تحل اليوم، الأحد، الرابع والعشرون من شهر نوفمبر، ذكرى وفاة القارئ الشيخ محمود خليل الحصري، أحد أشهر قُرّاء القرآن الكريم في العالم الإسلامي، وهو أحد أبرز القراء المصريين القدماء، وأحد مؤسسي إذاعة القرآن الكريم، وله العديد من المصاحف المسجلة بروايات مختلفة، كان أكثر قراء القرآن علمًا وخبرة ووعيًا بفنون القراءة، مستفيضًا بعلوم التفسير والحديث، فلقد كان يجيد قراءة القرآن الكريم بالقراءات العشر.

 

ويعد الحصري أول من سجل المصحف الصوتى المرتل، برواية حفص عن عاصم، وأول من نادى بإنشاء نقابة لقراء القرآن الكريم، ترعى مصالحهم وتضمن لهم سبل العيش الكريم، ونادى بضرورة إنشاء مكاتب لتحفيظ القرآن في جميع المدن والقرى، وقام هو بتشييد مسجد ومكتب للتحفيظ بالقاهرة. 

 

نشأته وحياته:

 

 وُلد في غرة ذي الحجة سنة 1335هـ الموافق 17 سبتمبر من عام 1917 في قرية شبرا النملة، التابعة لطنطا بمحافظة الغربية، وكان والده قبل ولادته انتقل من محافظة الفيوم إلى هذه القرية التي ولد فيها، وقد أجاد قراءة القرآن الكريم بالقراءات العشر.

 

 انتقل والده قبل ولادته من محافظة الفيوم إلى قرية شبرا النملة، حيث ولد الحصري، أدخله والده الكُتاب في عمر الأربع سنوات ليحفظ القرآن، وأتم الحفظ في الثامنة من عمره، كان يذهب من قريته إلى المسجد الأحمدى بطنطا يوميًا ليحفظ القرآن، وفي الثانية عشرة انضم إلى المعهد الديني في طنطا، ثم تعلم القراءات العشر بعد ذلك في الأزهر.

 

الأول على المتقدمين للامتحان في الإذاعة:

 

حصل على شهاداته في ذلك العلم (علم القراءات) ،ثم تفرغ لدراسة علوم القرآن لما كان لديه من صوت مميز وأداء حسن، وفي عام 1944م تقدم إلى امتحان الإذاعة وكان ترتيبه الأول على المتقدمين للامتحان في الإذاعة، وفي عام 1950م عُين قارئًا للمسجد الأحمدي بطنطا، كما عُين في العام 1955م قارئًا لمسجد الحسين بالقاهرة.

 

 أدرك الشيخ الحصري منذ وقت مبكر أهمية تجويد القرآن في فهم القرآن وتوصيل رسالته، فالقراءة عنده علم وأصول، فهو يرى أن ترتيل القرآن يجسد المفردات القرآنية تجسيدًا حيًا، ومن ثَمَّ يجسد مدلولها التي ترمي إليها تلك المفردات، كما أن ترتيل القرآن يضع القارئ في مواجهة عقلانية مع النص القرآني، تُشعر القارئ له بالمسؤولية الملقاة على عاتقه.

 

حياته العائلتة:

 

 تزوج عام 1938م، وكانت معظم مسئوليات التربية تقع على كاهل زوجته بسبب انشغاله بعمله وأسفاره، ويروي أحد أبنائه: "كان يعطي كل من حفظ سطرًا قرش صاغ بجانب مصروفه اليومي، وإذا أراد زيادة يسأل ماذا تحفظ من القرآن فإن حفظ وتأكد هو من ذلك أعطاه، وقد كانت له فلسفة في ذلك فهو يؤكد دائمًا على حفظ القرآن الكريم حتى نحظى برضاء الله علينا، ثم رضاء الوالدين، فنكافأ بزيادة في المصروف، وكانت النتيجة أن التزم كل أبنائه بالحفظ، وأذكر أنه في عام 1960م كان يعطينا عن كل سطر نحفظه خمسة عشر قرشًا وعشرة جنيهات عن كل جزء من القرآن نحفظه، وكان يتابع ذلك كثيرًا إلى أن حفظ كل أبنائه، ذكورًا وإناثًا، القرآن الكريم كاملًا والحمدلله".

 

مؤلفاته:

 

 كتب العديد من المؤلفات منها "أحكام قراءة القرآن الكريم، القراءات العشر من الشاطبية والدرة، معالم الاهتداء إلى معرفة الوقف والابتداء، الفتح الكبير في الاستعاذة والتكبير، أحسن الأثر في تاريخ القراء الأربعة عشر، مع القرآن الكريم، قراءة ورش عن نافع المدني.

