كان وطنيا صادقا، وكان قوميا وفيا، وكأن مسلما مخلصا لربه ولدينه ولرسوله ولعباد الله المستضعفين..
لكن أعظم ما تميز به هذا المجاهد إنه كان إنسانا.. نعم كان إنسانا بكل ما تعني العبارة، ولأنه كذلك تميز بنضاله ومقاومته للاستكبار ومناهضة الطغاة ومناصرة المظلومين ليس في لبنان وسوريا وفلسطين بل وفي اليمن التي نالت عنايته واهتمامه حين تكالبت الدنيا كلها على الشعب اليمني، كان نصر الله هو الصوت المدوي الذي ارتفع نصرة لليمن ومناصرا لقضيته العادلة في مواجهة تحالف العدوان وقوى الاستكبار.
نصر الله كان الرجل الاستثنائي في زمن استثنائي، كان صوت الحق في زمن طغيان الباطل، كان صوت الحرية في زمن الاستعباد قهرا وطواعية، كان عنوان النضال في زمن الاستسلام باسم السلام.. كان أكثر من قائد وأكثر من مناضل وأعظم من زعيم.. كان العالم بكل ما تعني الكلمة، عالما بكل أوضاع القهر والظلم والاستكبار التي تعاني منهم الأمة، ولهذا وقف في مواجهة كل هذه العناوين شامخا رافعا راية الحرية والكرامة والسيادة لكل المظلومين، لم يكن مجرد أمينا عاما لحزب الله ولا قائدا لمقاومة لبنان، بل كان أيقونة نضالية لكل الأحرار في العالم ومناصرا لكل المظلومين في مواجهة قوى الاستكبار والاستعمار من شرقنا العربي إلى مغربه ومن أفريقيا إلى أمريكا اللاتينية.. كان نصر الله سيد المقاومة وسيد الأحرار والمجاهدين وقدوتهم.. ولأنه كذلك فإنه لم يمت وان استشهد ورحل إلى جوار ربه لكنه يظل في الوجدان والذاكرة الإنسانية رمزا للحرية والكرامة والجهاد والنضال، وعنوانا للإنسان الذي يستوطن ذاكرة الأجيال بما ترك خلفه من مأثر وبصمات جهادية ومواقف إنسانية وأفعال أخلاقية تتناقلها الأجيال القادمة كابرا عن كابرا، إنه يقتفي إثر أول الثوار في مسارنا الإسلامي جده الإمام أبي عبد الله الحسين، الذي كان أول من واجه الطغاة ونازلهم وتصدى لانحرافهم ليسجل موقفا تاريخيا تقتفي اثره الأجيال.. الشهيد السيد حسن نصر الله هو امتداد لذلك الثائر الذي ترك مأثره في ذاكرة التاريخ يتناقلها حتى وصلت إلينا وهكذا سوف تتناقل الأجيال أسطورة العالم والقائد والمجاهد حسن نصر الله في متواليات الأزمان القادمة، لأن أمثاله لا يموتون وان رحلوا من بيننا لكن مأثرهم وسيرتهم تبقى للأجيال عنوانا يقتدون بها وعلى نهجه سوف تسير أجيال وأجيال حتى تنتصر الأجيال لكل قيمه وأفكاره ورؤيته للحرية والعدالة..
سيد الشهداء وشهيد فلسطين والأقصى والقدس ترك لنا والأجيال خارطة طريق نهتدي بها في رحلتنا نحو القدس وأفكارا تركها هي بمثابة شعلة نضئ بها طريقنا نحو الانتصار وهزيمة العدو ورفع راية الحرية والكرامة على قبة الصخرة وهذا بإذن الله سيكون قريبا قريبا بفضل دم سيد الشهداء ومعلم الأجيال قيم الحرية والجهاد والكرامة.
