إسرائيل ونتنياهو وبايدن احتفلوا بذلك واعتبروه نصراً مبيناً.

لم يزل الوقت مبكراً لتحليل الحدث، وما نعتقد أنها تبعاتٌ ستترتب عليه، إلا أن الأصوات المتريثة والأعقل، حتى من داخل المنظومة الإسرائيلية، سواءً منها من يضطلع بدورٍ رسمي، أو المستقلين من باحثين وصحافيين، أعربت عن شكوكها في جدوى هذا الاستشهاد مع إقرارها بثقل الضربة.

لكن لئن كان الحظ لعب لعبته، فإن القدر يبدو أنه كان يعمل بدوره، لكن في اتجاهٍ معاكسٍ تماماً، إذ أن تفاصيل الصمود والقتال حتى الرمق الأخير، سرعان ما شرعت تنشئ أسطورة نضالٍ متصلٍ وصمودٍ صلدٍ ومبهر، فاض أثرهما على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي أحاديث الناس في عالمنا العربي والإسلامي، وأزعم أن أثرها سيتسرب للعالم أجمع ولمناصري القضية الفلسطينية. لقد أُريد لنهاية هذا الرجل أن تكون نهاية المقاومة، لكن ما يبدو حتى الآن أنه سيكون بداية أسطورةٍ ملهمة تغذي وترفد النضال والمقاومة. هناك الكثير مما يمكن أن يقال، لكن أمرين ملحين يستوقفانني في هذا الوقت المبكر عقب الاستشهاد:

أولهما مكر التاريخ، ذكرني عرض جثة الشهيد السنوار بما حدث من قبل حين أُعدم جيفارا وقاموا بعرض جثته أمام الصحافيين والإعلاميين فلم يؤدِ ذلك إلا لتخليده وتكريس أسطورته، فكذلك الحال مع السنوار، فأنا على يقين من أن استشهاده، مقاتلاً صامداً سيؤدي إلى نتيجة عكسية تماماً، لما كان يأمل فيه الصهاينة وأعوانهم وحلفاؤهم. أما ثاني الأمور فيتعلق بما هو أهم وأعمق وأبعد أثراً في رأيي: الوعي الشعبي العربي والعالمي.

كتبت متناولاً أكثر من مرة عن ما أسفرت عنه الحرب من عرقلة عمليات التطبيع، والانفتاح على إسرائيل التي كانت ماضيةً بشكل متواصل، بل كانت قد أوشكت أن تصل غايتها، وما كانت ترمي وستؤدي إليه من حلفٍ عربي إسرائيلي في مواجهة إيران؛ بالطبع فإن شيئاً من هذا لم يتغير، ولم أزل عند هذا الرأي، إلا أن الأهم هو، كيف أعادت هذه الحرب القضية الفلسطينية إلى الصدارة وجعلت الشعوب العربية تفيق من تلك الغيبوبة المُخدرة الغبية التي فرضت نفسها وهبطت على شعوبنا طيلة عقودٍ، بدأت بجدية منذ سلام السادات المنفرد مع إسرائيل، ومن ثم تم تعميمها وتكريسها على أنظمةٍ كان بعضها على علاقةٍ فعلية مع إسرائيل أو ينتظر بخجلٍ أن يعلن عن عدم رغبته المضي في طريق الممانعة.

لقد علَّمَت هذه الحرب ونورت وثقفت أجيالاً وُلدت ونمت وتشكل وعيها، المزيف، في ظل ثقافة «حرب أكتوبر» آخر الحروب و»بطل الحرب والسلام» بطبيعة القضية والصراع، وبددت تلالاً من الزيف والأكاذيب والافتراءات عنها وعن القيادات.

قيل إن السنوار وهنية بعيدان محصنان، وأنهما (أو أحدهما) يسكنان قصوراً هنا أو هناك في هذه العاصمة العربية أو تلك، وأنهما يتحصنان وراء الأسرى ويضحيان بجنود حماس، فكيف الحال الآن، وقبل ذلك في أي قصرٍ أو برجٍ عاجي كان يقبع الشيخ الشهيد أحمد ياسين حين استهدفته طائرة؟
شهيدٌ يسلم شهيداً الراية، واقفون صامدون يضحون بكل شيء، بأنفسهم وأولادهم، هذا هو الواقع المحض
شهيدٌ يسلم شهيداً الراية، واقفون صامدون يضحون بكل شيء، بأنفسهم وأولادهم، هذا هو الواقع المحض، بغض النظر عن الانحيازات السياسية من المنطلق نفسه، فإذا أردنا أن نُعرف قمة البذاءة فلن نجد أفضل من الإعلام العربي الرسمي، الذي تُصرف عليه مليارات الدولارات من جيب وقوت الشعوب ليزيف وعيهم ويحشو رؤوسهم بالأكاذيب ليحتضنوا العدو الصهيوني ويتماهوا مع قضيته ويعادوا إخوة الدم والعصب والدين والتاريخ، ولا أفضل من الحكام العرب وجلهم طغاة أيديهم مضمخة بدماء شعوبهم، ويسكنون بالفعل في قصورٍ لا حد لها، بل يفاخرون بأنهم عاقدو العزم على بناء المزيد، «لا ده أنا حابني وابني» كما طمأننا السيسي، فنجد هؤلاء يدّعون أن قادة حماس والمقاومة يقطنون فنادق الخمسة نجوم. ها هو الرجل استشهد في الميدان مقاوماً حتى آخر نفس، فما رأيكم؟

بالفعل، رمتني بدائها وانسلت، يدرك المراقبون والمحللون الأكثر حنكة، بقراءة التاريخ الذي عايشه أكثرنا، أنك لا تستطيع أن تقضي على حركة مقاومة بمجرد اغتيال قادتها، خاصةً تلك التي تصدر عن عقيدة استشهادية كالتي لحماس وحزب الله، حيث وطنوا وتابِعوهم النفس على التضحية والتحرير عبر بذل ذواتهم، مادتهم الجسدية. يدركون أنه دون حلٍ سياسي فليس من نهايةٍ في الأفق.

