صحيفة الاتحاد:
2025-06-17@19:31:58 GMT

أعمال عبد الرحمن رحول.. تأملات فلسفية وجمالية

تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT

محمد نجيم (الرباط)
يعرض الفنان التشكيلي المغربي عبد الرحمن رحول بمدينة الدار البيضاء، أعماله الفنية التي أنجزها خلال حياته الفنية الطويلة التي تتجاوز ستة عقود من الزمن، ضمن معرض استعادي يتضمن أعماله في النحت والصباغة والسيراميك، والتي تكشف عن ذاكرة فنية وتأملات فلسفية وجمالية وتنصهر فيها انسيابية الألوان والأشكال والموسيقى والشاعرية، وكلها تؤكد مكانته كواحد من كبار التشكيليين المغاربة والعرب، ففي بعض منحوتاته نرى الفنان يستحضر شخوصاً وأطيافاً هندسية ووجوهاً تتأمل في الفراغ اللا محدود.


تعبير متناغم
عبد الرحمن رحول الذي درس الفن في مدرسة الفنون الجميلة بمدينة الدار البيضاء عام 1962، يجمع بين ما هو موروث حضاري وبين ما هو مولود من الرغبة في التجديد والتطوير.. أي بين ما هو علمي يضبط أسس البناء الشكلي في العمل الإبداعي وما هو علمي في رصد معطيات المنظور من الأشياء بواسطة النظرة الثاقبة لمفهوم الجمال والتي تعكس اهتمام الذات ورغبتها في تحريك المتجمد وتحويل المتخيل إلى تراكيب ملموسة وأنماط تجسيدية قابلة لإحداث تحولات جمالية في شكل وباطن الأنماط، إنه كما يصفه محمد زفزاف في كتيب المعرض، بأنه يجمع بين النحت والخزف وتسخير العناصر المهيأة لطبيعة كينونة الأرض والمتوفرة بشكل من أشكال مخاضات التجاذب والتفاعل بين الطبيعة والإنسان لخلق الامتداد المكون لفضاء التجانس الحسي والجمالي والتعايش البيئي، من خلال استحضار المقدرات التقنية على إفراز أوجه التعبير المتناغم الذي يعكس في واقع الأمر، قدر سيطرته على نسج نماذج وعينات تشكيلية متفردة بكل دلالاتها وإيحاءاتها وإيماءاتها المستمدة أصلاً وبالضرورة من قناعته واختياره لأسلوب ولغة الحوار.

أخبار ذات صلة رحمة ضياء: الكتابة رحلة اكتشاف وتجريب كريمة أحداد: الرواية فنّ إعادة ترتيب الواقع

المضيء والمعتم
أما الناقد الجمالي بنيونس عميروش فيرى أن الضوء يتخذ قطب الرحى في التوزيع الكروماتيكي، فعند الفنان رحول تتداخل وتتراكب المفردات المعمارية المختزلة (مربع، مستطيل، دائرة، مخروط، هرم) عبر تضادات متباينة بين درجات المضيء والمعتم باعتماد فصيلة ألوان أحادية أو متقاربة وأحياناً أخرى متكاملة، بينما يتصاعد اللعب بالدرجات الضوئية في المعالجة اللونية التي أمست محورية أكثر فأكثر في أعماله الأخيرة التي استحالت فيها الأشكال الهندسية البسيطة والمتداخلة فيما بينها، مختصرة في المستطيلات والمربعات والدوائر والخطوط العريضة باعتبارها شرائط للتغطية والإبقاء، هنا استعار رحول أداة المهندس الأساسية «المسطرة» لتتبنى هيكلة اللوحة بالمستقيمات فقط، فيما أصبح الهاجس الرئيس منكباً على دوزنة النور للدفع بالتضادات المتفاوتة إلى تيسير شريان الشفافية المنبعثة شرقاً وغرباً، ما يثير العين بالشاكلة التي تستقبل فيه ضرباً من ضروب الفن الحركي.
حنين الطفولة
الفنان عبد الرحمن رحول يخرج من نمطية الأعمال الفنية المشهدية المعروضة، معمقاً البحث الجمالي عن دوائر الفرح بالعلائق الإنسانية، وعن مسارات الابتهاج بالطبيعة والحب، وهذا ما يفسر تماهي الكائنات مع البناءات المعمارية في لوحاته ومنحوتاته المعروضة، وكلها فضاءات حنين إلى زمن الطفولة الملازم لأي كائن بوصفها مرجعيته الوجودية التي يستعيد من خلالها وعبرها عالمه المفقود عله يتغلب على وطأة الراهن الثقيلة.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الفن التشكيلي الثقافة الدار البيضاء المغرب النحت

إقرأ أيضاً:

تأملات إيمانية في مسيرة الدعوة.. من سفينة نوح إلى شواطئ ليبيا

أخبرنا الله سبحانه وتعالى أنه أرسل الطوفان عقوبة للكافرين من قوم نوح، وأنه أنجى نوحاً ومن آمن معه في السفينة.

