نهضة عُمان عبر التاريخ
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
خالد بن أحمد الأغبري
بمشاعر وطنية مليئة وفياضة بالبهجة والسرور تستقبل عُمان الأبية تلك الذكرى الخالدة خلال هذه الأيام المباركة.. ذكرى الثامن عشر من نوفمبر المجيد والكل يعيش هذه الفرحة الغامرة التي يلامس فيها المواطن العُماني ما تم انجازه خلال عهد نهضة عُمان الطموحة ويستعيد ذكرياته الجميلة التي بدأت تتفاعل مع تلك الخطوات المتسارعة التي هيأت للإنسان العُماني سبل الحياة السعيدة والاستفادة المثلى مما تقدمه الدولة من مقومات ومعطيات ورعاية وخدمات شملت كافة القطاعات الحيوية والمجالات الإنسانية والإنجازات التنموية.
في حين أن هذا المواطن لا زال يتطلع إلى تحقيق المزيد من التقدم والتطور والرفاهية في ظل قيادته الحكيمة ومساعيها الحثيثة ومنهجيتها الثابتة انسجامًا مع متطلبات المرحلة القادمة وتنفيذًا لرؤية "عُمان 2040" والتي تحددت من خلالها ملامح وأفاق وخطط وبرامج مسيرة التنمية المستدامة بما يتلائم ويتوافق مع استراتيجيات وأهداف الحكومة الرشيدة لتحقيق نموًا مطردًا ينسجم مع تطلعات وطموحات أفراد المجتمع ومستوياتهم المعيشية ومسؤولياتهم الاجتماعية والأسرية، وذلك في ضوء المتغيرات والتطورات التي من شأنها تعزيز القدرة الإقتصادية والإرتقاء بمواردها المالية والطبيعية والبشرية كمًا ونوعًا وتقديم الخدمات الأساسية والبنى التحتية التي يحتاجها المواطن بأفضل ما يكون من حيث الجودة والكفاءة التشغيلية والعمل الجاد والمخلص.
ومع هذه المعطيات الخيرة لتلك المساعي الحثيثة النابعة من الجهود المتواصلة والقلوب الوفية والأيادي المخلصة والمتشابكة في خط سيرها وأهدافها وغاياتها والتي يبديها الشعب العُماني متمثلة في مضامين ومظاهر الحياة اليومية ومفاصلها ونهضتها الشامخة بما تمثله من إنجازات كبيرة وتنمية شاملة، وذلك بما يحقق طموح شبابها وتطلعاته وذلك بفضل مواقف أبنائها المخلصين الذين أخذوا على عاتقهم مسؤولية بناء هذا الوطن العزيز وتحديث بنيته وتطوير منظومته بما يتوافق مع متطلبات واحتياجات مستقبله على المدى القريب والبعيد، للاستفادة من خلال الحصيلة المتجددة لتلك المراكز المتقدمة التي حصدتها السلطنة أثناء مسيرتها الظافرة وذلك على كافة المستويات وفي مختلف القطاعات والمجالات بأيدٍ عُمانية متماسكة وقلوب متحابة ووحدة متكاملة ورؤية واضحة وعمل مشترك تحكمها سياسة معتدلة ونظرة شاملة وحكمة متأصلة قائمة على عقيدة راسخة ومنهج ثابت وحضارة عريقة وإرث وطني حافل بالكثير من المنجزات وفي شتى المجالات التنموية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وموقعها الجغرافي المتميز وعلاقاتها الإنسانية الصادقة التي لا تقبل الإفراط ولا التفريط في حقوقها ومصالحها بجانب حقوق ومصالح الآخرين أيًا كان مصدرها وموقعها، بقدر ما تشكله من مرتكزات إيمانية عميقة مدعمة بحسن النوايا والإخلاص في القول والفعل والعمل بعيدا عن تلكم التعقيدات والانفعالات والتخبطات العشوائية التي تزدري حقوق الآخرين وتحتقر جهودهم ومصالحهم ودماءهم وتاريخهم.
