النازحون المستقرّون في العراق يخشون عدم العودة
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
كتب ابراهيم بيرم في " النهار":للعراق في الذاكرة الجماعية للشيعة في لبنان وقع تاريخ مبهج، لكن مع موجة النزوح الحالية الواسعة لهؤلاء إلى العراق التي بدأت منذ مطلع الشهر الجاري، ثمة تفسيرات تنطوي على الريبة وتبعث على الخشية مما هو مُحتمَل.
معلوم أن الشيعي يرتبط روحياً ببلاد الرافدين، لذا فمبجرد أن أعلنت السلطات الرسمية في بغداد فتح العراق أبوابه لاستقبال النازحين اللبنانيين، حتى شدّ قسم لا يُستهان بعدده من هؤلاء الرحال إلى هناك، يشجعهم على أخذ قرار الهجرة عوامل جذب وإغراء عدة أبرزها:
- أن المرجعية الدينية العليا في النجف الممثَّلة بالمرجع الأعلى للشيعة في العالم السيد علي السيستاني بكّرت في إصدار فتوى قاطعة تحضّ على دعم الشيعة في لبنان.
- تأمين باصات ووسائل نقل حديثة ومريحة للانتقال الآمن إلى الديار العراقية.
- تسهيل إجراءات دخول النازحين عبر المعابر الحدودية العراقية مع سوريا.
- وما إن يصل هؤلاء إلى العراق حتى يجدوا فِرَقاً مهمّتها استقبالهم والإشراف على توزيعهم وإيصالهم إلى حيث يستقرون في بيوت ضيافة أو في فنادق أو حسينيات مخصّصة لاستقبال الزوار.
احتضنت الأراضي العراقية ما يُقدَّر بما بين 35 إلى أربعين ألف نازح لبناني، حذّرت السلطات العراقية من إطلاق صفة نازح أو لاجئ عليهم، بل فرضت التعامل معهم بمسمّى "ضيوف العراق" وأعفتهم من أيّ رسوم دخول أو إقامة.
ولكن مع كل هذه الإجراءت الميسّرة، ثمة في أوساط أولئك النازحين من يساوره القلق ومبعثه يتأتّى من أن النازح الشيعي قد تناهى إلى علمه أن إسرائيل تنفّذ عملية تدمير منهجي لكل قرى الحافة الأمامية، حيث إن هناك 5 بلدات منه قد سُوّيت مبانيها بالأرض تماماً على نحو يحول دون العودة إليها نهائياً.
ولا ريب أيضاً في أن هؤلاء قد سمعوا عن إعلانات انتشرت في الداخل الإسرائيلي تدعو الإسرائيليين إلى الحجز المبكر على أبنية ستُبنى في مناطق الجنوب اللبناني القريبة من الحدود.
إنها "التغريبة" التي يعيشها قسم لا بأس به من الشيعة في لبنانالذين طالما سمعوا أن ثمة في الماضي من تحدّث بأن عليهمالانتقال إلى ذاك البلد، وهم يجدون مستقراً آمناً نسبياً في بلادالرافدين، لكنهم قلقون على موطنهم الأصلي ويساورهم قلق من أن يطول استقرارهم كما حصل للفلسطينيين الذين وفدوا إليهم قبل 76 عاماً بصفة لاجئين مؤقتين.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
جُدُر ترامب والنتن!
«وسِوى الرومِ خلف ظهرِك رومٌ
فعلى أيِّ جانبيك تميلُ »
بهذا البيت الشعري النافذ المسافر خلوداً عبر الأزمان والأجيال خاطب شاعرُ العرب الأكبر أبو الطيب المتنبي منبها أحد حكام زمانه العرب الذي كان في ذروة المواجهة مع العدو الخارجي اللدود (الروم) قبل أكثر ألف عام.
وما أشبه الليلةَ بالبارحة، فعدا «رومِ» هذا الزمان أعداء البشرية الظاهرين.. ثمة رومٌ خلف الظهر كُثر بل ماأكثرهم في هذا الزمن الأعوج وما أوقحهم وأغباهم وأتفههم!!.
هؤلاء هم خوابير العدو الأجنبي الغريب وصنائعُه وجُدره، وهم مصداق قول الله تعالى «لايقاتلونكم إلا من وراء جدر»، وأمريكا لاتقاتل إلا من وراء الوكلاء والصنائع والأدوات..
مايجري في غزة بكل فجائعيته وغرائبيته ومفارقته المذهلة يلقي بظلال ثقيلة شديدة الوقع واللسع والإحترار من التساؤلات حول حول هؤلاء «الجُدر» الواقفين بثبات متبلد متجمد في وضعية الدرع للعدو المجرم وفي مربع التجاهل والخذلان لأعظم مظلوميات هذه الأمة وذروة مآسيها..هذا في ظاهر الأمر أما جوهره وواقعه فهو تواطؤ واصطفاف إلى جانب العدو وخيانة لالبس فيها.. وكأن القيم،الأخلاق،الكرامة،الصدق،الغيرة،الحَمية، الإنتماء،الحرية،العزة،الإباء ..أصبحت مقتنيات متحفية وديكورات خشبية ميتة..أصبحت قطعا أثرية لانبض فيها ولاحياة لدى هؤلاء المصطفين في طابور «التطبيع» والخزي و»البهذلة» والخيانة والصهينة والأمركة..فهم وياللعجب يعطون العدو الجزار مايطلب ومايريد بدون تحفظ ولا ممانعة، ويلومون وينقمون في المقابل على إخوتهم المظلومين والمقارعين للعدوان والطغيان والظلم ذودا عن هؤلاء المظلومين المقتولين قصفا وحصارا وتجويعا.. يعادون الشعب اليمني وشرفاء وأحرار الأمة لأنهم مازالوا على تلك المبادئ والقيم ويقدسون هذه المفاهيم والمرجعيات الراسخة في صميم دينهم وضميرهم ومصداقيتهم ويذودون عنها كأساسيات حياتية وجودية مصيرية لاغنى عنها ولامجال لديهم للتفريط فيها، بل يضحون بالغوالي والنفائس لأجلها .