يمانيون:
2025-07-29@19:02:11 GMT

كيف حقّقت “المقاومة” نصرها العسكري والسياسي؟

تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT

كيف حقّقت “المقاومة” نصرها العسكري والسياسي؟

يمانيون../
يُجمع الخبراء العسكريون أن حرب لبنان الأخيرة لم تكن كسابقاتها من الحروب، وكل ما يندرج تحت مسمى هذه الحرب من تفاصيل كان مختلفًا تمامًا عمّا سبق، والأدق؛ أنه كان أكثر تعقيدًا. هذه المسلّمات تقودنا إلى نتيجة حتمية واحدة، وهي أن النصر المحقّق في هذا الإطار لم يكن نصرًا عاديًا أو كنصر حرب تموز 2006، بل كان نصرًا عظيمًا.

هذا الأمر يبدو واضحًا إذا ما تم قياسه بمعايير العلوم العسكرية والقتالية والدفاعية قبل أي معايير أخرى، وذلك من خلال قراءة وقائع المعركة انطلاقًا من المنظور العسكري، بالإضافة إلى ما جاء في اتفاقية وقف إطلاق النار من بنود ثبّتت أحقّية وحجم هذا النصر.

يشير منسق الحكومة اللبنانية السابق لدى قوات الطوارئ الدولية ورئيس المحكمة العسكرية السابق الخبير العسكري العميد منير شحادة في هذا السياق إلى أن حشد 5 فرق عسكرية على حدود لبنان مدجّجة بمئات دبابات الميركافا، ومحمية بمئات الطائرات الحديثة، ومزودة بآلاف الأطنان من الذخيرة، وبعد تمكن “إسرائيل” من اغتيال معظم قادة الصف الأول بمن فيهم القائد الأعلى لهذه المقاومة، وبعد عملية الـpagersالإرهابية التي أدت إلى إخراج 3200 عنصر من المقاومة من مهامهم. بعد كل هذه الضربات التي تعتبر قاتلة بالنسبة لأي جيش في العالم، نرى في الجنوب صمودًا وقوةً واستبسالًا من المقاومين في الدفاع عن أرضهم، حيث انتقلت المقاومة من مرحلة استيعاب الصدمة إلى الدفاع إلى الهجوم، ووصلت إلى حد استهداف منزل رئيس وزراء العدو وقصف وزارة حربه؛ وكل هذا يعدّ نصرًا.

في هذا الصدد، أكد الخبير العسكري العميد علي أبي رعد أيضًا، أن “الإسرائيلي” ظن بعد كل ما قام به من عمليات استهداف تراكمية، أنه سيحصد في نهاية الأمر إنجازات تُكتب له، معتقدًا أن بمقدوره أن يفعل في لبنان ما فعل مع الجيوش العربية كافة، ولكن “حساب الميزان لم يطابق حساب البيدر.”

العميد شحادة يستشهد هنا بمؤشر آخر، عندما تتوجه فرقتان عسكريتان (91 و 98) مدعومتان بفرقة ثالثة (210) لتهاجم بلدة جنوبية عمقها 4 كلم بطول 8 كلم، وتحاول ذلك على مدة شهرين، لكنها في النهاية لم تستطع أن تحتل هذه البلدة. هذه الفرق الخمس حاولت لشهرين اختراق الحدود، ولم تتمكن أن تخترق سوى جزء من المحور الغربي منها وبقوة محدودة، وصلت إلى منطقة شمع، ثم تعرضت إلى كمين في منطقة البيّاضة أدى إلى تدمير عدد من الدبابات وتراجع هذه الفرق؛ وكل ذلك يصنّف نصرًا.

عندما يتّحد العالم بأكمله إعلاميًا ويهشّم صورة المقاومة ويسعى إلى خلق الفتنة وإيجاد شرخٍ ما بين المقاومة وبيئتها على امتداد سنة وشهرين تقريبًا، ولم يفلح في إحداث أي شرخ بعد أن أظهرت البيئة- رغم هذا الدمار والمأساة- أنها متمسكة أكثر من أي وقت مضى بمقاومتها؛ فهذا يعدّ نصرًا.