وبالرغم مما يشهده العالم من إرهاصات وتوترات تتسم بالعنف والصخب والنزاعات الأيديولوجية،إلا أن عُمان بفضل الله تتعامل مع هذه المفارقات وهذه التحيزات وهذه الملفات الساخنة بعقلية واعية وعين ساهرة وقلب بنبض بالإيمان المطلق وبالعطاء والحيوية، وبالفكر الناضج الذي يعمل بكامل طاقاته وإدراكه لمقتضيات الواجب الوطني ومساعيه الحميدة التي لا تقبل التحيز أو الانجذاب نحو تلك التيارات المتطرفة التي لا تعبأ بحقوق الآخرين ولا تعترف بنظم الحياة الإيجابية التي تجسدها الفطرة السليمة ويدعمها منهج خالقنا جلت قدرته وعظيم شأنه وسلطانه،وذلك من أجل تحقيق العدالة والمساواة بين الأفراد والمجتمعات، بحيث تظل الروح الإنسانية هي القوة الحقيقية الداعمة والنافذة التي يحتاجها الإنسان أينما كان، لمواجهة ذلك العالم المضطرب فكريًا وعقائديًا، والذي يسعى دائما إلى إستعراض عضلاته ونشر أفكاره السلبية المتعطشة إلى سفك الدماء وإثارة القلاقل والفتن وتدمير المجتمعات بافساد أخلاقياتهم وعدم إحترام سيادة دولهم، وهو بذلك يتجه إلى خلق أجواء مأساوية تتعارض مع الفطرة السليمة وتدعو إلى الانحراف وعدم التأدب مع شريعة الله، مستغلًا بذلك كل الظروف السلبية من أجل زعزعت الأمن والاستقرار الاجتماعي في إشارة واضحة إلى الانحراف الذي أصبحت تعاني منه الكثير من المجتمعات نتيجة العنجهية التي تدار بها المصالح العامة والقوى الفاعلة لكي تفرض عليها ثقافة دخيلة على المجتمع الإسلامي متجردة من الأخلاقيات وفارغة من المبادئ والقيم الإنسانية والزج به في أنفاق منحدرة إلى أبعد الحدود محاطة بمستنقع خطير تثار من بين زواياه الكثير من دوافع الأزمات المعنوية والأخلاقية المؤثرة سلبًا على كافة المستويات بحكم تأرجح البعض في إتخاذ قرارته السيادية على حساب ثقافته وسلوكه وقيمه الدينية.
وهذا الأمر يتوجب معه معالجة تلك الاخفاقات والنزوات وتصحيح مساراتها بشكل مباشر وإعادة النظر بشأنها والقيام بإجراء إصلاحات جذرية للحد من تفاقم ما يليها من أزمات اقتصادية واجتماعية وإنسانية وخلق أجواء ذات بعد استراتيجي يضمن لكل ذي حق حقه..
حفظ الله عُمان وشعبها وقائدها المعظم جلالة السلطان هيثم بن طارق، أمد الله في عمره.
وكل عام والجميع بوافر الصحة والعافية والسعادة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سيدتان وضعتا سولفينيا في الجانب الصحيح من التاريخ (بورتريه)
سيدتان من سلوفينيا برزتا في السنوات الأخيرة، عملتا كلتاهما في الصحافة المكتوبة وفي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.
تحدثتا بصوت مسموع وشجاع وخارج سرب الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة.
لعبتا كلتاهما دورا محوريا في أخذ بلادهما موقفا غير مسبوق في أوروبا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفرض عقوبات على وزيرين في حكومة الاحتلال التي تقوم بحرب إبادة جماعية في غزة بحسب عشرات التقارير والشهادات الأممية والحقوقية.
وكلتاهما ولدتا في ليوبليانا عاصمة سولفينيا، مدينة الثقافة والمتاحف.
تانيا فاجون
لم تكن تخطط لدخول المعترك السياسي أثناء عملها صحفية لمدة 10 سنوات في بروكسل، مؤكدة أنها ليست نادمة على قرارها بالموافقة.
