قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن إسرائيل تمنع منذ أكثر من عام إدخال الأغطية والملابس والأحذية إلى قطاع غزة، بما يشمل احتياجات الأطفال، في ظل دخول موسم برد قارس وظروف إنسانية كارثية.

وأشار الأورومتوسطي إلى دخول فصل الشتاء الثاني منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، في ظل نقص شديد في الملابس والأحذية التي مُنع دخولها من معابر القطاع منذ اليوم الأول للحرب، ما عدا بعض الكميات التي دخلت كجزء من المساعدات الإنسانية، والتي تم توزيعها على جزء صغير من النازحين الذين يبلغ عددهم نحو مليوني شخص.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية: علينا توقيف نتنياهوlist 2 of 2قتل جماعي وتعذيب وإخفاء قسري.. أمنستي: إفلات من العقاب على جرائم ضد الإنسانية بليبياend of list

وقال الأورومتوسطي إنه لا يوجد أي مبرر أو ضرورة عسكرية في القانون الدولي تسمح بمنع إدخال هذه الأساسيات إلى السكان المدنيين، مشيرا إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يفرض قيودًا على دخولها في إطار سعيها لفرض ظروف معيشية قاسية على الفلسطينيين تؤدي إلى هلاكهم الفعلي، وذلك ضمن جريمة الإبادة الجماعية الشاملة التي ترتكبها هناك.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن إجمالي ما يدخل إلى قطاع غزة من شاحنات في الفترة الماضية لم يتجاوز 6% من الاحتياجات اليومية للسكان، وأغلب ذلك يتعلق بمواد غذائية، ولم يتعد ما يخص الملابس والأحذية 0.001%، مما تسبب بأزمة حقيقية، خاصة أن إسرائيل دمرت ما لا يقل عن 70% من منازل القطاع وغالبية المحال التجارية والأسواق، بما فيها الخاصة ببيع الملابس، فضلا عن تقييد تنسيقات إدخال البضائع للتجار.

ويُترك مئات الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن، دون ملابس كافية تحميهم من البرد القارس مع دخول فصل الشتاء، في ظل بقاء الغالبية العظمى من النازحين في خيام لا تقيهم البرد والمطر.

وقال الأورومتوسطي إن هذه الظروف الكارثية تنذر بزيادة تعرض الفلسطينيين لأمراض خطيرة، مثل التهابات الجهاز التنفسي وغيرها من الأمراض المرتبطة بالبرد، في ظل عدم توفر العناية الطبية اللازمة.

حصار تعسفي

وتزداد حدة الوضع بسبب النقص الحاد في الأدوية الأساسية اللازمة لعلاج الأمراض الناتجة عن البرد، وهو ما يُعزى بشكل مباشر إلى الحصار التعسفي الذي تفرضه إسرائيل، علاوة على ذلك، فإن شح الغذاء وقلة تنوعه، مع اعتماد السكان بشكل كبير على الأطعمة المعلبة، أضعف أجهزة المناعة لديهم، مما جعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والفيروسات.

وأبرز الأورومتوسطي أن نحو مليوني فلسطيني من أصل 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة هم نازحون ومهجرون قسرا من منازلهم، في حين يعيش معظمهم في خيام أو مدارس، أو في بقايا منازلهم المدمرة، بعد أن اضطروا للنزوح قسرا عدة مرات، وفي أغلبها اضطروا لترك ملابسهم وحاجياتهم الشخصية وخرجوا بما يرتدونه فقط.

وأضاف أن غالبية الأسر فقدت أغلب ممتلكاتها بسبب القصف والنزوح، مما زاد من تفاقم الوضع، بينما يبحثون عن الملابس والأحذية في أسواق دمرتها إسرائيل.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن فريقه الميداني رصد الأطفال في غزة، وهم يسيرون حفاة في شوارع مليئة بالحطام ومياه الصرف الصحي بسبب نقص الأحذية، ويرتدون ملابس خفيفة بالية وسط الأمطار.

وحذر من أن نقص الأحذية يزيد من تعرض الأطفال للإصابات والجروح، مما يجعلهم عرضة للعدوى في بيئة تفتقر إلى الأدوية والمستلزمات الطبية بسبب الحصار.

وأشار الأورومتوسطي إلى أن الأهالي يلجؤون إلى حلول مؤقتة غير كافية وغير آمنة وتزيد من معاناتهم وقهرهم، مثل صناعة الأحذية لأطفالهم من الخشب والبلاستيك. كما يضطر الغزيون اليوم بسبب شح الملابس إلى ترقيع الملابس البالية أو حياكتها من بطانيات، في حين يتمكن فقط من لديه مقدرة مالية من شراء تلك البدائل.

