يمانيون:
2025-07-30@16:24:14 GMT

فلسطين قضية عربية أم إيرانية ؟

تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT

فلسطين قضية عربية أم إيرانية ؟

عبدالله علي صبري

ربما ما كان ينبغي أن نطرح السؤال على هذا النحو، لولا أن كمية الاستهبال في الرؤى والمواقف المبثوثة في المنصات الإعلامية العربية تفرض المزيد من علامات الاستفهام والتعجب، بل والحيرة والاستهجان، إذ كيف يجوز لمن يزعم أنه عربي أن يتقيأ بعبارات الخذلان لفلسطين والاستهتار بالفعل المقاوم والزعم عن ثقة مفرطة أن المواجهة الإيرانية مع الكيان الصهيوني ليست إلا مسرحية هزلية!!.


لا أقول بأي عقل يفكر هؤلاء ولا بأي منطق ينطقون، فالعمالة الرخيصة جلية فيما يقولونه أو يكتبونه، والأجندة الصهيونية التي يخدمونها ليست جديدة، وإن كانت أكثر وقاحة وإسفافا.
الحرب ليست نزهة ولا يمكن أن تكون مسرحية أو تبادل أدوار، ولو كانت كذلك لكان للأنظمة العربية الرسمية نصيب الأسد منها، فمصر مثلا – وهي أم الدراما ورئيسها ” أبو الفهلوة ” بأحوج ما تكون لعرض مسرحي ينفض عنها شيئا من المهانة التي تتجرعها كل يوم بل وكل ساعة منذ انطلاق طوفان الأقصى، وما أحوج السعودية وسيدة الترفيه العربي لعرض مماثل هي الأخرى، لكن المسألة أكبر وأكثر تعقيدا على أرض الواقع.
لم تختار الجمهورية الإسلامية إسرائيل عدوا رغبة منها في استعراض القوة، لكنها وجدت نفسها في معمعة الصراع مع هذا الكيان منذ انحيازها لعدالة القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، فيما هذا الكيان كان ولا يزال عدوا لكل العرب، منذ نشأته وقيام دولته غير الشرعية وإلى اليوم. وليست مشكلة إيران أنها جادة في التعامل مع إسرائيل كعدو، فيما غالبية العرب يتوددون إلى هذا الكيان ويبحثون عن مدخل لصداقته أياً كان الثمن.
ليست مشكلة إيران أن القضية الفلسطينية اتخذت أبعادا عالمية، فهي إسلامية وإنسانية وهي قضية الشرفاء وإن رفع الصهاينة العرب شعار ” فلسطين ليست قضيتي” ..
المشكلة ليست إيرانية، وإلا ما الذي يجعل دولة مثل جنوب أفريقيا مثلا تتحرك في المحافل الدولية انتصارا للقضية الفلسطينية، بأفضل من أي دولة عربية وازنة، وإلا لماذا نفسر أن العواصم الغربية وجامعاتها شهدت وما تزال حراكا تضامنيا على الضد من جرائم الإبادة الصهيونية في غزة، بأفضل مما يشهده الشارع العربي الذي يتحرك على إيقاع الجامعة العربية.
استغاثت المقاومة الفلسطينية وناشدت محيطها وأمتها العربية كي تتحرك بالاتجاه الصحيح، ولكن لا حياة لمن تنادي.. فهل منعت إيران هذه الدولة أو تلك من العمل وفقا لواجبات العروبة والإسلام والإنسانية، وهل تنكرت إيران للمقاومة الفلسطينية كما فعل العرب، حين جاء الأمريكي محذرا من أي تدخل أو دعم لفلسطين وغزة؟
والسؤال، ماذا لو قالت إيران أن فلسطين عربية وأن الدفاع عنها مسئولية العرب وحدهم ؟
فلسطين قضية عربية، هي كذلك في الأصل.. وستبقى كذلك، وإن دس الحكام العرب رؤوسهم في الرمال كالنعام..
فلسطين أرض عربية، وقيام الكيان الصهيوني على أرضها مؤامرة غربية على العرب، وعلى الشعب الفلسطيني العربي أيضا، والمخاطر والتهديدات المصاحبة لنشأة هذا المرض الخبيث لحقت بالعرب قبل وأكثر من غيرهم، والمشاريع التوسعية لهذه الدولة اللقيطة لن تكون إلا على الأرض العربية..
إسرائيل لا تفتك سوى بالعرب ولا تمتهن إلا كرامة العرب ولا ترى في أي عربي إلا عدوا أو عميلا ومرتزقا في أحسن الأحوال.. وهذه بديهيات عشنا جحيمها لأكثر من سبعين عاما، فهل علينا كعرب أن نختلق عداوات موهومة بدل مجابهة العدو الحقيقي، وهل من المنطق أن نرفض يدا تمتد إلى العدو الصهيوني وتنازله في ساحة العز والشرف والرجولة، ثم نقابل صنيعه هذا بالسخرية المقيتة ؟