من ناحية أخرى، يؤكد العميد شحادة أن الحديث عن فشل المقاومة في ردع “إسرائيل” كلام خطأ، وأن قوة الردع لا تقاس بحجم الدمار وعدد الشهداء، وصحّة هذا القول تتضح إذا قرأنا الأمور بطريقة معاكسة. تمتلك “إسرائيل” 12 فرقة عسكرية بحدود الـ 400 ألف جندي، ومع كل هذه الترسانة من الأسلحة والدبابات والصواريخ فإنها لم تمنع المقاومة من التسبب بتهجير مليون نازح “إسرائيلي”، ومن تدمير معظم مستعمرات الشمال ومن قصف قلب تل أبيب وحيفا ومعظم المصانع العسكرية، ومن إغلاق كل المصالح التجارية “الإسرائيلية” وإصابة هذا الكيان بالشلل الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي، فهل يمكن حينها أن نقول إنه ليس لدى الجيش “الإسرائيلي” قوة ردع؟

وبالحديث عن عوامل أخرى للنصر، يذْكر العميد أبي رعد أن الإرادة الحقيقية للقتال لدى العنصر البشري في حزب الله تعدّ إحدى أهم هذه العوامل، وهذا ما كرره سماحة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في أحد خطاباته، يضاف لذلك أن الهيكلية القيادية والعسكرية للمقاومة لم تتأثر بشكل أفقدها التوازن، بل على العكس استعادت زمام الأمور مباشرة بعد الأسبوع الأول للحرب.

ومن جملة العوامل لا بد –وفقًا للعميد عينه- من ذكر أهمية الإستراتيجية الدفاعية والقتالية التي اعتمدها حزب الله، مستفيدًا من الخبرات التي راكمها على مدار أعوام، والتي استطاع من خلالها أن يطور قدراته البشرية والمادية وحتى أسلحته، ويشير إلى أن ثمة فرقاً شاسعاً جدًا ما بين مقدرات المقاومة في العام 2006 ومقدراتها الحالية، وهذا الأمر ينطبق أيضًا على صعيد العدو وإمكانياته وما يمتلكه من أسلحة تعد من أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا والصناعة العسكرية.

أما على صعيد اتفاق وقف إطلاق النار، ولمعرفة ما إذا تمخض عن هذا الاتفاق نصر أم لا، فيجب أن نعرف بدايةً من هو الذي سارع أولًا لإبرامه. كانت “إسرائيل”- والكلام هنا للعميد شحادة- هي أول من سعى لذلك، والدليل أنه منذ أكثر من أسبوعين بدأت تخرج من الإعلام “الاسرائيلي” عدة تصريحات عن مسؤولين تحدثوا عن وجود تقدم في عملية وقف إطلاق النار على الجبهة الشمالية، وفي العلم العسكري من يسعى لوقف إطلاق النار أولًا هو المهزوم، وبالتالي فإن النصر هنا هو حتمًا للمقاومة.

إلى جانب ذلك، يرى العميد أبي رعد أن الضغط الأميركي على “إسرائيل” وإصرارها على وقف إطلاق النار قبل انتهاء الولاية الرئاسية الأمريكية الحالية، هو دليل على حجم المأزق الذي يعيشه الكيان المحتل وكذلك عجزه عن تحقيق أي إنجاز بسبب الملاحم البطولية التي خطّها رجال المقاومة في جنوب لبنان، بل إن مجرد توقيع الاتفاق هو اعتراف ضمني بوجود وبقوة المقاومة.

وفي الإطار عينه، يؤكد أننا اليوم أمام الاتفاق 1701 مضافًا إليه بند اللجنة المشرفة على تنفيذ الاتفاق، والتي ضمت لبنان و”إسرائيل” وممثل الأمم المتحدة وحديثًا أميركا وفرنسا (بعد ضغط من قبل لبنان)، وهذا يعني أن “نتنياهو” لم يحقق أيًّا من أهدافه التي سبق أن أعلن عنها في بداية الحرب، أبرزها القضاء على المقاومة وإبعادها إلى ما بعد نهر الليطاني.

العوامل المجتمعة المذكورة أعلاه تقودنا إلى نتيجة واضحة، منطقية وحتمية، وهي أن النصر قد تحقق فعلًا في المفهوم العسكري والإستراتيجي، وما حملته بنود اتفاق وقف إطلاق النار يعدّ أيضًا نصرًا جديدًا في الميزان التفاوضي السياسي.

