ما الذي سنفعله قبل وصول الرئيس؟ _ #ماهر_أبوطير
#يهدد #الرئيس_الأميركي #دونالد_ترامب #الشرق_الأوسط ما لم يتم #إطلاق_الأسرى_الإسرائيليين في #قطاع_غزة، ويمهل المنطقة حتى موعد تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة مطلع العام الجديد.
كيف سيتعامل الأردن مع الإدارة الجديدة، وهي بتركيبتها معادية أساسا لدول المنطقة، وتريد تسوية كل الملفات بالحرب أو بالسلم، ونرى كيف ينزع الرئيس الجديد إلى الحدية حتى قبل رئاسته الرسمية، وغدا سنراه في موقعه ومعه حلفاء غربيين وعرب يشكلون موقفا موحدا؟.
الا نحتاج منذ هذه الأيام إلى زيارة واشنطن على مستويات مختلفة، لإنعاش العلاقات القائمة مع الكونغرس والمؤسسات السيادية واللوبيات ومراكز التخطيط، أم سنبقى ننتظر وصول الرئيس من أجل بدء حملة ترميم العلاقات مع واشنطن، ونحن نعرف أن آخر عامين للرئيس السابق كانت علاقته مع الأردن باردة جدا، حتى وان استمر الدعم المالي للخزينة وللبرامج الأميركية.
مقالات ذات صلة أسوأ من العدو أصحاب العقارات وتجار الحروب 2024/12/04للولايات المتحدة مصالحها هنا في الأردن، ولديها وجود دبلوماسي، وعسكري، وموقع الأردن حساس جدا فهو يتوسط الإقليم، وليس من مصلحة واشنطن التسبب بأي أضرار له، لكن الاتجاه الواضح في الولايات المتحدة يؤشر على خط زلزالي قائم، لا يمكن وقفه لمجرد الركون إلى المعادلات التقليدية في العلاقات ومنافعها لأي طرف فيها، خصوصا، ان واشنطن اليوم تريد حسم الملفات وستفرض على كل حلفائها نمطا مختلفا له ارتدادات داخلية في كل بلد.
هل لنا وجود كاف في الولايات المتحدة على صعيد البعثة الدبلوماسية الأردنية في واشنطن، ومدى كفايتها، ومقدرتها على التحرك، في ظل تقييمات أميركية سنرى صداها لاحقا حول التعبيرات عن السياسة الخارجية الأردنية، ومدى قبولها على صعيد ملفات مختلفة مثل العلاقة مع إسرائيل، وما يجري في غزة، وغير ذلك وهي تعبيرات انخفضت حدتها لاعتبارات متعددة، لكنها مخزونة في الداتا الأميركية التي ستضعها في تحليل موحد، حول سياسات الأردن.
لماذا لا يشكل الأردن تحركا عربيا بدلا من البقاء وحيدا، من أجل تحديد موقف حتى لا يبدو المعترض الوحيد على الأميركيين في قضايا مختلفة، ونحن أمام سيناريوهات خطيرة تتعلق بالضفة الغربية والقدس، واخطار ملفات العراق، وسورية، ولبنان، على مجمل الأمن الإقليمي، وعلى الأردن أيضا، ونحن بأمس الحاجة اليوم الى شبكة حماية عربية، مع الإدراك هنا أن العرب ليسوا على قلب رجل واحد، وان هذه أكثر فترة تقف فيها كل دولة منفردة أمام اخطارها.
هل تقرب الأردن من السياسة الاميركية في محاور مختلفة كاف لحمايته، مع الاشارة هنا الى ان هذا الاقتراب مكلف أيضا إذا ذهبت الإدارة الأميركية للتصعيد في كل المنطقة لأن التحالف بهذا المعنى سيضعنا ضمن حزمة دول تواجه حزمة دول ثانية، وهو أمر لا يحتمله الأردن في ظل التهديدات لإيران والعراق وسورية ولبنان وفلسطين، وما قد ينجم عن هذا المشهد.
يتشظى كل شيء، منذ الآن، وقد أصبحنا اليوم أمام سورية مقسمة واثنين وعشرين بالمائة منها خارج سيطرة دمشق الرسمية، ومحاولات استدراج العراق للتورط في الملف السوري من خلال إرسال قوات عسكرية لحماية الأسد، متواصلة بديلا عن قوات حزب الله، بحيث أصبح الأردن محاطا بسوار من الحرائق، ولا يبدو انها ستتوقف مع تهديدات إسرائيل بوقف الهدنة مع لبنان، والعودة للحرب ضد لبنان ذاته وليس حزب الله ومناطقه وقواته.
