قيل لأحدهم: هل كان فلانا قادراً على استغلالك واستغفلاك وسرقة منزلك في وضح النهار لو كنت على علم ويقين مسبقاً بانه سارق ولديه رصيد حافل بالسرقات، قال: لا، ولا كنت أدخلته منزلي واستضفته وأمنت جانبه ، قيل له : إذن عليك أن تدفع ثمن هذه الغفلة وان تتلافاها مستقبلا حتى لا تتكبد الخسائر وتبدو ساذجاً ،على هذا الحال سرقت منازلنا و أوطاننا و أمننا واستقرارنا على غفلة من أمرنا، ولا زلنا لم نتعلم من المراحل ولم نع الأخطار المحدقة بنا لنندفع في مواجهتها.
الوعي المسبق بالحقائق كان سيوفر علينا الكثير من الكلفة والتضحيات كأمة لا تزال تكتوي بنار المشاريع والمخططات التآمرية، و رغم توالي النكبات فإن المصاب الراهن جلل ، و ما يحدث الآن ليس طارئاً أو مفاجئاً حتى نواسي خيبتنا وضعفنا وقلة حيلتنا بذريعة عدم الاستعداد للمواجهة ، ألم يكن الكتاب الذي بين يدينا محذرا لنا ، و الضربات التي توالت علينا خلال قرون وعقود كفيلة بأن تزيدنا قوة ونزعة للخلاص!.
من لا يقدر قيمة الوعي الصحيح المتمثل بمعرفة العدو و تأصيل وترسيخ العداء له ومعرفة أساليبه ووسائله و طريقة مواجهته ، وما كان سيفعله هذا الوعي إن جاء مبكراً على الصعيد المعنوي والمادي ، ودوره المؤثر في هذه المعركة ، فعليه أن يعيد التأمل في المشهد العربي الإسلامي الراهن، كيف سهونا على غفلة من التاريخ عن العدو الذي يتربص بنا ، وكيف دفعنا هذا السهو إلى أن نحلق في تفاصيل واهتمامات ومعارك وحروب جانبية ، وكيف أن التفريط بالوعي الإلهي عموماً بمختلف مساراته كان هو العنوان الأبرز لهذه الخيبة والضعف ، لقد كان القشة التي قصمت ظهور بعران الأمة على امتداد جغرافيا العروبة والإسلام .
اليوم ومع اشتداد وتيرة الإجرام الذي يمارسه اليهود الصهاينة بحق اخوتنا في فلسطين ولبنان ، ومع انكشاف حجم الكراهية والحقد الذي يضمرونه لعرقنا كعرب ولهويتنا كمسلمين ، يجب ان يكون الموقف مبني على حقيقتين ، أولها انه ما كان لهذا الإجرام والتوحش ان يحدث لو أننا وضعنا هذا العدو في أولويات مشروعنا باعتباره يعد العدة لنا ، وما كنا تركنا أهلنا هناك دون نصرة بدوافع دينية وإنسانية تفرضها معطيات المواجهة وواحدية العدو ، وثانيها ان هذا التوحش والإجرام أيضا الذي يستفرد بأخوتنا هناك ، لن نكون بمنأى عنه وسيطالنا بذات القدر وأكثر وهو ما يوجب علينا أن نتحرك لتلافيه ونحصن أنفسنا على مستوى الإعداد الداخلي وكذلك التحالفات.