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

في جذور تخلي العرب عن فلسطين كما فضحته مقتلة ومجاعة غزة

يبدو أن آفة حارتنا ليست النسيان فقط كما قال نجيب محفوظ. في الحقيقة آفات حارتنا العربية عديدة لعل من أخطرها الكسل الفكري، والذي يمتد حتى في فهم الحوادث الكبرى شديدة الوطأة التي تجري وقائعها أمامنا على الهواء مباشرة مثل صمت، وتخاذل بل وتواطؤ العرب إزاء مقتلة ومجاعة غزة المهولة. إذ نكتفي بالتوصيفات البلاغية عن وهن الجسد العربي وموت النظام العربي بل ويصل البعض إلى استخدام التفسير الديني «في غير موضعه» عن أن هذا الخذلان سببه ترك الحكام والشعوب الدين وطاعة الله!!

الحقيقة أن الجريمة العربية متكاملة الأركان إزاء ترك مليونين من الفلسطينيين يبادون بالقنابل الأمريكية أو يموتون جوعا بالحصار الصهيوني ما يقرب من سنتين كاملتين ليست إلا جزءا من سياق جريمة أكبر هي تخلي العرب عن فلسطين نفسها قضية وشعبا ومقاومة. فأداء بعض النظم العربية القائمة على رداءته الشديدة ليس إلا امتدادًا لأداء رديء للنظم السابقة عليها يؤرخ له المفكر الفلسطيني المعروف منير شفيق بعام ١٩٧٤ وأميل أنا إلي تأريخه بعام ١٩٧٠. أما الأخطاء الفلسطينية التي استغلها الحكام العرب كذريعة إضافية للهروب من سكة فلسطين المليئة بالتضحيات فيعود إلي ستينيات القرن الماضي. المصيبة الأكبر أن هذه الأخطاء الفلسطينية التي توفر مزيدا من الذرائع لعرب أمريكا في ترك فلسطين وشعبها العزل ما زالت قائمة حتى الآن.

هذه قراءة في سياق التخلي العربي عن فلسطين الذي قاد أمتنا إلى أكبر عار قومي وأخلاقي وإنساني في تاريخها الحديث إزاء حرب الإبادة والتجويع غير المسبوقين في التاريخ المعاصر.

غياب عبدالناصر: في حالة عبد الناصر وفلسطين على وجه الخصوص يمكن دون مجازفة القول إن وجود هذا القائد على رأس أكبر دولة عربية لعب دورا حاسما في ربط القضية الفلسطينية بالعالم العربي وجعل إعادة حقوق شعبها المشروعة المسؤولية الأولى للنظام الإقليمي العربي وجعل الشعوب التي كانت تصدقه وتتبعه من المحيط إلى الخليج في مسألة الالتزام بالمواجهة مع إسرائيل معيار المحاسبة الصارم لشرعية أو عدم شرعية أي نظام عربي. يعترف باحثون عرب بأن عبد الناصر في الخمسينيات والستينيات جعل من فلسطين نجمة العرب وربط بين حركة التحرر العربي وحركة التحرر الفلسطيني. وجعل المهمة الأولى لحركة النضال العربية هي بناء القوة للجيوش النظامية العربية لتفكيك المشروع الإحلالي الوظيفي والمهمة الثانية هي دعم حركة التحرر الفلسطينية وبالتحديد مقاومته المسلحة بالسلاح والتدريب والتمويل وبناء المكانة الدولية.

بغياب عبد الناصر عقد السادات معاهدة كامب ديفيد وأخرج مصر من المواجهة العسكرية مع إسرائيل لكن قبلها كان السادات وحلف واشنطن العربي الذي بدأ في التجرؤ على صدارة المشهد العربي بعد وفاة عبدالناصر قد ساهموا في قرار يعتبره المفكر الفلسطيني البارز منير شفيق بداية التخلي المصري والعربي عن فلسطين، هذا القرار هو الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر الرباط ١٩٧٤ ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني وهو قرار ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، إذ إن الدوافع الحقيقية لدى المعسكر المحافظ الذي تنفس الصعداء ورفع رأسه بعد وفاة عبد الناصر كانت إلقاء العبء على الفلسطينيين والتخفف من حمولة المواجهة والكفاح وتركهم بمفردهم. نتائج قرار الرباط لم تنتظر سوى ست سنوات فقط حتى يتضح مغزاها الحقيقي وهو رفع العرب يدهم عن الفلسطينيين وحشرهم في الزاوية بمفردهم أمام آلة الحرب الإسرائيلية في غزو لبنان ١٩٨٢. لم يتحرك أحد لإنقاذ المقاومة الفلسطينية كما أنقذها عبد الناصر وحمى سلاحها في لبنان ٦٩ والأردن ٧٠. في ١٩٨٢ أجبرت منظمة التحرير على التخلي عن سلاحها والانسحاب لتونس وهذا التخلي الذي دفع في اتجاهه هذا المعسكر المحافظ لم يكن له نهاية إلا اتفاق سلام مجحف آخر هو اتفاق أوسلو ٩٣.

وهم أن المقاومة الفلسطينية بديل عن الحاضنة العربية وبديل عن انخراط العرب في المواجهة العسكرية مع إسرائيل، هذا هو السبب الثاني الذي استغله عرب أمريكا لتعزيز مخطط الفرار من عبء فلسطين، فبعد هزيمة ٦٧ نشأت أوهام وهي أن الكيانية الفلسطينية يمكن أن تحل محل مسؤولية العرب ككل عن فلسطين وبدأت أقلام في التنظير لـ «كيانية فلسطينية» مستقلة عن الهوية العربية للصراع مع إسرائيل، بل إن البعض وصل إلى حد القول إنهم سيصبحون البديل لعبد الناصر في قيادة الأمة وشن حرب شعبية تحل محل الجيوش النظامية. هذه الفكرة سرعان ما تلقفها النظام العربي بعد عام ١٩٧٠والذي كان انتقل من معاداة الإمبريالية إلى الخضوع لها لكي يعزز تنصله من مسؤوليات مالية وعسكرية كانت حركة التحرر العربي تفرضها عليهم. ووضعوا هذه الذريعة تحت شعار مراوغ آخر هو «نقبل ما يقبل به الفلسطينيون». يقول باحثون: إنه شعار لم يتم صكه إلا بعد أن تأكد هؤلاء من أن قيادة م.ت.ف. بدأت السير في طريق التنازلات.

