القاهرة- عمر حسن: يبدو أن العالم على مشارف تغيير خريطة القوى الاقتصادية خلال السنوات المقبلة، فثمة "شبه قارة" تسعى لإزاحة ألمانيا واليابان إلى الأسفل في قائمة أكبر اقتصادات العالم، لتحتل هي المركز الثالث بحلول 2030 بدلًا من الخامس حاليًا.

الهند، أو كما يُطلق عليها "شبه القارة الهندية"، صاحبة أعلى كثافة سكانية على مستوى العالم بعدد 1.

428 مليار نسمة متخطية الصين البالغ عدد سكانها 1.425 مليار نسمة، وسابع أكبر دولة من حيث المساحة على مستوى العالم، تستعد لتبوأ مكانة اقتصادية جديدة في الأعوام المقبلة، فكيف سيحدث ذلك؟

 

خُمس البشرية

في الوقت الذي تأن فيه بعض الدول من الزيادة السكانية، تسعى الهند إلى تطويع "خُمس البشرية" لخدمة هدفها بالوصول إلى ثالث أكبر اقتصاد على مستوى العالم بحلول 2030.

شبه القارة الهندية، التي تمتد من الجبال الشاهقة على الحدود مع افغانستان الى غابات بورما، والتي تعد موطن عدد من أكثر حضارات العالم قدما، تتمتع بتنوع سكاني ولغوي وثقافي واسع جدا.

وفقاً لبنك "غولدمان ساكس"، فإنه على مدى العقدين المقبلين، ستكون نسبة الإعالة في الهند من أدنى المعدلات بين الاقتصادات الإقليمية.

وتُقاس نسبة الإعالة في بلد ما بعدد المُعالين مقابل إجمالي السكان في سن العمل، إذ تشير نسبة الإعالة المنخفضة إلى وجود عدد أكبر نسبياً من البالغين في سن العمل القادرين على إعالة الشباب وكبار السن.

وتعمل الهند على استخلاص إمكانات النمو السكاني السريع عن طريق تعزيز مشاركة القوة العاملة فيها.

كان تلك الكثافة السكانية عبئًا في الماضي على الهند، ثم تحولت تدريجيا إلى ميزة تنافسية ترجح الكفة أمام الصين وأوروبا حيث النسبة الأعلى من ارتفاع الأعمار مقارنة بـ"شباب" الهند، الذي يُعدون وقود التنمية.

ومؤخرًا قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، إن حكومته انتشلت أكثر من 130 مليون شخص من الفقر وأن ازدهار الهند المتنامي يمثل فرصة للعالم.

وتابع: "عندما ينخفض ​الفقر في بلد ما، تزداد قوة الطبقة الوسطى بشكل كبير.. في السنوات الخمس المقبلة، أعدكم بأن الهند ستكون من بين أكبر ثلاثة اقتصادات في العالم".

ويعد اقتصاد الهند مدفوعاً بالطلب المحلي، على عكس عديد من الاقتصادات المعتمدة على التصدير في المنطقة، إذ يعزى ما يصل إلى 60 في المئة من نموها بشكل أساسي إلى الاستهلاك المحلي والاستثمارات، وفقاً لتقرير صادر عن بنك "غولدمان ساكس".

 

أذرع التنمية

توسع الناتج المحلي الإجمالي الهندي للربع الأول من العام الجاري بنسبة 6.1% على أساس سنوي، متجاوزاً بسهولة توقعات رويترز للنمو بنسبة 5%.

فيما تشير التقديرات إلى أن معدل النمو للعام بأكمله في البلاد سيصل إلى 7.2%، مقارنة بنسبة 9.1% في السنة المالية 2021-2022.

وترتكز خطة الهند الطموحة في تنمية الاقتصاد على تقدم الدولة في الابتكار والتكنولوجيا، وزيادة الاستثمار الرأسمالي وزيادة إنتاجية العمال.

كما أعطت حكومة الهند أولوية لإنشاء البنية التحتية، لا سيما في إنشاء الطرق والسكك الحديدية.

وتهدف الميزانية الأخيرة للدولة إلى مواصلة برامج القروض بدون فوائد لمدة 50 عاماً لحكومات الولايات من أجل تحفيز الاستثمارات في البنية التحتية.

ومن المتوقع أن تزيد عائدات صناعة التكنولوجيا في الهند بمقدار 245 مليار دولار بحلول نهاية عام 2023، وفقاً لرابطة التجارة غير الحكومية الهندية "ناسكوم".

