-بدا منتشيا، ومنفوخ الريش والأوداج، وهو يتحدث بغرور، عن يده الطولى القادرة على إيلام أعداء كيانه اللقيط، واستطاعته قتل القادة في فصائل المقاومة بفلسطين ولبنان، وحيثما كانوا، متى شاء وكيفما أراد، وفي لحظة وجدانية جارفة من الكبر والخيلاء والغطرسة، نصّب نفسه حاكما أوحد للمنطقة، وصاحب الحق والإرادة والمقدرة، في رسم ملامحها وتحديد وفرض أنظمتها، وإعادة تشكيل هويتها وخريطتها الجغرافية.
-الشعور بنشوة النصر للإرهابي بنيامين نتنياهو، بدأ باغتيال سيد الشهداء أمين عام حزب الله المجاهد الشهيد سماحة السيد حسن نصرالله في جريمة غادرة وجبانة، ووصل ذروته باستشهاد الشهيد الكبير البطل يحيى حسن السنوار الذي ارتقى في مواجهة عرضية، وغير مخطط لها مع مجموعة من علوج العدو، قبل أن تتهاوى تلك النشوة اللحظية تدريجيا، وتنحدر خلال الساعات القليلة الماضية إلى أدنى مستوياتها وهو يتعرض لشيء من بأس المجاهدين، وهو يغزوه إلى عقر داره، الأكثر تحصينا وحماية، بكل إمكانيات أمريكا ومعها الغرب من أنظمة الدفاع الجوي.
-ما فشل عن تحقيقه المسخ نتنياهو، في غزّة الساحلية المحاصرة منذ عقدين من الزمن، وضئيلة المساحة والمجاهدين والعتاد، في أكثر من عام كامل، وبدعم مطلق من أولياء نعمته في واشنطن ولندن، أراد البحث عنه في جبال وتلال وأحراش الجنوب اللبناني، وفي حضرة المجاهدين الأكثر بأسا واستعدادا وتجهيزا، بالاعتماد على معلومات الخونة والعملاء والجواسيس، وخدمات المطبعين العرب وأبواقهم الإعلامية الرخيصة، التي ساهمت إلى حد كبير، في بث الدعايات وتزييف الحقائق بصورة ممجوجة ومدروسة جيدا طوال عام لتصل مؤخرا، وتحت تأثير الهزائم المتلاحقة للعدو، لتفصح عن توجهاتها وأجندتها علانية، على غرار ما قامت به قناة MBC « “ السعودية من بث تقرير “العار” الذي يصف قادة المقاومة الأبطال بالإرهابيين.
-لقد خططت واشنطن بالتعاون والتنسيق مع عملائها في أنظمة المنطقة، وعملت بدهاء وخبث، في إدارة الحرب النفسية الهادفة إلى تقديم الكيان في صورة القوة القاهرة، وكيف أنه استطاع من خلال إرهابه التكنولوجي والصاروخي تنفيذ جرائم البيجر وأجهزة الاتصالات، وجرائم الاغتيالات بحق بعض قادة المقاومة، وكل ذلك تمهيدا ليظهر نتنياهو كمتحدث رسمي ومبشّر بخارطة الشرق الأوسط الجديد.
-أوهام ومخططات العدو، تلاشت شيئا فشيئا أمام قوة وتماسك المقاومة الفلسطينية، وعملياتها المؤلمة المتواصلة حتى اللحظة، وكذلك عمليات المقاومة الإسلامية اللبنانية، التي استطاعت تجاوز الشدة في زمن قياسي لتمتلك زمام المبادرة بضربات صاروخية كبيرة ومتصاعدة وصولا إلى مرحلة إيلام العدو التي أعلنها حزب الله، في أعقاب استشهاد السيد نصر الله، وسرعان ما وجدت طريقها إلى ميدان المواجهة.
– مشاعر القهر التي أثقلت قلوب المجاهدين، ومعهم شعوب الأمة الأحرار، إثر استشهاد القادة العظماء، ابتداء من إسماعيل هنية ومرورا بالسيد نصر الله وانتهاء بالبطل السنوار لم تكن محطات للانكسار والهزيمة والتراجع، بل استحالت غضبا وسلاحا فتاكا للانتقام والثأر ومواصلة الدرب على نهج ومسيرة الشهداء، والوفاء للقضية التي وهب الشهداء حياتهم لأجلها، دون أن ترتبط يوما بأشخاص أو رموز.
-المقاومة هي من ترسم ملامح المنطقة اليوم، وليس نتنياهو العاجز عن حماية نفسه وبيته من صواريخ ومسيرات حزب الله، ناهيك عن تحقيق أهدافه من العدوان على غزة ولبنان، فهو لم يقض على حماس ولم يستعد أسراه ولم ولن يعيد قطعان مستوطنيه إلى شمال الأراضي المحتلة، بل عليه أن ينصب خياما جديدة لملايين الهاربين، من عكا وحيفا وغيرهما من المدن المحتلة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
“المسيرة الإيمانية وبناء الأمة ونجاة الفرد في ضوء الالتزام الجماعي والهجرة الإيمانية” المقاصد والدلالات التي وردت في الدرس الرابع للسيد القائد
يمانيون / تحليل خاص
تناول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في الدرس الرابع ضمن سلسلة دروس القصص القرآني، مفاهيم عميقة وأساسية حول المسيرة الإيمانية، مفهوم الهجرة وأبعادها، وأهمية بناء أمة إيمانية متماسكة. وفيما يلي قراءة في أبرز المقاصد والدلالات التي وردت في هذا الدرس كرؤى استراتيجية لبناء أمة إيمانية قوية تقوم على أسس من التعاون والتآخي في سبيل تحقيق أهداف إيمانية من خلال الحديث عن المسيرة الجماعية، الواقع الإيماني، والهجرة كالتزام إيماني، والحث على أهمية التوحد في المواقف الدينية وتبني الحلول الجماعية والفردية التي تضمن الالتزام بتعاليم الله في ظل البيئة المتغيرة.