يقول الله تعالى: {فَأَنجَیۡنَـٰهُ وَأَصۡحَـٰبَ ٱلسَّفِینَةِ وَجَعَلۡنَـٰهَاۤ ءَايَةً لِّلۡعَـٰلَمِینَ} [سُورَةُ العَنكَبُوتِ: 15] ويقول جل وعلا: {وَجَعَلۡنَا ذُرِّیَّتَهُۥ هُمُ ٱلۡبَاقِینَ} [سُورَةُ الصَّافَّاتِ: 77]

وهذه الآية الأخيرة بالذات (“وجعلنا ذريته هم الباقين“) تشير بوضوح إلى أن الناجين الذين بقوا بعد الطوفان هم من ذرية سيدنا نوح عليه السلام فقط، أي أن البشر الموجودين اليوم هم من نسل نوح عليه السلام.

هل كان في السفينة غير ذرية نوح؟ نعم، كان هناك مؤمنون آخرون مع نوح، كما في قوله تعالى: “{حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَ أَمۡرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلۡنَا ٱحۡمِلۡ فِیهَا مِن كُلّ زَوۡجَیۡنِ ٱثۡنَیۡنِ وَأَهۡلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَیۡهِ ٱلۡقَوۡلُ وَمَنۡ ءَامَنَۚ وَمَاۤ ءَامَنَ مَعَهُۥۤ إِلَّا قَلِيل} [سُورَةُ هُودٍ: 40]

وبحسب فهم العلماء، فإن أولئك القليل الذين آمنوا معه لم يتركوا نسلاً أو لم يُكتب لذريتهم البقاء، أما ذرية نوح فهي التي بقيت وتكاثرت، حتى صار كل البشر بعد الطوفان من نسل نوح فقط، كما يقول ابن عباس وغيره من المفسرين.

فهل يعقل أن سكان العالم اليوم الذين يقدرون بالمليارات هم من نسل سيدنا نوح عليه السلام؟ نعم، يعقل ويُعتقد شرعاً أن كل البشر الحاليين هم من ذرية نوح عليه السلام، وذلك لأن الطوفان أهلك الكافرين ولم ينجُ منه إلا نوح ومن معه، ثم خص الله ذرية نوح بالبقاء والتكاثر.

ومن هؤلاء الباقين، تعاقبت الأجيال، وتوالت الرسل، حتى بعث الله خاتم النبيين محمدًا ﷺ، يحمل رسالة الإسلام الخالدة، رحمة للعالمين. ومن مكة والمدينة، انتشر النور، يعبر الصحاري والبحار، حتى وصل إلى ليبيا.

ولكن السؤال كيف؟ كيف أقنع الدعاة الأوائل أجدادنا الليبيين بالإسلام؟ وكيف تسللت كلماتهم إلى القلوب؟ كيف لامس الحق عقول رجال وفتيات لم يسبق لهم أن سمعوا بالقرآن من قبل؟ وفي وقت لم تكن هناك قنوات فضائية، ولا تطبيقات، ولا مواقع، بل فقط كان هناك رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، خرجوا من أجل الله، حاملين رسالة لا سيوف. ورغم قسوة الطريق، واللغات المختلفة، والعادات الغريبة، نجحوا! ، تغلغلت دعوتهم، لا عبر القوة، بل بالحكمة، بالخلق، بالصدق، وبالقدوة.

كم من الوقت استغرقت دعوتهم؟ ليست هناك أرقام دقيقة، لكننا نعلم أن دخول الإسلام إلى ليبيا بدأ منذ عهد الصحابة، وتحديداً في زمن عمرو بن العاص أثناء فتح مصر، ثم تعمق وتوسع في العهد الأموي، وتثبت في العهد العباسي، حتى صار جزءاً من هوية الناس، لا مجرد دين جديد.

