ديسمبر 17, 2024آخر تحديث: ديسمبر 17, 2024
دارين المساعد
كاتبة سعودية
في طفولتي كنت أعيش في منزل يكتفي بتغطية الغرف الخاصة بالسقوف ويمتد بقيته تحت السماء، كان هذا سببا في تعلقي بها حيث كنت أشاهد كل ألوانها وتحولاتها. وفي ليلة ظهر جرم غريب سهرت مع والدي طوال الليل أراه يصلي ويتضرع لله بالدعاء ويسأله الخير ويطلبه المغفرة على أن لا يكون هذا من غضبه أو بادرة سخطه، بقي هذا الحدث مجهولا في ذهني ، ثم عرفت بعد البحث والقراءة لسنوات أن ما تخبرني به السماء هو ما يحدث على الأرض بأمر الله وحكمته وتقديره ، كأن فيها الحياة الحقيقية وأنا أعيش داخل انعكاسها الأرضي .
قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ {الشورى:29}،
أراد الله أن تجتمع دواب الأرض والسماء في نهاية هذا العام عند ظهور الأجسام المضيئة تماما كما رأيت مثلها في طفولتي والتي تبدو أشبه بالمسيٌرات أولا في ولاية. نيوجيرسي _ الولايات المتحدة الأميركية _ ثم ظهرت في نيويورك ويبدو أنها تنتقل بسلاسة حاملة رسالة من السماء إلى العالم.
اتحاد المجرة مصطلح يفسر تحالف بين الإنسانية ومخلوقات تشاركنا الحياة في أكوان أبعد هذا ما قالته وكالات الأنباء وتخبط الكونجرس في حقيقة وجوده أو نفيه ثم اكتفى المسؤولون بالقول إنها لا تشكل تهديدا مع أنها تحوم في سماءهم وتتخطى سيادتهم منذ الحادي عشر من نوفمبر وحتى الخامس عشر من ديسمبر 2024 ثم قرر القائد العسكري في ولاية نيوجرسي فرض حالة الطوارئ المحدودة لمعرفة الأسباب والحقائق. المقاطع المصورة للأهالي وثقت خروج المسيرات من البحر وعودتها إليها هل هذا يعني أن لها ثُّكْنَة على كوكبنا دون أن نعرف؟ هل يعيشون معنا؟ هل يتقدمون علينا؟ هل تم التحالف المزعوم؟ كل التساؤلات مطروحة والإجابات قيد التداول.
لا يمكن نفي وجود مخلوقات في السماء لبل لا يمكن نفي أي احتمال أمام العلم والمعرفة حيث التكذيب هو وسيلة جهل واغلاق غير مقبولة في هذا الشأن ، كانت الحياة ضمن المادة والاهتمامات الدنيوية خلال القرون المنصرمة قد حجبت عن الوعي الجمعي قبول رسائل الأكوان الأخرى واكتفى المؤلفون بالحديث عنها في أفلام الخيال العلمي وأفلام الكرتون ، والمعرفة العميقة بها اقتصرت على نخبة العلماء والمفكرين .
تقنيات مثل الهولوغرام والذكاء الاصطناعي كانت التفسير العام للمشهد من معظم الناس لكن التدليس والتزييف لم يعد ورقة رابحة حيث انفتحت العقول على الحقائق وقربت وسائل التواصل من الآراء وتناول المعلومات.
أرى أن الأرض تتجه لتقارب فكري ومعرفي من أبعاد كونية أخرى وهذا بسبب نهضة التكنولوجية والتواصل وتمكن العامة من القبض على الحقائق والتحقق منها و قد يكون هذا تأثير لحركة فلكية تجلت هذا العام عندما انتقل كوكب بلوتو المدعو _ بالكوكب المظلم _ المؤثر بالهدم والتغيير والتحويل ثم البناء الجديد داخل الوعي الجمعي فانهدمت مفاهيم كانت محتكرة وبنيت أواصر متينة من التبادل المعرفي بين كل طبقات المجتمع ، وانتقاله البطيء واكتمال دورة مدتها مائتين وأربعين عاما الى برج الدلو يعني أن البشر سينتقلون إلى مستوى وعي أكبر وآفاق أعلى وأعمق حيث يتبنى الدلو تأثيرات التواصل العبقري داخل كل إنسان ومن خلاله ترحب البشرية بكل معلومة وتقبل وجودها بمفهوم الإبداع والتطور . هذه التأثيرات هي التفسير الفلكي لما يحدث والتفسير الدولي منتظر من الجهات ذات العلاقة وعلى ضوء هذا وذاك نحن المفكرون وصناع الرأي لنا قول يخص كلا بعلمه ورأيه وأرى أننا في مرحلة انتقالية لبٌعد كوني جديد حيث تتميز الأبعاد الكونية بأنها مستويات مختلفة من الترددات والذبذبات تختلف عن بعضها بالطبائع والخصائص والقوانين.
الشاهد أن الأبعاد الاجتماعية انتهت نحن في بداية حقبة يتوحد بها الإنسان مع نفسه وخالقه، مرحلة عميقة من التسليم لله عز وجل وقدرة عالية يكتشفها البشر داخل أنفسهم تتجلى بالاستغناء والانفراد بغية التدبر في كل قوانين الإبداع المتاحة.
نحن الآن نفهم حقيقة أن هذه الرحلة الأرضية فردية وأن التعلق بالأشياء والأشخاص تعطيل يحجًم من قوتنا ويستهلك تركيزنا وأن التواجد على الأرض هبة من الله تقتضي أن تكتب آثارك بمجد يليق بك لأن هذا استحقاقك وهذه مهمة روحك.