المسيرة الإيمانية كمسيرة جماعية
التعاون على البر والتقوى: أول ما يلفت النظر هو التأكيد على أن المسيرة الإيمانية لا تقوم على أساس الأفراد بل هي مسيرة جماعية. وهذا التعاون في سبيل الله يتجسد في التآخي في الإيمان والعمل معاً من أجل أمر بالمعروف ونهي عن المنكر. إنها دعوة لبناء أمة متماسكة تعمل من أجل الله وتنشد العدالة والحق في كل مناحي الحياة.
النهضة بالمسؤوليات الجماعية: يتحمل الجميع المسؤولية، سواء كانت دينية أو اجتماعية. هنا، يتضح أن الواجبات الجماعية أكبر من تلك التي تتحملها الأفراد في العزلة.
الهجرة كحل إيماني
الهجرة بوصفها التزامًا إيمانيًا: الهجرة ليست مجرد انتقال مادي من مكان إلى آخر، بل هي قرار إيماني. عندما يواجه المؤمن بيئة لا توفر له الفرص للعيش باستقامة دينية أو يجد نفسه محاربًا ومضطهدًا، يصبح الحل هو الهجرة.
الهجرة كتحرُّك في سبيل الله: كما ورد عن نبي الله إبراهيم عليه السلام، فالهجرة ليست مجرد انتقال جسدي ولكنها تتعلق بالانتماء الإيماني والتفاني في خدمة دين الله. ولذلك، كانت الهجرة بالنسبة لنبي الله إبراهيم عليه السلام قرارًا إيمانيًا عميقًا بعد أن أكمل مهمته أمام قومه.
التوكل على الله: الهجرة تتطلب التوكل على الله سبحانه وتعالى، حيث أن الشخص الذي يهاجر يبحث عن بيئة أفضل له ليعيش فيها ويؤدي واجباته الإيمانية بشكل صحيح.
الهجرة وارتباطها بالعزة الإيمانية
العزة والتزام المؤمن: في الآية {إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} يوضح السيد القائد يحفظه الله أن العزة هي جزء أساسي من الإيمان، ولهذا فإن البقاء في بيئة مغلقة ومجتمعات محاربة للدين يعتبر غير مقبول إيمانيًا. الهجرة تهدف إلى التحرر من الذل وتوفير بيئة قادرة على توفير الأمان للإيمان والعمل بما يرضي الله.
الواقع الإيماني وبناء الأمة
تكوين الأمة المؤمنة: الجهد الإيماني لا يقتصر على مستوى الفرد، بل يجب أن يكون التحرك الجماعي هدفًا أساسيًا، لتكوين أمة مؤمنة تسعى للتعاون على البر والتقوى.
التعاون في الإيمان: كما قال الله في القرآن الكريم {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}، هذا التعاون من شأنه أن يخلق قوة جماعية قادرة على التغيير، وتقديم نماذج إيمانية تصلح مجتمعات بأكملها.
الاستمرارية والإنتصار من خلال الهجرة
الهجرة كخطوة في نشر الإسلام: كما في هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم من مكة إلى المدينة، كانت الهجرة من مفاتيح انتشار الإسلام وبداية لإنشاء الأمة الإسلامية. الهجرة تفتح آفاق جديدة لتحقيق الأهداف العليا للإيمان والدين، وتعتبر تحوّلاً مهماً في حياة الأمة.
البركة والسعة في الهجرة
البركة الإلهية : الآية {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِد فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} تبرز البركة التي ترافق المهاجر في حياته. فالهجرة، رغم ما يترتب عليها من مشاق، تؤدي في النهاية إلى بركة ورزق لم يكن يتوقعه المهاجر.
المستقبل المعيشي: يُؤكد السيد القائد حفظه الله أن الهم المعيشي لن يكون عائقًا أمام المؤمن إذا كان هدفه الهجرة في سبيل الله، فإن الله سيفتح له آفاقًا جديدة.
الصلاح كغاية نهائية
الصلاح كمفهوم جامع: الصلاح هنا يُعتبر الغاية النهائية في حياة المؤمن، حيث يُجمِع بين جميع الصفات الإيجابية المطلوبة من الفرد في سعيه لله، سواء كانت إيمانية أو أخلاقية. وبالتالي، فإن الإنسان الصالح يسعى لتحقيق الصلاح في نفسه وفي ذريته.
طلب الصلاح: ما يمكن استخلاصه من هذه الدروس هو أن الصلاح هو المنهج الذي يجب أن يسعى المؤمن لتحقيقه، سواء في نفسه أو في ذريته. عندما يكون الإنسان صالحًا في حياته، فإنه يسعى لتحقيق الاستقامة والعدل في محيطه.
خاتمة
الدرس يوجه الدعوة لبناء أمة متماسكة تُعنى بالدين والإيمان، تؤمن بالعمل الجماعي والتعاون على البر والتقوى. كما يُظهر أهمية الهجرة كحل إيماني عندما تكون الظروف غير ملائمة، مع التأكيد على أن العزة الإيمانية وتحقيق الصلاح هما من الركائز الأساسية التي يجب أن يسعى المؤمن لتحقيقها في حياته.