ألقى الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، محاضرة بعنوان "التطرف وأثره على المجتمع"، بجامعة عين شمس، ضمن ندوة تثقيفية أقامتها الجامعة بحضور نخبة من القيادات الأكاديمية والطلابية.

وصرَّح “عياد”، بأن الحديث عن التطرف ليس من باب الرفاهية، بل هو من الأمور التي ينبغي أن تسير عليها المؤسسات، خاصة في ظل مواجهة المؤسسات الدينية باتهامات باطلة تربطها بالإرهاب.

 

وأضاف مفتي الجمهورية، أن التطرف ليس مقتصرًا على الدين فقط، بل هو مجاوزة الحد في الفكر، سواء كان ذلك بالتشدد أو بالتحرر المبالغ فيه، حيث يدعو البعض إلى تمييع الدين واجتزاء النصوص، موضحا أن الغلو في التمسك بأمور خارجة عن المألوف يُعَدُّ من أشكال التطرف التي يجب التحذير منها.

وأكد المفتي، أنه عندما نتحدَّث عن التطرف يجب التفرقة بين الدين نفسه وبين أتباعه، فالحكم على الدين من خلال تصرفات المنتسبين إليه ظلم بيِّن، موضحا أن الدين جاء لتحقيق مجموعة من المقاصد، وإذا تمَّ الاعتداء على هذه المقاصد يكون ذلك تطرفًا فكريًّا واضحًا. فالمقاصد الكلية للدين إذا غابت، أدى ذلك إلى فساد الدنيا والدين معًا.

وأشار إلى أن هناك بعضَ أصحاب الأجندات المختلفة الذين يسعون إلى تشويه صورة الدين وتقليل قيمة العقل والاستهانة بالدماء، مؤكدًا أنَّ الدين في جوهره رسالة إصلاحية تحقِّق الصلاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، وتضع إطارًا للعلاقة بين الإنسان وربه. 

ونوه بأن هذا الدين العظيم لم يترك حتى العلاقات الإنسانية دون ضوابط دقيقة تنظِّمه، بل وضع أطرًا للتعامل مع الجميع.

وشدد المفتي على أنه من الخطأ الكبير إلصاق التشدد بالدين، موضحًا أن أسباب التطرف بعيدة كل البُعد عن جوهر الدين. 

ولفت إلى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم بُعث بالحنيفية السَّمحة التي تراعي حقوق الله والكون والبلاد والعباد دون إفراط أو تفريط. 

وأعرب عن شُكره للمؤسسات التربوية والجامعات التي تهتمُّ بمثل هذه القضايا المهمة، لأن هذه المؤسسات تعدُّ من أهم الأماكن التي ينبغي أن تُعنى بتشكيل وعي الأجيال لمواجهة التطرف.

وأوضح المفتي أن التطرف ليس ظاهرة حديثة، بل هو نتاج تراكمات اجتماعية وثقافية وتربوية وسياسية واقتصادية. قد تكون هناك أسباب دينية، لكنها ليست الأكثر تأثيرًا في نشأة التطرف وانتشاره. لذا، فإن مواجهة هذه الظاهرة تتطلَّب تكاتف جميع المؤسسات للعمل وَفْقَ رؤية واضحة وشاملة. 

وألمح إلى أن الدين هو طوق النجاة للأمم، حيث نجد أنَّ الحضارات التي ازدهرت ماديًّا شهدت في الوقت نفسه انحدارًا أخلاقيًّا وسلوكيًّا، وهو ما يعكس أهمية الحفاظ على القيم الدينية والأخلاقية.

كما أشار المفتي إلى أن الله أيَّد الخلق بوحيين: الوحي المنظور وهو العالم الخارجي الذي نراه ونتأمله، والوحي المسطور وهو الكتاب السماوي. 

وبيَّن فضيلته أن هناك جوانب يتشابك فيها العلم مع الدين وجوانب أخرى تستقل كل منهما عن الآخر، وهذا يعكس التكامل بينهما لا التعارض.

وأكَّد أن الإنسان يجب أن يُترك للبحث دون قيود، ولكن في إطار أخلاقيات البحث العلمي حتى لا نصل إلى مرحلة "نشتري الموت بأيدينا".

وشدَّد المفتي على أن الإنسان قد غزا الفضاء، واستولى على البر والبحر، وحقَّق إنجازاتٍ عظيمةً ورفاهية غير مسبوقة، لكنه يبقى عاجزًا أمام سرِّ وجوده في الحياة الدنيا. 

وأشار إلى أنَّ العلم رغم تقدماته لا يمكنه تفسير كل شيء، وأن هذا يؤكد محدودية العلم، مضيفا أن {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] هي حقيقة علمية تؤكِّد أن الإنسان لا يستطيع إدراك كل ما يتعلق بالوجود.

وتابع إنه عندما يُقحم العقل في أمور ليست من مجاله، فإن ذلك يؤدِّي إلى الغلوِّ والتطرُّف. لذلك، يجب أن تسلط المناهج التربوية الضوءَ على محاسن الدين، الذي بدأ مع خلق الإنسان تحت شرائع مختلفة تدعو للتعايش والتسامح والتراحم. 

وأوضح أن الرسالات السماوية جاءت بالوصايا العشر التي يجب أن تكون جزءًا أصيلًا في المناهج التعليمية.

وأضاف فضيلةُ المفتي أنه على الرغم من وصولنا إلى القرن الواحد والعشرين، ما زلنا نواجه مشكلة الثأر، رغم أن أطراف النزاع قد يكونون من ذوي العلم والوجاهة.