رهاننا على حقيقة ما يفعله الوعي وما يمكن أن يوفره من تكاليف لذاته في مواجهة الحروب الباردة و الناعمة ، وما يمكن أن يخلقه أيضا على كل الأصعدة الحياتية ومن ضمنها المسار العسكري كبيرا ومن واقع تجربة عاشتها اليمن منذ مطلع العام ٢٠١٥م ، كيف كان المنهج في تشخيصه سليما لبناء الوعي وتأهيله للمواجهة و التنبؤ بمسار الأحداث ، لدرجة أنه لم تعد هناك من مفاجآت لدينا من توالي هذه الحروب وبروز المواقف والمتواضعات ، وكيف تملكنا الفطنة في نزع فتائلها و تقطيع أوصالها التي كانت تدفق الى مجتمعاتنا ، وكيف أصبحنا جاهزون نفسيا وجسديا و تحضيرا لإفشالها، وتلك نتيجة طبيعية لمعادلة الوعي ، إذ لا يمكن لأمة تعي حجم أخطارها وأهمية دورها في هذه الحياة دون أن تشحذ الهمم وتعد العدة على مختلف المجالات.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
نزع العقول ..وعودة الوعي
وحتى لا نستغرق كثيرا في هذا الجانب نقول ان مفاوضات الدوحة والقاهرة ولقاءات الوسطاء وتحديدا القطري في أمريكا وأوروبا مع ويتكوف والمسؤولين الأمريكيين غايته كسب الوقت لتحقيق الكيان الصهيوني أهدافه في غزة والضفة الغربية التي صوتت مؤخرا الكنيسة الصهيونية على ضمها كأرض أما البشر من أبنائها فعليهم ان يقتلوا أو يستعبدوا او يهجروا الى الأردن التي هي أيضا ستكون ضمن ما يسمى إسرائيل الكبرى.
اليمن قام ويقوم بما عليه وسيواصل ذلك وإعلان المرحلة الرابعة من التصعيد في البحر بهدف مواجهة التصعيد الصهيوني في الإبادة والحصار لابناء غزة خاصة وأن اليمن يربط موقفه ومواجهته في نصرة أبناء الشعب الفلسطيني بوقف الإبادة والتجويع في غزة واليمن سيوقف مرحليا الحصار البحري واستهداف كيان العدو الصهيوني .
المقاومة الفلسطينية وحركة حماس في مواجهة الإبادة الشاملة قدموا أكثر مما ينبغي عليهم ان يقدموه من تنازلات ولم يقبل بها الأمريكي والفاشيين الصهاينة وهذا ليس ما يريده الأمريكان وكما قلنا المخطط أكبر من ان تسلم حماس سلاحها واذا سلمت سلاحها يصبح تصفية القضية الفلسطينية تحصيل حاصل.
نفهم أن السعودية وبعض أنظمة الخليج هي وظيفية كما هو حال الكيان الصهيوني مع فارق أن هذا الكيان هو الأساس والذي سيصبح الوكيل الحصري في حالة انشغلت أمريكا وبريطانيا بصراعات أكبر في أوروبا وآسيا وخاصة بحر الصين أو ما يسمى بالباسفيك لهذا لا نتحدث عن أولئك الخونة الذين هم تجسيد لمال النفط القذر بل نتحدث عن ما يهمنا جيشا ومكانة ودورا ونعني هنا مصر وما يجري في غزة من كارثة ومأساة يعطيها فرصة لن تتكرر لأخذ موقف ينقذها مما هو قادم خاصة وأن أمن مصر القومي في مهب الريح بعد تقسيم السودان والحرب الاهلية الجارية وتهديد مصر في وجودها كهبة للنيل بسد النهضة أما الاخوان واضرابهم من الإرهابيين فهؤلاء سيستخدمون كما استخدموا في سوريا وكما هددوا مصر من قبل في سيناء خاصة وأن اباء هؤلاء وامهاتهم باتوا واضحين من الكيان الصهيوني وأنظمة البترو/ دولار في الجزيرة والخليج وحتى لندن وواشنطن والضربة ستأتي من حيث لا تحتسب مصر والمسألة تنفيذ مخططات واستراتيجيات وللرئيس السيسي مثال في الرئيس حسني ميارك.
اليمن يدرك طبيعة وحجم التحدي وحدد موقفه وينظر الى مصر غير ما ينظر الى بقية المطبعين فمصر رغم التطبيع وكامب ديفيد لم تقوم دولتها لتكون تابعة أو خاضعة ولا نملك أخيرا الى القول اذا أراد الله انفاد قضائه وقدره نزع عن ذوي العقول عقولهم ..ولله في خلقه شؤون..ونتمنى أن يعود الوعي ولكن ليس على طريقة الكاتب والروائي توفيق الحكيم.