الاقتصاد نيوز - بغداد

: رغم أن العراق يواجه تحديات اقتصادية كبيرة نتيجة الاضطرابات التي تشهدها المنطقة، مثل الأزمة السورية الأخيرة وسقوط نظام بشار الأسد، فإن تأثير هذه الأزمات على الاقتصاد العراقي ظل محدودا، وفق خبراء.

ويعزو الخبراء ذلك إلى عوامل عدة من بينها الأسواق البديلة والمخزون الإستراتيجي، مؤكدين أن الاقتصاد العراقي قد يشهد استقرارا و تحولا إيجابيا في المستقبل القريب، ولكن ضمن بيئة إقليمية متأزمة سياسيا واقتصاديًا.

تدفق عاديّ للمواد الغذائية

وأكد المتحدث باسم وزارة التجارة العراقية، محمد حنون، أن الأسواق العراقية تشهد انسيابية كبيرة في المواد الغذائية ولا تعاني من أي نقص.

وقال إن اعتماد بلاده الأساسي ليس على سوريا بل على دول الجوار مثل إيران وتركيا والسعودية ودول أخرى.

وفجر الأحد الماضي، 8 ديسمبر/كانون الأول الحالي، نجحت فصائل المعارضة في دخول العاصمة السورية دمشق بعد الاستيلاء على مدن حلب وحماة وحمص في الشمال والوسط، مما دفع بشار الأسد إلى الفرار من البلاد وإنهاء 5 عقود من حكم عائلته.

وبشأن التبادل التجاري مع سوريا، أشار حنون إلى أنه كان محدودا جدا نتيجة للظروف الأمنية التي كانت تعيشها سوريا خلال الفترة التي تَلَتْ عام 2011، موضحا أن العملة المعتمدة كانت الدولار الأميركي منذ عام 2003، ولكن بسبب صعوبة التحويلات المالية نتيجة الحصار الاقتصادي، لجأ التجار إلى إيداع قيمة البضاعة في بنوك بالمنطقة وأخرى آسيوية.

توقف الشراء من سوريا

وأوضح المسؤول الحكومي أن الضبابية في المشهد السياسي السوري دفعت التجار إلى التوقف عن شراء واستيراد المواد الغذائية والمنزلية لحين استقرار الوضع.

ولفت إلى أن البضائع السورية فقدت حصتها السوقية في العراق بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وحلت محلها بضائع من تركيا وإيران ودول الخليج والصين، وذلك بسبب صعوبة التداول المالي وارتفاع أسعار البضائع السورية على خلفية زيادة أسعار المحروقات في سوريا.

وأكد حنون أن العراق يتطلع إلى استقرار الوضع السياسي في سوريا لتقييم إمكانية زيادة حجم التبادل التجاري وبناء علاقات اقتصادية متينة.

شراكات واسعة

بالمقابل أكد المتحدث الرسمي باسم غرفة تجارة بغداد رشيد السعدي أن الأزمة التي تمر بها سوريا أثرت بشكل كبير على السوق العراقية، وخاصة في قطاعات السياحة والزيارات الدينية والتبادل التجاري.

وقال إن ميزان التبادل التجاري يميل لصالح سوريا، حيث يستورد العراق كميات كبيرة من الخضار والفواكه والمستلزمات الأخرى والمنسوجات.

وقدر السعدي حجم التبادل التجاري بين العراق وسوريا بـ3 مليارات دولار سنويًا تشمل التجارة عن طريق المنصة الرسمية والتجارة عبر السوق الموازية أو ما يعرف بالسوق السوداء.

وأوضح أن العراق لديه شراكات واسعة مع سوريا، فبعد عام 2003، فتحت سوريا أبوابها للتجارة مع العراقيين واستقبلت عددًا كبيرًا من المواطنين، الذين انخرط العديد منهم في التجارة أثناء إقامتهم هناك، وخاصة رجال الأعمال الذين عقدوا صفقات وشراكات وأنشؤوا معامل ومصانع، وامتدت أعمالهم وشركاتهم داخل العراق أيضا.

وأكد السعدي أن البضائع الواردة من سوريا إلى العراق كانت غزيرة جدًا للفترة من عام 2003 حتى سقوط نظام بشار الأسد.

وأوضح السعدي أن العراق يستورد المواد الإنشائية والمواد الزراعية، مثل الأسمدة والمبيدات من سوريا، كما أشار إلى أن الأزمة السورية الأخيرة وسقوط نظام الأسد، أثرت على قطاع السياحة والطيران والنقل البري نتيجة لإغلاق الحدود.