هل تكفي هنا الاتصالات السياسية والدبلوماسية لمواجهة كل هذا الوضع، أم أننا بحاجة لحلول مبتكرة، يبدو انها غير متوفرة، لأن كل الإقليم تتداعى اركانه تحت عناوين مختلفة، في الوقت الذي يبدو فيه الأردن آمنا الى حد كبير، وهو واقع يغري خصومه لجره إلى الفوضى التي نراها، ويغري أيضا من يريدون جره إلى الوصفات لتصفية القضية الفلسطينية بشكل إجباري.
اسئلة الأردن مع واشنطن، كثيرة، والصمت يوتر الأعصاب، لأن هكذا واقع لا يتم إطفاء مخاوفه بمجرد التصريحات أو انتظار ما سيأتي به الغد من تطورات مفتوحة.
علينا أن لا ننتظر وصول الرئيس الجديد إلى موقعه، ووضع خطة يبدأ تنفيذها منذ الآن، إذا استطعنا إلى ذلك سبيلا، فنحن امام أسابيع وأشهر فاصلة في حياة هذه المنطقة.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: يهدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشرق الأوسط إطلاق الأسرى الإسرائيليين قطاع غزة وصول الرئیس
إقرأ أيضاً:
متى تتراجع الولايات المتحدة؟
لم تُعرف الولايات المتحدة يوما بتقديم تنازلات سياسية أو إنسانية طوعية، لا تجاه الشعوب ولا حتى تجاه حلفائها. سياستها الخارجية قائمة على منطق الهيمنة، واستخدام كل أدوات الضغط: الحروب، والحصار، والانقلابات، والقواعد العسكرية، والإعلام، والابتزاز الاقتصادي، والاغتيالات. ومع ذلك، يعلّمنا التاريخ الحديث أن هذا الوحش الجبّار لا يعرف الانحناء إلا إذا كُسرت إحدى أذرعه، ولا يتراجع خطوة إلا إذا أُجبر على التراجع.
من فيتنام إلى العراق، ومن أفغانستان إلى غزة واليمن.. أمريكا لا تفاوض إلا تحت النار، ولا تعترف بالخصم إلا إذا فشلت في سحقه.
في غزة.. قنابل أمريكا لا تنتصر
منذ أكثر من عام ونصف، تشنّ إسرائيل حرب إبادة على قطاع غزة، بدعم مباشر من أمريكا عسكريا وسياسيا. مئات آلاف القنابل أُلقيت على السكان المدنيين، عشرات آلاف الشهداء، وتجويع وتدمير ممنهج، ومع ذلك لم تُحقق إسرائيل أيا من أهدافها العسكرية: لا القضاء على حماس، ولا تحرير الأسرى، ولا إعادة السيطرة على غزة.
صمود المقاومة مستمر، والقدرة القتالية لم تنهَر، بل أُعيد تنظيمها رغم شدة الضربات.
الدعم الأمريكي بلغ ذروته: حاملات طائرات، جسر جوي عسكري، فيتو سياسي، ومع ذلك.. الفشل واضح.
ثم جاءت لحظة الاعتراف: "أمريكا تفاوض حماس!" الصفعة الكبرى لهيبة أمريكا جاءت عندما بدأت واشنطن، عبر مدير "CIA" وغيره من الوسطاء، التفاوض غير المباشر مع حماس نفسها -من كانت تصفها بالإرهاب المطلق- بهدف تحرير أسير أمريكي لدى المقاومة.
هنا انكسر القناع: من تقصفه بالصواريخ وبالفيتو، تجلس إليه لتفاوضه من أجل رهينة أمريكية واحدة! وكأن أرواح آلاف الفلسطينيين لا تهم.
