في خضم التطورات المتسارعة في سوريا، يتزايد القلق والتفاؤل حول مستقبل البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد. يتساءل الكثيرون عن شكل المرحلة المقبلة، وما إذا كانت سوريا ستشهد فوضى جديدة أم ستتمكن من تنظيم نفسها في إطار سياسي جديد. في هذا السياق، يتحدث الخبراء عن ملامح الوضع الحالي، مشيرين إلى ضرورة التفاهمات الإقليمية والدولية التي ستلعب دورًا محوريًا في تشكيل مستقبل البلاد.

من جانبه قال الخبير العسكري والاستراتيجي الأردني نضال أبوزيد، أن النظام السوري سقط وبقيت دمشق"، ويشير إلى أن سقوط النظام جاء أسرع مما كان متوقعًا. فقد تمكنت الفصائل المسلحة من إحكام السيطرة على دمشق في وقت قياسي، حيث نجحت المعارضة المسلحة في السيطرة على مواقع حيوية مثل مبنى الإذاعة والتلفزيون في مناطق مثل دوما والغوطة وداريا.

وفي تطور آخر، أوضح أبوزيد أن دمشق ستحتاج إلى أيام قليلة لتطهيرها من بقايا عناصر النظام، مشيرًا إلى أن بشار الأسد غادر المدينة إلى طهران قبل أيام. 

وتابع أبوزيد في تصريحاته ل"الوفد" انه استنادًا إلى المؤشرات الأولية وتصريحات المعارضة، يبدو أن هناك ملامح لتسليم سلمي للسلطة، ومن غير المتوقع أن نشهد فوضى، رغم احتمال حدوث بعض الارتباك في إدارة الدولة لفترة قصيرة.

 الأمن والتهديدات المستقبلية

على الجانب الآخر، أبدى العديد من المراقبين تخوفهم من حدوث اقتتال واسع النطاق بين الفصائل المسلحة، مستحضرين النموذج الأفغاني بعد الحرب السوفيتية. 

وفي هذا السياق قال الباحث السياسي أحمد سلطان مسؤول برنامج دراسات التطرف في مركز ايجيبشن انتربرايز للسياسات والدراسات الاستراتيجية : "لا يمكن إغفال احتمالية حدوث اقتتال بين الفصائل، ولكن يجب النظر إلى الواقع السوري المتغير. هيئة تحرير الشام، على سبيل المثال، قامت بتفكيك معظم الفصائل الكبرى المناوئة لها، مما أدى إلى تركيز المشهد حول عدد قليل من الفاعلين."

وأوضح سلطان أن هناك عدة فصائل رئيسية في المشهد السوري، منها هيئة تحرير الشام، الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، الذي لا يزال يشكل تهديدًا.

وفيما يتعلق بتنظيم الدولة الإسلامية، أكد سلطان أن التنظيم لم يختفِ، وظل نشطًا في شن الهجمات ضد القوات السورية المختلفة، مما يجعل محاربة الإرهاب أحد التحديات الكبرى التي ستواجه سوريا مستقبلاً.

وقال سلطانض: "استمرار نشاط داعش قد يقوض الوضع الجديد في سوريا، ويجب أن نستعد للتعامل مع هذا التهديد بجانب التحديات الأخرى المتعلقة بشكل وطبيعة إدارة الدولة."

وعن التغيرات في خطاب هيئة تحرير الشام، التي أبدت انفتاحًا غير مألوف على الفرقاء السوريين ودول الجوار، علق سلطان قائلا بأنه: "لا يمكن الحكم على جدية هذا الانفتاح إلا من خلال الأفعال. المسار السياسي طويل، والتوافقات حول مستقبل سوريا لا تزال بحاجة إلى المزيد من الجهود." ، موضحا ان التركيز على الحفاظ على مؤسسات الدولة وإدارة المرحلة الانتقالية يشكل أولوية، بالإضافة إلى صياغة دستور سوري يُرضي مختلف الأطراف وإتمام عملية مصالحة وطنية. 

وتابع مسئول برنامج دراسات التطرف بالمركز قائلا بأن "الفرصة الذهبية لإعادة بناء سوريا بعد عقود من حكم البعث قائمة، ولكن التهديدات الداخلية والخارجية لا تزال قائمة. يجب أن يتحمل السوريون مسؤولية تشكيل مستقبلهم، وإلا قد تفوتهم هذه الفرصة لعقود أخرى."

في النهاية، أوضح سلطان أن دروس الأزمة السورية يجب أن تكون دليلاً للمستقبل، حتى لا تتكرر الأخطاء التاريخية التي أدت إلى أزمات مستمرة. مؤكدا أن هناك فرصة ذهبية لإعادة بناء سوريا بعد عقود من حكم البعث، ولكن التهديدات الداخلية والخارجية لا تزال قائمة. 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: سوريا بشار الأسد سقوط نظام بشار الأسد نظام بشار الأسد الأسد

إقرأ أيضاً:

مصرف سوريا المركزي: لدينا خطة للاندماج في النظام العالمي فور إنهاء قانون قيصر

قال حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية إن إنهاء العمل بقانون قيصر الأميركي سيكون المحطة الأخيرة والأهم لتمهيد الطريق أمام دمج بلاده في النظام المصرفي العالمي.

