عربي21:
2025-06-10@18:29:09 GMT

ضبط البوصلة.. هل لا تزال سلميتنا أقوى من الرصاص؟

تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT

لا يمكن لأي إنسانٍ محبٍّ للحرية إلّا أن يفرح بزوال حكم الأسد، وأن يشارك الشعب السوري فرحته بحصوله على الحرية وفتح السجون، بل ندعو من أعماق قلوبنا أن تنجح الإدارة الجديدة في سوريا في إدارة المرحلة الانتقالية بنجاح. وما نراه ونسمعه من تصريحاتٍ وتطوراتٍ يبدو مبشِّرا بلا شك، ونسأل الله أن يوفقهم في تجاوز التحديات التي تواجههم.



مقارنة سوريا بمصر: وقفة ضرورية

لكن الحديث عن إسقاط ما حدث في سوريا على الملف المصري يحتاج إلى وقفة، بل إلى وقفاتٍ عميقة. هناك من يحاول تسويق فكرة أن التجربة السورية يمكن أن تُستنسخ في مصر، وأن شعار "سلميتنا أقوى من الرصاص" قد انتهت صلاحيته. بل يذهب البعض إلى أن الطريق إلى الحرية يكمن في محاكاة ما فعله السوريون، معتبرين أن العمل السلمي لا جدوى منه.

هذه الأفكار، وإن بدت جذّابة لبعض الشباب المتحمّس، إلا أنها تحمل خطورة كبيرة. فهي تُغذِّي مشاعر الإحباط واليأس، وتفتح الباب أمام الفوضى التي لا تُبقي ولا تذر. وما يزيد الأمر تعقيدا هو انجرار بعض من يُفترض أنهم أصحاب خبرةٍ وحكمةٍ إلى هذه الموجة، وصولا إلى السخرية من شعار "سلميتنا أقوى من الرصاص".

هذه الأفكار، وإن بدت جذّابة لبعض الشباب المتحمّس، إلا أنها تحمل خطورة كبيرة. فهي تُغذِّي مشاعر الإحباط واليأس، وتفتح الباب أمام الفوضى التي لا تُبقي ولا تذر. وما يزيد الأمر تعقيدا هو انجرار بعض من يُفترض أنهم أصحاب خبرةٍ وحكمةٍ إلى هذه الموجة، وصولا إلى السخرية من شعار "سلميتنا أقوى من الرصاص"
الخوف من السوشيال ميديا: عائق جديد

لقد أصبح الخوف من تعليقات السوشيال ميديا وتياراتها الجارفة عائقا أمام تحكيم العقل والحكمة، وأضحى من يتصدى لهذه الأفكار مُتَّهَما بالضعف والهوان. لكن مسؤولية الكلمة وأمانة الفكر تحتم علينا أن نواجه الحقائق بشجاعة، وأن نطرح الأمور بموضوعية بعيدا عن الشعبوية أو المزايدات.

محاور لضبط البوصلة

لإعادة ضبط البوصلة، يجب تسليط الضوء على النقاط التالية:

أولا: اختلاف الواقعين السوري والمصري

الواقع السوري والواقع المصري مختلفان تماما. فالثورة السورية تحولت إلى مسلحة بعد أشهر من بدايتها، والنظام الحاكم كان طائفيا. ومع إخفاقاتٍ كثيرة، اكتسبت المعارضة السورية خبراتٍ متراكمة على مدار سنوات. وبعد ترتيب الصفوف ومحاولة إيجاد حلٍّ سياسي، رفض النظام السوري هذا الحل، وأدخل أطرافا خارجية طائفية مثل إيران، وأخرى دولية مثل روسيا. كل ذلك جعل الثوار في سوريا أمام خيارٍ وحيدٍ لإسقاط النظام.

أما في مصر فالمشهد مختلف، ولا تزال الأغلبية الساحقة من الشعب ترفض اللجوء إلى أي خياراتٍ غير سلمية، إدراكا منهم أن أي خيارٍ غير سلمي سيؤدي إلى فوضى مدمّرة. بالإضافة إلى ذلك، المجتمع المصري، رغم معاناته الاقتصادية ورغم رغبته في الحرية والكرامة والتغيير إلى الافضل، إلا انه لا يزال يتمسك بضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة ويرفض المغامرات التي قد تهدمها.

