عربي21:
2025-08-01@09:42:48 GMT

ضبط البوصلة.. هل لا تزال سلميتنا أقوى من الرصاص؟

تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT

لا يمكن لأي إنسانٍ محبٍّ للحرية إلّا أن يفرح بزوال حكم الأسد، وأن يشارك الشعب السوري فرحته بحصوله على الحرية وفتح السجون، بل ندعو من أعماق قلوبنا أن تنجح الإدارة الجديدة في سوريا في إدارة المرحلة الانتقالية بنجاح. وما نراه ونسمعه من تصريحاتٍ وتطوراتٍ يبدو مبشِّرا بلا شك، ونسأل الله أن يوفقهم في تجاوز التحديات التي تواجههم.



مقارنة سوريا بمصر: وقفة ضرورية

لكن الحديث عن إسقاط ما حدث في سوريا على الملف المصري يحتاج إلى وقفة، بل إلى وقفاتٍ عميقة. هناك من يحاول تسويق فكرة أن التجربة السورية يمكن أن تُستنسخ في مصر، وأن شعار "سلميتنا أقوى من الرصاص" قد انتهت صلاحيته. بل يذهب البعض إلى أن الطريق إلى الحرية يكمن في محاكاة ما فعله السوريون، معتبرين أن العمل السلمي لا جدوى منه.

هذه الأفكار، وإن بدت جذّابة لبعض الشباب المتحمّس، إلا أنها تحمل خطورة كبيرة. فهي تُغذِّي مشاعر الإحباط واليأس، وتفتح الباب أمام الفوضى التي لا تُبقي ولا تذر. وما يزيد الأمر تعقيدا هو انجرار بعض من يُفترض أنهم أصحاب خبرةٍ وحكمةٍ إلى هذه الموجة، وصولا إلى السخرية من شعار "سلميتنا أقوى من الرصاص".

هذه الأفكار، وإن بدت جذّابة لبعض الشباب المتحمّس، إلا أنها تحمل خطورة كبيرة. فهي تُغذِّي مشاعر الإحباط واليأس، وتفتح الباب أمام الفوضى التي لا تُبقي ولا تذر. وما يزيد الأمر تعقيدا هو انجرار بعض من يُفترض أنهم أصحاب خبرةٍ وحكمةٍ إلى هذه الموجة، وصولا إلى السخرية من شعار "سلميتنا أقوى من الرصاص"
الخوف من السوشيال ميديا: عائق جديد

لقد أصبح الخوف من تعليقات السوشيال ميديا وتياراتها الجارفة عائقا أمام تحكيم العقل والحكمة، وأضحى من يتصدى لهذه الأفكار مُتَّهَما بالضعف والهوان. لكن مسؤولية الكلمة وأمانة الفكر تحتم علينا أن نواجه الحقائق بشجاعة، وأن نطرح الأمور بموضوعية بعيدا عن الشعبوية أو المزايدات.

محاور لضبط البوصلة

لإعادة ضبط البوصلة، يجب تسليط الضوء على النقاط التالية:

أولا: اختلاف الواقعين السوري والمصري

الواقع السوري والواقع المصري مختلفان تماما. فالثورة السورية تحولت إلى مسلحة بعد أشهر من بدايتها، والنظام الحاكم كان طائفيا. ومع إخفاقاتٍ كثيرة، اكتسبت المعارضة السورية خبراتٍ متراكمة على مدار سنوات. وبعد ترتيب الصفوف ومحاولة إيجاد حلٍّ سياسي، رفض النظام السوري هذا الحل، وأدخل أطرافا خارجية طائفية مثل إيران، وأخرى دولية مثل روسيا. كل ذلك جعل الثوار في سوريا أمام خيارٍ وحيدٍ لإسقاط النظام.