 

 في عام 1965م قضى الشيخ محمود خليل الحصرى عشرة أيام كاملة فى مسجد بباريس، وهناك وعلى يديه أشهر عشرة من الفرنسيين إسلامهم، أيضًا أشهر ثمانية عشرة أمريكيًا إسلامهم، من بينهم طبيبان وثلاثة مهندسين، وفى مدينة سان فرانسسكو تقدمت سيدة أمريكية مسيحية لتعلن أن قراءته مست وجدانها وأحست من عمق نبرات القراءة أن القرآن الكريم على حق، رغم أنها لم تفهم كلماته، ولذلك أشهرت إسلامها على يد الشيخ الحصرى، ووعدته بأن تلتحق بأحد المراكز الإسلامية لتتعلم اللغة العربية.

 

رؤيا والده:

  كان أبوه خليل السيد يشتغل بصناعة الحصير، فلقب بالحصري، وكان كلما وجد مصلى بلا حصير أو مفروشًا بقش الأرز، هرع إليه وفرشه بالحصير الجديد، حتى جاءته الرؤيا العجيبة، حيث رأى عموده الفقري يتشكل ويتدلى عنقودًا من العنب، والناس تأتي جماعات جماعات، يأكلون من عنقود العنب، وعنقود العنب لا ينفد.

 

 ولما تكررت الرؤيا ذهب لأحد الشيوخ وقصها عليه، فسأله الشيخ إن كان له ذرية، قال: "ولدي محمود عمره عامان"، قال: "ألحقه بالأزهر، يتعلم العلوم الشرعية، فسوف يكون له شأن كبير"، وقد كان! ولا نزال نأكل من عنقود العنب، وعنقود العنب لا ينفد.

 

 حرص في أواخر أيامه على تشييد مسجد ومعهد ديني ومدرسة تحفيظ بمسقط رأسه قرية شبرا النملة، وأوصى في خاتمة حياته بثلث أمواله لخدمة القرآن الكريم وحُفَّاظه، والإنفاق في جميع وجوه البر.

 

وفاته:

  توفى مساء يوم الإثنين 16 محرم سنة 1401 هـ الموافق 24 نوفمبر 1980 بعد صلاة العشاء، بعد أن امتدت رحلته مع كتاب الله الكريم ما يقرب من خمسة وخمسين عامًا.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الرابع والعشرون خليل الحصري الحصري

إقرأ أيضاً:

في ذكرى رحيل رجاء الجداوي.. رحلة موهبة بدأت من منصات الجمال إلى قلوب الجماهير

تحل اليوم الذكرى الخامسة لرحيل الفنانة المصرية القديرة رجاء الجداوي، إحدى أبرز رموز الأناقة والفن في مصر والعالم العربي، والتي امتد عطاؤها الفني والإنساني لأكثر من ستة عقود، جمعت خلالها بين الجمال والموهبة والالتزام، منذ تتويجها بلقب ملكة جمال حوض البحر المتوسط، وحتى مسيرتها الثرية في السينما والمسرح والدراما التليفزيونية.

ولدت رجاء الجداوي، واسمها الحقيقي نجاة علي حسن الجداوي، في السادس من سبتمبر عام 1934 بمحافظة الإسماعيلية، قبل أن تنتقل للعيش في القاهرة تحت رعاية خالتها الفنانة الشهيرة تحية كاريوكا، وتلقت تعليمها في مدارس الفرنسيسكان، ثم عملت مترجمة في وكالة إعلانات قبل دخولها عالم الشهرة والأضواء.

تميزت رجاء منذ صغرها بحضورها اللافت، حيث حصلت على وشاح «سمراء القاهرة» خلال إحدى الحفلات بحديقة الأندلس، ثم فازت بلقب «ملكة جمال حوض البحر المتوسط» عام 1958، إلى جانب فوزها بلقب «ملكة القطن المصري» في مسابقة ثقافية باعتباره من أشهر المنتجات المصرية في ذلك الوقت، بفضل إجابتها الدقيقة حول أنواع القطن والفرق بينها مما أبهر الجميع، وهو ما شكل انطلاقة حقيقية في مسيرتها كعارضة أزياء محترفة.

دخلت عالم التمثيل عبر فيلم «غريبة» عام 1958 مع المطربة نجاة الصغيرة، ثم شاركت في فيلم «دعاء الكروان» عام 1959 أمام فاتن حمامة، أحد روائع السينما المصرية، لتتوالى بعدها أعمالها المميزة مثل «نور العين»، «إشاعة حب» مع هند رستم وعمر الشريف وسعاد حسني، وواصلت تقديم الأدوار القصيرة لانشغالها في عروض الأزياء.

قدمت الجداوي خلال مسيرتها الفنية أكثر من 400 عمل، ومن أبرز أفلامها: «ثمن الغربة»، «أيام في الحلال»، «بريق عينيك»، «البيه البواب»، «تيمور وشفيقة»، «الثلاثة يشتغلونها»، «كركر»، «مراتي وزوجتي»، و«المش مهندس حسن».

وكانت لها بصمة خاصة في أعمالها مع الزعيم عادل إمام، حيث اشتركا في العديد من الأعمال الفنية الناجحة، من بينها «حنفي الأبهة»، «أحلام الفتى الطائر»، «عوالم خفية »، «الواد سيد الشغال»، و«الزعيم».