تدمير الحياة

وبيّن الأورومتوسطي أن إسرائيل تمنع كذلك الأساسيات الأخرى للحماية من برد الشتاء، كالبطانيات والحطب والوقود ومصادر التدفئة، كما تمنع دخول كميات كافية من الخيام والشوادر والنايلون، مما تسبب بعدم تمكن غالبية النازحين من تغطية خيامهم وحمايتها من الأمطار، وأدى إلى غرق مئات الخيام وتبلل الأمتعة القليلة لدى النازحين، بسبب الأجواء الماطرة خلال اليومين الماضيين.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن الحرمان المستمر والشديد من الأساسيات اللازمة للحياة هو فعل من أفعال الإبادة الجماعية، حيث يعمد إلى تجريد السكان من أبسط وسائل الحماية وخلق ظروف تهدف إلى تدميرهم واستهداف هويتهم الثقافية والاجتماعية والجسدية بهدف محو وجودهم. ويستهدف هذا الحرمان بشكل خاص الأطفال والفئات الضعيفة الأخرى، مما يزيد معاناتهم، ويسهم في ارتفاع معدلات الوفيات، بسبب الظروف الجوية القاسية.

وشدد الأورومتوسطي على أن حرمان جميع فئات السكان المدنيين من الاحتياجات الأساسية يُعتبر هجوما مباشرا على كرامتهم وتحطيما لروحهم المعنوية، وتجريدهم من إنسانيتهم ومعاملتهم على أنهم غير مستحقين حتى لأبسط الحقوق الأساسية، مما يعزز حالة اليأس التي يعيشها جميع سكان قطاع غزة.

وطالب الأورومتوسطي المنظمات الدولية والأممية بالعمل بجميع الوسائل الممكنة للضغط على إسرائيل لإدخال المواد الأساسية إلى قطاع غزة، كما دعاهم إلى كشف هذه الجرائم علنا وتسليط الضوء على المعاناة الإنسانية الناتجة عنها.

كما طالب المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في وقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وكل الأفعال الجرمية المرتبطة بها، معتبرا أن هذا هو السبيل الوحيد لحماية المدنيين ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه في ظل التدهور الخطير في الوضع الإنساني.

ودعا المرصد الأورومتوسطي بشكل خاص إلى إدخال الملابس الشتوية، والأحذية، والأدوات الأساسية للفلسطينيين فورا ودون أي عوائق، مطالبا بفرض عقوبات على إسرائيل وتنفيذ أوامر القبض التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت في أول فرصة وتسليمهم إلى العدالة الدولية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حريات المرصد الأورومتوسطی الأورومتوسطی إلى الملابس والأحذیة قطاع غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

محمد مندور يكتب: الشتاء النووي .. ماذا لو اندلعت الحرب الكبرى؟

ماذا لو حدثت حرب نووية؟

لطالما كان مفهوم الحرب النووية مرادفًا للدمار الشامل والموت الفوري. لكن وراء وميض الانفجار الهائل وموجة الحرارة المدمرة والإشعاع القاتل، يكمن تهديدٌ أعمق وأكثر شمولاً، هذا التهديد قادر على تحويل كوكبنا المزدهر، الذي نبني ونعمر فيه لقرون ونتصارع من أجل حصد خيراته، إلى صحراء قاحلة ومُتجمدة، وهو ما يعرف اصطلاحا بالشتاء النووي.

هذا السيناريو الكابوسي ليس مجرد خيال علمي، بل هو نتيجة محتملة علميًا لأي تبادل نووي واسع النطاق. يمكن أن نسميه ولادة الظلام على الأرض. يبدأ الشتاء النووي بسلسلة من الأحداث المروعة المرعبة. ولك أن تتخيل أنه عند انفجار الأسلحة النووية، خاصة فوق المدن والمناطق الصناعية المكتظة، لا تقتصر الأضرار على تدمير المباني والمنشآت، فالحرارة الشديدة الناتجة عن الانفجارات ستؤدي إلى اشتعال حرائق هائلة، تعرف بـ "عواصف النار". هذه الحرائق ستنتج كميات هائلة من الدخان والسخام والرماد، الذي سيصعد إلى الطبقات العليا من الغلاف الجوي، وتحديداً إلى طبقة الستراتوسفير.