وقال إن العقلية التي تقول: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23] ما زالت سائدة في بعض البيئات التي تُحكم بالعادات أو الفهم الخاطئ لثقافة معينة، مما قد يُنتج تطرفًا فكريًّا، مما يؤكد على دَور المورثات الخاطئة أيضًا في تفشي ظواهر التطرف لدى المجتمع.

كما أشار إلى أنَّ الصحبة لها تأثير كبير في تكوين الفكر، حيث إنَّ الكثير من العائدين من الجماعات الإرهابية أشاروا إلى أن الصاحب والصديق كانا البوابة الأولى للتطرف. 

وشدد المفتي على ضرورة تحري الصاحب الصالح الذي يأخذ بيد صاحبه إلى الحق والثبات عليه.

وفي حديثه عن العوامل التي تؤدي إلى التطرف، ذكر المفتي أن الفقر والجهل والمرض هي ثلاثة أضلاع خطيرة تهدد المجتمع، حيث إن الكثير ممن انضموا إلى الجماعات المتطرفة كانوا ضحية للفقر المدقع والجهل. 

وأضاف أن الإعلام قد يكون أداة بناء أو هدم، حيث يمكن أن يُسهم في نشر القيم السلبية من خلال الترويج لمسلسلات وأفلام تدعو للمثلية والانحلال الأخلاقي.

كما أكد على ضرورة مواجهة الفكر بالفكر والآلة بالآلة، واستخدام المحتوى الإعلامي والتربوي لنشر القيم الصحيحة. 

وأضاف أنَّ المؤسسات التعليمية والإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي يجب أن تتكاتف للتصدي للألعاب الإلكترونية التي تدعو للعنف والقتل وللحدِّ من تصدير الفكر المتطرف. وأشار إلى أن بعض القضايا قد تكون بسيطة، لكن بعض وسائل الإعلام قد تعمَّد إلى تضخيمها لتحقيق "الترند"، دون مراعاة للمآلات والآثار والنتائج؛ مما يستوجب من الإعلاميين تحرِّي المسؤولية في نشر الأخبار.

وتوجَّه المفتي للإعلاميين قائلًا: أنتم على ثغر خطير من ثغور الدين والوطن، فاتقوا الله فيما وضعكم فيه.

وفي ختام كلمته، أشار المفتي إلى أن الغلو والتشدد يؤديان إلى تضييق الحياة على الناس من خلال التكفير والتفسيق، مما يعطي مبررًا للتخريب بدلًا من الإعمار.

وأكد أن العلم مفتاح التطور، ويجب الانفتاح على مختلف مجالاته، بما فيها علم الفلك، للاستفادة من أدواته لتحقيق التقدم والرقي.

وفي ختام الندوة تقدَّم رئيس الجامعة بالشكر له مهديًا إليه درع الجامعة في لفتة تقدير وامتنان لما يبذله فضيلة المفتي من جهود لنشر الوعي والفكر الوسطي.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء جامعة عين شمس التطرف الفقر الجهل الأسرة مفتي الجمهورية المزيد د المفتی من خلال یجب أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

هدى المفتي تفجر تصريحات جريئة عن الحب والإشاعات وعلاقتها بويجز في صاحبة السعادة

أثارت الفنانة هدى المفتي الجدل خلال ظهورها في برنامج “صاحبة السعادة” مع الإعلامية إسعاد يونس، حيث تحدثت بصراحة عن شخصيتها وعلاقتها بالفنان ويجز.


 

أكدت هدى أنها عنيدة وتفضل تلقي النصائح بطريقة راقية دون فرض أو تهكم، كما نفت ارتباط أغنية “البخت” بها، موضحة أن علاقتها بويجز لا تتعدى الزمالة والمعرفة.


 

وكشفت عن إشاعة خطبتها التي انتشرت مؤخرًا، مؤكدة أنها ليست صحيحة وأنها ستركز في الفترة الحالية على عملها، ووصفت هذه المرحلة بأنها حاسمة في مشوارها الفني، مشيرة إلى أن “الشغل رقم واحد” في حياتها الآن.


 

ونستعرض المزيد من التفاصيل من خلال الفيديو جراف التالي.

طباعة شارك هدي المفتي صاحبة السعادة ويجز هدي المفتي وويجز

مقالات مشابهة

  • خالد الجندي: ليس من الصحيح تخويف الناس من الدين وتعقيد العبادة
  • المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا: مزاعم الحصار دعاية أطلقتها المجموعات الخارجة عن القانون لتسويق فتح معابرغير نظامية مع محيط السويداء داخل الجمهورية، وخارجها، لإنعاش تجارة السلاح والكبتاغون التي تشكل مصدر تمويل أساسي لهذه المجموعات
  • مفتي الجمهورية: صون الماء والغذاء والطاقة فريضة شرعية ومسؤولية وطنية
  • مفتي الجمهورية: لا بقاء لحضارة تهدر نعمة الماء .. صور
  • مفتي الجمهورية عند جنبلاط سعيا لمنع الفتنة السنّية - الدرزية
  • هدى المفتي تفجر تصريحات جريئة عن الحب والإشاعات وعلاقتها بويجز في صاحبة السعادة
  • مفتي الجمهورية يبحث مع رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة تعزيز التعاون
  • مفتي الجمهورية يدين الهجوم الإرهابي على كنيسة بالكونغو الديمقراطية
  • مفتي الجمهورية يدين الهجوم الإرهابي على كنيسة في الكونغو الديمقراطية
  • «في سن الـ17».. هدى المفتي: تجربتي الأولي في الحب كانت مؤلمة