الانتخابات الرئاسية الأمريكية.. التوتر كما لم يحدث من قبل
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
خارجياً الفروق طفيفة بين المرشحين.. العدوان الإسرائيلي المدعوم أمريكيا الملف الأكثر حضوراً انتخابات الرئاسة 2024 بمثابة لحظة الحقيقة وانتهاء مرحلة الصبر لكلا الفريقين اللذين بلغت خصومتهما مستوى الأحقاد
الثورة /إبراهيم الوادعي
تشهد الولايات المتحدة انتخابات رئاسية هي الأولى من نوعها والظروف المحيطة بها كما لم تشهدها انتخابات رئاسية من قبل.
فترامب لا يملك أدوات قوية كانت لديه حين كان رئيسا للولايات المتحدة وخسر الانتخابات لكنه يملك شارعا أكثر احتقانا واستعدادا لاسترداد ما يراه فوزا سُلب منه قبل سنوات.
استطلاعات الرأي تؤكد تقدم كاملا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي لكن الفوارق غير حاسمة مع منافسها الرئيس الأسبق دونالد ترامب.
تتقدم هاريس في بعض الولايات السبع المتأرجحة بينها نيفادا ونورث كارولاينا وويسكونسن، بينما يتقدم ترامب في اريزونا ويتنافسان بشكل متقارب في ميشغن وجورجيا وبنسلفانيا.
داخليا ثمة اختلافات حد الصدام بين رؤى المرشحين في مسائل تتعلق بالصدام والتوتر والنزاع الممتد في كل الولايات الخمسين بنسب متفاوتة، لا يتوقع الأمريكيون تغييرا كبيرا في حال فازت هاريس بينما يعتقدون أن ترامب سيحدث تغييرا كبيرا في الداخل.
خارجيا الفروق طفيفة بين المرشحين، العدوان الإسرائيلي المدعوم أمريكيا الملف الأكثر حضورا، والمرجح أن العرب والمسلمين لن يمنحوا أصواتهم لكلا المرشحين.
ثمة إجماع كبير داخل الولايات المتحدة وخارجها على كون الانتخابات الرئاسية 2024م مختلفة تماما عن جميع الانتخابات السابقة في مسائل الصدام والتوتر، صدام طفا على السطح ولم يعد بالإمكان حجبه بين الفريقين الديمقراطي والجمهوري وحتى داخل الحزبين الكبيرين‘ فعلى سبيل المثال بات من المسلم به أن ترامب يقود تيار فاعلا داخل الحزب الجمهوري تشكل وبانت ملامحه أكثر خلال السنوات الأربع الماضية عقب إقصاء ترامب عن السلطة، لقد كان ترشيح ترامب بذاته ناتجا عن ضغط هذا التيار ويدرك الحزب الجمهوري انه اذا لم يحتويه ويحاول تبنيه داخل أروقة الحزب فقد يشهد الحزب انشقاقا كبيرا ومؤثرا في لحظة يعمل فيها جاهدا للعودة إلى السلطة بعد عقدين من الإقصاء على يد الديمقراطيين باستثناء سنوات ترامب الأربع اليتيمة .
اتخذ الانقسام أشكالا عدة وحادة تجاوزت دهاليز السياسة إلى المجتمع الأمريكي الغني عن مزيد من الانقسام، عززها أمران الأول رفض ترامب الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية قبل أربع سنوات لصالح خصمه بايدن، ترامب رفض علنا مخاطبة بايدن بالرئيس خلال مناظرة رئاسية قبيل تنحي الأخير عن السباق الرئاسي وترشيح كاملا هاريس، والأمر الثاني انقسام الحكومة العميقة داخل الولايات المتحدة وغالبا ما ينفلت الصراع بين هذه الأطراف إلى الشارع المحتقن الذي لم يجد من يموله بالمال حتى يتحرك .
حضور الصراع بين شركات السلاح والتكنولوجيا وشركات النفط والشركات الكبيرة واضح في هذه الانتخابات بأكثر من أي انتخابات مضت، وترى كل منها في مرشح معين حبل نجاة لها من عداوة يضرمها لها المرشح الآخر، ناهيك عن ارتباط هذه الشركات بالحكومة العميقة وبالتالي يمكن اعتبارها الجناح المالي لتمويل أي اضطرابات قد تنشأ بين الساسة المنقسمين على أنفسهم حد الأحقاد، كما وصفت ذلك قبل سنوات فيدريكا موغريني خلال زيارتها إلى واشنطن عقب فوز ترامب.