تهديد هذه الطبقة من الغلاف الجوي يهدد بدمار كبير، فبخلاف الغبار البركاني الذي يميل إلى السقوط بعد فترة، فإن جسيمات السخام الدقيقة الناتجة عن الحرائق النووية، خاصة الكربون الأسود، خفيفة بما يكفي لتبقى عالقة في الستراتوسفير لسنوات. وبالتالي ستعمل هذه الجسيمات كغطاء أسود عملاق، يحجب أشعة الشمس بشكل فعال عن الوصول إلى سطح الأرض. وهنا لك أن تتخيل ماذا سيحدث حال غياب الشمس عن الأرض!

يمكن أن نسمي ما سيحدث بالموت البطيء، وهو ما ينتج عنه تداعيات كارثية. مع حجب ضوء الشمس ستشهد درجات الحرارة العالمية انخفاضًا كارثيًا ومفاجئًا. تُشير النماذج المناخية للتوقعات بتلك الكوارث، أنه حال قيام هذه الحرب النووية واسعة النطاق، يمكن أن تخفض متوسط درجات الحرارة العالمية بمقدار يتراوح بين 10 إلى 20 درجة مئوية، وفي بعض المناطق، قد يصل الانخفاض إلى أكثر من ذلك بكثير. هذا التحول الجذري سيؤدي إلى موت النباتات والمحاصيل، مما يؤدي إلى مجاعة عالمية غير مسبوقة. ليس هذا فقط، فالمسطحات المائية ستتجمد، مما يدمر النظم البيئية المائية ويقطع مصادر المياه العذبة.

يتوقع علماء البيئة أيضا انهيار النظم البيئية، ستموت أعداد هائلة من الحيوانات والنباتات التي لا تستطيع التكيف مع الظروف القاسية الجديدة. والكارثة الأكبر ستكون تدمير طبقة الأوزون الواقية. هذا يعني أن أي قدر ضئيل من ضوء الشمس الذي يتمكن من اختراق الدخان سيحمل معه مستويات مميتة من الأشعة فوق البنفسجية الضارة، مما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان والأمراض الأخرى، ويضر بالكائنات الحية حال نجاتها من البرد والجوع.

لكن ماذا بعد الشتاء النووي، إذا قدر لكائن أن نيجو من الموت؟ فحتى لو انتهى "الشتاء النووي" ببطء بعد سنوات، فإن الكوكب الذي سيكشف عنه ستار الدخان الأسود سيكون مختلفًا جذريًا عن كوكبنا الحالي. ستكون البيئة قد تغيرت بشكل لا رجعة فيه، مع تدهور التربة، وتلوث المياه، واضطراب كبير في أنماط الطقس. قد يؤدي ذلك إلى موجات جفاف طويلة، وفيضانات غير متوقعة، وعواصف شديدة، مما يجعل إعادة بناء الحضارة أمرًا شبه مستحيل.

هذا ليس قدر من الخيال، بل حقائق علمية. فالقوة العسكرية النووية ليست مجرد تهديد بالدمار المباشر، بل هي وعد بكارثة بيئية عالمية تدمر أسس الحياة على الأرض. إنها لعنة من السخام والدخان الأسود قادرة على تحويل كوكبنا الأزرق والأخضر إلى صحراء جليدية سوداء بدون ماء للعيش والحياة.

سيناريو الشتاء النووي يجب أن يكن بمثابة تذكير صارخ بالمسؤولية الأخلاقية التي تقع على عاتق البشر لتجنب استخدام هذه الأسلحة المدمرة بأي ثمن. فهذه حرب نهاية لا رجعة فيها!

في الحرب النووية لن يكون هناك منتصرون، بل منتحرون!

طباعة شارك الحرب النووية الشتاء النووي الأسلحة النووية

مقالات مشابهة

  • العشائر بغزة تواجه فوضى الاحتلال وتؤمّن المساعدات لأصحابها
  • سرايا القدس تسيطر على طائرتين صهيونيتين بدون طيار في غزة
  • “الأورومتوسطي”: “إسرائيل” تتعمد استخدام التجويع كسلاح حرب ضد الفلسطينيين
  • شاب بالرباط يتسبب في اعتقال والده بسبب شيك بدون رصيد
  • الأورومتوسطي .. الاتحاد الأوروبي يواصل تواطؤه المنهجي بجريمة الإبادة الجماعية في غزة
  • المنظمات الأممية تطالب بجهود ضغط دولية على إسرائيل لوقف المقتلة عند مراكز المساعدات
  • محمد مندور يكتب: الشتاء النووي .. ماذا لو اندلعت الحرب الكبرى؟
  • كالكاليست: إسرائيل تواجه خطرا وشيكا بشأن غاز الطهي
  • محلل: عدم استقرار القارة الإفريقية بسبب النزاعات المستمرة
  • انطلاق بعثة تجارية إلي تركيا تضم 20 شركة من قطاع الملابس الجاهزة