عمار نجم الدين

“يا تشرب يا نكسر قرنك”.

السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه في ظل التصعيد الأخير: هل يختبر الجيش السوداني صبر الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال على الاعتداءات المتكررة التي يشنها الجيش السوداني على مناطقها؟

القصف الوحشي الذي استهدف منطقة يابوس في إقليم الفونج الجديدة بتاريخ 19 ديسمبر 2024، ليس مجرد حادثة معزولة، بل هو جزء من سياسة ممنهجة يتبعها الجيش السوداني لجر الحركة الشعبية إلى الصراع الذي يشتعل بين الجيش وقوات الدعم السريع.

منطقة يابوس، التي ظلت آمنة وخالية من أي نشاط عسكري منذ عام 2017، استُهدفت بقصف جوي متعمد طال مبنى تابعًا لبرنامج الأغذية العالمي، وأسفر عن مقتل ثلاثة من العاملين الإنسانيين، وتدمير منشآت ومخازن طعام حيوية تخدم النساء والأطفال، الذين يشكلون غالبية السكان هناك.

لماذا يصر الجيش السوداني على استفزاز الحركة الشعبية؟

الحركة الشعبية، بقيادة القائد جوزيف توكا في منطقة النيل الأزرق، أعلنت بوضوح أنها لن تنجر إلى هذا الصراع الذي تراه صراعًا بين طرفين لا فرق بينهما من حيث المسؤولية عن الأزمة الحالية في السودان. ومع ذلك، فإن الجيش السوداني لا يتوقف عن استفزاز الحركة بقصف متواصل يستهدف مناطقها منذ أغسطس الماضي، مستخدمًا الطائرات والانتنوف لتدمير القرى وقتل المدنيين الأبرياء.

التقارير الحكومية نفسها تؤكد أن قوات الدعم السريع، الخصم المعلن للجيش، تتركز شمال سنجة، بينما تبعد الحركة الشعبية عن سنجة بمئات الكيلومترات. فما الذي يبرر هذا القصف العشوائي؟ الإجابة واضحة: إنها محاولة لجر الحركة الشعبية إلى مستنقع الحرب، أو على الأقل إظهارها كطرف في النزاع، لتبرير المزيد من القصف والاعتداءات على مناطقها.

خياران أحلاهما مر

الجيش السوداني يضع الحركة الشعبية أمام خيارين: إما الانخراط في حرب لا علاقة لها بها، أو القبول بالاعتداءات المتكررة على أراضيها ومدنييها. هذا التكتيك يُظهر حالة من الإفلاس السياسي والعسكري لدى المؤسسة العسكرية السودانية، التي يبدو أنها عاجزة عن مواجهة الدعم السريع في الميدان، فتلجأ إلى استهداف مناطق آمنة لا علاقة لها بالصراع.

استهداف المدنيين: جريمة حرب تستوجب المحاسبة

القصف الذي استهدف مناطق يابوس، بليلة، مفو، بلدغو، وماكاجا، خلال الفترة من 18 إلى 20 ديسمبر، يرقى إلى مستوى جريمة حرب وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني. هذه المناطق خالية تمامًا من أي وجود عسكري أو تحركات للحركة الشعبية، فكل ما يوجد فيها هم مدنيون يسعون إلى الحياة في أمان بعيد عن فوضى الحرب.

هل تصمت الحركة الشعبية طويلًا؟

السؤال الذي يطرحه الجميع اليوم: إلى متى ستصبر الحركة الشعبية على هذه الاعتداءات؟ الحركة، التي ظلت ملتزمة بموقفها الرافض للمشاركة في هذا النزاع العبثي، قد تجد نفسها مضطرة يومًا للرد دفاعًا عن أراضيها وشعبها.

لكن المؤكد هو أن هذا ما يسعى إليه الجيش السوداني. فهو يريد إخراج الحركة الشعبية من موقف الحياد الإيجابي إلى موقف المواجهة، ليبرر قصفه المتواصل، ويُظهرها كطرف في الحرب، وهو ما تدركه الحركة جيدًا، وتحاول تجنبه بقدر المستطاع.