وأشار تقرير "ناسكوم" إلى أن هذا النمو سيأتي عبر تكنولوجيا المعلومات وإدارة عمليات الأعمال وتدفقات منتجات البرمجيات.

 

اقتصاد 2075

طموح الهند لن يتوقف عند حد ثالث أكبر اقتصاد في العالم بحلول 2030، بل إنه سيتخطى ذلك في 2075 متجاوزًا الاقتصاد الأمريكي "أكبر اقتصاد في العالم".

وتسعى الهند لتبوء المركز الثاني كأكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2075، متخطية اليابان وألمانيا، والصين، بل والولايات المتحدة، كما يقول بنك "غولدمان ساكس"، من مركزها الخامس حالياً.

وتمتلك الولايات المتحدة حالياً أكبر اقتصاد في العالم، إذ يقدر بـ23 تريليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2021، وفقاً لبيانات البنك الدولي، بينما تمتلك الصين ثاني أكبر ناتج محلي إجمالي بقيمة 18 تريليون دولار والهند تمتلك اقتصاداً بقيمة ثلاثة تريليونات دولار.

 

سلة غذاء العالم

لعبت الأزمة الروسية الأوكرانية دورًا في إبراز الهند كـ"سلة غذاء للعالم"، حيث راهنت الأخيرة على إطعام جميع سكان الأرض.

سبق وأكد أكد رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، للرئيس الأمريكي، جو بايدن، استعداد بلاده لشحن المواد الغذائية إلى العالم، عقب صدمات الإمدادات وارتفاع الأسعار بسبب الحرب الأوكرانية الروسية، مؤكدا أنّ الهند لديها ما يكفي من الغذاء لسكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، وأنّها مستعدة لتزويد العالم بمخزونات الغذاء اعتبارًا من الغد، إذا سمحت منظمة التجارة العالمية بذلك.

وتعتبر الهند ثاني أكبر منتج للأرز والقمح في العالم، وتمتلك القدرة على تصدير 22 مليون طن من الأرز، و16 مليون طن من القمح.

وتسعى "شبه القارة" لتحقيق طفرة زراعية جديدة خلال السنوات العشر المقبلة ترتكز على 3 محاور هي: "رقمنة القطاع الزراعي، وتسويق المنتجات، و الزراعة العضوية".

 

للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا

المصدر: معلومات مباشر

إقرأ أيضاً:

ترامب يفرض رسوما جمركية على الهند ويتوعد بعقوبات إضافية.. توتر جديد بين واشنطن ونيودلهي

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع السلع المستوردة من الهند، اعتبارًا من الأول من آب/ أغسطس المقبل، في خطوة مفاجئة تهدد بتصعيد التوتر التجاري بين البلدين، وتبدد الآمال في التوصل إلى اتفاق ثنائي طال انتظاره.

وكتب ترامب في منشور على منصته "تروث سوشال": "رغم أن الهند صديقتنا، إلا أننا على مدى سنوات لم ننجز الكثير من الأعمال التجارية معها بسبب رسومها الجمركية المرتفعة للغاية، وهي من بين الأعلى في العالم، إلى جانب الحواجز التجارية غير النقدية الشاقة والمزعجة التي تفرضها، وهي الأسوأ على الإطلاق"، على حد تعبيره.

وأضاف ترامب أن الهند، التي وصفها بأنها "أكبر مشترٍ للطاقة الروسية إلى جانب الصين"، لا تزال تشتري الجزء الأكبر من معداتها العسكرية من موسكو، منتقدًا موقفها في ظل دعوات دولية لوقف الحرب الروسية في أوكرانيا، وقال:"هذه كلها أمور سيئة".

وفي تصعيد إضافي، ألمح ترامب إلى فرض "عقوبة غير محددة" على الهند في اليوم نفسه، دون أن يوضح ماهيتها أو قيمتها، ما أثار تكهنات واسعة بشأن طبيعة الإجراءات القادمة.

Donald J. Trump Truth Social 07.30.25 08:09 AM EST pic.twitter.com/klfYpLsR0F — Fan Donald J. Trump Posts From Truth Social (@TrumpDailyPosts) July 30, 2025
فشل المفاوضات التجارية
ويأتي قرار ترامب بعد أشهر من المفاوضات المكثفة بين واشنطن ونيودلهي بشأن اتفاق تجاري محدود، كانت تهدف إلى تخفيف الحواجز أمام المنتجات الزراعية والألبان الأمريكية. لكن تمسّك الهند بسياساتها الحمائية الزراعية، ورفضها السماح بدخول محاصيل معدلة وراثيًا مثل الذرة وفول الصويا والقمح، حال دون التوصل إلى أي اتفاق.

وتخشى الحكومة الهندية من تأثير الاستيراد واسع النطاق على معيشة ملايين المزارعين الصغار، ما جعلها ترفض تقديم تنازلات في هذا الملف الحساس.

من المتوقع أن يكون لقرار فرض الرسوم تأثير سلبي مباشر على الاقتصاد الهندي، لا سيما أن صادراتها إلى الولايات المتحدة بلغت نحو 87 مليار دولار عام 2024، وتشمل قطاعات حيوية مثل الملابس والمجوهرات والأدوية والبتروكيماويات.

في المقابل، قد تلجأ نيودلهي إلى إجراءات انتقامية قد تطال الصادرات الأمريكية إلى السوق الهندية، والتي بلغت قرابة 42 مليار دولار هذا العام، وتشمل منتجات صناعية وتقنية، إضافة إلى صادرات الطاقة مثل الغاز الطبيعي والنفط الخام والفحم.

ويبلغ العجز التجاري الأمريكي مع الهند نحو 45.7 مليار دولار، وفق بيانات وزارة التجارة الأمريكية.


الرسوم الجمركية نقطة خلاف مزمنة
لطالما انتقدت إدارة ترامب في ولايته السابقة٬ السياسات الحمائية التي تتبعها الهند، مشيرة إلى أن الرسوم الجمركية على بعض المنتجات الزراعية تتجاوز 39% كمعدل عام، وتصل إلى 50% على التفاح والذرة، و45% على الزيوت النباتية، ما يجعلها "من الأعلى في العالم"، حسب وصف ترامب.

وكان ترامب ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قد تعهدا في لقاءات سابقة بإبرام المرحلة الأولى من اتفاق تجاري بحلول خريف 2025، ورفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 500 مليار دولار بحلول عام 2030، مقارنة بـ191 مليار دولار في 2024، إلا أن القرار الأخير يهدد بتقويض تلك الخطط.

ورغم هذا التصعيد، لا تزال الحكومة الهندية تؤكد أن الولايات المتحدة تظل شريكًا استراتيجيًا محوريًا، خصوصًا في ظل التحديات الإقليمية المرتبطة بالنفوذ الصيني، لكنها تتمسك بسيادتها الاقتصادية وحقها في حماية سياساتها الزراعية والرقمية.

حتى اللحظة، لم تُصدر وزارة التجارة الهندية، التي تقود المفاوضات التجارية مع الجانب الأمريكي، أي تعليق رسمي على القرار أو على تصريحات ترامب. إلا أن مصادر دبلوماسية هندية ألمحت إلى وجود تحفظات متزايدة بشأن ما تعتبره "لغة تهديدية" لا تُسهم في بناء علاقات تجارية مستقرة.

مقالات مشابهة

  • تحقيق يكشف امتلاك نازيين جدد للأسلحة المرخصة في ألمانيا
  • مزاد صكوك الخزينة الإسلامية لشهر يوليو يحقق عطاءات بقيمة 5.35 مليار درهم
  • تراجعت 248 مليار دولار.. رسوم ترامب تهدد بتعميق خسائر أسهم الهند
  • تقرير: 22 دولة فقط التزمت بتعهداتها الأممية حول الطاقة المتجددة
  • أخبار السيارات| أرخص سيارة كهربائية في العالم .. تحديث جيلي EX5 بمدى أكبر وأسعار أقل
  • الهند تطلق قمرًا صناعيًا بالتعاون مع "ناسا" لمراقبة التغيرات المناخية
  • ترامب يفرض رسوما جمركية على الهند ويتوعد بعقوبات إضافية.. توتر جديد بين واشنطن ونيودلهي
  • ماذا يركب الناس؟.. أكثر 10 سيارات شعبية ومبيعا في العالم
  • صاحبة أكبر شفاه في العالم.. أندريا إيفانوفا تكشف عن صورها قبل التجميل
  • حرائق الغابات والعواصف والزلازل تكبد العالم أضرارا بقيمة 131 مليار دولار خلال نصف 2025