تشابك مآزق العدوّ في مواجهة جبهة الإسناد اليمنية .. إحباط على كل المستويات
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
يمانيون../
تواصلت اعترافاتُ جبهةِ العدوّ الصهيوني الأمريكي بالعجز وانسداد كُـلّ الآفاق في مواجهة جبهة الإسناد اليمنية، مؤكّـدة على أن حملة استهداف المنشآت المدنية والخدمية في اليمن لا تعدو عن كونها استعراضًا مهزوزًا ومرتبكًا للتغطية على حقيقة الإحباط المتعاظم في مختلف مؤسّسات العدوّ ولدى مستوطنيه وشركائه وحلفائه، وهو إحباط يجعل مخاوفهم تزدادُ مع كُـلّ ضربة يمنية تبرهنُ استمرارَ التصعيد وانفتاحَ مسارِهِ على الكثير من الاحتمالات المخيفة.
على المستوى الرسمي، نقلت صحيفةُ “واشنطن بوست” الأمريكية، الجمعةَ، عن مسؤول صهيوني رفض الكشف عن هُويته قوله إن من وصفهم بالحوثيين: “أكثر تقدُّمًا مما يتصور الكثيرون من الناحية التكنولوجية”، مؤكّـدًا أنه “يجب عدم التقليل من شأنهم”.
وأشَارَ إلى أن اليمنيين “تمكّنوا من اتِّخاذِ خطوات عملية لتطبيق عقيدتهم التي تدعو إلى تدمير الولايات المتحدة وإسرائيل” لافتًا إلى أن الصواريخَ اليمنيةَ “تجبرُ الملايين في “إسرائيل” على الاندفاع إلى الملاجئ في كُـلّ ليلة تقريبا”.
ويعكس هذا التصريح الجديد حالة التخبط والإحباط التي تواجهها المؤسّسة الأمنية والعسكرية للعدو الصهيوني في مواجهة الضربات اليمنية المساندة لغزة، سواء على مستوى التعامل مع الصواريخ والطائرات المسيرة التي برهنت قدرتها على تجاوز الأنظمة الدفاعية المعادية داخل وخارج الأراضي المحتلّة، وقلبت حياة المستوطنين رأسًا على عقب، أَو على مستوى محاولات وقف العمليات اليمنية من خلال القصف الجوي وإنشاء تحالفات دفاعية وعسكرية، حَيثُ لا يجد العدوّ أية حلول على المستويَّين.
ومما يؤكّـد حالة العجز التي يعيشها العدوّ على هذا المستوى التصريحات والتحليلات والتعليقات المُستمرّة التي تتناول تطور القدرات العسكرية اليمنية من جهة، والعقبات العملياتية والاستخباراتية الكبيرة التي تواجه جيش العدوّ فيما يتعلق بتنفيذ عمليات في اليمن من جهة أُخرى.
وفي هذا السياق فقد نقلت “واشنطن بوست” الأمريكية عن خبراء عسكريين قولهم: إن “الطائرات بدون طيار والصواريخ اليمنية تمكّنت من الالتفاف على أنظمة الدفاع الجوي التي كانت “إسرائيل” تتباهى بها في السابق، وعادت إلى الواجهة المعضلة العسكرية الإسرائيلية الدائمة وهي: كيفية هزيمة عدو مسلح بمخزون من الأسلحة أرخص نسبيًّا وأكثر وفرة نسبيًّا”.
ونشرت صحيفةُ “كالكاليست” العبرية تقريرًا تناولت فيه التحدياتِ التي يمثلها تطور الأسلحة اليمنية، مشيرة إلى أن عمليات إطلاق صاروخ (فلسطين2) “تكاد لا تحمل أية بصمة يمكن تتبعها استخباراتيًّا؛ لأَنَّه يتم تشغيله بالوقود الصُّلب، ويطير في مدار أدنى من الصواريخ البالستية التقليدية وبالتالي يتم اكتشافه متأخرًا بواسطة الأنظمة الإسرائيلية”.
