بقلم : سمير السعد ..

في كثير من الأحيان، يكون المسؤول أسيرًا لصورة وردية مزيفة يصنعها المحيطون به، حيث يتعمد البعض تقديم الواقع بصورة خالية من المشكلات، متجنبين النقد البنّاء، ومبالغين في التطبيل والتودد. هذه الممارسات لا تؤدي إلا إلى وضع المسؤول في مأزق حقيقي، حيث يبتعد تدريجيًا عن الواقع ويتجاهل احتياجات المجتمع، مما يسرّع من إخفاقه.


الإعلام الحكومي، في جوهره، ليس مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل هو فن يتطلب مهارة في بناء العلاقات، صدقًا في التعامل، وحرصًا على تقديم حلول واقعية لقضايا المجتمع. لكنه، للأسف، أصبح في كثير من الأحيان أداة للتضليل والتزييف، مستغلًا صفحات وهمية وشعارات زائفة تخدم مصالح ضيقة على حساب الصالح العام.
على المسؤولين، إذا أرادوا النجاح، اختيار الكفاءات المهنية والمخلصين للعمل، لأن الفشل غالبًا ما يبدأ من الواجهة التي يقدمها المسؤول نفسه. فكلما زادت الفجوة بين المسؤول والمجتمع، كلما تعمقت مشكلات الدائرة التي يديرها، سواء كانت كبيرة أم صغيرة.
عندما يعزل المقربون المسؤول عن الرأي العام ويغرقونه بمديح مبالغ فيه، يكون ذلك مؤشرًا خطيرًا على ابتعاده عن مهامه الجوهرية. المسؤولية ليست مجرد منصب، بل هي أمانة تتطلب شجاعة لمواجهة النقد، والانفتاح على الواقع كما هو، لا كما يصوره المحيطون.
النجاح الحقيقي للمسؤول يكمن في القدرة على الاستماع إلى النقد البنّاء، ومواجهة التحديات بشفافية، واختيار فريق عمل يتمتع بالكفاءة والإخلاص. أما تجاهل الحقيقة والانغماس في دوامة التزييف والتطبيل، فلن يؤدي إلا إلى سقوط مدوٍ خارج دائرة المسؤولية.
عندما يتوقف المسؤول عن الاستماع إلى صوت المجتمع الحقيقي وينغمس في دائرة المديح الزائف، يصبح عاجزًا عن رؤية التحديات الفعلية أو اتخاذ القرارات الصائبة. وهنا يبدأ الفشل في الظهور بوضوح، سواء كان ذلك في الأداء العام أو في مستوى الثقة الشعبية به وبمنظومته.
المجتمعات الحديثة بحاجة إلى مسؤولين يتسمون بالشجاعة والمسؤولية الحقيقية، مسؤولين لا يختبئون خلف جدران الوهم ولا ينغلقون على أنفسهم وسط دوائر المديح. هؤلاء هم القادرون على اتخاذ قرارات تصب في مصلحة الجميع، حتى وإن كانت هذه القرارات غير شعبية في البداية.
كما ان الإعلام الحكومي، إذا تم توظيفه بشكل صادق ومهني، بالإمكان أن يكون أداة فعّالة لتعزيز الثقة بين المسؤولين والمجتمع. فبدلاً من التركيز على تلميع الصورة، يجب أن يكون التركيز على طرح القضايا بموضوعية، وتقديم الحلول الواقعية، وتقبل الانتقادات البناءة التي تهدف إلى تحسين الأداء.
رسالة إلى المسؤولين ، تذكروا أن مناصبكم ليست امتيازًا شخصيًا، بل مسؤولية كبيرة تتطلب منكم النزاهة، الشفافية، والانفتاح على مختلف الآراء. المجتمع بحاجة إلى أفعالكم أكثر من شعاراتكم، وإلى حلولكم أكثر من وعودكم.
وفي النهاية، النجاح ليس في الحفاظ على الصورة الوردية، بل في تحقيق نتائج ملموسة يشعر بها الناس، والابتعاد عن دائرة الفشل التي تبدأ من المحيطين بالمكتب وتنتهي بفقدان الثقة الشعبية تمامًا.

سمير السعد

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

مصدر إطاري:دخول المسؤولين الإيرانيين للعراق لا يحتاج إلى أذن مسبق

آخر تحديث: 29 يوليوز 2025 - 2:59 م بغداد/ شبكة أخبار العراق-أكد مصدر إطاري،الثلاثاء، ان زيارة المسؤولين الإيرانيين للعراق تأتي بدون اشعارمسبق للحكومة بأعتبار العراق وإيران دولة واحدة ومشروع واحد ،واضاف المصدر، ان السوداني سبق وأن أبلغ قائد قوات القدس اسماعيل قاآني بشأن دخوله للعراق لايحتاج إلى موافقات باعتباره قائدا للحشد الشعبي ومسؤولا عن ملف المقاومة الحشدوية في العراق.

مقالات مشابهة

  • وزير العدل يلتقي برؤساء محاكم الاستئناف لبحث التحديات التي تواجه عملهم
  • الجماز: الرئيس الجديد للهلال لن يكون له الصلاحيات التي كان يتمتع بها من سبقه
  • دائرة الطاقة في أبوظبي تنظم جلسات توعية حول إجراءات السلامة
  • وزير حرب الاحتلال: سنهزم حماس وستبقى المسؤولية الأمنية في غزة بأيدينا
  • مصدر إطاري:دخول المسؤولين الإيرانيين للعراق لا يحتاج إلى أذن مسبق
  • حكومة الفشل، وحكومة الأمل، هل يستويان مثلا !!
  • محمد معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة
  • ميمي جمال خلال ندوة تكريمها بالمهرجان القومي للمسرح: تعلمت من الفشل قبل النجاح
  • معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة المصرية
  • مونودراما “هبوط مؤقت”.. شهادة مسرحية على وجع وواقع الأسرى