الأزمات الدولية تطالب واشنطن بالضغط على إسرائيل لوقف حملتها بشمال غزة
تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT
طالبت مجموعة الأزمات الدولية الولايات المتحدة بالتحرك بشكل عاجل لوقف الحملة العسكرية الإسرائيلية على شمال قطاع غزة وضمان تدفق المساعدات بشكل منتظم في جميع أنحاء القطاع.
ومنذ 6 أكتوبر/تشرين الأول الجاري يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرب إبادة ضد شمال قطاع غزة مرتكبا مجازر مروعة عبر قصف المنازل ومراكز الإيواء ونسف وتدمير وحرق أحياء سكنية كاملة، إضافة إلى منع إدخال الطعام والمياه إلى المنطقة، مما خلّف مئات الشهداء والجرحى في ظل تعطل شبه كامل لعمل طواقم الإسعاف والدفاع المدني نتيجة استهدافها من القوات الإسرائيلية أو منعها من تأدية مهامها.
وقالت مجموعة الأزمات الدولية -ومقرها نيويورك- في تقرير مطول نشرته على موقعها الإلكتروني إن تحذيرات واشنطن لحكومة بنيامين نتنياهو لن تكفي وحدها لوقف قتل الفلسطينيين وتجويعهم ضمن خطة إسرائيلية لتهجيرهم من شمال قطاع غزة.
وأكدت المجموعة أن إسرائيل تشن منذ أسبوعين أكبر هجوم بري لها حتى الآن في شمال غزة، ورغم أن أهدافها المعلنة تتمثل في قمع مقاتلي حركة حماس والسلطات المدنية التابعة لها لتمهيد الطريق لترتيبات حكم بديلة فإن الحملة تسببت في مقتل مئات المدنيين.
كما تم تعليق تسليم المساعدات إلى أجزاء من الشمال لمدة 3 أسابيع تقريبا، مما زاد حدة الكارثة الإنسانية، وفي الوقت نفسه تواصل القوات الإسرائيلية تدمير المزيد من الأحياء السكنية.
الخطة الإسرائيليةوكشف التقرير أن التكتيكات الإسرائيلية خلال الحملة العسكرية إلى جانب تصريحات أدلى بها بعض المسؤولين تشير إلى أن حكومة نتنياهو تستغل تحول انتباه العالم جزئيا بسبب الحرب في لبنان ومخاوف التصعيد مع إيران، بالإضافة إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية من تدمير شمال قطاع غزة والتهجير القسري لسكانه ضمن خطة الجنرالات.
وخطة الجنرالات كشف عنها موقع "واي نت" الإسرائيلي في 4 سبتمبر/أيلول الماضي، وتهدف إلى تحويل كامل المنطقة الواقعة شمال ممر نتساريم (أنشأته إسرائيل وسط القطاع) -أي محافظتي غزة والشمال- إلى منطقة عسكرية مغلقة وفرض حصار على المنطقة وإجلاء سكانها بالقوة.
وأوضح تقرير مجموعة الأزمات أن إسرائيل اتخذت خطوات عدة لتحقيق هذه الغاية، ففي الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري بدأ الجيش بإصدار أوامر إلى 400 ألف فلسطيني يعيشون الآن في الشمال بانخفاض عن 1.4 مليون قبل الحرب على غزة للانتقال إلى "منطقة إنسانية" محددة في الجنوب.
وأضاف التقرير أن الجيش الإسرائيلي اتخذ قبل أسبوع من العملية العسكرية مجموعة من التدابير التي توقف فعليا دخول الغذاء أو الماء أو الوقود أو الإمدادات الطبية إلى الشمال، كما فرضت إسرائيل متطلبات جمركية جديدة قطعت فعليا واردات المساعدات من الأردن الذي كان في السابق المورد الأكثر موثوقية للمساعدات في شمال غزة.