وأضافت أن “الرأس الحربي للصاروخ يحتوي على محركه الخاص، وهو قادر على التسارع في الطريق إلى الأسفل، وإجراء تصحيحات في المسار لتحسين الدقة، وكذلك التعرج قليلًا في الطريق إلى الأرض؛ مما يجعل من الصعب تحليل مساره واختيار نقطة اعتراضه”.
وفيما يتعلّق بتحديات ردع اليمن عن طريق القصف الجوي، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن محللين قولهم: “الحوثيين يمثلون تحديًا صعبًا لـ “إسرائيل”؛ بسَببِ بعدهم وبسبب بعدهم؛ ولأنهم عدو جديد نسبيًّا لم تركز عليه المخابرات الإسرائيلية حتى الآن” حسب تعبيرها.
وفي السياف نفسه تقول صحيفة “معاريف” العبرية إن الجبهة اليمنية تختلف تمامًا عن بقية الجبهات التي يواجهها كيان العدوّ الصهيوني، مشيرة إلى أن “المنظومة العسكرية للحوثيين غير مرئية” حسب وصفها، وأن “إسرائيل لا تستطيع العمل ضد اليمنيين إلا عندما يكونون في الهواء متجهين إلى إسرائيل” في إشارة إلى استحالةِ اكتشاف وتدمير القدرات العسكرية اليمنية.
وأضافت: “في اليمن، المعلومات الاستخباراتية غير مكتملة” مشيرة إلى أن “إسرائيل حَـاليًّا تحاول البناء على الردع تجاه الحوثيين، إلى أن يؤثر هذا الردع عليهم، سيتعين على “إسرائيل” الاعتماد على التحذير واعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة التي تطلق من اليمن إلى “إسرائيل” على أمل أن تقوم منظومات السهم ومقلاع داوود والقبة الحديدية بهذه المهمة” في إشارة واضحة إلى أن كيان العدوّ لا يمتلك خيارات هجومية ودفاعية في مواجهة اليمن سوى الخيارات التي أثبتت أنها غير مضمونة ولا تحقّق أية حماية أَو ردع حقيقيَّينِ.
العجز الأمني والعسكري الواضح والمعلن لدى العدوّ الصهيوني في مواجهة جبهة الإسناد اليمنية لغزة، يترتب عليه أَيْـضًا تحديات على المستوى الاقتصادي، حَيثُ نقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عن يوئيل جوزانسكي، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والذي يعمل الآن كباحث بارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، قوله: إن “الحوثيين يريدون شن حرب استنزاف على “إسرائيل”، ومواصلة إطلاق النار حتى يثبتوا أنهم المقاومة الحقيقية” ولكن بحسب الصحيفة فَــإنَّ “حساب التكلفة معقد بالنسبة لـ “إسرائيل”؛ تبلغ تكلفة الطائرات بدون طيار والصواريخ التي يطلقها الحوثيون نحو عدة آلاف من الدولارات، في حين تكلف كُـلّ عملية اعتراض “إسرائيل” عشرات الآلاف من الدولارات على الأقل” وهي محاولة تخفيف واضحة للتكاليف التي تبلغ في الواقع ملايين الدولارات لكل عملية اعتراض، حَيثُ تتجاوز تكلفة كُـلّ صاروخ تطلقه منظومة (السهم) بعيد المدى 3 ملايين دولار.
وَأَضَـافَ جوزانسكي: “نظرًا لأَنَّ محاولة إدخَال طائرة بدون طيار أَو صاروخ إلى “إسرائيل” كُـلّ بضعة أَيَّـام أَو أسابيع أمر رخيص للغاية بالنسبة لهم، فَــإنَّهم قادرون على الفوز في هذه المعركة. والسؤال الآن هو كيف تتجنب “إسرائيل” الوقوع في فخهم؟”
وإجَابَةً على هذا السؤال، نقلت الصحيفة عن داني أُورُوباخ المؤرخ العسكري في الجامعة العبرية بالقدس المحتلّة قوله إنه “على النقيض من الأعداء الموجودين على حدود “إسرائيل”، فَــإنَّ الحوثيين يبعدون أكثرَ من ألف ميل، وهم محاصرون في بلد جبلي فقير بدون أي مركز ثقل للبنية التحتية، وبدون أماكن أَو أصول تشكل محورًا لعملياتهم بحيث يؤدي ضربها إلى إعاقتهم” مُضيفًا أن “وضع “إسرائيل” أصبح أكثر تعقيدًا؛ بسَببِ حقيقة أن الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين قادتا الجهود لردع هجمات الحوثيين ضد “إسرائيل” وعلى السفن في البحر الأحمر، تتراجعان على ما يبدو وربما تنقذان صواريخهما وطائراتهما الاعتراضية”.