وفي الدراما التليفزيونية، قدمت باقة من أبرز المسلسلات التي لاقت نجاحا جماهيريا واسعا، منها «هند والدكتور نعمان»، «أوان الورد»، «نونة المأذونة»، «عائلة الحاج متولي»، «شربات لوز»، «هانم بنت باشا»، «بشرى سارة»، «حق مشروع»، «سارة».

وتألقت على خشبة المسرح في أعمال منها: «التعلب فات»، «أدب الجواز»، «نصيحة مخلصة للسيدات» و«الثعلب في الملعب».

كما خاضت تجربة التقديم التلفزيوني، عندما شاركت الإعلامي عمرو أديب في تقديم فقرة بعنوان «اسألوا رجاء " ضمن برنامج «الحكاية" على قناة «إم بي سي مصر» يومي الجمعة والاثنين من كل أسبوع.

حصدت «سمراء القاهرة» على العديد من الجوائز والتكريمات، حيث نالت جائزة أفضل ممثلة عن فيلم «من 30 سنة» في حفل توزيع جوائز مجلة «دير جيست» عام 2016 بناء على تصويت الجمهور، وفي مارس 2019 كرمتها إدارة المهرجان الإسباني العربي للموضة باعتبارها أول عارضة أزياء في الوطن العربي وإحدى رموز الفن المصري، وفي أكتوبر من العام ذاته تم تكريمها في موسم الرياض بالمملكة العربية السعودية ضمن كوكبة من نجوم الفن العربي والعالمي، كما كرمها مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة في دورته الرابعة في فبراير 2020 تقديرا لمشوارها الفني الطويل.

وعلى المستوى الشخصي، عاشت قصة حب وزواج مميزة مع حسن مختار حارس مرمى النادي الإسماعيلي ومنتخب مصر الأسبق، والذي تعرفت عليه خلال وجودها في السودان للمشاركة في مسرحية «روبابيكيا»، وتزوجا بعد أيام قليلة من لقائهما في الثاني والعشرين من نوفمبر عام 1970، وأنجبا ابنتهما الوحيدة «أميرة».

وكشفت رجاء الجداوي - خلال أحد اللقاءات الإعلامية - كواليس زواجها السريع قائلة بابتسامة: «كانت المرة الأولى التي أشاهد فيها مباراة كرة قدم وأفهم تفاصيل اللعبة، وبعدها تزوجنا بسرعة، والحمد لله اكتشفنا أننا مكملين بعض».

رجاء الجداوي كانت دائما مثالا للالتزام الفني والإنساني وحرصت حتى اللحظات الأخيرة من حياتها على التواجد في الساحة الفنية، حيث شاركت في مسلسل «لعبة النسيان»، الذي عرض في رمضان 2020، رغم إصابتها بفيروس «كورونا» خلال تصوير العمل، وأكملت دورها حتى الأيام الأخيرة.

كما شاركت في فيلم «توأم روحي»، الذي عرض بعد وفاتها في أغسطس 2020، بمشاركة حسن الرداد، أمينة خليل، وعائشة بن أحمد، ومن إخراج عثمان أبو لبن.

وفي الخامس من يوليو عام 2020، غيب الموت الفنانة رجاء الجداوي عن عمر ناهز 85 عاما، بعد إصابتها بفيروس «كورونا» المستجد وخضوعها للعلاج بمستشفى العزل الصحي بالإسماعيلية لمدة 43 يوما حتى تدهورت حالتها الصحية إلى أن أعلنت ابنتها خبر وفاتها، تاركة وراءها إرثا فنيا ومسيرة حافلة تظل خالدة في ذاكرة محبيها.

مقالات مشابهة

  • حكم مس المحدث المصحف المكتوبة بطريقة برايل .. الإفتاء تجيب
  • تفاصيل مقتل الشيخ حنتوس التي فجرت غضبا واسعا في اليمن
  • وزيرة التضامن تعين مجلس جديد للمحافظة علي القرآن الكريم بالمنصورة ورحيل "المناوي" ومجلسه | مستند
  • موعد المقابلات الشخصية لكلية القرآن الكريم بـ "الجامعة الإسلامية"
  • «الجامعة الإسلامية» تعلن موعد المقابلات الشخصية للمتقدمين لكلية القرآن الكريم
  • الصفحة الرسمية لوزارة الأوقاف تحيي ذكرى ميلاد الشيخ راغب غلوش رحمه الله
  • مشيخة أزهر الغربية تكرم أوائل مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم
  • منطقة الغربية الأزهرية تحتفل بتكريم أوائل مسابقة حفظ القرآن الكريم بحضور قيادات الأزهر
  • تكريم الفائزين في مسابقة الإمام الأكبر لحفظ القرآن الكريم بالغربية الأزهرية
  • في ذكرى رحيل رجاء الجداوي.. رحلة موهبة بدأت من منصات الجمال إلى قلوب الجماهير