ماذا نعرف عن الاتفاقيات الدفاعية السرية الموقعة بين فرنسا ومستعمراتها السابقة في إفريقيا؟
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
بعد استقلال الدول الإفريقية التي كانت خاضعة للاستعمار الفرنسي خلال القرن الماضي، وقعت باريس وعواصم تلك الدول اتفاقيات دفاعية واتفاقيات تعاون عسكري، بقيت سرية إلى حدّ كبير [كل وثيقة لها معايير تختلف عن الأخرى] واعتُبرت غالباً "ذراع فرنسا الإفريقية".
واليوم، بلغ عمر تلك الاتفاقيات تقريباً ستين عاماً وهي تنظم حتى الآن العلاقة بين فرنسا ومستعمراتها السابقة على أسس أمنية ومالية وسياسية بامتياز.
في الماضي، سمحت تلك الاتفاقيات لباريس بالتدخل عسكرياً لإنقاذ حلفائها السياسيين ولكنّها في بعض الأحيان اختارت ألا تتدخل.
مثال أوّل: في العام 2006-2007 تدخلت فرنسا عسكرياً، باسم هذه الاتفاقيات، في جمهورية إفريقيا الوسطى، لإنقاذ الرئيس فرانسوا بوزيزيه ضدّ ثوار "اتحاد القوى الديمقراطية من أجل الوحدة". ولكنّ باريس امتنعت عن القيام بالخطوة ذاتها وفي البلد ذاته بعد 5 سنوات، في عهد فرانسوا أولاند [2012]. مثال ثانٍ: في عام 2019، إبان ولاية إيمانويل ماكرون الأولى، تدخلت فرنسا عسكرياً لنجدة الرئيس التشادي السابق، إدريس ديبي إتنو، وأغارت الطائرات الفرنسية على قوافل للمتمردين بقيادة تيمان إرديمي. في المقابل رفض الرئيس السابق جاك شيراك التدخل عسكرياً لمساعدة رئيس ساحل العاج من الانقلابيين عام 1999 رغم اتفاقية الدفاع بين الطرفين.أسئلة أكثر؟منذ الانقلاب في مالي عام 2022، واليوم بعد انقلاب النيجر، عادت تلك النصوص إلى واجهة الإعلام الفرنسي بعدما عادت مجدّدا خلال حقبة الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي [تحديداً عام 2009]، بعد سعي فرنسي لمراجعة عدد غير محدد من بنودها.
في النيجر، أعلن الانقلابيون مؤخراً أن بلادهم ستنسحب من خمس اتفاقيات عسكرية وأمنية موقعة مع فرنسا، ولكن حتى الآن لم تتخذ باريس قراراً بالانسحاب من البلاد وسط احتمال اللجوء إلى عملية عسكرية بقيادة إكواس لإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم إلى السلطة.
أمّا في مالي، فقد أعطت تلك الاتفاقيات للجيش الفرنسي "حرية الحركة الكاملة على الأراضي وفي المجال الجوي المالي للمركبات والطائرات العسكرية والمدنية لأفراد القوات الفرنسية أو غير الفرنسية التابعة لنفس القوة العسكرية العاملة هناك".
ولكن الضباط الانقلابيين قالوا عام 2022 إن "أجزاء من الأجواء المالية ممنوعة على الطيران الحربي الوطني"، الأمر الذي نفته فرنسا.
ضربة استباقية لم تمنع انقلاب النيجر؟كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن مطلع العام الحالي "خفضاً ملحوظاً" لعدد القوات العسكرية الفرنسية المنتشرة في دول إفريقية.
واقترح ماكرون "شراكة جديدة" مع تلك الدول، وسط تزايد المشاعر المناهضة لباريس والسياسة الفرنسية بشكل عام، وتوسّع الدورين الروسي والصيني في المنطقة.
ووعد ماكرون بأن يتحدد الانتشار العسكري الفرنسي داخل القواعد والمدارس التي ستتم إدارتها بشكل مشترك مع القوات المُضيفة.
بالتفصيل: على ما تنص تلك المعاهدات؟ كم عددها؟ ومن هي الدول المشاركة فيها؟"حق في التدخل العسكري"إن تلك الاتفاقيات القديمة تمّ تصنيفها ضمن فئات مختلفة، بدءاً من مجرد تبادل الرسائل مروراً باتفاقيات الدفاع السري ووصولاً إلى اتفاقيات أكثر تفصيلا تتعلق بالمساعدة أو حتى التدخل العسكري.
وحتى مطلع العام 2000، حافظت بعض الدول على الإطار القانوني الذي نظّمها، والذي وُضع بين عامي 1959 و1961، بينما أجرت أخرى تعديلات طفيفة عليها.
وترتبط كلّ من الكاميرون، إفريقيا الوسطى، ساحل العاج، السنغال، الغابون، تشاد، وتوغو ومالي التي قررت فرنسا الانسحاب منها في 2022 غداة الانقلاب بعدما رأى القادة العسكريون الجدد أنها تهدّد سيادة البلاد، بمعاهدات عسكرية مع باريس.
وإضافة إلى المستعمرات السابقة، وقعت باريس مع كل من الدوحة والإمارات اتفاقيات تعاون عسكري أيضاً.
لكن الكتاب الأبيض الذي طلب فرانسوا هولاند تحضيره ونشر عام 2013، وهو الوثيقة التي تحدد استراتيجية فرنسا الدفاعية الشاملة في عدة قارات، ذكر أن الحق في التدخل العسكري في كل من ساحل العاج والغابون وتوغو سيتم إلغاؤه من دون أن يعرف حتى الآن ما إذا حصل ذلك فعلاً.