وتابع: “هناك نقص في الصواريخ الاعتراضية؛ بسَببِ الحروب الأُخرى في العالم التي تخطط الولايات المتحدة لاستخدامها فيها”.
وهكذا، كما يبدو بوضوح من خلال الشهادات السابقة، فَــإنَّ كُـلّ محاولة لاستكشاف طريق الخروج من المأزق الأمني أَو العسكري أَو الاقتصادي الذي يعيشه العدوّ في مواجهة اليمن، تقود إلى مأزِقٍ آخر.
وتشمل هذه الحلقة المفرغة من الإحباط وانعدام الخيارات الجانب السياسي للعدو أَيْـضًا، حَيثُ نقل موقع “والا” العبري عن مصادر في جيش العدوّ الصهيوني قولها: إن “المستوى السياسي في “إسرائيل” فشل حتى الآن في حشد تحالف بقيادة الولايات المتحدة، تحت إدارة جو بايدن، لتنفيذ هجوم واسع النطاق ضد الحوثيين في اليمن” مشيرة إلى أن السياسيين “يأملون في تغيير في ظل إدارة ترامب القادمة”.
وأوضح الموقع أنه في ظل هذا الوضع، أصدر ما يسمى برئيس أركان جيش العدوّ هرتسي هاليفي “تعليمات بزيادة مستوى التأهب لمزيد من هجمات الحوثيين على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بما في ذلك سيناريوهات أكثر تطرفا مما شوهد حتى الآن”.
ووفقا للموقع فقد أكّـدت المصادر العسكرية أن “إسرائيل لديها فجوة استخباراتية فيما يتعلق بالحوثيين، وبالتالي يصعب تحديد مراكز ثقل تؤدي إلى تأثير أوسع في الهجمات على اليمن” مضيفة أن “هجمات سلاح الجو، مهما كانت احترافية، تكلف الكثير من المال”.
وتعتبر التعليقات والشهادات الواردة أعلاه نموذجًا مصغرًا لما صارت وسائل إعلام جبهة العدوّ تظهره بشكل يومي من تشابك المعضلات التي يعيشها الكيان الصهيوني في مواجهة جبهة الإسناد اليمنية.
المسيرة
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الولایات المتحدة مشیرة إلى أن فی الیمن ة التی ف ــإن
إقرأ أيضاً:
رواية مدين نجل "صالح" عن مقتل والده برصاص الحوثيين تثير الجدل في اليمن
أثارت رواية مدين صالح نجل الرئيس اليمني الأسبق، عن مقتل والده بنيران جماعة الحوثي، الجدل في اليمن، ليؤكد رواية الحوثيين لحادثة مقتل "صالح" في ديسمبر 2017م، والتي كانت محل شكل كبير في الأوساط اليمنية.
وقال مدين علي عبدالله صالح نجل الرئيس السابق "صالح" خلال فيلم وثائقي بثته قناة العربية، إن والده لم يقتل في منزله بصنعاء في الرابع من ديسمبر 2017م، على يد جماعة الحوثي، مشيرا إلى ان "صالح" قتل في قرية الجحشي بعد خروجه من منزله، ومحاولته الذهاب إلى قرية حصن عفاش، التي تعد مسقط رأسه.
وتطابق رواية نجل صالح مع رواية جماعة الحوثي التي أكدت وقتها أن صالح لقي مصرعه خلال محاولته الفرار، في إشارة منها إلى أنه فر من المواجهة، فيما ذهبت روايات أخرى إلى القول أنه قتل في منزله بصنعاء، بعد محاصرته.