ولدت تانيا فاجون في عام 1971 ليوبليانا، وتخرجت بتخصص في الصحافة من كلية العلوم السياسية والاجتماعية بـ"جامعة ليوبليانا".
وفي عام 2005 حصلت على درجة الماجستير في العلوم والسياسة الدولية من كلية الدراسات متعددة التخصصات بـ"جامعة باريس".
عملت كصحفية ومساعدة محرر في راديو "جلاس ليوبليانا" من عام 1991 إلى عام 1995. وكانت أيضا مراسلة وكاتبة في صحيفة "ريبوبليكا" اليومية في عام 1993. وعملت في قناة "RTV" من عام 1995 إلى عام 2001، ثم مراسلة لنفس القناة في بروكسل إلى عام 2009.
كانت أيضا مراسلة لشبكة "CNN" من عام 1995 إلى عام 2001.
انتخبت عضوا في البرلمان الأوروبي منذ عام 2009 عن الحزب "الديمقراطي الاجتماعي"، المنتمي إلى التحالف "التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين" وحتى عام 2022 حيث تقلدت منصب نائب رئيس الوزراء، وزيرة الخارجية والشؤون الأوروبية في سلوفينيا، لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب في بلدها.
تتحدث اللغة السلوفينية والإنجليزية والألمانية والفرنسية والكرواتية.
أخذت موقفا واضحا وشجاعا منذ بدء الحرب الوحشية الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر عام 2023.
فعبرت عن دعم بلادها لقرارات محكمة العدل الدولية حول فلسطين، واستعداد بلادها الانضمام إلى دعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، ورفضها الكيل بمكيالين على ضوء الموقف من الحرب في أوكرانيا. كما عبرت عن دعمها لوقف توريد الأسلحة لدولة الاحتلال.
وفجر قرار حكومة بلادها تصنيف وزير "الأمن القومي" الإسرائيلي إيتمار بن غفير، ووزير "المالية" بتسلئيل سموتريتش، "شخصين غير مرغوب فيهما" سابقة دولية مهمة وحاسمة.
وبذلك تكون سلوفينيا أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تتخذ قرارا مباشرا من هذا النوع بحق "مسؤولين" إسرائيليين على خلفية الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.
وأعلنت أنها ستصبح أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تحظر أي تجارة أسلحة مع الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك استيراد وتصدير ونقل الأسلحة من وإلى النظام. وأنها تتخذ هذا الإجراء بشكل مستقل، حيث لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من اتخاذ موقف موحد بسبب الخلافات الداخلية.
وقالت: "نرسل رسالة واضحة للنظام الإسرائيلي مفادها أن مجزرة المدنيين الأبرياء يجب أن تتوقف".
وأضافت أن سلوفينيا "ستتخذ المزيد من الإجراءات ضد النظام الإسرائيلي في الأسابيع المقبلة". وأعربت عن فخرها بقرار سلوفينيا الاعتراف بفلسطين دولة، وقالت: "أعتقد أننا على الجانب الصحيح من التاريخ".
وأضافت "بلادي كانت تتحدث بصوت عالٍ بشأن الحرب على غزة وما خلفته من قتل وتشريد لآلاف الفلسطينيين"، داعية إلى محاسبة المسؤولين عن هذه "الانتهاكات الجسيمة.
ناتاشا بيرتس موشار
صحافية وحقوقية بارزة في بلادها وفي أوروبا، مارست المحاماة والصحافة، فضلت البقاء بعيدا عن لعبة التجاذبات الحزبية في بلادها فدخلت السياسية كمستقلة.
ولدت ناتاشا بيرتس موشار في عام 1968 في ليوبليانا، درست القانون في كلية الحقوق بـ"جامعة ليوبليانا" عام 1992، وكان المشرف الأكاديمي عليها آنذاك ماركو إيليشيتش، الذي أصبح لاحقا قاضيا في محكمة العدل الأوروبية. وفي عام 2015، حصلت على درجة الدكتوراه من كلية الحقوق بـ"جامعة فيينا".