رسالة إلى المجتمع الدولي

ما يحدث في مناطق النيل الأزرق، وخاصة يابوس، ليس مجرد اعتداءات عشوائية، بل هو مخطط لجر المنطقة إلى الفوضى. على المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي التحرك فورًا لوقف هذه الانتهاكات المتكررة، وإلا، فإن المدنيين الأبرياء سيدفعون الثمن الأكبر.

الجيش السوداني، الذي فشل في إدارة حربه مع الدعم السريع، اختار أن يصب غضبه على مناطق بعيدة عن الصراع، ويستهدف النساء والأطفال والمنظمات الإنسانية. هذه الممارسات يجب أن تُفضح ويجب أن يُحاسب مرتكبوها أمام المجتمع الدولي.

أهل يختبر الجيش السوداني صبر الحركة الشعبية أمام هذا القصف المستمر؟ وهل ستجد نفسها مضطرة للرد بطريقة قد يصعب التنبؤ بها؟ ومن يتحمل مسؤولية هذه الحرب العبثية التي تدفع السودان نحو المزيد من الخراب والتشرذم؟

الوسومعمار نجم الدين

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الحرکة الشعبیة الجیش السودانی الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)

الجديد برس| خاص| تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية، مقاطع فيديو ، رصدها الجديد برس” تكشف ما وصفوه بفضيحة مدوية تتعلق بالمساعدات الإماراتية المقدمة لقطاع غزة، حيث أظهرت المقاطع عبور شاحنات تحمل لافتات “مساعدات من دولة الإمارات” نحو القطاع وهي فارغة تمامًا. ووثّقت المقاطع التي التُقطت من عدة زوايا، دخول الشاحنات عبر المعابر المؤدية إلى غزة دون أي حمولة في صناديقها، في مشهد أثار موجة استنكار وسخط واسع، وسط اتهامات للإمارات وبعض الدول العربية بالتواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي في تشديد الحصار وتجويع السكان المحاصرين. وكانت الإمارات قد أعلنت يوم أمس ، دخول قافلة مساعدات إماراتية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح المصري، ضمن ما اسمته “عملية الفارس الشهم3” الإنسانية. ورأى نشطاء ومراقبون أن هذا المشهد لا يمثل فقط خداعًا للرأي العام، بل يكشف عن استخدام “المساعدات الإنسانية” كأداة دعائية لتمرير مواقف سياسية تتماهى مع سياسات الاحتلال، على حساب المأساة التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع. وتأتي هذه الفضيحة وسط تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة، حيث تعاني المستشفيات من نقص حاد في الإمدادات الطبية والغذائية، مع استمرار العدوان الإسرائيلي والحصار الخانق، ما يجعل أي تلاعب بالمساعدات قضية إنسانية وأخلاقية كبرى تستدعي تحقيقًا دوليًا ومساءلة علنية، بحسب نشطاء حقوقيين. https://www.aljadeedpress.net/wp-content/uploads/2025/07/فضيحة-اماراتية-في-غزة-شاحنات-بدون-مساعدات.mp4

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يسترد مدينة كبيرة في كردفان
  • الهادي آدم.. الشاعر السوداني الذي كتب لفلسطين و غنت له أم كلثوم
  • الجيش السوداني ينفتح ويحكم قبضته على منطقة حيوية في كردفان
  • السوداني: منعنا محاولات إطلاق صـواريخ ومسـيّرات من داخل العراق
  • رسالة مباشرة.. الجيش السوداني يوجه ضربة جوية قاسية لحكومة “تأسيس”
  • الجيش السوداني يقصف وقوة من “الدعم السريع” تغادر مدينة مهمة في كردفان
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • الاتفاق الذي انقلب على صاحبه، كيف تحولت مبادرة الجيش لأداة ضده
  • رفض قاطع.. وتوعد بإحباط المشروع.. الجيش السوداني يصف الحكومة الموازية بـ«المؤامرة»
  • أوزين معلقا على رفض "تأسيس" حزب الحركة الديموقراطية الشعبية..ما نطالب به فقط هو بعض الإبداع في الاسم!