ويعد هذا أول تأكيد من عائلة صالح عن مكان مقتله، على يد حلفائه في جماعة الحوثي، بعد تصادم بين الطرفين، انتهى بمصرعه.
وأحدث الفيلم ردود فعل من نشطاء يمنيين، سارعوا للتعليق على ما قدمه الفيلم، وقال الصحفي ماجد الداعري إن الفيلم قدم خلاصة تؤكد أن صالح قتل بقرية الجحشي قرب حصن عفاش بسنحان.
نهايته عبرة للتاريخ
الصحفي شاكر خالد، أكد أن معركة صالح الأخيرة أو نهايته ستظل عبرة للتاريخ. فجيل كامل كان يتسائل، كيف سينتهي هذا الحكم والهيلمان، حتى ظنوا بأنه سيخلد.
وقال: "حتى لو كان صالح، قتل في منزله وليس في الطريق أثناء محاولته الفرار إلى قريته، وهي الرواية التي أكدها وثبتها نجله في الفيلم الوثائقي".
وتساءل الصحفي شاكر خالد: ما البطولة التي تستدعيها مناسبة حاكم لأكثر من ثلاثين سنة، وهو ينسفها بخيانة عظمى للجمهورية ولتاريخه وتاريخ أسرته، بشهوة انتقام جبان لحثالة التاريخ؟.
وأضاف: "مخازن سلاح ومعسكرات وقيادات عسكرية وقبلية، وأكثر من ذلك، كل شيء، وضعه في خدمة التمرد والانتقام. هذه خيانات موثقة بالصوت والصورة ولا زالت طرية، بدون وثائقيات من جار أذي للبلد".
وحمل صالح المسؤولية الكاملة عن الأوضاع التي تشهدها البلاد، مع الرئيس السابق عبده ربه منصور هادي بالقول: "روائح الدم والخراب المبذور في جغرافيا البلد، يتحملها كاملة مكتملة مع هادي عن سبق إصرار وترصد".
تأكيد لرواية الحوثيين
أما المنهمي عبدالله فقد أشار هو الأخر إلى أن نجل صالح أكد رواية جماعة الحوثي، حول مقتل والده، بأنه مات في الطريق منسحبا من المعركة.
وعلق بالقول: "لا يهم إن كانت وجهته حصن عفاش كما قال مدين، أو مارب كما قال الحوثيون يومها. كلا الأمرين سواء".
بعد سقوط عمران لم يكن هنالك من مفاجأة
الصحفي عامر الدميني، كتب في صفحته على منصة فيسبوك: "بالنسبة لي لم أعد أتفاجئ من أي إخفاق عسكري أو مقتل شخصية كبيرة، منذ استشهاد العميد حميد القشيبي في عمران 2014م. كان خبر استشهاده صادما ونحن في ذروة مخاوفنا من القادم، وذروة طموحنا أن الدولة ستتدخل لإيقاف هرولة الحوثيين ولجم تمددهم".
وأضاف: "كان الأمل مرتفعا في أن يتدارك الحكام قبل المعارضين الأمر، ولا يسمحوا لهؤلاء بالتقدم، خاصة أن ملامح حكم الحوثي كانت واضحة في صعدة التي أسقطها مبكرا وسلخها من جسد الدولة. لكن كانت الأوضاع تزداد قتامة، وكأنها تمضي في مخطط واضح ومعلوم سلفا، سقطت عمران واستشهد القشيبي، وكان ذلك بداية الهبوط والانتكاسة".
ووصف الدميني يوم مقتل القشيبي بالقول: "كان يوما مظلما، ولا زلت أرى صنعاء من يومها مظلمة وموحشة بعد ذلك السقوط، الذي امتد لها، ولازال. كنا نتألم بقهر بينما كان حلفاء تلك اللحظة من صالح والحوثيين يتشفون ويتغنون ويرحبون، ووصف صالح القشيبي بالكلب، وفق تسجيلات صوتية منشورة".