حقول النفط والغاز

وتطرق السعدي إلى ملف تصدير الغاز من حقول عكاز في الأنبار، الذي اعتبره موضوعًا مهمًا ضمن خط التصدير إلى أوروبا.

وأضاف أن العراق لديه خط تصدير نفط عبر بانياس السورية، وهو خط مهم جدًا يتطلع العراق إلى إعادة تشغيله والاستفادة منه في تصدير النفط.

ويربط خط النفط الذي افتتح عام 1952 بين حقول النفط العراقية في كركوك وسط البلاد وميناء بانياس الواقع شمال غربي سوريا، وبقي يعمل سنوات طويلة قبل أن يتعرض لأضرار جسيمة خلال الغزو الأميركي للعراق عام 2003.

وكان باسم العوادي الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية قال في 17 يوليو/تموز 2023 “يفكر العراق بإحياء خط تصدير النفط الذي يمر بميناء بانياس، إذ يبحث العراق عن منافذ جديدة لتصدير النفط، وإننا نرى بأن العراق اليوم بات على استعداد لمناقشة أمر إعادة تأهيل خط النفط المار بين كركوك وبانياس، مع سوريا”.

يذكر أنه في عام 2007 اتفق العراق مع سوريا على إعادة تأهيل هذا الخط، إلا أن العقد الذي أبرم مع شركة سترويترانس غاز التابعة لمجموعة غازبروم الروسية، ألغي في عام 2009 بسبب ارتفاع التكاليف ولأسباب أخرى.

انفراجة في الأيام المقبلة

وأكد السعدي وجود اتصال مستمر مع رجال الأعمال في مختلف المحافظات السورية، الذين أفادوه بعودتهم إلى العمل وفتح محلاتهم وأسواقهم وشركاتهم، وأن الوضع يشهد استقرارا يوما بعد يوم.

وأشار إلى وجود مشاورات ومداولات مستمرة مع رجال الأعمال السوريين، متوقعا انفراجة في الأيام القادمة وعودة الوضع إلى ما كان عليه، خاصة بعد التطمينات التي قدمتها القيادة السياسية في سوريا للدول الأخرى.

وأشار السعدي إلى أن بعض التجار عوضوا مستورداتهم -التي كانت تأتي من سوريا- عن طريق إيران وتركيا وذلك لتعويض النقص في السلع، خاصة المواد الغذائية والفواكه والخضار.

وبخصوص العملة المستخدمة في التبادل التجاري مع سوريا، أوضح السعدي أنها الدولار، رغم العقوبات الأميركية.

مخزونات كافية

بدوره أوضح الخبير الاقتصادي صفوان قصي، أن الوضع الحالي في سوريا سيساهم في استقرار السوق العراقية، حيث إن معظم التجار العراقيين يمتلكون مخزونًا كافيًا من المنتجات السورية لتلبية الطلب المحلي لفترة قادمة، مشيرا إلى أن هذا الوضع الجديد سيؤدي إلى انخفاض الطلب على الدولار في السوق السوداء.

وقال قصي، إن الاستيراد المنظم بين العراق وسوريا كان محدودا في السنوات السابقة، إلا أن المنتجات السورية، خاصة المواد الغذائية والمنظفات، كانت موجودة بشكل كبير في الأسواق العراقية شأنها في ذلك شأن البضائع الإيرانية نتيجة رخص أسعارها وانخفاض تكاليف نقلها عبر الحدود بسبب التقارب الجغرافي.

وتوقَّع زيادة الاستيراد في المستقبل، خاصة مع وجود مصالح مشتركة بين البلدين في إدارة المياه وتأمين الاستقلال الغذائي.

وأوضح أن فتح الحدود بين البلدين قد يشكل بعض المخاطر في الوقت الحالي، إلا أنه يتوقع زيادة حجم التبادل التجاري في المستقبل، خاصة وأن العراق يمتلك خطوط أنابيب لنقل الغاز والنفط يمكن أن تعبر الأراضي السورية لتصل إلى دول الاتحاد الأوروبي، منوهًا إلى أن هذا الأمر سيساهم في زيادة إيرادات العراق وتقليل الاعتماد على الدولار.

وأعلن الفريق أول الركن قيس المحمداوي نائب قائد العمليات المشتركة بالعراق، في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إغلاق حدود بلاده بشكل كامل، تزامنا مع الأحداث التي تشهدها الجارة سوريا.

وتوقع قصي عدم ارتفاع أسعار السلع حيث ستظل المنتجات السورية متاحة في الأسواق العراقية، مشيرا إلى أن العراق منفتح على التعاون التجاري مع دول أخرى مثل الأردن وتركيا ودول الخليج لتغطية أي نقص في السلع.