لروحك السكينة والخلود يا سيد الشهداء في ذكرى أربعينية ارتقائك إلى جوار ربك شامخا بهامة تعانق خد الشمس.. كن مطمئنا يا سيدي أنك تركت خلفك رجالا أوفياء وسيدا شابا يتماهى معك حبا وعشقا بالجهاد والكرامة والسيادة ونصرة المستضعفين ومنازلة قوى الاستكبار والاستعمار.. إنه السيد المجاهد عبدالملك بدرالدين الحوثي الذي قيضه الله ليعيد لليمن سيادتها وكرامتها وقرارها، وليقف في خندق المقاومة والإسناد من أجل فلسطين و الأمة ومن أجل إعادة الاعتبار لهوية الأمة وقيمها.. إنه الواقف في محرابك أيها السيد الشهيد متمسكا بنهج خطته أنت وأضاف إليه ما تتطلبه المرحلة في سبيل الأمة وفلسطين في أولويات جهاده، فلك الرحمة يا سيدي والخلود ولسيدنا القائد _حفظه الله ورعاه _النصر وإن شاء الله سينجز ما بدأته أنت.. فنم قرير العين رضوان الله عليك ورحمته وفردوسه.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
القبيلة اليمنية… قلعة الصمود وركيزة المشروع التحرري
ليست القبيلة اليمنية ظاهرة اجتماعية عابرة، ولا مكوّناً تقليدياً جامداً ، كما يحاول الإعلام المعادي تصويرها، بل هي كيان حي نابض بالكرامة والوعي، وجذوة متقدة لا تنطفئ في وجه الظلم والطغيان. إنها القبيلة التي صنعت تاريخاً من الصمود، وكتبت صفحات النصر بمداد الدم والموقف، وكانت عبر الزمن صمّام الأمان في وجه كل الغزاة والمستكبرين.
وفي هذه المرحلة المفصلية من تاريخ الأمة، برز الدور الريادي للقيادة الربانية ، ممثلة بالسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي»نصره الله»، في إعادة إحياء القيم الأصيلة للقبيلة، وتوجيهها نحو الانخراط الواعي والمسؤول في معركة التحرر. لقد نجح السيد القائد، بخطابه القرآني النابض بالحق، في استنهاض الضمير الجمعي للقبائل، وتفجير طاقاتها الكامنة، لتتحول إلى قوة ضاربة ضمن مشروع الأمة في مواجهة الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية.
أنصار الله، كامتداد لهذا المشروع الإيماني، لم يختزلوا القبيلة في بعدها العشائري، بل تعاملوا معها كمنظومة جهادية، ومكون تعبوي محوري، يحمل قيم النخوة والنجدة، ويملك إرثاً نضالياً أصيلاً. فكانوا الأقرب إلى القبائل، في القيم والميدان، وفي الدماء والميثاق، فتوثّقت اللحمة، وتكاملت الجبهة، وتحوّل الانتماء القبلي إلى دافع إضافي للجهاد والفداء، لا حاجزًا أمام الانتماء الوطني أو الديني.
لقد أثبتت القبيلة اليمنية في ظل هذا الوعي الثوري، أنها الحاضن الشعبي الأول للمشروع القرآني، والمصدر الذي لا ينضب للرجال والسلاح والثبات. فكانت المبادِرة لإعلان النفير، وإصدار وثائق الشرف، والبراءة من الخونة والمرتهنين، لتضرب أروع الأمثلة في الولاء لله، والبراءة من أعدائه، والانتصار لقضايا الأمة، وعلى رأسها قضية فلسطين.
إن محاولات تفكيك القبيلة أو تدجينها لم تنجح، لأن هذا الكيان الأصيل بات اليوم أكثر وعياً، وأكثر التزاماً، بفضل القيادة القرآنية التي أعادت إليه بوصلة الاتجاه، فوحّدته على الحق، وربطته بالمشروع الإلهي، وجعلت منه شوكةً في حلق المستكبرين، وسداً منيعاً أمام مؤامرات الوصاية والارتهان.
في كل صرخة تهزّ الجبال، وفي كل موقف يعانق المجد، يتجلّى معدن القبيلة اليمنية: وعيٌ ثوري، وإيمانٌ راسخ، واستعداد دائم للتضحية. ولهذا ستظل القبيلة، كما كانت، نبض الثورة، ووقود التحرير، وخزان الشرف والبطولة، في ظل قيادة قرآنية تعرف كيف تحوّل الطاقات إلى انتصارات، وتُبقي جذوة الثورة متّقدة حتى يتحقق وعد الله بالنصر والتمكين.