وأردف: من بعدها لم أعد أشعر بالصدمة من أي حدث آخر، كانت صدمة مستنجد مؤمل لكنه شعر بالخذلان النهائي. وللمفارقة نفس الجهة التي قتلت القشيبي قتلت صالح، وتسببت بطرد هادي وكادت أن تقتله".
وختم بالقول: "لقد سقطنا هناك في عمران، ومن بعدها لم يعد سوى ارتدادات، ومن توطأ دفع الثمن، ومن بارك شرب من نفس الكأس، بينما لايزال القاتل حرا طليقا يعبث بالجميع".
الصحفي سمير النمري، كتب قائلا: "لم يكن علي عبد الله صالح رئيسًا لدولة بقدر ما كان شيخًا لقبيلة مترامية الأطراف اسمها اليمن. لم يحكم بقوة القانون، بل بسلطة العُرف؛ ذلك الميثاق غير المكتوب الذي يقدّس الهيبة الشخصية ويُعلي الولاء فوق كل اعتبار".
وتحدث عن طريقة إدارة صالح للبلاد، فقال إنها كانت تتم بـ "عقلية الشيخ المُحنّك. الشيخ في اليمن كريم، شهم، شجاع، لكنه عصبيّ يُستفز بسرعة، ويدير حياته باستراتيجية اللحظة لا بالضوابط والسلوكيات المنمقة. وهكذا، كان الشيخ صالح يمدّ يده بالكرم لشراء الولاءات، ويضرب بقبضته الحديدية لسحق الخصوم".
وأضاف: "كان يتقن عبارته الشهيرة التي يقولها في كل مناسبة "الرقص على رؤوس الثعابين"، وهي ليست مجرد استعارة سياسية، بل استراتيجيته الجوهرية للبقاء.
وأوضح أن صالح "حوّل المشهد السياسي إلى شبكة معقدة من التحالفات الهشة والمصالح المتقاطعة، حيث كان هو الخيط الوحيد الذي يربطها جميعًا. هذه الحكمة القبلية كانت هي نفسها التي قادت الدولة إلى حتفها".
وأشار إلى أنه وفي "ظل حكم “الشيخ الأكبر”، تآكل مفهوم الدولة الحديثة بشكل ممنهج. تم إفراغ المؤسسات من جوهرها وتحويلها إلى مجرد واجهات شكلية، بينما كانت القرارات المصيرية تُطبخ في مجالسه الخاصة وتُحسم وفقًا لموازين القوى القبلية ومزاجه الشخصي. لم يعد الولاء للوطن قيمة، صار الولاء للشيخ علي صالح هو معيار المواطنة الصالحة، ومفتاح الثروة والسلطة".
وأردف: "الصبر والدهاء اللذين مكّناه من الحكم لثلاثة وثلاثين عامًا، كانا هما نفسهما معاول الهدم التي حفرت قبر الدولة اليمنية. بنى نظامًا شديد المركزية حول شخصه، لدرجة أنه عندما سقط، انهار الهيكل بأكمله".
وعن نهايته المحتومة، قال النمري، إن صالح ظل "وفيًا لهويته كشيخ قبيلة. لم يتنازل أو يستسلم كما يفعل الساسة، بل اختار المواجهة حتى الموت. في قاموس العُرف القبلي، الشرف يقتضي أن يموت الشيخ مدافعًا عن مكانته، مهما كانت الكلفة".
ووصف نهاية صالح بأنها كانت لحظة "خلع فيها عن نفسه آخر أثواب “الرئيس”، ليموت كما عاش: شيخًا عنيدًا، في معركته الأخيرة مع قبيلته التي لم يفهمها ولم تفهمه إلا بلغة القوة".
وختم بالقول: "الخسارة الكبيرة أننا خسرنا اليمن كدولة.. وإعادة بناءها سيحتاج محو جيل كامل وربما أكثر".
تراشق أنصار صالح والإصلاح
الجدل الذي أثير عقب بث قناة العربية للفيلم، زاد حدته بين أنصار صالح ومنتسبي حزب الإصلاح، حيث هاجم أنصار صالح حزب الإصلاح بشراسة وحدة كبيرة خصوصا وأن بعض ناشطي الإصلاح حملوا صالح المسؤولية عن خراب البلاد وتسليم الجمهورية للحوثيين، نكاية بأعداء صالح خصوصا حزب الإصلاح الذي ناله النصيب الوافر من عملية الإنتقام التي كانت أحد أهداف صالح الرئيسية.