تحذير أميركي
وأشار التقرير إلى أن العملية العسكرية الإسرائيلية على شمال القطاع جلبت سلسلة من الاعتراضات المكثفة من واشنطن، قبل أن توجه الأخيرة رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية في 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري وقّعها وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن تطالب إسرائيل باتخاذ إجراءات محددة لتخفيف المحنة الإنسانية في غزة، وتحذر من تعليق المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل إذا فشلت في القيام بذلك خلال شهر.
وعلقت مجموعة الأزمات على الرسالة الأميركية قائلة إن التحذيرات والانتقادات العلنية لن تمنع إسرائيل من متابعة أجندتها بعيدة المدى في غزة، والتي يمكن أن تقوض وحدة أراضي القطاع أو تطرد الفلسطينيين من أجزاء منه إلى الأبد.
وأضافت أنه بينما تعمل الولايات المتحدة على التوصل إلى وقف لإطلاق النار عن طريق التفاوض وإطلاق سراح المحتجزين -وهو الطريق الأمثل لخفض التصعيد على المدى الطويل في غزة- لكن يجب عليها أيضا دفع إسرائيل إلى إعطاء الأولوية لحماية السكان المدنيين في غزة وإنهاء النزوح القسري وتسهيل دخول وتوزيع المساعدات الإنسانية بشكل منتظم ودون عوائق، ولا سيما في شمال غزة الأكثر تضررا في الوقت الحاضر.
وشددت مجموعة الأزمات على أن الضغط الأميركي الحقيقي هو العامل الوحيد الذي قد يدفع نتنياهو إلى وقف العملية العسكرية في شمال غزة لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكان المدنيين في جميع أنحاء القطاع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات مجموعة الأزمات شمال قطاع غزة فی شمال غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: الرباعية الدولية .. صراع المصالح يبدد فرص الحل..!
في لحظة كانت الأنظار تتجه فيها إلى اجتماع الرباعية الدولية المقرر انعقاده في واشنطن، باعتباره فرصة لإحداث اختراق في مسار الحرب السودانية، جاء الإعلان المفاجئ عن إلغائه ليكشف عن تعقيدات الملف السوداني وهشاشة المبادرة الدولية ذاتها.
فهذا الاجتماع الذي كان يُفترض أن يُتوَّج مسارًا تنسيقيًا دوليًا نحو السلام، تحوّل إلى ساحة لتضارب الأجندات داخل الرباعية التي تضم: الولايات المتحدة، والسعودية، والإمارات، ومصر. وقد بدأ واضحًا أن غياب الرؤية المشتركة طغى على أي إمكانية لتفاهم حقيقي.
ما تسرّب من كواليس دبلوماسية بحسب الشرق الأوسط أشار إلى أن الخلافات لم تكن حول الهدف المعلن، بل حول الوسائل والآليات، وعلى رأسها مسألة توسيع المشاركة لتشمل أطرافًا مثل بريطانيا، وقطر، والاتحاد الأوروبي. وهي خطوة دعمتها واشنطن، بينما رفضتها أطراف أخرى خشية فقدان السيطرة على القرار الجماعي.
هذا الانقسام لم يكن شكليًا، بل عبّر عن تباين جوهري في أولويات كل طرف: فبينما تنظر الولايات المتحدة إلى السودان من منظور جيوسياسي مرتبط بصراعات النفوذ مع الصين وروسيا، تركّز القوى الإقليمية على استقرار حدودها ومصالحها المباشرة. أما السودان نفسه، كدولة وشعب، فيغيب عن معادلة الحل وصناعة القرار.
إقصاء الجيش السوداني والحكومة الرسمية عن الاجتماع، رغم أن القضايا المطروحة تشمل الترتيبات الأمنية والمساعدات الإنسانية، أثار شكوكًا واسعة حول جدية المبادرة. فكيف يُناقش وقف إطلاق النار دون حضور من يمتلك سلطة فرضه على الأرض؟ هذا الغياب اعتُبر مؤشرًا إضافيًا على أن ما يُطبخ خلف الأبواب المغلقة لا يعكس تطلعات السودانيين، بل يُعيد إنتاج خارطة النفوذ الإقليمي بواجهة سياسية.
