من الغرب إلى بريكس.. مساع في تركيا لتعزيز مكانتها الاقتصادية
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
تناول تقرير حديث نشرته وكالة بلومبيرغ جملة التحولات التي تدفع بتركيا إلى الانضمام لمجموعة بريكس، ويذكر التقرير أنه على مدى عقود طويلة كانت تركيا عضوا مؤثرا في حلف الناتو، منذ انضمامها إلى التحالف في عام 1952 كحليف غربي رئيسي في مواجهة التهديد السوفياتي خلال الحرب الباردة.
ومع ذلك، تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان منذ عام 2003، تبنت تركيا سياسة خارجية متعددة الأبعاد تسعى إلى إعادة تعريف مكانتها على الساحة الدولية.
ومجموعة "بريكس" (تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) هي كتلة اقتصادية تضم أكبر الاقتصادات الناشئة في العالم. وتسعى تركيا، من خلال الانضمام إلى هذه المجموعة، إلى توسيع نفوذها العالمي وزيادة فرصها الاقتصادية خارج إطار التحالفات الغربية التقليدية، خاصة بعد الإحباط الذي شعر به المسؤولون الأتراك نتيجة العقبات المستمرة التي تواجه انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
ووفقًا لما ذكرته بلومبيرغ، تهدف تركيا إلى الاستفادة من تغيير مركز الثقل الجيوسياسي العالمي بعيدًا عن الاقتصادات المتقدمة، وذلك لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الصين وروسيا بشكل خاص. ويرى المسؤولون الأتراك أن الانضمام إلى "بريكس" من شأنه تعزيز التعاون التجاري والمالي مع هذه الدول، إلى جانب تقوية الروابط الاقتصادية من خلال بنك التنمية التابع للمجموعة.
توترت العلاقات بين تركيا وحلفائها الغربيين بشكل ملحوظ خلال السنوات العشر الماضية. وأبرز هذه التوترات تمثل في اتهام أردوغان للحكومات الغربية بدعم الاحتجاجات المناهضة له في عام 2013، بعد مدة قصيرة من اندلاع الربيع العربي. كما أن الدعم الأميركي للمقاتلين الأكراد في سوريا خلال المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية قد زاد من حدة التوترات بين أنقرة وواشنطن، إذ تنظر تركيا إلى الجماعات الكردية في سوريا على أنها امتداد للحركات الانفصالية الكردية التي تهدد أمنها الداخلي.
ففي أكتوبر/تشرين الأول 2015، اتخذت الولايات المتحدة وألمانيا قرارا بسحب دفاعاتهما الجوية من تركيا بعد تصاعد العنف في المناطق الكردية. وبدورها، ردت تركيا بتعزيز علاقاتها مع روسيا من خلال شراء نظام الدفاع الجوي الروسي "إس-400" في 2017، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى استبعاد تركيا من برنامج شراء طائرات "إف-35" وفرض عقوبات عليها.
ورغم هذه التوترات، فإن تركيا لا تزال تعتمد على شراكتها العسكرية والاقتصادية مع الدول الغربية. فهي تستضيف قواعد أميركية ومواقع إستراتيجية تابعة للناتو، مثل الرادار الذي يُستخدم في منظومة الدفاع الصاروخي للناتو.
تحولات اقتصاديةمن الناحية الاقتصادية، تعتمد تركيا اعتمادا كبيرا على روسيا والصين في العديد من المجالات. على سبيل المثال، زودت روسيا تركيا بنحو 42% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، واستقطبت تركيا 6.3 ملايين سائح روسي في العام الماضي، وذلك يبرز أهمية التعاون الاقتصادي بين البلدين.
بالإضافة إلى ذلك، تقوم شركة "روس آتوم" الروسية ببناء محطة نووية بقيمة 24 مليار دولار على ساحل البحر الأبيض المتوسط في تركيا، وهناك محادثات جارية بين البلدين لإنشاء محطة نووية ثانية.
من ناحية أخرى، تسعى تركيا إلى تعزيز التعاون مع الصين في قطاعات مختلفة، بما في ذلك بناء محطة نووية ثالثة، وجذب الاستثمارات الصينية في قطاع السيارات الكهربائية، بالإضافة إلى شراكة في معالجة رواسب العناصر الأرضية النادرة. مثل هذه الخطوات تعكس سعي تركيا لتنويع مصادر دخلها وتحسين اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد الكامل على الأسواق الغربية.
وتقول بلومبيرغ إنه رغم أن انضمام تركيا إلى بريكس قد يفتح لها آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي والسياسي، فإن هناك تحديات واضحة قد تعترض هذا المسار. فالتقارب المتزايد بين تركيا وروسيا والصين يثير قلق حلفائها الغربيين، خاصة في ظل الحرب المستمرة في أوكرانيا والمواقف المتباينة حيالها؛ فقد حذرت الولايات المتحدة تركيا مرارًا من أن علاقتها مع روسيا قد تعرضها لعقوبات أميركية إضافية، خاصة إذا استمرت في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع موسكو.
