ينتظر الشعب المصري في الأسابيع القادمة التشغيل الرسمي لشبكات الجيل الخامس للهواتف المحمولة (5G) في خطوة تأخرت عن بقية دول الجوار التي تتمتع بهذه الشبكات منذ فترة، وذلك عقب حصول شركات المحمول الأربع العاملة في مصر على رخصة تشغيل هذه الشبكة.

ورغم أن البيانات الرسمية لم تحدد وقتا معيّنا لتشغيل الخدمة الجديدة، فإنها أكدت على تشغيلها قبل نهاية عام 2024 ومطلع عام 2025، وهو أمر متوقع نظرًا لانتهاء الإجراءات الرسمية للتشغيل والحصول على الرخص اللازمة محليًا وعالميًا والبدء بالفعل في التشغيل التجريبي لهذه الشبكات في بعض مناطق القاهرة.

ينظر المصريون إلى شبكات الجيل الخامس على أنها المنقذ الذي سيقدم سرعات تحميل أعلى وأقوى في استخدام الهواتف المحمولة فضلًا عن تحسين جودة المكالمات وإتاحة العديد من المزايا المتنوعة التي تحملها تقنيات الجيل الخامس في طياتها، ولكن هل تتحقق هذه الآمال؟ مع الإطلاق الرسمي لشبكات الجيل الخامس؟

ما الفرق بين شبكات الجيل الخامس (5G) والجيل الرابع (4G)؟

تتمتع غالبية المدن المصرية في الوقت الحالي بتغطية مناسبة وقوية من شبكات الجيل الرابع بمختلف أنواعها، أي شبكات (4G) المعتادة وشبكات (4G+) الفائقة للاتصال بالإنترنت، وهو ما قدّم نقلة كبيرة عن شبكات الجيل الثالث منذ استخدامها في السنوات الماضية.

ويشير مفهوم شبكات الجيل الخامس إلى آلية اتصال أحدث وأكثر قوة من آليات الاتصال المعتادة المستخدمة في الجيل الرابع، ويتمثل الفارق الرئيسي بين الجيلين في الترددات المستخدمة لكل جيل، إذ يعتمد الجيل الرابع على الترددات الأقل من 6 غيغاهرتز، بينما يدعم الجيل الخامس الترددات بين 30 غيغاهرتز و300 غيغاهرتز بفضل اعتماده على تقنية "الموجة المليمترية" (mmWave) عالية التردد، وهي التي تسمح له بالوصول إلى بعض ترددات الجيل السادس إذا كان الهاتف يدعم هذه التقنية.

أي أن شبكات الجيل الخامس يجب أن تزيد من سرعة الاتصال بمعدل 5 أضعاف شبكات الجيل الرابع على الأقل لكونها تدعم قائمة ترددات أعلى كثيرًا من الجيل الرابع.

ومن أجل تبسيط مفهوم الترددات والفارق بين الجيل الخامس والرابع، فإننا نستطيع الاعتماد على المفهوم الذي قدمته "إريكسون" (Ericsson) العاملة في مجال الشبكات، وفي هذا المفهوم، تشبّه الشركة ترددات الشبكات بمسارات السيارات، فبينما يمتلك الجيل الرابع 6 مسارات للسيارات وهو ما يجعل تغطية الشبكة الخاصة به سيئة في الأماكن المزدحمة، لأن عدد المسارات المتاحة لا يكفي مع الهواتف الموجودة في المساحة ذاتها، فإنه عند استخدام شبكات الجيل الخامس، يتضاعف عدد المسارات عشرات المرات، مما يوفر مسارات كافية لجميع السيارات التي ترغب في المرور، في إشارة إلى أن هذه السيارات هي الهواتف التي تحاول استخدام البيانات.

ويمتد الفارق بين شبكات الجيل الرابع والجيل الخامس إلى أبعد من ذلك، إذ يوضح موقع "إريكسون" أن شبكات الجيل الخامس تتيح الاتصال بعدد أكبر من الأجهزة وتشكيلة أكثر تنوعًا، أي أن شبكات الإنترنت الهوائية يمكن أن تتصل بالأجهزة الذكية في المنزل والساعات الذكية والسيارات الذكية أيضًا، ويمكن القول إن شبكات الجيل الخامس تركز بشكل كبير على إنترنت الأشياء، فضلًا عن كونها أكثر أمنًا من شبكات الجيل الرابع.

المصريون ينظرون  إلى شبكات الجيل الخامس على أنها المنقذ الذي سيقدم سرعات تحميل أعلى وأقوى في استخدام الهواتف المحمولة (وكالة الأنباء الأوروبية) شبكات الجيل الخامس دون ترددات جديدة

تمثل الترددات الجديدة جزءا كبيرا من جودة شبكات الجيل الخامس والنقلة الحضارية التي تقدمها، لذا فإن تقديم شبكات الجيل الخامس دون الاعتماد على الترددات الجديدة يقوض قدرة الشبكة ويجعل الفروق بينها وبين الجيل الرابع أقل كثيرا.

وبحسب ما نقله موقع "الشرق" عن مصادر خاصة رفضت الكشف عن اسمها، فإن رخص شبكات الجيل الخامس لا تحمل بداخلها أي ترددات جديدة على الإطلاق، إذ سيتم تخصيص بعض الترددات القديمة في مجال 2.6 غيغاهرتز للاستخدام مع شبكات الجيل الخامس لأنها تستطيع تشغيلها.

هذا الأمر أثار حفيظة عدد من خبراء الاتصالات في مصر على رأسهم الدكتور عمرو بدوي الرئيس التنفيذي الأسبق للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات الذي أكد في حديثه أثناء المؤتمر الذي تقيمه جريدة "المال" على أهمية وجود ترددات جديدة تدعم تشغيل شبكات الجيل الخامس، مشيرا إلى أن قدرات الجيل الرابع في مصر كانت محدودة بفضل غياب الترددات الكاملة اللازمة لتشغيل كافة قدرات الجيل الرابع.

من ناحيته، لم يخرج الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بأي تصريح أو بيان حول الترددات الجديدة، ولكن اكتفى بالتوضيح أن شركات المحمول تعمل مع شركات مختلفة لتقديم خدمات الجيل الخامس، فقد آثرت "المصرية للاتصالات" التعاون مع "نوكيا" بينما تعاونت "اتصالات إي آند" (Etisalat e&) مع "إريكسون" لتقديم الخدمة.

ماذا يعني غياب الترددات الجديدة؟

من الصعب التأكد من تأثير غياب الترددات الجديدة، فبينما تعد الترددات ضرورية وحيوية لتشغيل خدمات الجيل الخامس بكافة إمكانياتها، فإن أثر غيابها قد يقتصر على سرعات الاتصال والتحميل فقط مع إتاحة بقية الخدمات بشكل طبيعي ومناسب.

ويعني هذا أن بقية مزايا الجيل الخامس من تعزيز الاتصال بإنترنت الأشياء والأجهزة والسيارات الذكية فضلًا عن إمكانية الاتصال بأجهزة عديدة في وقت واحد ستكون متاحة بشكل مناسب ضمن ترددات الجيل الخامس المتاحة حاليًا.

ومن الجدير بالذكر أن اختبارات الجيل الخامس قد بدأت في بعض المناطق بحسب ما توضح خريطة موقع "إن بيرف" (nPerf )، وبحسب هذه الاختبارات، فإن الجيل الخامس يقدم حاليًا سرعات أعلى من الجيل الرابع دون وجود توضيح حقيقي لهذا الأمر، فقد يكون الوصول إلى هذه السرعات ممكنًا مع الجيل الرابع ولكن لأسباب تنظيمية كان مغلقًا وتمت إتاحته مع الجيل الخامس، وهذا يطرح تساؤلا عن حجم الترددات الموجودة بالفعل حاليًا وما إن كانت مناسبة لتشغيل الجيل الخامس وعن تأخر تشغيله حتى اليوم إذا كانت الترددات الموجودة بالفعل مناسبة له.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات شبکات الجیل الخامس فی مصر

إقرأ أيضاً:

الإعلام الرقمي.. بين سرعة النشر وغياب الدقة

دبي: سومية سعد
يعيش الإعلام الرقمي في سباق دائم مع الزمن، حيث أصبحت السرعة في نقل الأخبار هي السمة الغالبة، لكن هذا التوجه قد يأتي على حساب الدقة والتحقق من المعلومات، وأكد إعلاميون عرب، على هامش قمة الإعلام العربي، أن السباق المحموم نحو نشر الأخبار على المنصات الرقمية قد يؤثر سلباً على المصداقية.
وترى لما علي من سوريا، أن المنصات الرقمية أصبحت تتسابق في نشر الأخبار دون التأكد من صحتها، ما ينعكس سلباً على ثقة الجمهور، مشددة على أهمية الرجوع للجهات الرسمية للتحقق من أي خبر قبل تداوله.
فيما شدد عبدالله المساعدي من سلطنة عمان، على أن السبق الصحفي لا يُبرر التضحية بالمعلومة الدقيقة، داعياً إلى التحري والتدقيق في ظل الزخم المعلوماتي المتزايد.
أما عبد الرزاق محمدي من الإمارات فيرى أن السرعة حاضرة بقوة، لكنها كثيراً ما تأتي على حساب الدقة، خاصة مع دخول أدوات الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن الانتشار لم يعد هو الأهم، بل المصداقية هي ما يصنع الفارق.
فيما يرى الإعلامي المصري رامي رضوان أن التسرع في النشر يؤدي في بعض الحالات إلى بث الإشاعات، بينما تعتبر سحر الميزاري من فلسطين أن الإعلام التقليدي ما زال يحتفظ بمكانته كمصدر موثوق، رغم تفوق الإعلام الرقمي في سرعة نقل الخبر، ويؤكد شريف نبيل من مصر أن الأفراد باتوا ينشرون بسرعة غير محسوبة، ما قد يتسبب في نقل معلومات خاطئة تُلحق الضرر بالآخرين.
وأدى غياب الدقة إلى العديد من المشكلات، أكد عباس فرض الله أن أبرزها انتشار الشائعات والإضرار بسمعة الأفراد والمؤسسات، وخلق حالة من البلبلة العامة، حيث إن المتلقي لم يعد قادراً على التمييز بين الحقيقة والتضليل، ومع وجود وسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل المعلومة بشكل فوري، أصبح الضغط أكبر على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية لنشر الأخبار بسرعة قبل التحقق منها، خوفاً من فقدان السبق الإعلامي.
أما الإعلامية هبة فريد، تشير إلى أنه رغم هذه التحديات، فإن الإعلامي المهني يبقى مسؤولاً عن التوازن بين السرعة والمصداقية، إذ إنه لا قيمة لخبر سريع إن لم يكن صحيحاً، ومن هنا تأتي أهمية تدريب الكوادر الإعلامية على أدوات التحقق الرقمي والالتزام بأخلاقيات المهنة.
فيما تؤكد أروى هزاع أن الإعلام الرقمي ليس بالضرورة خصماً للدقة، بل يمكن أن يكون وسيلة فاعلة وموثوقة إذا أحسن استخدامه ضمن معايير مهنية تحترم عقل المتلقي وتضع الحقيقة فوق السبق.

مقالات مشابهة

  • الوزير: مترو الخط الرابع سينقل 1.5 مليون راكب يوميًا.. ويربط أكتوبر بالعاصمة الإدارية الجديدة
  • الإعلام الرقمي.. بين سرعة النشر وغياب الدقة
  • هذه حالة الطقس غدا الأربعاء
  • 7 طرق تدعم من خلالها T4Trade الجيل الجديد من المتداولين ذوي الرؤى والأهداف
  • تأجيل محاكمة 17 متهما برشوة الجمارك الجديدة للدور الرابع من شهر يونيو
  • شرطة دبي تنقذ طفلاً حوصر داخل مركبة
  • حزب الجيل: منتدى الأعمال المصري الأمريكي ركيزة للشراكة الاستراتيحية بين البلدين
  • ملايين البنغول و193 ألف فيل.. شبكات الجريمة تقوّض برية أفريقيا
  • هذه حالة الطقس بكل الولايات غدا الإثنين
  • صور قديمة تورّط لبنانيين في شبكات ابتزاز.. ضحايا يدفعون مئات الدولارات شهرياً