أما في مصر فالمشهد مختلف، ولا تزال الأغلبية الساحقة من الشعب ترفض اللجوء إلى أي خياراتٍ غير سلمية، إدراكا منهم أن أي خيارٍ غير سلمي سيؤدي إلى فوضى مدمّرة. بالإضافة إلى ذلك، المجتمع المصري، رغم معاناته الاقتصادية ورغم رغبته في الحرية والكرامة والتغيير إلى الافضل، إلا انه لا يزال يتمسك بضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة ويرفض المغامرات التي قد تهدمها.

فهل يدرك أصحاب نظرية إسقاط التجارب الأجنبية هذا الفارق الجوهري؟

ثانيا: الدور الحاسم للدبلوماسية في سوريا

في سوريا، ورغم القوة العسكرية لهيئة تحرير الشام ودعمها الخارجي، لم تكن القوة المسلحة وحدها هي التي حسمت الأمور، بل لعبت الدبلوماسية التركية دورا محوريا. فقد نجحت تركيا في تحييد روسيا وإيران، وأقنعت هذه القوى بأن مصلحتها ليست مع استمرار نظام الأسد. هذه الحكمة الدبلوماسية غابت عن أذهان الكثير من المنظرين الذين يروِّجون لأفكار غير سلمية.

البديل لا يكمن في خياراتٍ غير سلمية، بل في بناء رؤيةٍ تشاركيةٍ تجمع مختلف أطياف المعارضة، وتفتح قنواتٍ للحوار مع كافة الأطراف، بما في ذلك مؤسسات الدولة. هذه الرؤية يجب أن تركز على وحدة المجتمع وتماسكه، مع السعي لتحقيق مطالب الشعب في الحرية والعدالة والكرامة
ثالثا: الظهير الشعبي

لا يمكن تجاهل أن الظهير الشعبي في سوريا كان داعما بقوةٍ لما حدث. أما في مصر، فإن الشعب يعارض بشكلٍ واضحٍ أي خياراتٍ قد تجرُّ البلاد إلى الفوضى، حتى في ظل الأزمة الاقتصادية والمطالبة بالحرية والكرامة، فإن أي حراكٍ لا يحظى بدعمٍ شعبيٍّ كاسحٍ محكومٌ عليه بالفشل.

رؤية مستقبلية: التمسك بالسلمية

بعد استعراض هذه المحاور، يتضح أن خيار "سلميتنا أقوى من الرصاص" ليس مجرد شعار، بل هو استراتيجيةٌ واقعيةٌ تتناسب مع الظروف المصرية. النضال السلمي والدستوري هو الطريق الأكثر أمانا، حتى لو بدا طويل الأمد.

ماذا لو لم يستجب النظام؟

البديل لا يكمن في خياراتٍ غير سلمية، بل في بناء رؤيةٍ تشاركيةٍ تجمع مختلف أطياف المعارضة، وتفتح قنواتٍ للحوار مع كافة الأطراف، بما في ذلك مؤسسات الدولة. هذه الرؤية يجب أن تركز على وحدة المجتمع وتماسكه، مع السعي لتحقيق مطالب الشعب في الحرية والعدالة والكرامة، دون المساس بمؤسسات البلاد واستقرارها.

ختاما

قد يغضب هذا الطرح البعض، خصوصا أصحاب النظرة الصفرية الذين يرون أن الأمور إمّا أن تكون انتصارا كاملا أو هزيمة كاملة. لكن المسؤولية تحتم علينا أن ننظر إلى المشهد بموضوعية، وأن نسعى لإعادة ضبط البوصلة بعيدا عن الانفعالات. الطريق طويل، لكنه الوحيد الذي يمكن أن يحقق الحرية دون أن يهدم الوطن.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا المصري السلمي سوريا مصر ثورة سلمي مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة مقالات من هنا وهناك سياسة اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة غیر سلمیة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

الرصاص ينتظر المجوّعين.. قصف متواصل وجرائم إبادة مستمرة / فيديو

#سواليف

استمر #جيش_الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ عمليات قصفٍ عنيفة واستهداف مباشر للمدنيين، بمن فيهم من ينتظرون #المساعدات_الإنسانية في ظل #التجويع الشامل للأهالي في قطاع #غزة.