وقد ازداد المشهد تعقيدًا بعد إعلان مليشيا الدعم السريع وتحالف “تأسيس” مؤخرًا عن تشكيل حكومة موازية في مدينة نيالا بجنوب دارفور، حملت اسم “حكومة السلام والوحدة”، برئاسة محمد حمدان دقلو “حميدتي” ، مع تعيين عبد العزيز الحلو نائبًا، ومحمد حسن التعايشي رئيسًا للوزراء.
هذه الخطوة، التي ترافقت مع إعادة تفعيل الهياكل التنفيذية والإدارية في مناطق سيطرة المليشيا، تجسّد فعليًا الأطماع الإقليمية ، وتحول الصراع من نزاع على السلطة إلى تنازع على الجغرافيا والشرعية. وقد قوبل هذا التطور برفض واسع من الحكومة السودانية والنخب والأحزاب الوطنية والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، باعتباره محاولة لتقسيم البلاد.
هذا الإعلان يُقوّض أي مسار تفاوضي يُدار من الخارج دون مشاركة حقيقية للفاعلين على الأرض، ويؤكد أن التراخي الدولي والتنازع داخل الرباعية لا يفتحان بابًا للسلام، بل يُمهّدان لمناخ تقسيم غير معلن. كما يُعيد طرح الأسئلة حول مشروعية أي مبادرة لا تستند إلى تفويض شعبي أو غطاء سياسي من مؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
فشل اجتماع واشنطن لا يمكن اعتباره مجرد تعثّر دبلوماسي، بل هو دليل إضافي على غياب إرادة دولية موحدة، وافتقار المبادرة لتمثيل عادل وغطاء قانوني. فالسلام في السودان لا يُبنى على تفاهمات فوقية أو تسويات نفوذ، بل على مسار سياسي شامل ينطلق من الداخل ويستند إلى شرعية وطنية، لا وصاية فيها لأحد على أحد.
وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل دروس التجارب الإقليمية القريبة. ففي ليبيا واليمن، لعبت أطراف إقليمية ودولية أدوارًا مزدوجة: فاعلة في النزاع ووسيطًا في آنٍ معًا، ما أفرغ مسارات السلام من مضمونها الحقيقي.
تلك الوساطات، بدلاً من أن تستجيب لصوت الضحايا، تحوّلت إلى أدوات لتمرير صفقات النفوذ. وكانت النتيجة حروبًا متجددة واتفاقات هشة. وإذا فشلت تلك القوى في بناء السلام هناك، فما الذي يجعلها مؤهلة لقيادة مسار ناجح في السودان، وهي لا تزال تتعامل معه بعقلية النفوذ لا المسؤولية؟
ربط مستقبل السودان بمصالح الخارج هو وصفة مكرّرة لإعادة إنتاج الفشل، ما لم يكسر السودانيون هذا النمط عبر مراجعة جذرية وشجاعة لخلافاتهم، وصولاً إلى مشروع وطني خالص، ينمو من داخل المجتمع السوداني، بدعم مؤسسات الدولة والجيش والأحزاب السياسية.
وبحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة، فإن ما يجري في السودان اليوم ليس مجرد صراع على السلطة أو موارد الدولة، بل هو صراع على تعريف الدولة ذاتها. والرباعية الدولية، بصيغتها الحالية، لا تملك مقومات الحل بقدر ما تعكس تاريخًا مخزيا ساهم في إدخال السودان إلى نفق الحرب، وسط توازنات متقلبة ومصالح متقاطعة.
الحقيقة التي يجب الاعتراف بها هي أن أي سلام لا ينبع من إرادة السودانيين، سيُولد ميتًا. أما المشروع الوطني الجامع، فلن يأتي بقرار دولي أو إعلان سياسي من نيالا أو واشنطن، بل بإرادة داخلية تفرض حضورها وتجبر العالم على الإصغاء.
دمتم بخير وعافية
.إبراهيم شقلاوي
الخميس 31 يوليو 2025م
[email protected]