القيادي الإصلاحي عبده سالم كتب في سياق الدفاع عن الإصلاحيين من شتائم أنصار صالح، حيث خاطب الأخيرين بود كبير قائلا: "يا أحبابنا في المؤتمر الشعبي العام: الإصلاحيون لا أنتجوا فيلم "المعركة الأخيرة"، ولا كتبوا له السيناريو، ولا حددوا موعد عرضه! ... ليش مصرّين تلبّسوها لهم؟".
وأضاف: الفيلم من إنتاج قناة "العربية"، والمتحدّثين فيه هم نجل الزعيم، وأقاربه، وقادة حزبه، وحراسته الخاصة… يعني من بيتهم وفيهم! أما الإصلاح؟ والله ما لهم فيه لا صوت ولا صورة، ولا ريحا ولا نفسا! لكن الظاهر أنكم مش قادرين تتخلّصوا من عقدة الإصلاح، حتى وهم خارج المشهد. تخافوهم وهم ساكتين، وتتهموهم في بلاوي أنتم صنعتوها بأيديكم!".
وتابع: "لا أحد يرغب في الإساءة للزعيم، ويكفيه شرفاً أنه قُتل على يد أعداء الوطن، بصرف النظر عن الكيفية، هارباً كان أو مقاوماً… فقد أفضى إلى ربه، فدعوه في ذمّة الله، ولا تُحمّلوه حصائد ألسنتكم وأقلامكم".
وأردف: "ورغم أننا لا نعرف بالضبط ما هو الثقب الذي فتحه هذا الفيلم، ولا ما ستكون عليه تداعياته في قابل الأيام، إلا أن "الإصلاح" — كما يبدو — قد تحوّلوا عند البعض من خصم سياسي إلى فزّاعة نفسية، وهكذا المرعوب يشوف خصمه في كل ظل، والمذعور يحسب الهواء مؤامرة، - الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا. سُنّة الله في خلقه. الرحمة للزعيم ... والعافية "للإصلاح"!".
أما الناشط عبداللطيف ياسين فكتب قائلا: "الإصلاح ليس لقمة صائغة يا أيتام صالح الإصلاح في أوج قوته ولو كل كفيل يتخلى عن مكفوله وقالوا سدوا لحسمها الإصلاحيين لصالحهم هزة من سالم إلى المخا وهزة من لعكب إلى عدن وانتهى الأمر".
غاغة
الصحفي حمود هزاع، علق قائلا: "استعادة صنعاء لا تستوجب تمجيد صالح أو مهاجمته.. ووحدة الصف تتحقق بوحدة القضية، وليس بوحدة الرأي والموقف حول شخص سواء كان صالح او عبدربه او علي محسن او حميد الاحمر او طارق صالح او غيرهم..".
وأوضح أن "الإصطفاف الوطني لا يلغِ حق نقد حزب سياسي أو مكون او شخصيات.. الاصطفافات الوطنية ومعارك الخلاص تحتاج قادة كبار يهتمون بالهدف وهو مواجهة الحوثيين والقضاء عليهم ويعملون من اجل ذلك لا يلتفتون لما دون ذلك".
الناشط نبيل الفقيه أقسم أن ما يجري عبارة عن "غاغة"، حيث قال: "أكملت مشاهدة الفلم الوثائقي لقناة العربية حول اللحظات الأخيرة لصالح. ولا يوجد مبرر واحد أو نقطة تبرر ان تتحول الحلقة لمهاترات بينتا".
وأضاف: "الأصل كانت تعزز تقوية سهامنا ضد الحوثي. ودليل على أنه غدار وعدو للجميع. لكن معي عبارة دائما اختم بها مداخلتي لأي قناة. "استوا واعتدلوا رصوا الصفوف لا تجعلوا فرجة للحوثي".