الاضطرابات التي يمكن أن تنشأ داخل الولايات المتحدة على خلفية الانتخابات لا تحتاج إلى كثير من الجهد إذا ما خسر ترامب، فالرجل الذي هاجم أنصاره في الكونجرس الأمريكي وشكل ذلك الحدث صدمة لدى العالم، فعل ذلك وهو رئيس ومقيد بالمسؤولية الرسمية.
ما بعد التصويت يبدو أمرا مقلقا للولايات ففي حال فازت كاملا هاريس فالمتوقع أن ترامب لن يعترف بالنتيجة مثلما تعامل في الانتخابات السابقة حين رفض الاعتراف بفوز بايدن، ذلك يعني أن اقتحام أنصاره لمبنى الكابتول قد يتكرر، مع فارق مهم وهو أن ترامب لا يملك أدوات قوية كان يملكها حين كان رئيسا للولايات المتحدة وخسر الانتخابات (لكنه يملك شارعا أكثر احتقانا واستعدادا لاسترداد ما يراه فوزا سلب منه قبل سنوات).
خلال الانتخابات السابقة انتشر مسلحون من الطرفين ومنع كل منهم انصار الآخر من الوصول إلى صناديق الاقتراع بالقوة، وعقب خسارة ترامب طالب أنصاره اكثر من مرة بانتهاج العنف للنيل من خصومهم الديمقراطيين الذين بدورهم لم يوفروا فرصة لاغتيال ترامب سياسيا عبر محاكمة قضائية دون أن يفلحوا في ذلك على مدى اربع سنوات، ملاحقات ساهمت في صنع زعامة الرجل بين أنصاره الذين تمسكوا به واعتبرواه ممثلهم ورفضوا كما رفض هو نتائج الانتخابات السابقة، وهذا الأمر يعتبر مقدمة انهيار الأنظمة السياسية حين يرفض طرف ما نتائج الصناديق ويجري التشكيك في صدقية ونزاهة وحيادية مؤسساتها خصوصا القضائية، وهو الأمر الحاصل الآن في الولايات المتحدة وخلال هذه الانتخابات الفريدة في بيئتها المحيطة بها .
يثق ترامب في كونه الفائز في هذه الانتخابات قبل أن يحل موعدها اليوم، وهذا الأمر خطير إذا أنه لن يقبل مجددا الخسارة ولن يقبل أنصاره أربع سنوات أخرى من الصبر والانتظار، سيكون إعلان خسارة ترامب الفتيل الذي قد يقود إلى اشتعال الحرب الأهلية في الولايات المتحدة وإن لم تظهر بشكل جلي في مراحلها الأولى، كما توجد في مخيلة البعض، في المقابل سيكون من الصعب على الخصوم منح ترامب فرصة أخرى للوصول إلى السلطة فهم بذلك كمن يضع رقبته تحت المقصلة ويعطي عدوه سيف الانتقام ..
لقد مضى الخصمان الجمهوري والديمقراطي بتفرعاتهما العميقة سياسيا وتجاريا ومجتمعيا خلال السنوات الأخيرة نحو الطلاق النهائي، وهذه الانتخابات بمثابة لحظة الحقيقة وانتهاء مرحلة الصبر لكلا الفريقين.
مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض وخروج الديمقراطيين في مظاهرات حاشدة بواشنطن العاصمة، عادت من هناك منسقة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية فيدريكا موغريني آنذاك لتخاطب برلمان القارة العجوز بالقول: أمريكا التي ترونها الآن لن تكون موجودة أقله بشكلها الحالي بعد 10 سنوات، لقد بلغ الانقسام هناك مستوى الأحقاد ووصل إلى المجتمع.