وبين أن عودة العلاقات التجارية بين العراق وسوريا إلى طبيعتها ستؤدي إلى زيادة تدفق الدولار إلى السوق النظامية وانخفاض التحويلات المالية إلى سوريا، حيث يتوقع عودة الكثير من السوريين المقيمين في العراق إلى بلادهم والذين يتجاوز عددهم 300 ألف شخص.

وشدد على أن الطلب على الدولار سينخفض بشكل كبير مع بناء نظام ديمقراطي في سوريا، مما سيمكن المجتمع الدولي من إعادة النظر في التعامل بالدولار داخل سوريا، مؤكدا أن هذا الأمر سيساهم في زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين وتنظيم التعاملات المالية.

و أشار قصي إلى أن الفرصة مواتية لتحسين العلاقات التجارية بين العراق وسوريا وبناء تكتل اقتصادي في المنطقة لمواجهة المنافسة الإيرانية والتركية.

وأعلن وزير التجارة أثير الغريري، أن احتياطيات القمح الإستراتيجية في البلاد تكفي لأكثر من 6 أشهر من الاستهلاك، مشيرا بحسب تصريح للوكالة الرسمية “واع” إلى أن “العراق لديه مخزون إستراتيجي من جميع المواد الغذائية وخاصة من محصول الحنطة”.

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار حجم التبادل التجاری بین العراق وسوریا المواد الغذائیة أن العراق بشکل کبیر مع سوریا من سوریا إلى أن عام 2003

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تطرح حلًا فريداً لـ«برنامج الأسلحة الكيميائية» في سوريا

أكدت الأمم المتحدة التزام السلطات السورية بالتعاون الكامل في فرصة نادرة لمعالجة 19 مسألة عالقة تتعلق بمواد وذخائر كيميائية يحتمل أنها لم تُعلن أو لم يتم التحقق منها بعد.

وأوضحت الممثلة السامية للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، إيزومي ناكاميتسو، أن الواقع السياسي الجديد في سوريا يتيح فرصة مهمة لحل القضايا العالقة منذ فترة طويلة المتعلقة ببرنامج الأسلحة الكيميائية السوري.

وخلال إحاطتها لمجلس الأمن الدولي الخميس الماضي، أشارت ناكاميتسو إلى استمرار التواصل المنتظم مع أمانة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مؤكدة تزايد التزام السلطات السورية بالتعاون الكامل مع المنظمة.

وأضافت أن فريقاً من الخبراء الفنيين التابعين للإدارة التقنية للمنظمة زار دمشق في مارس الماضي، بهدف بدء العمل على إنشاء وجود دائم للمنظمة في سوريا، والتخطيط المشترك لإيفاد فرق تفتيش إلى مواقع الأسلحة الكيميائية، كما تم تنفيذ مهمة مماثلة في أبريل الماضي.

وأشادت ناكاميتسو بالتعاون الشفاف والكامل من قبل السلطات السورية، مشيرة إلى أن العمل المقبل لن يكون سهلاً، وسيحتاج إلى دعم المجتمع الدولي.

ودعت أعضاء مجلس الأمن إلى التوحد وتوفير الدعم اللازم لهذا الجهد غير المسبوق، مؤكدة التزام الأمم المتحدة بدعم التنفيذ الكامل للاتفاقية الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية في كل زمان ومكان.

وزير الدفاع العراقي: بقاء قوات التحالف الدولي في سوريا ضروري

أكد وزير الدفاع العراقي، ثابت العباسي، ضرورة استمرار وجود قوات التحالف الدولي في سوريا لمواجهة تنظيم “داعش” الإرهابي، محذراً من خطر عائلات عناصر التنظيم في سوريا على أمن العراق.

وأوضح العباسي في تصريحات صحفية الجمعة أن أمن العراق مرتبط بشكل وثيق بأمن سوريا، مشدداً على أهمية التعاون بين البلدين لمواجهة التهديدات المشتركة.

وفي سياق متصل، أشار الوزير إلى تعثر المحادثات بين الحكومة السورية الجديدة و”قوات سوريا الديمقراطية” حول انضمام الأخيرة إلى تشكيلات قوات الدفاع السورية، مؤكداً في الوقت ذاته أهمية استمرار عمليات “العزم الصلب” لمكافحة التنظيم الإرهابي.

كما لفت العباسي إلى طلب الحكومة العراقية من دمشق عبر تركيا إغلاق مخيم الهول، موضحاً أن المشكلة الرئيسية تكمن في وجود رعايا من الدول الأوروبية في المخيم، الذين لم تستجب دولهم حتى الآن لطلبات استعادتهم.

