#إعلام #المزاريب وتصريف الأخبار
#رشيد_عباس
يبدو أن هناك إعلام جديد يجتاح عالمنا العربي, إعلام يسميه البعض إعلام المزاريب وتصريف الأخبار, وقبل أن افهم هذا النوع من الإعلام حاولتُ الوقوف على ما هي عمل المزاريب وما هو عملها؟ وما أوجه الشبه بين المزاريب وتصريف الأخبار؟ وبقيتُ على حالة عدم الربط إلى أن سمعتُ مقولة لإعلامية مشهورة على إحدى الفضائيات العربية, قالت فيها بالحرف الواحد: (لدينا أخبار كثيرة تحتاج إلى تصريف).
في السابق كانت البيوت بسيطة ومتواضعة, وكان يوضع ويعلّق على سطح المنزل وبالذات على احدى زوايا السطح الأكثر ميلان شيء اسمه المزراب, وذلك لتصريف المياه المتجمعة من المطر على سطح المنزل من خلال سحب جميع مياه الأمطار المتراكمة على السطح, فبقاء مثل هذه المياه على الأسطح لمدة من الزمن قد يؤدي إلى تلف في الأسطح, وقد تستمر هذه المزاريب في تصريف مياه الأمطار من على سطح المنزل ساعات طويلة أو ربما لأيام, وعند نزول هذه المياه على الأرض تُخرج أصوات معينة تدعى أصوات المزاريب المتقطعة, وبالذات في فترات الليل.
مقالات ذات صلةوعوده إلى ما قالته الإعلامية على إحدى الفضائيات العربية: (لدينا أخبار كثيرة تحتاج إلى تصريف), وكأني بها تقول تأتينا عبر وكالات الأنباء أخبار عديدة جداً, ونقوم ببثها ونشرها دون اختيار المناسب منها, ودون تحرير, ودون التحقق من صحتها ودون فلترتها, ودون التريث قليلاً لكي يستقر محتواها بصورته النهائية, فيتلقاها المستمع أكثر من مرة, وبأكثر من محتوى, وبأكثر من مضمون, فتنقلب طاقية رأس المتلقي.
بكل صراحة العتب هنا ليس على الإعلامية, وليس على مدير الأخبار, وليس على وكالات الأنباء والأخبار, إنما العتب الكبير على طريقة تأهيل مثل هؤلاء الإعلاميين, وعلى بروفسورات كليات الإعلام في جامعاتنا العربية, والذي تفاجأتُ ذات يوم بأن أحدهم في احدى الجلسات الاجتماعية لا يميز بين الخبر والنبأ! وأكثر من ذلك تفاجأتُ بأحد البروفسورات في كليات الإعلام في جامعاتنا العربية عند ترأس مناقشة رسالة ماجستير لأحدى طالبات الصحافة والإعلام.. تفاجأتُ بعدم امتلاكه لأدنى مبادئ الصحافة والإعلام! وأن الطالبة كانت طيلة مدة المناقشة تصحح معلوماته في الصحافة والإعلام!
نعم, إعلام المزاريب وتصريف الاخبار يجتاح عالمنا العربي, فكثير من الأنباء والأخبار تأتي متزاحمة وعلى التوالي, ولا تجد من يتعامل معها بمهنية إعلامية عالية تتناسب وتوجهات وسياسات وتطلعات الدولة الداخلية والخارجية, وأتساءل هنا: ماذا يتعلم طلبة الصحافة والإعلام في جامعات العربية؟ وأين القاب ورتب دكاترة وبروفسورات كليات الصحافة والإعلام؟ اعتقد جازماً أن المقارنة صعبة لدرجة الاستحالة ما بين كليات الصحافة والإعلام في جامعاتنا العربية, وبين جامعات الغرب, ..البرفسور في الإعلام هناك يُكسب طلبته مهنة الإعلام بكل ما تحمله هذه الكلمة من أبعاد, وعندنا البرفسور في الإعلام يكسب طلبته مهنة إعلام المزاريب وتصريف الأخبار.
والحال هكذا: أقترح أن يُوكل التدريس في كليات الصحافة والإعلام وإدارتها في جامعاتنا العربية من خلال الذكاء الاصطناعي/ الجيل الرابع, لعل وعسى أن نخرج بإعلاميين لا يتبنوا فكرة إعلام المزاريب وتصريف الأخبار.. كفانا (هرتقات): غرور يصاحبه جهل.
نريد إعلام منافس, إعلام يصنع محتوى, إعلام يوجه الرأي العام, نريد بروفسورات تُميّز بين مفهوم الصحافة ومفهوم الإعلام, نريد بروفسورات تُميّز بين مفهوم الخبر ومفهوم النبأ, نريد بروفسورات تُميّز بين صناعة المحتوى وتحرير المحتوى.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: رشيد عباس الصحافة والإعلام الإعلام فی
إقرأ أيضاً:
المرصد المصري للصحافة والإعلام يعلن قلقه إزاء الحكم الصادر بحبس الكاتب محمد الباز
أعرب المرصد المصري للصحافة والإعلام عن قلقه إزاء الحكم الصادر، اليوم السبت 31 مايو 2025، من محكمة جنح الاقتصادية، بحبس الكاتب الصحفي والإعلامي محمد الباز لمدة شهر، وكفالة عشرة آلاف جنيه، في القضية المقامة ضده بتهمة الإساءة إلى الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم.