من جهة أخرى، فإن تركيا حريصة على عدم المساس بعلاقاتها العسكرية مع الناتو. فإلى جانب المساعدات المالية والعسكرية التي تحصل عليها من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، تعدّ تركيا جزءًا من نظام الدفاع الصاروخي للناتو، ولديها مصالح إستراتيجية مهمة في الحفاظ على علاقات متوازنة مع الغرب، على حد قول الوكالة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة ترکیا إلى من خلال
إقرأ أيضاً:
تصاعد وتيرة الاستيطان بالضفة الغربية المحتلة.. 22 مستوطنة جديدة خلال أشهر قليلة
تتواصل وتيرة التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، حيث أعلنت الحكومة الإسرائيلية رسميًا عن إقامة 22 موقعًا استيطانيًا جديدًا، في خطوة وُصفت بأنها تصعيد غير مسبوق منذ سنوات، رغم اعتبار المجتمع الدولي تلك المستوطنات "غير قانونية" بموجب القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية. اعلان
وبحسب التقارير، فإن بعض هذه المواقع كانت قائمة سابقًا دون اعتراف رسمي من الحكومة الإسرائيلية، مثل مستوطنة "حافوت يائير"، التي سيبدأ سكانها الآن بالحصول على خدمات المياه والكهرباء والتمويل من الدولة، مما يمنحها وضعًا قانونيًا فعليًا في النظام الإداري الإسرائيلي.
تأتي هذه الخطوة في ظل تسارع ملحوظ في بناء المستوطنات منذ هجمات حماس في السابع من أكتوبر 2023، حيث ترفرف الأعلام الإسرائيلية فوق أكثر من 140 مستوطنة في أنحاء الضفة الغربية، وتزايدت دعوات اليمين الإسرائيلي لتوسيع الوجود اليهودي في المناطق المصنفة "ج" حسب اتفاقات أوسلو.
Related بعد قرار الضم من قبل الكنيست الإسرائيلي.. غضب في الضفة الغربية: جزء من أهداف الحرب على الفلسطينيينفيديو- مستوطنون يضرمون النار قرب كنيسة تاريخية في بلدة الطيبة بالضفة الغربية المحتلةمستوطنون إسرائيليون يهاجمون قرية الطيبة بالضفة الغربية ويشعلون النار في مركبات الفلسطينيين رؤية أيديولوجية متمسكة بـ"حق العودة" التاريخيسارة زيبربيرغ، مستوطنة شابة وأم لثلاثة أطفال، انتقلت قبل خمس سنوات إلى واحدة من تلك المستوطنات، مقابل قرية فلسطينية يسمع منها صوت المؤذّن يدعو للصلاة. تقول: "لا يزعجني الأذان، أنا أصلي بطريقتي وهم يصلون بطريقتهم. أشعر أنني عدت إلى أرض أجدادي، فقد كانت هنا قرى يهودية قبل أن يستقر المسلمون في هذه المنطقة."
هذا الخطاب يعكس توجهات أيديولوجية لدى العديد من المستوطنين، الذين يرون في الأرض "حقاً تاريخياً لا يُنازع"، رغم التنديد العالمي المتكرر بالاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة باعتباره عائقاً أمام السلام.
استيطان منظم.. ومواجهة مع السكان البدويُتهم مطورون عقاريون إسرائيليون بتنظيم حملات ترويجية لجذب العائلات اليهودية إلى المستوطنات، مع تعهدات بمنح كل عائلة "منزلاً خاصاً" ضمن مشروع قومي طويل الأمد.
المستوطن سيفي غِلدتسوار، أحد سكان مستوطنة "نوفاي برات"، قام بجولة قرب قرية بدوية ودخل خيمة أحد السكان العرب، حيث أراد إقناع صاحب الأرض بحقه التاريخي في المكان لكنه حاول طمأنة الصحفي الأجنبي الذي كان يرافقه بأن إسرائيل ستهتم بالقضية فقال: "الدولة ستقوم ببناء حي جديد لهم بعيدًا عن هنا... هناك!"
لكن تلك الخطط تواجه برفض من السكان البدو الأصليين، الذين يرون في هذه الإجراءات محاولة لاقتلاعهم من أرضهم. في مشهد نادر، جلس غلدتسوار داخل خيمة بدوية يتحاور مع البدوي إبراهيم أبو دحوك، الذي قال له: "أنت وأنا بشر، فكيف تقول إن الأرض لك؟ هذه الأرض لنا منذ أجيال، وأنت تبني المنازل وتُدخل الإسمنت والنوافذ، أما نحن فلا يُسمح لنا بشيء."
في الوقت الذي رفع فيه الأذان للصلاة، بُسطت سجادات الصلاة داخل الخيمة. وفيما اتجه أبو دحوك للقبلة نحو مكة، ارتأى المستوطن أن يصلي هو الآخر في خيمة البدوي، في مشهد يعكس التوتر الكامن تحت قشرة التعايش الهش.
الهدف: مليون مستوطن في الضفة الغربيةفي تقريره من الضفة الغربية، قال فاليري لوروج، موفد القناة "فرانس تي في": "الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى مضاعفة عدد المستوطنين في الضفة الغربية من 500 ألف إلى مليون، في إطار سياسة توسعية قد تجرّ إلى مزيد من التوتر مع المجتمع الدولي."
اعترافات دولية محدودة.. وتأثير ضعيفورغم إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرًا عن نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين، فإن هذه المبادرة لم تحدث بعد أي تغيير ملموس على الأرض، في ظل المعارضة الإسرائيلية الشرسة، واستمرار الحرب المدمرة في قطاع غزة، والتوسع الاستيطاني المتسارع في الضفة المحتلة.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة