اليوم 24:
2025-07-31@04:53:41 GMT

"الثورة السورية" كما عشناها مغربيا..

تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT

خلال هذه الأيام وأنا أتابع أحداث غزة وما تقدمه المقاومة الفلسطينية واللبنانية من بطولات وتضحيات، وجدت أن الأحداث الجارية في سوريا أثرت بشكل كبير على متابعة الوضع الفلسطيني وشوشت على وضوح الرؤية، كما هالني حجم التعاطي العاطفي مع الأحداث الجارية في سوريا.

فهل ما يحصل في سوريا هو استئناف لثورة حقيقية ضد نظام مستبد من أجل تحقيق الحرية والديموقراطية، أم إن الأمر يتعلق بجماعات مسلحة يجري توظيفها بالوكالة لخدمة أجندات إقليمية ودولية وتوزيع مراكز النفوذ فوق الأراضي السورية؟
قررت الكتابة في هذا الموضوع بعدما لاحظت حجم الحملة الدعائية الإعلامية التي ساهمت فيها شخصيات سياسية المفروض فيها التريث والتأني والامتناع عن المساهمة في التضليل الإعلامي والسياسي.


ولذلك اعتبرت من مسؤوليتي الأخلاقية أن أبسط بعض المشاهدات الميدانية التي تكشف جزءا مما نحن بصدده انطلاقا من تجربتي الشخصية كما عشتها خلال سنوات الربيع العربي وأنا رئيس لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان، عسى أن تكون مفتاحا لفهم ما يجري اليوم، خصوصا بالنسبة للشباب الذي يندفع بحماسة وراء شعارات يتم استغلالها لتزوير الحقائق على الأرض.

بين احتجاجات 20 فبراير إلى الثورة السورية..
إلى جانب عدد من الشباب المغربي والتيارات المطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية نزلت يوم20 فبراير سنة 2011 للمطالبة بالإصلاح، وكانت آمالنا وأحلامنا متعلقة بما يجري في الأقطار العربية الأخرى، تونس، مصر، ليبيا، اليمن وسوريا..
بالنسبة للحالة السورية وقع انزلاق من احتجاجات سلمية مدنية يتبناها سوريون إلى احتجاجات عنيفة حولت سوريا إلى ساحة حرب بين أطراف خارجية ( سأعود إليها في مناسبة قادمة).
ما يهمني هو كيف تفاعل الشباب المغربي وخاصة من ذوي الاتجاهات السلفية المتشددة مع هذه المرحلة تحت تأثير دعاوي الجهاد في سوريا..
في منتدى الكرامة لحقوق الإنسان كنا نتبنى موضوع السلفية الجهادية في المغرب بعد التداعيات الحقوقية للتفجيرات الإرهابية لسنة 2003، ومنذ سنة 2008 نضجت لدينا مقاربة شمولية لمعالجة هذا الموضوع سميناها  » المقاربة التصالحية في معالجة ضحايا قانون مكافحة الإرهاب  » ونظمنا لذلك العديد من الندوات والورشات، منها ندوة بالدار البيضاء تحت عنوان « المقاربة التصالحية لمعالجة قضايا مكافحة الإرهاب » سنة 2008، ورشة بالرباط سنة 2013 إلى جانب منظمة عدالة وجمعية الوسيط من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان تحت عنوان :  » من أجل فهم سليم للحالة السلفية بالمغرب »، وأنجزنا وثيقة للترافع بها أمام الحكومة المغربية تستند على ثلاث عناصر: (الحوار الفكري، احترام حقوق السجناء، الإدماج الاقتصادي والاجتماعي).
ما يهمني من هذا الاستطراد هو ما لاحظناه ابتداء من سنة 2013 من إقبال متزايد لعدد من الشباب السلفي على السفر إلى سوريا من أجل ما كانوا يتصورونه جهادا، معظمهم كان يكفر بالدولة ومؤسساتها، ويحمل فكرا تكفيريا اتجاه الأنظمة العربية القائمة.

السلفيون الجهاديون المغاربة ورحلة الجهاد لسوريا..
من خلال النقاشات التي كانت تجمعنا مع بعضهم والذين كنا نتحاور معهم في إطار مشروع المقاربة التصالحية أو في إطار حل بعض مشاكل الإضراب لعدد منهم داخل السجون، كان تصورهم للجهاد هو أن عدوهم هو طائفة نصيرية لا تنتمي إلى ملة الإسلام مدعومة بالشيعة الرافضة التي تمثلها إيران وحزب الله، وهما يمثلان تهديدا لإخواننا السنة هناك، كما كان بعضهم معجبا بتجربة أبو مصعب الزرقاوي ودولته في الرقة، وكان بعضهم لا يخفي رغبته بأن يعيش إسلام الصحابة رضوان الله عليه في ظل تنظيم الدولة الإسلامية، خصوصا مع الإغراءات المادية التي كانت تقدم لهم.
نعم، كان التواصل يتم بواسطة بعض المواقع المعروفة التي تصطاد زبناءها عبر الأنترنيت، كانت تبث مشاهد لبعض العمليات الجهادية مرفوقة بمظاهر التعذيب التي يقوم بها النظام السوري ضد معارضيه، وهي مشاهد مؤثرة نجحت في استقطاب مئات الشباب المغربي المتحمس لفكرة الجهاد ونيل الشهادة في سبيل الله والدخول للجنة، وبعضهم كان يعاني من أزمة اجتماعية واقتصادية خانقة، وكان خيار السفر إلى سوريا هو هروب من جحيم الفقر والحرمان..
أعرف شابا في مقتبل العمر من مدينة العرائش كان ينشط كثيرا في إطار ما كان يسمى ب »اللجنة المشتركة للدفاع عن معتقلي السلفية الجهادية » كانت له مشاكل اجتماعية مع زوجتيه، وكان يعاني من أزمة مالية خانقة، فجأة سمعته ذهب لسوريا وسرعان ما تناقلت وسائل الإعلام صوره مقتولا..
لم يكن لهؤلاء الشباب أي تصور للديموقراطية أو الحرية أو الإصلاح السياسي، وكان التوظيف يتم عبر الأنترنيت بواسطة إغراءات مادية كبيرة ( وعد بتوفير مبلغ 1000 دولار شهريا، والسكن والزواج والتدريب على القتال، ) وفي رأيي هذا عمل استخباراتي محض ولا علاقة له بالثورة ومطالب الحرية.
كانوا يتلقون تذكرة السفر إلى إستنبول، يتم استقبالهم في تركيا وهناك يتم نقلهم إلى الحدود السورية قبل أن يتم توزيعهم على الجماعات المسلحة المختلفة، نعم يتم توزيعهم كما سيتضح بعد قليل؟
كان بعضهم ينجح في الفرار من معسكرات التدريب بعدما يصطدم بواقع مغاير لما وعد به، وحينما يعود إلى المغرب كان يجد السلطات الأمنية في استقباله فيتم إيداعه السجن..

تعديل قانون مكافحة الإرهاب بالمغرب لتجريم السفر لمناطق التوتر..
كانت المشكلة أن القضاء المغربي لم يجد الأساس القانوني لمحاكمة العائدين من جبهات القتال في سوريا، فقامت الحكومة المغربية بتعديل قانون مكافحة الإرهاب من أجل محاكمة « كل من يسافر إلى مناطق التوتر في العالم للقيام بمهام قتالية ».
وأعتقد بأن الأجهزة الأمنية المغربية كانت على علم بكل من يرغب في السفر إلى سوريا عبر مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، فكانت تغض الطرف عن بعضهم وتعتقل بعضهم حرصا على حياتهم، أما من سقط في المحرقة السورية فكانت في حل من أمره ومن نجح في العودة كانت تعتقله إلى أن تتأكد من مراجعته لأفكاره الجهادية فتطلق سراحه .
من الوقائع التي جعلتي أتعامل مع موضوع  » الثورة السورية » بحذر شديد، هو ما نقله لنا أحد المحامين أعضاء المكتب التنفيذي للمنتدى الذي كان ينوب عن أحد العائدين من سوريا، وكيف جرى استقباله في تركيا هو ومجموعة من رفاقه، لكن سيفاجأ في الحدود السورية أنه سيتم توزيعهم على مجموعات مسلحة مختلفة، وحصل أن وجد نفسه في أحد الاشتباكات التي جرت بين فصيلين  » جهاديين » أن وجد نفسه أمام صديقه المغربي الذي تقاسم معه رحلة السفر وهو يقاتل في فصيل آخر!!
هنا قرر العودة ليتم اعتقاله.
الخلاصة الأساسية..
التي ينبغي أن يفهمها بعض الشباب المتحمس اليوم لما يسمى بالثورة السورية، أن ما حصل في المغرب من تغرير بمئات الشباب حصل مثله في معظم الدول العربية والإسلامية، بل وفي البلدان الأوربية من الجاليات المهاجرة وغيرها..
إن تجربة المخابرات الأمريكية في توظيف مفهوم الجهاد والتلاعب بمشاعر ملايين المسلمين ليست جديدة، فقد جرى توظيف مبدأ الجهاد للزج بمئات الآلاف من العرب والمسلمين في ما سمي ب »الجهاد الأفغاني » الذي كان في الحقيقة سلاحا في يد أمريكا لإضعاف الاتحاد السوفياتي آنذاك.
واليوم، أستطيع القول بأن الراعي الإقليمي للمجموعات المسلحة السورية بالتنسيق مع المخابرات الأمريكية لعب دورا رئيسيا في إغراق سوريا بالجماعات المتشددة، من أجل تحقيق غايات سياسية بعيدة جدا عن خدمة أغراض الإصلاح السياسي وبناء الديموقراطية وتحقيق الحرية.
في الحلقة القادمة أتحدث عن الدور التركي، والذي أصبح من المسؤولية الأخلاقية والفكرية والشرعية تسليط الضوء عليه لفهم غاياته وأهدافه الحقيقية.

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: مکافحة الإرهاب السفر إلى فی سوریا من أجل

إقرأ أيضاً:

سارة خليفة من مذيعة بقنوات شهيرة لتاجرة مخدرات وصولا إلى السجن

أمرت النيابة العامة بإحالة ثمانية وعشرين متهمًا – من بينهم المتهمة/ سارة خليفة حمادة – إلى محكمة الجنايات، لمعاقبتهم عما نُسب إليهم من اتهامات بتأليف عصابة إجرامية منظمة تخصصت في جلب المواد المستخدمة في تخليق المواد المخدرة، بغرض تصنيعها بقصد الاتجار، وإحراز وحيازة أسلحة نارية وذخائر بغير ترخيص ونرصد لكم فى السطور التالية السيرة الذاتية للمتهمة :

السيرة الذاتية لـ سارة خليفة 
ولدت سارة خليفة في 29 مارس 1994 بمحافظة القاهرة وتبلغ من العمر 31 عاما وبدأت مسيرتها الإعلامية من خلال شاشة قناة روسية ناطقة بالعربية وقدمت برنامج "استمر على مدار ثلاث سنوات قبل أن تنتقل إلى العمل في قناة عراقية لمدة خمس سنوات ثم أنشأت في عام 2021 شركة لتنظيم الحفلات والمؤتمرات الإعلامية في منطقة الخليج وفي عام 2024 خاضت تجربة تقديم البرامج الكوميدية مشاركت فيه إلى جانب مطرب المهرجانات حمو بيكا ثم أعلنت أنها كانت متزوجة سرًا من لاعب كرة القدم محمود عبد المنعم كهربا واستمر لمدة ستة أشهر فقط قبل أن ينفصلا

تحقيقات النيابة العامة 

وكشفت التحقيقات عن قيام المتهمين بتأليف منظمة إجرامية يتزعمها بعضهم، بغرض تصنيع المواد المخدرة المُخلقة بقصد الاتجار فيها، وذلك عن طريق استيراد المواد المستخدمة في التصنيع من خارج البلاد. وتوزعت الأدوار فيما بينهم على مراحل، فاضطلع بعضهم بجلب المواد الخام، وتولى آخرون تصنيعها، بينما تولى الباقون ترويجها. وقد اتخذ المتهمون من أحد العقارات السكنية مقرًا لتخزين تلك المواد وتصنيعها

طباعة شارك سارة خليفة سارة خليفة حوادث سارة خليفة مخدرات سارة خليفة مذيعة تاجرة مخدرات سارة خليفة بائعة مخدرات

مقالات مشابهة

  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: الإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس الشرع تعمل بشكل متواصل لحل جميع المشكلات التي تواجه الشعب السوري، وخاصة الاقتصادية منها، بهدف دفع عجلة التنمية وتحسين نوعية حياة المواطنين
  • رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا ستيفان ساكاليان لـ سانا: التنسيق مستمر مع السلطات السورية في دمشق وجميع الجهات الفاعلة على الأرض في محافظة السويداء لدعم الاستجابة الإنسانية فيها
  • الواقع القضائي في سوريا والتحديات التي تواجه عمل العدليات خلال اجتماع في وزارة العدل
  • سارة خليفة من مذيعة بقنوات شهيرة لتاجرة مخدرات وصولا إلى السجن
  • وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار: سوريا الجديدة هي المنتجة التي تعيد تشكيل معاملها وبناء إنتاجها
  • المدير العام للمؤسسة السورية للمعارض والأسواق الدولية محمد حمزة: دورة هذا العام ستعكس صورة سوريا الجديدة، الواثقة بقدراتها ومستقبلها
  • حمزة: أدعو جميع الشركات والمستثمرين الوطنيين والدوليين للمشاركة في هذا الحدث الاقتصادي النوعي كما أدعو الجميع لزيارة المعرض والتعرف على التطورات الاقتصادية والصناعية والثقافية والاجتماعية التي تشهدها سوريا
  • حمزة: تلقينا حتى الآن تأكيدات بمشاركات دولية كبيرة إضافة إلى مشاركة فاعلة من المحافظات السورية والقطاعات الصناعية والزراعية والحرفية وهو ما يجعل من هذه الدورة منصة وطنية شاملة تعبر عن قدرات سوريا وتنوعها
  • المنسق المقيم للأمم المتحدة في سوريا الدكتور آدم عبد المولى لـ سانا: تواصل الأمم المتحدة جهودها في حشد الدعم وتعزيز التنسيق مع السلطات السورية لضمان استمرارية الاستجابة الإنسانية جراء الوضع في محافظة السويداء
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)