فهل يدرك أصحاب نظرية إسقاط التجارب الأجنبية هذا الفارق الجوهري؟

ثانيا: الدور الحاسم للدبلوماسية في سوريا

في سوريا، ورغم القوة العسكرية لهيئة تحرير الشام ودعمها الخارجي، لم تكن القوة المسلحة وحدها هي التي حسمت الأمور، بل لعبت الدبلوماسية التركية دورا محوريا. فقد نجحت تركيا في تحييد روسيا وإيران، وأقنعت هذه القوى بأن مصلحتها ليست مع استمرار نظام الأسد. هذه الحكمة الدبلوماسية غابت عن أذهان الكثير من المنظرين الذين يروِّجون لأفكار غير سلمية.

البديل لا يكمن في خياراتٍ غير سلمية، بل في بناء رؤيةٍ تشاركيةٍ تجمع مختلف أطياف المعارضة، وتفتح قنواتٍ للحوار مع كافة الأطراف، بما في ذلك مؤسسات الدولة. هذه الرؤية يجب أن تركز على وحدة المجتمع وتماسكه، مع السعي لتحقيق مطالب الشعب في الحرية والعدالة والكرامة
ثالثا: الظهير الشعبي

لا يمكن تجاهل أن الظهير الشعبي في سوريا كان داعما بقوةٍ لما حدث. أما في مصر، فإن الشعب يعارض بشكلٍ واضحٍ أي خياراتٍ قد تجرُّ البلاد إلى الفوضى، حتى في ظل الأزمة الاقتصادية والمطالبة بالحرية والكرامة، فإن أي حراكٍ لا يحظى بدعمٍ شعبيٍّ كاسحٍ محكومٌ عليه بالفشل.

رؤية مستقبلية: التمسك بالسلمية

بعد استعراض هذه المحاور، يتضح أن خيار "سلميتنا أقوى من الرصاص" ليس مجرد شعار، بل هو استراتيجيةٌ واقعيةٌ تتناسب مع الظروف المصرية. النضال السلمي والدستوري هو الطريق الأكثر أمانا، حتى لو بدا طويل الأمد.

ماذا لو لم يستجب النظام؟

البديل لا يكمن في خياراتٍ غير سلمية، بل في بناء رؤيةٍ تشاركيةٍ تجمع مختلف أطياف المعارضة، وتفتح قنواتٍ للحوار مع كافة الأطراف، بما في ذلك مؤسسات الدولة. هذه الرؤية يجب أن تركز على وحدة المجتمع وتماسكه، مع السعي لتحقيق مطالب الشعب في الحرية والعدالة والكرامة، دون المساس بمؤسسات البلاد واستقرارها.

ختاما

قد يغضب هذا الطرح البعض، خصوصا أصحاب النظرة الصفرية الذين يرون أن الأمور إمّا أن تكون انتصارا كاملا أو هزيمة كاملة. لكن المسؤولية تحتم علينا أن ننظر إلى المشهد بموضوعية، وأن نسعى لإعادة ضبط البوصلة بعيدا عن الانفعالات. الطريق طويل، لكنه الوحيد الذي يمكن أن يحقق الحرية دون أن يهدم الوطن.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا المصري السلمي سوريا مصر ثورة سلمي مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة مقالات من هنا وهناك سياسة اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة غیر سلمیة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

انقضى عيد الأضحى .. وغزة لا تزال تعاني الجوع والمجازر

 