العهد الاخباري- سارة عليان

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: وقف إطلاق النار

إقرأ أيضاً:

الرضيع “يحيى النجار”.. قتلته إسرائيل بالتجويع في “حرب العالم المتحضّر ضد الوحشية”

#سواليف

كان من المفترض أنّ يكون قدومه إلى هذا العالم عيدًا لوالديه وبهجة لعائلته التي انتظرت بلهفة احتضانه وتزيين حياتهم به، ومنّوا أنفسهم بتوفير احتياجاته كاملة لكي ينمو نموًا سليمًا تمامًا مثل أقرانه في أي مكان على هذه الأرض. جاء الرضيع_يحيى_النجار إلى هذه الدنيا ولكنّه ولد في #غزة_المنكوبة. كان قدومه سببًا يدعو للبهجة وسط المأساة، لكنّه شكّل أيضًا بدء سلسة من #المعاناة المتواصلة لتأمين أبسط احتياجاته وسط هذه الظروف القاتلة.

ولد “يحيى” في المدينة التي تحاصرها إسرائيل منذ أكثر من 19 عامًا، وشدّدت حصارها بالتزامن مع تنفيذها #إبادة_جماعية فيها منذ أكتوبر/ تشرين أول 2023، حيث استخدمت إسرائيل سياسة التجويع المنهجية ضد السكان المدنيين، ولم تسمح سوى مرات نادرة بإدخال كميات قليلة من الطعام لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تلبي الاحتياجات الهائلة للسكان المُجوّعين في قطاع #غزة.

اصطدمت والدة “يحيى” بهذا الواقع المميت، وأصاب رضيعها ما أصاب معظم سكان المدينة من الهزال بسبب #الجوع_الشديد، فهرعت -وهي التي أنهكها الجوع- به إلى مستشفى “ناصر” في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، حيث كان يعاني من إعياء شديد بسبب الإسهال الملازم له منذ أيام، لكنّها ووالده اكتشفا أنّ “يحيى” يعاني من سوء التغذية الحاد، وأخبرهم الطبيب بضرورة أن يبقى تحت الملاحظة في وحدة العناية المركزة.

مقالات ذات صلة مصدر إسرائيلي يؤكد: لم يتبق لدى حماس أكثر من 20 رهينة على قيد الحياة 2025/07/28

في حقيقة الأمر، وصل “يحيى” لهذه #الحالة_الخطرة لأنّه لم يتناول شيئاً منذ أربعة أيام سوى “اليانسون” الخالي من أي مادة مغذية لرضيع يبلغ من العمر أربعة أشهر فقط. لم يجع “يحيى” صدفة أو إهمالًا، فوالداه طرقا كل أبواب المدينة بحثًا عن حليب أو أي مكملات أو مدعمات غذائية ولم يجدا شيئًا بسبب الحصار الإسرائيلي المشدد، حيث تمنع إسرائيل إدخال حتى الحد الأدنى من أبسط الاحتياجات الغذائية سواء للأطفال أو البالغين وتتركهم ليموتوا جوعًا، على مرأى ومسمع من العالم الذي يشاهد هذه الفظاعات ولا يحرك ساكنًا.

لم يمهل الجوع “يحيى” كثيرًا، ولم يستطع جسده النحيل الصغير الصمود كثيرًا، وتوفيبعد أربعة أشهر فقط من حياة لم يعرف منها سوى المعاناة والألم، وما كان خيالًا مستبعدًا أصبح حقيقة واقعة: لقد توفي بسبب الجوع.

يصف والد الطفل الرضيع “يحيى النجار” جسد طفله ويقول: “ما ذنب طفلي أن يموت من الجوع ومن قلة المواد الخاصة بالأطفال في قطاع غزة؟ ما ذنبه؟! انظر كيف نحل جسده.انظر كيف التصق جلده بعظمه!”

وبقلب يعتصره القهر والحسرة والألم، يحمل والد “يحيى” جثمان طفله ويصرخ: “نطالب كل العالم وأي إنسان لديه ضمير حيّ ورحمة وإنسانية أن ينظروا لما آل إليه مصير أطفالنا بسبب عدم وجود الحليب والطعام”.

أما والدته فتبكي بحرقة وتقول: “لم يتناول شيئاً منذ أربعة أيام سوى “اليانسون” والمياه لعدم توفر الحليب الطبيعي أو الصناعي. كان طوال الوقت يضع يده في فمه من شدة الجوع”.

تجتمع العائلة المكلومة حول جثمان “يحيى” المسجى على السرير بلا لون وبعظام بارزة وجلد مجعد، ويبكون انقلاب فرحتهم إلى فاجعة بسبب ظروف قاهرة كانت أقوى من أن يستطيعوا تغييرها أو تحسينها.

لم يكن “يحيى” الطفل الأول أو الوحيد الذي يفقد حياته في غزة بسبب سياسة التجويع الإسرائيلية المنهجية، فسبقه أكثر من 110 مُجوَّعين معظمهم من الأطفال، توفوا بسبب المجاعة وسوء التغذية، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.