ومن يدري قد تكون هذه هي الانتخابات التي تقصم ظهر أمريكا، وتسرع بانحدارها عن زعامة العالم الذي لم ير منها سوى الحروب، ويكون ترامب هو نيرون الذي أحرق روما، وخط بداية سقوط الإمبراطورية الرومانية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
تبرع قطري بلا شروط.. تفاصيل مذكرة اتفاق الطائرة الرئاسية المُهداة لترامب
كشفت شبكة CNN عن نسخة من اتفاقية موقعة بين وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث ونائب رئيس الوزراء ووزير الدولة لشؤون الدفاع القطري الشيخ سعود بن عبدالرحمن آل ثاني، توضح تفاصيل "تَبرُّع غير مشروط" من قطر لطائرة بوينغ فاخرة تُمنح مجانًا إلى وزارة الدفاع الأمريكية، ومن المتوقع أن تُستخدم كطائرة رئاسية للرئيس دونالد ترامب بعد إخضاعها للتحديثات اللازمة.
ووفقًا للمذكرة، التي تم توقيعها في 7 يوليو الجاري، فإن الطائرة تُعد "هدية حقيقية" ولا تنطوي على أي مقابل مادي أو شروط سياسية.
ونصت الوثيقة على أن "هذا التبرع يُقدَّم بحسن نية وبروح التعاون والدعم المتبادل، ولا يمكن تفسيره على أنه رشوة أو محاولة للتأثير أو ممارسة نفوذ غير مشروع".
ورغم توقيع الاتفاق رسميًا، أكدت مصادر مطلعة أن البنود ما تزال قابلة للتعديل قبل الإعلان النهائي. وتقف الطائرة حاليًا في مطار سان أنطونيو بولاية تكساس، بانتظار تنفيذ التحديثات التقنية والأمنية.
وقد أثار الاتفاق موجة من الجدل السياسي في الولايات المتحدة، خاصة في صفوف الديمقراطيين وبعض الجمهوريين، الذين عبّروا عن مخاوف أخلاقية من تسلُّم إدارة ترامب لهدية بهذه القيمة من حكومة أجنبية، حتى وإن كانت حليفة.
وأشارت CNN إلى أن الاتفاق فاجأ مسؤولي القوات الجوية الأمريكية، الذين كانوا يعتقدون في البداية أن أي صفقة مع الجانب القطري ستتم على شكل بيع لا تبرع. ومع انتشار الأخبار، وصف ترامب الطائرة مرارًا بأنها "هدية مجانية"، مؤكدًا عدم وجود مقابل أو شروط.
وتضمنت مذكرة التفاهم تأكيدات بأن التبرع "لا يرتبط بأي قرار حكومي، سابق أو حالي أو مستقبلي"، وأنه لا يُقدَّم مقابل امتيازات أو لتأثير على قرارات رسمية أمريكية.
غير أن ما بدا في ظاهره كـ"هدية كريمة"، يحمل في طياته تحديات فنية ولوجستية كبيرة. فعملية إعادة تجهيز طائرة فاخرة كانت مخصصة لمسؤولين في الحكومة القطرية، وتحويلها إلى طائرة رئاسية أمريكية تستوفي معايير الأمن والتشفير والاتصال، هي مهمة معقدة ومكلفة.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر بأن القوات الجوية الأمريكية سعت إلى تحويل مئات الملايين من الدولارات من ميزانية برنامج الصواريخ الباليستية "سينتينل" – الذي يهدف إلى استبدال صواريخ "مينيتمان 3" القديمة – لتمويل مشروع تحويل الطائرة، دون الإفصاح عن تفاصيل المشروع علنًا.
وفي حين تحفظت القوات الجوية على إعلان التكلفة الفعلية لتحويل الطائرة لأسباب أمنية، نقلت CNN عن تروي مينك، أحد مسؤولي القوات الجوية، قوله للمشرعين الشهر الماضي إن التكلفة "من المرجح أن تكون أقل من 400 مليون دولار".
كما كشفت الشبكة أن ملحقًا للاتفاق أشار إلى أن القوات الجوية الأمريكية "بصدد الانتهاء من إجراءات تسجيل الطائرة، وستبدأ مباشرة تنفيذ التعديلات المطلوبة".
وكانت صحيفة واشنطن بوست أول من كشف تفاصيل الاتفاق المثير، الذي فتح باب التساؤلات حول معايير الشفافية والهدايا الحكومية في الولايات المتحدة، خاصة عندما يكون المستفيد منها رئيس سابق يتمتع بنفوذ سياسي واسع، ويُحتمل أن يخوض سباق الانتخابات مجددًا.
ترامبقطرالولايات المتحدةالبنتاجونالطائرة الرئاسية الأمريكيةقد يعجبك أيضاًNo stories found.