صالح توقع مصيره على يد الحوثيين
وفي ذات السياق، قال وزير الخارجية اليمني السابق أبو بكر القربي إن الرئيس السابق علي عبدالله صالح، لذي قتل على يد جماعة الحوثي قبل ثماني سنوات، كان يتوقع مصيره على أيدي الجماعة.
وأضاف القربي في مقابلة مطولة مع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية أن "المواقف التي بدأت بعد أن أعلن الشراكة مع الحوثيين وشعوره بأن الحوثيين رغم شراكة حزب "المؤتمر الشعبي العام" في الحكومة. إلا أن وزراء المؤتمر في الحكومة لم تكن لديهم جميع الصلاحيات، وكان المشرفون من الحوثيين هم الذين يديرون الوزارات، فبدا التوتر واضحاً بإقصاء الحزب من دوره السياسي في اليمن، وبدأت الخلافات أيضاً عندما بدأ المؤتمر يكثف من نشاطه السياسي والاحتفاء بذكرى تأسيسه في 2017.
وتأتي تصريحات القربي غداة يوم من بث قناة العربية فيلم وثائقي المعركة الأخير لصالح في العاصمة صنعاء، بشهادات نجله مدين وأقرب المقربين منه حراسته الشخصية الذي كانوا معه لحظة مقتله على يد الحوثيين في الراربع من ديمسبر 2017م.
ونفى القربي نية صالح ومساعيه لتوريث الحكم لنجله أحمد، وقال إن "هذا الحلم أعتقد لم يكن مطروحاً جدياً، وأعتقد أن المعارضة ضخّمت الموضوع، وللأسف أيضاً أن بعض قيادات الحزب كانت تدلي بتصريحات توحي بهذا الأمر".
وأضاف "لكن صالح قال مباشرة إن ولده من حقه أن يرشح نفسه إذا هو أراد لأن هناك انتخابات والشعب يقرر مَن سيختار لكن في الوقت نفسه قال: أنا لن أترشح للانتخابات المقبلة ولن يترشح ولدي".
وتحدث القربي عن مشكلة الحوثيين منذ 2004 وعن ثورات الربيع العربي وثورة 11 فبراير عام 2011، وكيف تبدّل تحالف صالح ونائبه عبد ربه منصور هادي، ولماذا تحوّل الحوثيون إلى إيران.
كما نفى تحالف صالح مع الحوثيين وقال "لا نستطيع القول إنه تحالف مع الجماعة، ربما في بداية الأمر عندما بدأ الحوثيون بالتقدم نحو صنعاء، ربما كان يعتقد أنه ستأتي مرحلة تقوم فيها الحكومة بقيادة هادي في ذلك الوقت، بوقف تقدمهم. لأن الرئيس هادي كان رئيس الجمهورية في ذلك الوقت وهو المسيطر على الجيش والقوات المسلحة".
وأردف "كان صالح ربما يرى أن ما يجري في المناطق القبلية من قبل الحوثيين هو تصفية حسابات بينهم، وربما يرى فيها من جانبه أنها أضرت بخصومهم من مشايخ القبائل في المنطقة".
وزاد "لكن عندما تقدموا إلى عمران كان واضحاً أن الخطر قادم، لذلك طلب من الرئيس هادي، وذهبت مجموعات من حزب «المؤتمر الشعبي» وطلبت من الرئيس هادي التدخل لوقف تقدمهم لأنهم إذا وصلوا إلى عمران فسيصلون إلى صنعاء.
وحسب القربي فإن صالح كان لديه شعور أن هادي غدر به، وتعزز هذا الشعور خاصة عندما بدأ التعامل مع "المؤتمر الشعبي" في أثناء مؤتمر الحوار الوطني الشامل في تمثيل المؤتمر والشخصيات التي تشارك في المؤتمر،
وأضاف "شعر بأن الرئيس هادي يحاول أن يزيحه من الدور الذي له الحق فيه كرئيس للمؤتمر. اتخذ هادي القرارات، وشعر صالح كأنه يريد أن يستبعده من رئاسة المؤتمر، فبدأت الحساسيات.