ومع الدمار والشهداء بعشرات الآلاف، فلم يعد هناك ما يُبكى عليه، وتضاعفت بواعث السخط والرغبة في الانتقام والمقاومة. ستستمر قوافل الشهداء، لكنني، رغم كل بواعث الإحباط، لا أرى مستقبلاً لا تكون فيه الشرارة التي ستوقظ الشعوب المهانة المغلوبة على أمرها وتهز هذه الأنظمة منتهية الصلاحية منذ أمدٍ بعيد.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حماس حماس الاحتلال طوفان الاقصي استشهاد السنوار مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الأرصاد تكشف عن موعد انخفاض درجات الحرارة وعودة الأمطار على بعض المناطق

قال محمود القياتي، عضو المركز الإعلامي بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، إن البلاد بدأت بالفعل في الشعور بانكسار واضح للموجة الحارة التي أثرت على معظم الأنحاء خلال الأيام الماضية، مشيرًا إلى أن درجات الحرارة المحسوسة في القاهرة انخفضت اليوم الأربعاء بمقدار 6 درجات مئوية لتسجل 37 درجة مئوية بعد أن وصلت إلى 43 درجة خلال الأيام السابقة.

مفاجأة بشأن أسعار الذهب والدولار وحالة الطقسانكسار موجة الطقس الحار.. الأرصاد تزف بشرى للمواطنين بشأن طقس الغدطقس حار نهارًا ومائل للحرارة ليلًا

وأوضح القياتي أن الطقس اليوم يشهد أجواءً حارة ورطبة نهارًا على القاهرة الكبرى والوجه البحري والسواحل الشمالية، بينما يظل شديد الحرارة على جنوب الصعيد وجنوب سيناء، مع أجواء مائلة للحرارة ليلًا على أغلب الأنحاء، مؤكدًا استمرار ارتفاع نسب الرطوبة والتي تُزيد من الإحساس بحرارة الطقس.

شبورة كثيفة وأمطار محتملة على حلايب

وأشار القياتي إلى وجود تحذيرات من تكون شبورة مائية كثيفة في الساعات المبكرة من صباح اليوم على الطرق الزراعية والسريعة المؤدية إلى القاهرة ومدن القناة ووسط سيناء، مما قد يؤدي إلى تدني الرؤية الأفقية، داعيًا قائدي المركبات إلى توخي الحذر.

كما لفت إلى وجود فرص سقوط أمطار خفيفة إلى متوسطة على مناطق من حلايب وشلاتين على فترات متقطعة، إلى جانب نشاط رياح على السواحل الشمالية والقاهرة الكبرى، قد تكون مثيرة للرمال والأتربة على بعض المناطق الجنوبية.

استقرار في البحرين وارتفاعات معتدلة للأمواج

وفيما يخص الملاحة البحرية، أكد القياتي أن حالة البحرين المتوسط والأحمر معتدلة، حيث يتراوح ارتفاع الموج بين 1.5 و2.25 متر، والرياح شمالية غربية إلى شمالية شرقية، مما يسمح بممارسة الأنشطة البحرية بشكل طبيعي مع أخذ الحيطة.

درجات الحرارة اليوم في مختلف المحافظات

اختتم القياتي تصريحه بعرض أبرز درجات الحرارة المسجلة اليوم، ومنها:

القاهرة: 35 للعظمى – 26 للصغرى

الإسكندرية: 31 – 24

شرم الشيخ: 40 – 29

أسوان: 45 – 30

الأقصر: 44 – 28

قنا: 43 – 27

مطروح: 30 – 23

تحذير للمواطنين

وشدد محمود القياتي على أهمية متابعة النشرات الجوية بشكل دوري، خاصة في ظل التقلبات الجوية السريعة خلال فصل الصيف، وضرورة اتباع الإرشادات لتفادي تأثيرات الرياح والرطوبة العالية، خصوصًا كبار السن والأطفال.

طباعة شارك حالة الطقس الطقس اليوم درجات الحرارة

مقالات مشابهة

  • رقم صادم.. آلاف الشهداء والجرحى في غزة منذ استئناف الحرب
  • هل الخيار المتطرف الذي تبحثه إسرائيل في غزة قابل للتنفيذ؟
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • سقوط المزيد من الشهداء في غزة وسط ضغوط على إسرائيل لإنهاء الحرب
  • الأرصاد تكشف عن موعد انخفاض درجات الحرارة وعودة الأمطار على بعض المناطق
  • ميادة الحناوي تكشف سر رشاقتها .. وتعلّق على مهرجان جرش وعودة فضل شاكر
  • حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة تتخطى 60 ألف شهيد منذ بدء الحرب
  • ترامب يقلص المهلة التي منحها لبوتين لوقف الحرب
  • ترامب: أنقذت العالم من 6 حروب.. وسأقلل مهلة الـ 50 يوما التي منحتها لبوتين
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)