ومني إلى كل مخلوقات الأكوان والمجرات ما علمت منها ومالم أعلم:
هذا الكون الفسيح يتسع لنا جميعا، نحن في هذا البعد الجديد لا نرفض ولا نستنكر ولا نقاتل نحن نتعايش ونتشارك ونبني السلام ونسعى له.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
إقرأ أيضاً:
غزّة.. بين مطر الشتاء ووعد السماء
لم يكن الشتاء مجرّد تبدّل في الفصول فوق غزّة؛ بل كان امتحانًا جديدًا تتجلّى فيه سنّة الابتلاء التي تحدّث عنها القرآن، حين تشتدّ المحن لتكشف خبايا القلوب، وتُظهر المواقف كما هي دون أقنعة.
فالمطر الذي ينزل على كل الأرض، نزل على غزة بوجهٍ آخر:
مطرٌ يطرق خيامًا بلا جدران، ويهوي فوق بقايا منازل لم يُسمح لها بأن تُبعث من تحت الركام، وبردٌ يلامس أجساد أطفالٍ لم يجدوا إلا العراء.
في تلك الليالي العاصفة، تشعر غزة وكأنها تقف على حدّ آيةٍ من كتاب الله:
?أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ…?
فالخوفُ حاضر، والجوعُ حاضر، ونقصُ الأمن والمال والبيوت حاضر… لكن معها أيضًا يقينٌ لا ينكسر، يمتدّ في جذور الأرض كما تمتدّ بقايا الزيتون تحت الركام.
وحده الإنسان الفلسطيني يمضي في مسيره، يحمل على كتفيه ما لا تحمله الجبال، ويقف بإرادةٍ تصنعها العقيدة لا الظروف.
ففي كل خيمةٍ تُقتلع، تُولد أخرى من روحٍ لا تُهزم، وفي كل ركامٍ يعلو، ترتفع عزيمةٌ تُذكّر بأنّ الشعوب قد تنهك… لكنها لا تستسلم.
ومع ذلك، يبقى هناك سؤال مطروح على الساحة العربية:
كيف تحوّلت غزة، بكل ما فيها من دماء ودموع وصبر، إلى ملفّ يُدار في غرف مغلقة، بينما تُفتح الأبواب على مصاريعها لوفودٍ تشدّ الرحال إلى واشنطن في مواسم التبعية الجديدة؟
مشهد الهرولة السياسية نحو البيت الأبيض ليس مشهدًا عابرًا، بل انعكاس لمعادلة يريدها الغرب واضحة:
أمنُ الكيان المؤقّت أولًا،
ومشاريع إعادة الهندسة الإقليمية ثانيًا،
وتحويل بعض العواصم العربية إلى أدوات تنفيذ ثالثًا.
وما يجري اليوم من محاولات لفرض خرائط جديدة، أو إعادة تشكيل التحالفات، ليس إلا جزءًا من مسار طويل يسعى إلى خنق أي صوت مقاوم، وتجفيف الوعي، ومنع تحوّل الشعوب إلى قوى فاعلة.
لكنّ هذه الحسابات، مهما بدت دقيقة، تغفل سنةً مذكورة بوضوح في القرآن:
?إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا?
وأنّ الظلم حين يبلغ ذروته، يبدأ أفوله.
في اليمن، يتجلّى هذا الفهم بوضوح أكبر.
شعبٌ حوصر وقُصف، ثم نهض أكثر رسوخًا في موقفه تجاه فلسطين، وكأنّ الجراح التي أصابته لم تزدْه إلا بصيرةً.
فقد تعلّم اليمنيون أن القضايا العادلة لا تُقاس بالجغرافيا، بل بالحق، وأنّ الأمة التي تتخلّى عن فلسطين تتخلّى عن نفسها قبل أن تتخلّى عن قضيتها.
لذلك، لا غرابة أن يصبح الموقف اليمني مصدر قلقٍ لدى القوى الكبرى؛ فمجرّد وجود شعبٍ ما يزال يؤمن بالآيات التي تُذكّر بوعد المستضعفين، يشكّل تهديدًا لمشاريع التطويع ومسارات الاستسلام.
وما بين غزة المحاصرة واليمن الصامد، يمتدّ خيط واحد: خيط الوعي.
وعيٌ يرى أنّ ما يحدث ليس فصلًا من فصول السياسة، بل جزءٌ من معركةٍ أوسع بين مشروعٍ يريد للأمة أن تسقط، ومشروعٍ يريد لها أن تنهض.
وإذا كان البرد قد اشتدّ، والمطر قد أغرق الخيام، والليل قد طال.. فإنّ القرآن يعلّمنا أن الفجر لا يتأخّر، وأنّ النصر لا يأتي وفق توقيت القوى العظمى، بل وفق وعدٍ إلهيّ ثابت لا يخلف:
?حَتَّى? إِذَا ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ أَنَّهُمْ قَدْ أُحِيطَ بِهِمْ جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ?.
غزة اليوم ليست مأساةً تُروى، بل شاهدًا على خذلان الشعوب الإسلامية، وموت ضمير العالم.
وشتاء غزة، مهما قسا، ليس إلا مقدّمة لنهاية مأساة وفرج قريب تعرفه القلوب قبل أن تراه العيون، لمن ظنّ أنّ الحرب قدرًا أبديًا، وتُكتب فيه البداية لمن آمن بأنّ الصبر طريق، وأنّ الدمّ لا يبقى بلا ثمرة، وأنّ الأرض التي تعمّدها الشهداء لا تموت، وأن البلاء كلما أشتد فالوعد كان أقرب.