وفي محيط منطقة #نتساريم وسط القطاع، ارتقى شهيدان برصاص #الاحتلال، فيما وصلت #إصابات عديدة إلى مستشفى العودة، إثر استهداف جديد للمدنيين المحتشدين في انتظار شاحنة مساعدات.

وفي مفترق النابلسي جنوب غربي مدينة غزة، أفاد مستشفى القدس باستقباله ثمانية جرحى من المدنيين أصيبوا برصاص الاحتلال أثناء انتظارهم المساعدات.

مقالات ذات صلة يرتدي “الكيباه”.. اعتداء على يهودي فرنسي في محطة خدمة سيارات في إيطاليا (فيديو) 2025/07/30

ولم يتوقف القصف الإسرائيلي الليلة الماضية، حيث استُهدفت مناطق النصيرات، الشجاعية، دير البلح، جباليا، خانيونس، وأحياء عدة بمدينة غزة.

وتركّزت الغارات على المناطق المأهولة، مع تسجيل استهداف مباشر لمئذنة مسجد أبو سليم مرتين بواسطة طائرة مسيرة انتحارية في دير البلح.

واستهدفت المدفعية الإسرائيلية شارع صلاح الدين، أرض المفتي، ومحيط شركة الكهرباء شمالي النصيرات، فيما سجلت غارات على سجن أصداء في المواصي، وقصفًا متكررًا في محيط ضبيط داخل مدينة غزة.

وفي الجنوب، تكدّس الآلاف من الأهالي قرب منطقة كوسفيم شرق خانيونس على أمل الحصول على المساعدات، بينما سُجلت إصابة طفل في الرأس بمنطقة بئر 19 إثر إطلاق نار مباشر من جيش الاحتلال.

كما فجّر الاحتلال روبوتا مفخخا شرق جباليا، وشنّت طائراته غارات جديدة صباح اليوم على دير البلح، فيما لا تزال المؤشرات تشير إلى انهيار شامل في المنظومة الإنسانية، مع تزايد أعداد الجرحى والنازحين، وانعدام الأمن الغذائي والمائي، خاصة بعد إعلان الأمم المتحدة دخول المجاعة رسميًا إلى غزة.

حشود من الأهالي ينتظرون المساعدات الإنسانية محيط منطقة "كوسفيم" شرقي خانيونس جنوبي القطاع، في مشهد يختصر حجم الكارثة في قطاع غزة pic.twitter.com/nO4ddISPjf

— fadia miqdadai (@fadiamiqdadi) July 30, 2025

مقالات مشابهة

  • تحذيرات تسونامي بعد أقوى زلزال منذ 2011.. ما المناطق التي يشملها؟
  • نادي قضاة لبنان: استقلالية القضاء لا تزال بعيدة المنال
  • النائب العام في سوريا: تحريك دعوى الحق العام بحق مرتكبي انتهاكات ضد السوريين
  • سادس أقوى زلزال بالتاريخ.. ما سر الضربة التي تلقتها روسيا اليوم؟
  • "الجورة".. كلمة سر "النجاة" لمنتظري المساعدات تتحول لـ"قبو تعذيب"
  • العراق والسعودية تبحثان الأوضاع في سوريا
  • الرصاص ينتظر المجوّعين.. قصف متواصل وجرائم إبادة مستمرة / فيديو
  • الواقع القضائي في سوريا والتحديات التي تواجه عمل العدليات خلال اجتماع في وزارة العدل
  • السوداني: سوريا تمثل أمنا قوميا للعراق.. أفكار التقسيم مرفوضة
  • “ألوان الحرية”.. أطفال وشباب من حمص يرسمون لفلسطين