ونفى وزير الدفاع العراقي تلقي بغداد أي إشعارات رسمية بتعديل مواعيد انسحاب القوات الأجنبية من العراق، موضحاً أن عمليات الإخلاء لبعض المواقع من قبل التحالف الدولي ستبدأ نهاية سبتمبر المقبل، مع انتقال القوات إلى إقليم كردستان العراق.

وقال العباسي: “لم نتلق أي إشارة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تعديل القرارات السابقة، كما لم يُطلب منا الموافقة على زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق”.

مجلس الإفتاء الأعلى يصدر فتوى تحذر من الثأر والانتقام خارج إطار القانون

أصدر مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا فتوى تحذر من ممارسة الثأر والانتقام خارج نطاق القضاء والقانون، مؤكداً خطورة ظاهرة الثأر الفردي وأهمية التحاكم إلى القضاء الشرعي لضمان حفظ الحقوق ومنع الظلم.

وجاء في بيان المجلس: “انطلاقاً من مسؤوليتنا الشرعية في حفظ الدماء والأعراض والأموال، نؤكد حرمة الاعتداء على الأنفس”، مشدداً على أن استيفاء الحقوق يجب أن يتم عبر القضاء الشرعي وليس من خلال الثأر الفردي، الذي قد يؤدي إلى تفاقم النزاعات بناءً على شائعات غير مؤكدة.

وأشار البيان إلى مسؤوليات السلطات المختصة، التي تشمل سن تشريعات عادلة، وتسريع إجراءات التقاضي، وإقصاء القضاة الفاسدين، وضمان تحقيق العدالة وحماية حقوق الضحايا.

تأتي هذه الفتوى في ظل سعي السلطات والمجتمع إلى تعزيز سيادة القانون وتحقيق الاستقرار من خلال معالجة ظاهرة الثأر التي تؤثر على الأمن المجتمعي.

“هدية العيد” من السلطات السورية الجديدة.. إخلاء سبيل 96 من جنود وضباط النظام السابق من سجن حماة

تناقلت منصات التواصل الاجتماعي أنباء عن إخلاء سبيل عشرات الموقوفين من جنود وضباط النظام السوري السابق، حيث بلغ عددهم 96 سجينًا من سجن مدينة حماة المركزي، وذلك بمناسبة عيد الأضحى.

وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل استقبال أهالي المفرج عنهم، الذين ينتمون إلى محافظات مختلفة أبرزها اللاذقية (30)، طرطوس (17)، حماة وريفها (20)، وسط مشاهد احتفالات ودموع الفرح.

وبحسب المصادر، ينتمي عدد من الموقوفين الذين أُفرج عنهم إلى سلك الشرطة المدنية، وقد خرج جميعهم بكفالة.

وأشارت حسابات واسعة الانتشار إلى أن عدد المعتقلين في سجن حماة كان قد تجاوز 14 ألفًا في وقت سابق، فيما نُقل قبل أيام أغلب الضباط من رتبة نقيب فما فوق إلى سجن عفرين في محافظة حلب.

يُعد هذا الإجراء بمثابة “هدية العيد” من السلطات السورية الجديدة إلى عوائل الجنود والضباط الذين خدموا في عهد النظام السابق، في إطار جهود تهدئة الأوضاع وتخفيف التوترات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

مقالات مشابهة

  • العراق يطالب ببقاء قوات التحالف الدولي في سوريا
  • الأمم المتحدة تطرح حلًا فريداً لـ«برنامج الأسلحة الكيميائية» في سوريا
  • وزير الدفاع العراقي: بقاء قوات التحالف الدولي في سوريا ضروري
  • بمجموعة توصيات.. المجلس الأطلسي يدعو العراق لبناء جسور جديدة مع سوريا
  • مسؤول تركي: 30 مليار دولار هدف للتبادل التجاري مع العراق
  • البنتاغون لشفق نيوز: قواتنا تحركت من سوريا إلى العراق ونراقب سلوك الشرع بمكافحة داعش
  • الوزير الشيباني: الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية انتهاك لسيادة سوريا وتفتح المجال أمام الجماعات التي تهدد أمنها لزعزعة الاستقرار.
  • النقل النيابية:الاتحاد الأوروبي يمدد الحظر المفروض على الخطوط الجوية العراقية
  • بعد تحميل أحمد الشرع المسؤولية.. حكومة سوريا ترد على إسرائيل واتهام جماعة بإطلاق قذائف من داخل الأراضي السورية
  • غارات إسرائيلية عنيفة على جنوب سوريا.. والخارجية السورية تعلق (شاهد)