واليوم… ننظر حولنا فنشفق على الدعاة، وقد صارت القسوة في الوجوه قبل الأفعال، والناس تصدّ عن الكلمة الطيبة، وتتردد أمام النصيحة، حتى كأن الدعوة باتت تحتاج إلى معجزة كي تخترق قلباً واحداً. فهل الخلل في الناس؟ أم في أسلوب الخطاب؟ أم في واقع فقدَ روحه؟ أم في دعاة أنهكهم الطريق وابتلعتهم التفاصيل؟

حين نتأمل كيف نجح الأوائل في زرع الإسلام في قلوب أجدادنا، لا بد أن نسأل: هل بقي فينا شيء من فطرتهم التي استجابت، ومن حيائهم الذي خضع للحق؟ هل ما زلنا نملك القابلية التي انتصرت بها الدعوة يوماً دون صخب ولا سيوف؟

لقد استمرت دعوتهم سنين، لكنها أثمرت قلوباً طاهرة، ومجتمعاً متماسكاً، وناساً يستحي أحدهم أن يبيت وفي قلبه حقد على جاره. أما اليوم، فننظر حولنا فنرى أمة مكسورة، وشعباً ممزقاً:

بلدٌ دُمّر، وشعبٌ مُزّق قبائل تتناحر مذاهب تتباغض سياسيون يتقاتلون ومواطن بسيط يحمل حقداً على أخيه لأنه من مدينة أخرى، أو صاحب رأي مخالف من أجل كرسي، يُسفك الدم ومن أجل سلطة، يُخون الأخ أخاه ومن أجل وهم اسمه “التمثيل السياسي”، يُحرق وطن اسمه ليبيا لقد ابتعدنا عن روح الدين، وفرّطنا في القيم، وتفكك نسيجنا الاجتماعي كما تتفكك الزجاجة إذا سقطت من يد صاحبها.

فهل لا تزال فينا جينات أولئك الذين فتحوا القلوب قبل البلدان؟ أولئك الذين بنوا الأوطان على المحبة لا على الألغام؟ أم أننا نحمل أسماءهم فقط بينما تخلينا عن مبادئهم؟

ربما حان الوقت لنطرح السؤال بصدق:

هل نحن أبناء دعوة… أم أبناء فتنة؟ وهل نملك الشجاعة اليوم لنطوي صفحة الماضي بمرارته، لا بنسيان المظالم، بل بتجاوز الأحقاد؟ هل نستطيع أن نُغلب مصلحة الوطن على غرائز الانتقام؟

إن إعادة بناء ليبيا لا تبدأ من مؤتمر ولا من انتخابات، بل من نفوس صادقة تُقرر أن تبدأ من جديد، على أسس متينة:

أساس العدل لا الظلم أساس المواطنة لا المحسوبية أساس المصالحة لا التشفي أساس القيم لا المصالح أساس دولة تستوعب الجميع… لا سلطة تستعبد البعض

إننا بحاجة إلى أن نكون من طاقم سفينة النجاة وأن نعود دعـاة لا خصوماً، بُناة لا هادمين، حكماء لا غاضبين… فنحن ننتمي لأصل واحد ودين واحد ووطن واحد، فالوطن الذي نُريد لن يُبنى بالصراخ، بل بالتسامح، ولن يعود إلا إذا صدقنا النية، وتوكلنا على الله، وبدأ كلٌّ منّا بنفسه.

مقال للتأمل… لا للاتهام.

للتذكير… لا للتشهير.

لليبيا التي نحلم بها… لا لليبيا التي ضاعت.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • «ماما وبابا».. تعاون جديد يجمع بين ياسمين رئيس ومحمد عبد الرحمن| صورة
  • طرح بوستر ماما وبابا.. فيلم يجمع محمد عبدالرحمن وياسمين رئيس
  • "ماما وبابا" يجمع محمد عبد الرحمن وياسمين رئيس طرح البوستر التشويقي استعدادا لعرضه صيف 2025
  • الخدمات الفنية في درعا تنفذ أعمال صيانة في ملعب جلين
  • نيللي كريم تتألق في كواليس تصوير أحدث أعمالها الفنية
  • أنا مش موظفة.. أميرة فتحي تكشف سر غيابها عن الساحة الفنية
  • حمزة نمرة يستعد لطرح ألبومه الجديد
  • أمير منطقة تبوك يكرم غداً المشاركين في أعمال الحج بمدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار
  • البحث عن فضيحة| هشام ماجد يكشف مفاجأة عن أحدث أعماله الفنية
  • تأملات إيمانية في مسيرة الدعوة.. من سفينة نوح إلى شواطئ ليبيا