الثورة / متعابات/

في غزة، لا صوت للتكبيرات، لا رائحة للشواء، لا لعب للأطفال، ولا حتى لحظة هدوء تسمح بالتقاط النفس.
حلّ عيد الأضحى على القطاع الجائع، المحاصر، المحترق، وغابت أجواؤه فيما لم يحمل سوى المزيد من الفقد. لم يُذبح لوجه الله شيء، فالأضاحي غابت، والذبيح الوحيد هو الإنسان.
على امتداد القطاع، من رفح إلى بيت حانون، اختفى كل ما يُشبه العيد. لا ضيافة، لا زيارات، لا ثياب جديدة، ولا حتى سلام عابر بين الجيران.
ما تبقّى من العيد هو اسمه فقط، أما ملامحه فقد دهستها الحرب، والتهمها الجوع.
جوعٌ أشد من القصف
يقول فايز زقوت، أحد النازحين في مخيم أقيم حديثًا شمال غزة: “لا نعرف أي يوم هو. العيد فقد معناه، لم نسمع تكبيرات، ولم نرَ أضاحي، ولم نشتم رائحة طعام. الجوع هو سيد اللحظة”.
في غزة، كيلو السكر بـ300 شيقل، وربع كيلو القهوة بـ250، لكن لا مال، ولا سلع.
الأسواق مغلقة، المخازن مدمرة، الثلاجات فارغة، وإن وُجد الطعام، فلا وسيلة لحفظه، ولا طاقة لطهوه.
لا حج لا عيد لا حياة
الحصار المتواصل، وقيود الاحتلال، حرمت أهالي القطاع للعام الثاني على التوالي من أداء فريضة الحج.
حتى الروحانيات صارت ممنوعة على سكان غزة، كأن الاحتلال يلاحق الغزي في صلاته، كما يلاحقه في رغيفه ودفء بيته.
طوابير الموت
المساعدات الإنسانية، إن وصلت، تحولت إلى مصيدة.
وفي مشهد مروّع، أطلق جيش الاحتلال النار على مئات المدنيين المنتظرين للمساعدات غرب رفح، ليستشهد منهم 14 مواطنا.
يقول رامز حمدان، أحد من شهدوا المجزرة: “نمشي أميالًا من أجل كيس دقيق، ثم نجد أنفسنا تحت وابل من الرصاص، الجوع يقتلنا، ولكن الرصاص يسبق”.
تجويع ممنهج… وصمت دولي مطبق
الأمم المتحدة اتهمت إسرائيل بممارسة “تجويع متعمّد” يرتقي إلى جريمة حرب، مطالبة بفتح المعابر فورًا أمام المساعدات، لكن شيئًا لم يتغير.
أونروا تقول: “لدينا المساعدات، لكن لا يمكننا إيصالها. ما نحتاجه ليس الطعام فقط، بل الطريق إليه”.
أرقام الكارثة
54,927 شهيدًا حتى الآن، و126,615 جريحًا، وفق تقارير الصحة في غزة.
كما أن مليوني إنسان بلا مأوى أو كهرباء أو ماء.
“العيد مرّ من هنا… ولم يبقَ أحد ليستقبله”
في كل بيت في غزة حكاية من الجوع، وفي كل خيمة وجع، وفي كل ثلاجة جسد.
الثلاجات التي كانت تحفظ اللحم، باتت تحفظ جثامين الشهداء، أما الطقوس، فقد أُحرقت مع البيوت، وصارت رفاهية لا مكان لها في قاموس الموت الجماعي.
عيد الأضحى هذا العام لم يكن يوم فرح، بل كان يوم حداد عام في غزة.
عيد تتحوّل فيه الخراف إلى رماد، ويتحوّل فيه الإنسان إلى هدف، عيد يتهاوى فيه العالم أمام مرآة غزة، فينكشف قبح صمته وتواطؤه.
غزة لا تريد احتفالات، بل هدنة تحفظ الحياة. لا تطلب الخراف، بل كرامة الإنسان، لا تطلب العيد، بل ألا يكون الجوع سلاحًا والرصاص إجابة.

مقالات مشابهة

  • خلال لقائه رئيس مجلس الشورى في دولة قطر: رئيس البرلمان العربي يشيد بالجهود التي يقوم بها أمير دولة قطر لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني
  • مراكز المساعدات الدموية ..مصائد الموت
  • مراكز المساعدات الدموية ..ماصائد الموت
  • نور الدين البابا: بعض الأسماء التي يسلط عليها الضوء اليوم وحولها الكثير من إشارات التعجب والاستفهام، ساعدت خلال معركة ردع العدوان على تحييد الكثير من القطع العسكرية التابعة للنظام البائد وهذا ما عجل النصر وتحرير سوريا
  • انقضى عيد الأضحى .. وغزة لا تزال تعاني الجوع والمجازر
  • “مادلين».. سفينة الحرية التي كسرت حاجز الصمت وفضحت قرصنة الاحتلال
  • بعد تصدرها التريند.. من هي مادلين التي أُطلق اسم سفينة الحرية تكريمًا لها؟
  • رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع يستقبل في قصر الشعب بدمشق المبعوث الخاص لرئيس الوزراء العراقي إلى سوريا السيد عزت الشابندر
  • الفاضلي: نحن في مرحلة مقاومة فلا تضيعوا البوصلة  
  • الجبهة الشعبية تحذر من الاستهداف الصهيوني لأسطول الحرية