بدأت العمل في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون السلوفينية، حيث أمضت 6 سنوات كصحفية ومقدمة للبرنامج الإخباري الرئيسي. وبعد ذلك، عملت لمدة 5 سنوات كمقدمة للبرنامج الإخباري المركزي على القناة التلفزيونية " "POP TV.
أكملت تدريبا مهنيا في شبكة "CNN" في أتلانتا، جورجيا. ثم واصلت دراستها لمدة فصلين دراسيين في "جامعة سالفورد" في إنجلترا، حيث خضعت لتدريبات ميدانية في عدة مؤسسات إعلامية كبرى، منها "بي بي سي" وسكاي نيوز" و" رويترز" .
في 2003، انضمت إلى المحكمة العليا في سلوفينيا، وعملت كنائبة لرئيس الهيئة المشتركة للإشراف على اليوروبول (جهاز الشرطة الأوروبي)، ثم تولت رئاسة هذه الهيئة التابعة للاتحاد الأوروبي من عام 2012 وحتى نهاية ولايتها كمفوضة للمعلومات.
ولاحقا أسست مكتبها الخاص للمحاماة.
في عام 2022، أعلنت ناتاشا بيرتس موشار ترشحها لرئاسة جمهورية سلوفينيا بصفتها مرشحة مستقلة، وبأنها لا تعتزم الانضمام إلى أي حزب مستقبلا، وحظيت بدعم اثنين من رؤساء سلوفينيا السابقين، ميلان كوتشان ودانيلو تورك. وعلى الرغم من تمسكها بصفة "المرشحة المستقلة"، إلا أن بعض الأحزاب، مثل حزب "القراصنة" وحزب "الشباب – الخضر الأوروبيون"، أعلنوا دعمهم لها.
وفي الجولة الأولى من الانتخابات حلت موشار في المركز الثاني، وفي الجولة الثانية فازت على مرشح الحزب "الديمقراطي السلوفيني"، لتصبح بذلك أول امرأة تنتخب رئيسةً لسلوفينيا.
ورغم أن منصب الرئاسة في سلوفينيا شرفي إلى حد كبير، لكن يظل الرئيس هو القائد العام للقوات المسلحة، ومسؤول أيضا عن ترشيح العديد من كبار المسؤولين، ومن بينهم محافظ البنك المركزي، لكن يتعين على البرلمان المصادقة على معظم الترشيحات.
شكل تصريحها حول غزة سابقة أوروبية، بحكم موقعها الرسمي، بعد أن وصفت ما يجري في قطاع غزة الفلسطيني، بأنه "إبادة جماعية" وأن "العالم يلتزم الصمت حيال ذلك" في كلمة ألقتها بالبرلمان الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل.
وتابعت "ما نشهده في غزة هو إبادة جماعية، ونحن صامتون حيالها. ندعو إلى وقف فوري للهجمات في إطار القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان".
وشددت موسار على أن الهدف الأساسي للاتحاد الأوروبي يجب أن يكون إنهاء الأعمال العدائية.
وأكدت على أن الاعتراف بدولة فلسطين هو "خطوة ضرورية نحو سلام دائم وعادل في المنطقة".
وأخذت موقفا واضحا بلا مواربة من كل ما يجري من جرائم واستخدام التجويع سلاحا في الحرب.
سيدتان إلى جانب أعضاء الحكومة والمشرعين في سلوفينيا يقفان إلى الجانب الصحيح من التاريخ، فيما غيرهما لا يزال يختبئ تحت عباءة العار والصمت التواطؤ.
المدينة التي ولدتها فيها تحمل رمز التنين، ويصور ذلك على الجزء العلوي من برج قلعة ليوبليانا الظاهر في الشعار الرسمي لمدينة وعلى جسر التنين، و يرمز هذا التنين للقوة والشجاعة والعظمة.