الانقسام الفلسطيني سبب ثالث: بغض النظر عن رواية الانقلاب على الديمقراطية التي فسرت به حماس ورواية الانقلاب على الشرعية التي فسرت بها فتح انقسام ٢٠٠٧ وانفصال غزة فإن النتيجة كانت إضافة سهم مسموم آخر في جعبة جماعات كوبنهاجن وأوسلو ووادي عربة واتفاقات ابراهام للخروج من معطف فلسطين الذي سبق وأن دثرت به حركة التحرر العربي في الخمسينيات والستينيات روح وجسد الأمة حربا ودبلوماسية وفنا وأدبا وشعرا ونثرا، غناء وسينما ومسرح حتى استحوذت على القلوب والعقول العربية. زعم هنا بعض العرب ولماذا ندعم شعب بات هدف قادته الصراع على السلطة.

لابد من الاعتراف بأن الدول الكبيرة في الإقليم مصر والعراق وسوريا التي كانت تشكل مع الأردن ولبنان الطوق أو النطاق المحاصر للكيان الإسرائيلي والمرتبطين مباشرة بالجغرافيا والتاريخ والأمن الوطني بفلسطين تراجعت أدوارهم في التفاعلات الإقليمية، هذا التراجع تم لصالح بعض دول الخليج الغنية الراغبة في أدوار إقليمية طموحة. هذه الدول لا تعتبر نفسها جغرافيا أو وجدانيا مرتبطة الصراع، وتم تصميم هندسة نظام البتر ودولار وفكرة الحماية الأمريكية للمنطقة بصورة لا تجعل هذه الدول عندما تتصدر المشهد السياسي العربي راغبة في الحروب مع إسرائيل لأن في ذلك إغضاب ومواجهة مع الولايات المتحدة ولهذا كان سهلا على بعضها التوقيع على مسار التطبيع الإبراهيمي.

سبب رابع ساهم في التخلي العربي عن فلسطين ألا وهو التغيير الذي طرأ على هيكل الطبقات الاجتماعية في العالم العربي بعد إشارة البدء للعهد الرأسمالي للمنطقة الذي أطلقه - كما أطلق مشوار الصلح مع إسرائيل - انتهاج مصر الدولة الكبرى لسياسة الانفتاح الاقتصادي. هذا التغيير والذي ازداد شراسة مع انفلات الرأسمالية المالية من عقالها وسيطرتها على النظام الرأسمالي العالمي وظهور النيو ليبرالية أدي لنشأة طبقة رأسمالية عربية غير منتجة مرتبطة بالرأسمال العالمي بدأت في احتكار الثروة وزاوجت في عدد من البلدان بين الثروة والسلطة، هذه الطبقات تعرف أن حماية الرأسمالية العالمية لمصالحها ورضا صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرها من المؤسسات المالية الدولية مرتبط برفضها لفكرة المقاومة وبتخليها الفعلي عن فلسطين وعن فكرة الصراع مع إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • وزير التراث الإسرائيلي يثير ضجة: "قضية الرهائن ليست أولوية"
  • عربية النواب: مصر الدولة الوحيدة على مدار 76 عاما لم تترك القضية الفلسطينية
  • في جذور تخلي العرب عن فلسطين كما فضحته مقتلة ومجاعة غزة
  • العربي الناصري: السفارات ليست ساحة للصراعات.. ومصر تدفع ثمن التزامها تجاه فلسطين
  • عربية النواب: كلمة السيسي تعكس دور مصر التاريخي والمحوري تجاه فلسطين
  • مدفيديف يحذر ترامب: روسيا ليست إسرائيل أو إيران ولغة الإنذارات تقود إلى الحرب
  • دول عربية وإسلامية كبرى تدعم إسرائيل اقتصادياً وتزوِّد الكيان المجرم بالبضائع :شركة الشحن الإسرائيلية ZIM تستمر في أنشطتها عبر الموانئ التركية
  • وزير الخارجية الفرنسي: فلسطين ليست هي حماس ولن تكون كذلك أبدا
  • مدفيديف يحذر ترامب: روسيا ليست إسرائيل أو إيران والإنذارات خطوة نحو الحرب
  • “مجموعة لاهاي” تفضح المشاركة العربية في إبادة غزة