وفي اليمن.. من نار الحرب إلى موائد التفاوض
1- الدعم الأمريكي لحرب اليمن: منذ انطلاق "عاصفة الحزم" في 2015، دعمت الولايات المتحدة التحالف السعودي- الإماراتي سياسيا وعسكريا ولوجستيا، عبر صفقات سلاح ضخمة، وتزويد الطائرات بالوقود، وتوفير الغطاء الدولي في مجلس الأمن. الحرب أدّت إلى أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث، قُتل فيها عشرات الآلاف من المدنيين، ودُمرت البنية التحتية، وفُرض حصار خانق على الشعب اليمني. ورغم كل هذه الأدوات، لم تستطع أمريكا ولا حلفاؤها القضاء على أنصار الله (الحوثيين) ولا السيطرة على الشمال اليمني. بل على العكس، تطورت قدرات الحوثيين لتصل إلى ضرب العمق السعودي والإماراتي، واستهدفت حتى مواقع استراتيجية في أبو ظبي والرياض.
الحصيلة: القوة المفرطة والنتائج الهزيلة.
2- فشل الاستراتيجية الأمريكية وتحول الموقف: مع تراكم الفشل، والانقسام داخل التحالف، والضغوط الحقوقية والإعلامية العالمية، بدأت أمريكا تغير خطابها، وانتقلت من مربع "دعم الحرب" إلى مربع "الدعوة للسلام"، ومن تصنيف الحوثيين كـ"إرهابيين" إلى التفاوض معهم بشكل غير مباشر. تراجعت واشنطن، ودعمت اتفاقيات الهدنة، وبدأت تروج لخطاب "إنهاء الحرب" حفاظا على ماء وجهها، في وقتٍ لم تحقق فيه أية نتائج استراتيجية تبرر كل هذا الدمار والدماء.
3- التفاوض مع الحوثيين بعد التجاهل والتصنيف: من كانت أمريكا تنكر شرعيتهم وتدعو لعزلهم، باتت ترسل عبر وسطاء من سلطنة عمان رسائل تفاوضية مباشرة، بل وتضغط على السعودية للقبول باتفاقات طويلة المدى معهم، بعد أن فشلت في إخضاعهم بالقوة. هذا التراجع لا يعكس تغيرا في المبادئ، بل هو ترجمة عملية لفشل الخيارات العسكرية، وكأن أمريكا تقول: "نحن لا نتحدث معكم إلا إذا فشلنا في سحقكم"، وهذا ما حدث.
أفغانستان والعراق
في أفغانستان: بعد 20 عاما من الاحتلال، وإنفاق تريليونات الدولارات، انسحبت أمريكا ذليلة من كابل، ووقّعت اتفاقية مع "طالبان"، بعد أن فشلت في إنهائها رغم كل التفوق الجوي والتكنولوجي.
وفي العراق: رغم الاحتلال الشامل، ما زالت أمريكا غير قادرة على فرض إرادتها السياسية كاملة، واضطرت إلى الانسحاب جزئيا، بينما تتعرض قواعدها لضربات متواصلة حتى اليوم.
ما الذي نتوقعه؟
من المقاومة:
- الثبات والتطوير.
- عدم الاستسلام للضغوط الدولية.
- تطوير أدوات المقاومة، إعلاميا وعسكريا.
- فضح التناقض في المواقف الأمريكية أمام العالم.
- استخدام كل انتصار ميداني لفرض وقائع سياسية جديدة.
من الشعوب:
- كسر الوهم الأمريكي.
- فضح الهيمنة الأمريكية بوصفها مصدر الحروب والفقر في منطقتنا.
- دعم قضايا التحرر لا كـ"تضامن إنساني" بل كـ"صراع وجودي".
- الضغط على الحكومات المتواطئة، ورفض كل تطبيع أو اصطفاف مع واشنطن.
ومن الحكومات:
- عدم الثقة بالقاتل.
- من يتخلى عن عملائه في كابل وبغداد لن يدافع عنكم إن حانت لحظة الحقيقة.
- الاعتماد على القوة الذاتية والشراكات العادلة، لا على الوعود الأمريكية.
- دعم المقاومة لا يضعف الأمن، بل يُعزز التوازن ويمنع الانهيار الكلي أمام إسرائيل.
الخلاصة: ما جرى ويجري في فيتنام، والعراق، وأفغانستان، وغزة، واليمن؛ يؤكد نفس المعادلة: أمريكا لا تتراجع إلا إذا عجزت عن التقدم خطوة أخرى. فما تسميه "تفاوضا" هو غالبا نتيجة لهزيمة ميدانية أو مأزق سياسي لا مخرج منه إلا ببوابة من كانت تحاربه، بينما التوسل إلى "عدالة واشنطن" هو وهْم سقط في كل الميادين.