وأكد المرصد احترامه الكامل لأحكام القضاء واستقلاله، فإنه يرى أن المبدأ العام المتمثل في رفض الحبس في قضايا النشر يجب أن يكون حاكمًا في التعاطي مع مثل هذه القضايا، أيًّا كانت أطرافها.
وأكد المرصد أن احترام الرموز الثقافية والأدبية واجب مهني وأخلاقي، خاصة حين يتعلق الأمر بشخصيات بحجم وتأثير الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، أحد أبرز رموز الشعر السياسي في التاريخ المصري والعربي. وفي الوقت ذاته، يتمسك المرصد بمبدأ رفض العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر والتعبير، التزامًا بنص المادة (71) من الدستور المصري، والمادة (29) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018، والتي تحظر الحبس في الجرائم التي تُرتكب بطريق النشر أو العلانية، باستثناء ما يتعلق بالتحريض على العنف أو التمييز أو الطعن في أعراض الأفراد.
وحذّر المرصد من أن استمرار إصدار أحكام بالحبس في قضايا متعلقة بالنشر قد يؤدي إلى ترسيخ مناخ من التخويف الذاتي لدى الصحفيين والمبدعين، بما يُضر بحرية التعبير والإبداع الثقافي في البلاد، ويعيق الدور الأصيل للإعلام في النقد والمساءلة.
وزكّر المرصد بأن توقيع عقوبة سالبة للحرية في قضايا تتعلق بالرأي والنقد يُعد تجاوزًا لمبدأ التناسب المنصوص عليه ضمن المبادئ العامة للقانون الجنائي، والذي يشترط أن تتناسب العقوبة مع طبيعة الجُرم ووسيلته. فحين تكون وسيلة الفعل هي "القول"، فإن الحبس يُعد إجراءً مفرطًا في القسوة، يهدد الحريات العامة ولا يحقق الردع المطلوب دون الإضرار بالسلم المجتمعي أو القيم الدستورية.
وشدد المرصد على أن اللجوء إلى سبل التقاضي والرد القانوني لا ينبغي أن يؤدي إلى تقويض حرية الرأي أو إسكات الأصوات، بل يجب أن يتم في إطار احترام القوانين المنظمة، مع تغليب أدوات الرد والتصحيح والنقد المهني على أساليب الردع الجنائي.
وأكد المرصد، في الوقت ذاته، أن الدفاع عن حرية التعبير والنشر لا يتعارض مطلقًا مع الالتزام بالمهنية الصحفية واحترام الكرامة الإنسانية، سواءً في تناول الشخصيات العامة أو المواطنين.
وشدد على أن الالتزام بميثاق الشرف الصحفي والمعايير المهنية هو خط الدفاع الأول عن حرية الصحافة، وهو ما يتطلب تحري الدقة والابتعاد عن الشخصنة أو الإساءة، مع الفصل الواضح بين النقد الموضوعي والتطاول الشخصي.
وأعاد المرصد التأكيد على أهمية استكمال الإطار التشريعي المنظِّم لحرية النشر، عبر إصدار قانون يُرسّخ حظر الحبس في قضايا النشر ويُزيل التناقضات القائمة بين النصوص القانونية، ويضمن التطبيق المتسق لنص المادة (71) من الدستور، بما يعزز مناخ الحريات ويؤسس لبيئة إعلامية صحية وآمنة.
وشدد المرصد على أن هذه الواقعة تؤكد ضرورة مراجعة الإطار التشريعي المنظِّم للصحافة، وتدعم مطالب المجتمع الصحفي بحذف المواد التي تتيح الحبس في قضايا النشر، بالتوازي مع الجهود الجارية لتعديل المادة (12) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام، التي تتبناها نقابة الصحفيين حاليًا.
ودعا المرصد الجهات التشريعية إلى مراجعة النصوص القائمة وتطبيق ما ينسجم مع الدستور وروح العدالة، بما يكفل حماية الكرامة الإنسانية وحرية التعبير في آنٍ واحد، دون الوقوع في فخ ازدواجية المعايير أو انتقائية التنفيذ.
وفي هذا الإطار، أعلن المرصد أنه بصدد إعداد ورقة سياسات قانونية تُعرض على مجلس النواب والجهات المختصة، تتضمن مقترحات لتعديل التشريعات ذات الصلة، بما يضمن إلغاء الحبس في قضايا النشر، واستبداله بآليات قانونية تحفظ حقوق المواطنين وتحمي في الوقت ذاته حرية التعبير والصحافة.
وأكد المرصد دعمه الكامل لكل المساعي الرامية إلى تعزيز حرية الصحافة، وتوفير بيئة تشريعية تضمن ممارسة النقد البناء، وتكفل حق الجمهور في المعرفة، دون إخلال بالمسؤولية المهنية أو الحقوق الفردية.