منذ شهر مارس/آذار الماضي، بعد إعادة فرض إسرائيل حصارها المطبق على القطاع،توفي نحو 90 طفلًا بسبب المجاعة التي تتفاقم مع مرور الوقت، وتزايدت أعداد الأشخاص -من مختلف الفئات العمرية- الذين يصلون المستشفيات بحالة إعياء وتعب شديد، وقد وصل الحال ببعضهم إلى الانهيار من شدة الجوع وسوء التغذية الحاد.

خلال جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” في أكثر من مناسبة أنّ هذه ليست حرب إسرائيل فقط، بل هي حرب الحضارة والعالم المتحضر ضد الوحشية، وتمتد إلى ما هو أبعد من مكافحة الإرهاب، على حد وصفه. فهل من صفات “العالم المتحضر” أن يقتل الأطفال والبالغين جوعًا؟ أو حتى أن يكون سببًا في ذلك من خلال غض الطرف عن الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في غزة، بل ومدّها بجميع أسباب الاستمرار في تلك الأفعال؟ وهل هؤلاء الضعفاء الذين يقضون جوعًا متوحشون وينبغي محوهم من الوجود؟

في قطاع غزة المُحاصر، يواجه نحو 650 ألف طفل خطر الموت جوعًا إن لم يتحرك العالم لوقف جريمة الإبادة الجماعية والحصار الخانق المفروض على المدنيين، ويفعّل كل أدواته لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أكثر من 21 شهرًا من الاستهداف الشامل والمنهجي لجميع سبل الحياة في القطاع، وتقصّد إهلاك وإفناء المجتمع برمّته.

لا يمكن أن يصبح الموت جوعًا شيئًا عاديًا بين أروقة المستشفيات وثلاجات الموتى وطرقات المقابر، لكنّ شبحه أصبح ملازمًا للجميع في غزة مع اشتداد المجاعة واستمرار الحصار الذي أحكمت إسرائيل إطباقه على القطاع منذ 2 مارس/ آذار الماضي. ومنذ أواخر مايو/ أيار المنصرم، فرضت إسرائيل بدعم أمريكي آلية مساعدات وهمية، تبيّن فور تشغيلها أنّها مساحة جديدة للقتل ومصيدة للموت، تضع فيها مؤسسة أمريكية صناديق طعام قليلة لآلاف المجوعين في مناطق عسكرية خطيرة، ويتولى الجيش الإسرائيلي مهمة قتلهم بدم بارد خلال توجههم لتلك المناطق، حيث قتل منذ ذلك الوقت أكثر من ألف مُجوّع دون أي ضرورة أو سبب، ودون أي يكلّف نفسه حتى بتبرير هذه الوحشية.

لم يعد يملك الفلسطينيون في قطاع غزة وسيلة للنجاة من كل هذه الظروف التي اجتمعت لإهلاكهم ومحوهم من الوجود، فهم يقفون وحدهم بأمعاء فارغة وأجساد متهالكة في مواجهة ترسانة عسكرية ضخمة مصممة لمقارعة جيوش جرارة لا مدنيين عزل، ولا أحد في هذا العالم يتدخل لوقف هذه المهلكة.

مقالات مشابهة

  • يديعوت أحرونوت: تأثير تركيا العسكري والسياسي المتزايد بات التهديد الأكبر لإسرائيل
  • ماذا حدث في المفاوضات؟ ولماذا انقلبت “إسرائيل”؟
  • “الحوثيون” ينشرون مشاهد لطاقم السفينة “إيترنيتي سي” التي تم إغراقها (شاهد)
  • منظمة “بتسيلم” الإسرائيلية: إسرائيل تنفذ إبادة جماعية في قطاع غزة
  • الرضيع “يحيى النجار”.. قتلته إسرائيل بالتجويع في “حرب العالم المتحضّر ضد الوحشية”
  • واشنطن تستهلك ربع مخزون “ثاد” في حرب “إسرائيل” وإيران
  • “رادع” تعدم 6 متهمين بالتخابر مع الاحتلال في خان يونس
  • الحية: المقاومة أفشلت “عربات جدعون” ومخططات الاحتلال في رفح تمهد للتهجير
  • “القسام” تعلن استهداف برج دبابة صهيونية شرقي جباليا
  • “القسام”: استهدفنا ناقلة جند صهيونية شرقي خانيونس