كم عددها وإلى ما تشير؟بلغ عدد اتفاقيات التعاون العسكري بين فرنسا ودول إفريقية 21 اتفاقاً في 2021 إضافة إلى 11 اتفاقاً دفاعياً، جميعها مبهمة وغامضة إلى حدود معينة. وكانت هناك مطالبات مستمرة بنشرها، دون جدوى.
وتشير النصوص بشكل أساسي [ومختزل] إلى أمرين أساسيين:
الأول تاريخي: مساعدة حكومات الدول المستقلة حديثاً على تأسيس جيوش قادرة على مواجهة التهديدات والضغوط الناتجة عن الحرب الباردة. والمساعدة تتضمن تدريب العناصر ومدّ جيوش تلك الدول بالأسلحة. الثاني غامض: وهو سرّي بحسب ما تشير إليه صحيفة NouvelObs والنقطة الأساسية فيه هي "الحفاظ على رباط الخضوع بين القوة الاستعمارية السابقة و "أصدقائها" الأفارقة، خصوصاً لناحية حفظ الأمن.والنقطة الأخيرة تسمح لفرنسا بالتدخل عسكرياً لمساعدة أي من تلك البلدان، لكن باريس ليست ملزمة بذلك وعلى الدولة الإفريقية أن تطلب المساعدة والقرار الأخير بالتدخل يعود للرئيس الفرنسي وحده ومن هذه الزاوية تُفهم خيارات الرؤساء الفرنسية المختلفة أعلاه.
غير أن الجزء الثاني لا يحدّد طبيعة "الخطر الداهم" وتبقى مصطلحاته فضفاضة، وتشير الصحيفة إلى أنها اختيرت على هذا النحو "لتبرير أي تدخل عسكري مستقبلي".
شارك في هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الاتحاد الأوروبي يحذّر من "عواقب خطيرة" حال تدهور صحة رئيس النيجر اجتماع لقادة جيوش دول غرب إفريقيا حول النيجر والاتحاد الإفريقي يرفض أي تدخل عسكري ضد قادة الانقلاب لمواجهة أي هجوم محتمل.. انطلاق حملات تطوع بالجيش في النيجر الجيش الفرنسي النيجر أفريقيا بوركينا فاسو محمد بازوم إيمانويل ماكرونالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الجيش الفرنسي النيجر أفريقيا بوركينا فاسو محمد بازوم إيمانويل ماكرون فرنسا حرائق غابات روسيا السعودية أوكرانيا الصين كولومبيا الحرب في أوكرانيا الاحتباس الحراري والتغير المناخي محكمة فرنسا حرائق غابات روسيا السعودية أوكرانيا الصين
إقرأ أيضاً:
الرئيس السيسي يتلقى اتصالا هاتفيًا من نظيره الفرنسي ويبحثان مواصلة دفع العلاقات الثنائية
تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، اتصالا هاتفيًا من الرئيس إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية.
وصرّح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس أعرب عن تقديره العميق لما تشهده العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا من تطور نوعي، خاصة عقب الارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية خلال زيارة الرئيس الفرنسي إلى القاهرة في أبريل 2025، وهو ما انعكس إيجابًا على تنامي التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
وأوضح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن الرئيسين بحثا سبل مواصلة دفع العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، عبر تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والاستثماري، وزيادة حجم التبادل التجاري الذي شهد تقدمًا ملموسًا خلال الأشهر الماضية، فضلًا عن التعاون في قطاعات الصناعة والسياحة والنقل.
كما تناول الاتصال مستجدات الأوضاع الإقليمية، وفي مقدمتها قطاع غزة، حيث أعرب الرئيس عن تقدير مصر للدعم الفرنسي للجهود المصرية التي أفضت إلى التوصل إلى اتفاق وقف الحرب، مؤكدًا ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار والانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام.
وشدد الرئيس على أهمية تعزيز إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، والبدء الفوري في مرحلة التعافي المبكر وإعادة الإعمار.
من جانبه، أعرب الرئيس ماكرون عن تقديره للدور المحوري الذي تضطلع به مصر في تحقيق الاستقرار الإقليمي، ولاسيما في تثبيت اتفاق وقف الحرب في غزة.
كما تطرق الاتصال إلى تطورات الأوضاع في الضفة الغربية، حيث أكد الرئيس رفض مصر القاطع للانتهاكات الإسرائيلية، مشددًا على ضرورة دعم الشعب الفلسطيني وزيادة الضغط الدولي لوقف هذه الانتهاكات، ودعم السلطة الفلسطينية في الوفاء بالتزاماتها تجاه شعبها. واتفق الرئيسان على أن الجهود الراهنة يجب أن تفضي إلى إطلاق عملية سياسية شاملة تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وفيما يتعلق بالشأن السوداني، أكد الرئيس دعم مصر الكامل لوحدة وسيادة السودان وسلامة أراضيه، ورفضها لأي محاولات تهدد أمنه، معربًا عن مساندة مصر لجهود إنهاء الحرب واستعادة السلم والاستقرار في السودان الشقيق.
وفي ختام الاتصال، تبادل الزعيمان التهنئة بمناسبة العام الميلادي الجديد، متمنيين لشعبي مصر وفرنسا دوام الاستقرار والرخاء.
اقرأ أيضاًالسيسي يستقبل حفتر.. حين تُعيد الجغرافيا تشكيل السياسة وتختبر القاهرة بوصلتها في الغرب
مدبولي: ندعم التوسع في المدارس اليابانية بمصر تنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسي
بعد قرار علاج عبلة كامل على نفقة الدولة.. «المهن التمثيلية» توجه الشكر للرئيس السيسي