وينتظر أن يصوت الكونغرس الأميركي اليوم الأربعاء على الصيغة النهائية لملحق إلغاء "قانون قيصر"، ليصبح قانونا تُرفع بموجبه العقوبات الأميركية عن سوريا بشكل نهائي ودائم قبل عيد الميلاد.

وترك هذا القانون -الذي تم تعليق العمل به منذ سقوط نظام بشار الأسد– أثرا سلبيا على معاملات دمشق المالية وقدرتها على إدارة الاحتياطات بعدما توقفت غالبية المصارف العالمية عن التعامل معها، كما قال في مقابلة حصرية مع الجزيرة.

وبسبب هذا القانون، لم يكن مصرف سوريا المركزي قادرا على القيام بمهام مثل طباعة العملة، وتحديد السياسة النقدية، وجلب السيولة، وهي أمور أكد حصرية الشروع في العمل عليها فور إنهاء العمل بعقوبات قيصر.

الاندماج في النظام العالمي

ولم تكن سوريا قادرة على الاستفادة من التكنولوجيا المالية العالمية بسبب عقوبات قيصر، التي وصف حصرية برفعها بالمعجزة، مؤكدا أن الاستفادة منها يتطلب وضع سياسات وأهداف مالية واضحة ومحددة.

وقال حاكم مصرف سوريا المركزي إن الحكومة وضعت خططا لتطوير النظام المالي والمصرفي فور رفع عقوبات قيصر، وإن المصرف تلقى تدريبات في وزارة الخزانة الأميركية وتباحث مع بنوك كبرى بشأن خطواته المستقبلية.

وتسعى دمشق بعد رفع العقوبات للاندماج في النظام المصرفي العالمي على نحو يجعلها قادرة على جلب السيولة والاستثمارات الخارجية، وقد وعدت دول مثل قطر والسعودية والإمارات وتركيا، بضخ استثمارات كبيرة في سوريا فور إنهاء العمل بقانون قيصر.

ووضع المصرف إستراتيجية مصرفية تمتد حتى 2030، وتقوم على مكافحة غسل الأموال، وتعديل السياسة النقدية لتعزيز الثقة في النظام المالي السوري من خلال تشريعات يجري العمل على وضعها، كما قال حصرية.

إعلان

وستعمل الحكومة -حسب المسؤول السوري- على دعم القطاع المصرفي حتى يتمكن من بناء ثقة عالمية، وتحديد سياسة نقدية تعزز جلب الاستثمارات والسيولة على نحو يساعد على تعزيز الاحتياطات، وتوفير مزيد من فرص العمل للسوريين.

وستكون دمشق قادرة على تصدير والنفط والغاز، وتحريك قطاع الاستيراد والتصدير، وجلب المعدات اللازمة لدعم القطاع الصناعي، وكلها أمور ظلت معطلة لسنوات بسبب قانون قيصر.

وفي العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية تعليق العقوبات المفروضة على سوريا ضمن قانون قيصر لمدة 180 يوما.

وفي 11 ديسمبر/كانون الأول 2019، أقر الكونغرس الأميركي قانون قيصر لمعاقبة أركان نظام الأسد على جرائم حرب ارتكبها بحق المدنيين في سوريا.

ومن شأن إلغاء القانون أن يمهد الطريق لعودة الاستثمارات والمساعدات الأجنبية لدعم الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، التي تأسست في مارس/آذار 2025.

وشكّلت العقوبات الأميركية عقبة كبيرة أمام انتعاش الاقتصاد السوري، ويُعتبر رفعها دليلا على نجاح الحكومة السورية الجديدة.

وفرض قانون قيصر لعام 2019 عقوبات واسعة النطاق على سوريا استهدفت أفرادا وشركات ومؤسسات مرتبطة بالأسد، الذي حكم سوريا بعد وفاة والده حافظ الأسد من عام 2000 حتى إطاحته في 2024.

وسُميت هذه العقوبات بالاسم الرمزي لمصور عسكري سوري سرب آلاف الصور المروعة التي توثق التعذيب وجرائم الحرب التي ارتكبها نظام بشار الأسد.

مقالات مشابهة

  • هل ظهر بشار الأسد داخل حانة في موسكو؟ (صورة)
  • الخلافات الداخلية والرسائل الخارجية تعيد تشكيل مشهد اختيار رئيس الوزراء
  • سوريا وفرنسا تطلبان من لبنان اعتقال مدير المخابرات الجوية السابق.. ماذا نعرف عن جميل حسن؟
  • جيش الاحتلال يتوغل مجددا في عدة قرى بريف القنيطرة جنوب سوريا
  • خبير دولي يفجر مفاجأة عن مكان اختفاء ماهر الأسد
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • محمد موسى يكشف تفاصيل صفقة دولية لعودة الأسد.. ويشعل ردود فعل عالمية
  • نجل مفتي سوريا السابق يكشف تفاصيل اعتقال والده.. ماحقيقة إعدامه؟
  • سوريا تُحبط عملية تهريب مخدرات كبيرة.. قادمة من لبنان
  • مصرف سوريا المركزي: لدينا خطة للاندماج في النظام العالمي فور إنهاء قانون قيصر