أعمال عبد الرحمن رحول.. تأملات فلسفية وجمالية
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
محمد نجيم (الرباط)
يعرض الفنان التشكيلي المغربي عبد الرحمن رحول بمدينة الدار البيضاء، أعماله الفنية التي أنجزها خلال حياته الفنية الطويلة التي تتجاوز ستة عقود من الزمن، ضمن معرض استعادي يتضمن أعماله في النحت والصباغة والسيراميك، والتي تكشف عن ذاكرة فنية وتأملات فلسفية وجمالية وتنصهر فيها انسيابية الألوان والأشكال والموسيقى والشاعرية، وكلها تؤكد مكانته كواحد من كبار التشكيليين المغاربة والعرب، ففي بعض منحوتاته نرى الفنان يستحضر شخوصاً وأطيافاً هندسية ووجوهاً تتأمل في الفراغ اللا محدود.
تعبير متناغم
عبد الرحمن رحول الذي درس الفن في مدرسة الفنون الجميلة بمدينة الدار البيضاء عام 1962، يجمع بين ما هو موروث حضاري وبين ما هو مولود من الرغبة في التجديد والتطوير.. أي بين ما هو علمي يضبط أسس البناء الشكلي في العمل الإبداعي وما هو علمي في رصد معطيات المنظور من الأشياء بواسطة النظرة الثاقبة لمفهوم الجمال والتي تعكس اهتمام الذات ورغبتها في تحريك المتجمد وتحويل المتخيل إلى تراكيب ملموسة وأنماط تجسيدية قابلة لإحداث تحولات جمالية في شكل وباطن الأنماط، إنه كما يصفه محمد زفزاف في كتيب المعرض، بأنه يجمع بين النحت والخزف وتسخير العناصر المهيأة لطبيعة كينونة الأرض والمتوفرة بشكل من أشكال مخاضات التجاذب والتفاعل بين الطبيعة والإنسان لخلق الامتداد المكون لفضاء التجانس الحسي والجمالي والتعايش البيئي، من خلال استحضار المقدرات التقنية على إفراز أوجه التعبير المتناغم الذي يعكس في واقع الأمر، قدر سيطرته على نسج نماذج وعينات تشكيلية متفردة بكل دلالاتها وإيحاءاتها وإيماءاتها المستمدة أصلاً وبالضرورة من قناعته واختياره لأسلوب ولغة الحوار.
المضيء والمعتم
أما الناقد الجمالي بنيونس عميروش فيرى أن الضوء يتخذ قطب الرحى في التوزيع الكروماتيكي، فعند الفنان رحول تتداخل وتتراكب المفردات المعمارية المختزلة (مربع، مستطيل، دائرة، مخروط، هرم) عبر تضادات متباينة بين درجات المضيء والمعتم باعتماد فصيلة ألوان أحادية أو متقاربة وأحياناً أخرى متكاملة، بينما يتصاعد اللعب بالدرجات الضوئية في المعالجة اللونية التي أمست محورية أكثر فأكثر في أعماله الأخيرة التي استحالت فيها الأشكال الهندسية البسيطة والمتداخلة فيما بينها، مختصرة في المستطيلات والمربعات والدوائر والخطوط العريضة باعتبارها شرائط للتغطية والإبقاء، هنا استعار رحول أداة المهندس الأساسية «المسطرة» لتتبنى هيكلة اللوحة بالمستقيمات فقط، فيما أصبح الهاجس الرئيس منكباً على دوزنة النور للدفع بالتضادات المتفاوتة إلى تيسير شريان الشفافية المنبعثة شرقاً وغرباً، ما يثير العين بالشاكلة التي تستقبل فيه ضرباً من ضروب الفن الحركي.
حنين الطفولة
الفنان عبد الرحمن رحول يخرج من نمطية الأعمال الفنية المشهدية المعروضة، معمقاً البحث الجمالي عن دوائر الفرح بالعلائق الإنسانية، وعن مسارات الابتهاج بالطبيعة والحب، وهذا ما يفسر تماهي الكائنات مع البناءات المعمارية في لوحاته ومنحوتاته المعروضة، وكلها فضاءات حنين إلى زمن الطفولة الملازم لأي كائن بوصفها مرجعيته الوجودية التي يستعيد من خلالها وعبرها عالمه المفقود عله يتغلب على وطأة الراهن الثقيلة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الفن التشكيلي الثقافة الدار البيضاء المغرب النحت
إقرأ أيضاً:
وفاة الكاتب المصري صنع الله إبراهيم عن 88 عاما
القاهرة - رويترز
قالت وزارة الثقافة المصرية اليوم الأربعاء إن الكاتب المصري صنع الله إبراهيم توفي عن عمر ناهز 88 عاما.
وقال وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو في بيان إن الراحل "مثل أحد أعمدة السرد العربي المعاصر، وامتازت أعماله بالعمق في الرؤية، مع التزامه الدائم بقضايا الوطن والإنسان، وهو ما جعله مثالا للمبدع الذي جمع بين الحس الإبداعي والوعي النقدي".
ولد إبراهيم في القاهرة عام 1937 وتشرب حب القصص والروايات من والده الذي يصفه بأنه كان "حكاء بارعا" ويملك مكتبة ثرية بالأعمال العالمية والإصدارات الحديثة.
درس الحقوق لكنه سرعان ما انصرف عنها إلى السياسية والصحافة. انتمى إلى تيار اليسار وكان له نشاط سياسي أدى إلى اعتقاله لفترات قصيرة قبل أن يسجن لخمس سنوات بين 1959 و1964 وهي التجربة التي ألهمته العديد من مؤلفاته لاحقا منها كتاب (يوميات الواحات).
عمل في وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية ثم محررا بالقسم العربي لوكالة أدن الألمانية في برلين التابعة لجمهورية ألمانيا الديمقراطية وبعدها سافر إلى موسكو في منحة لدراسة التصوير السينمائي.
عاد إلى مصر عام 1974 وقرر بعدها التفرغ للأدب والترجمة وتحولت بعض أعماله إلى أعمال تلفزيونية وسينمائية.
من أبرز مؤلفاته (تلك الرائحة) و(67) و(نجمة أغسطس) و(اللجنة) و(أمريكانلي) و(برلين 69) و(بيروت بيروت) و(شرف) و(ذات).
نال جائزة مؤسسة سلطان العويس الثقافية وحصل على جائزة مؤسسة ابن رشد للفكر الحر لكنه في عام 2003 أثار جدلا في الوسط الأدبي حين اعتذر عن عدم تسلم جائزة "ملتقى القاهرة للإبداع الروائي العربي" بسبب موقفه من الحكومة آنذاك.