ادعاءات تثير الجدل بعد وقف الحرب بين حماس وإسرائيل.. ما صحتها؟
تاريخ النشر: 12th, October 2025 GMT
منذ إعلان خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشاملة لإنهاء الحرب في غزة، اشتعلت المنصات الرقمية بسيل من المعلومات والصور والمقاطع المضللة، التي أعادت تدوير مشاهد قديمة وقدمتها لروادها كوقائع جديدة، في محاولة لتشكيل وعي جماهيري مغاير للواقع.
وبينما كانت تتجه الأنظار نحو مدينة شرم الشيخ في مصر، حيث انعقاد المفاوضات غير المباشرة بين وفدي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل برعاية أميركية مصرية قطرية، برزت عدة صور ومقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي وحظيت بتفاعل غير مسبوق وأثارت موجة من الجدل.
وتنوعت الادعاءات بين تصريحات مضللة، وروايات زائفة، وصور قيل إنها تظهر "القبض على عملاء"، وأخرى عن "انسحاب قوات إسرائيلية"، وتفاعلات مثيرة للجدل حول "الرسائل المصرية المبطنة للوفد الإسرائيلي"، وصولا إلى "اجتماعات مباشرة لأول مرة في التاريخ بشرم الشيخ".
في هذا التقرير، يرصد فريق "الجزيرة تحقق" أبرز 8 ادعاءات مضللة انتشرت على المنصات منذ الإعلان عن "خطة السلام"، ويكشف حقيقة المشاهد المتداولة رقميا بالعودة إلى مصادرها الأصلية وتحليل سياقها الزمني والمكاني.
السهم الأحمروقبل ساعات قليلة من إعلان التوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الأولى من خطة ترامب للسلام في قطاع غزة، انتشرت على المنصات المصرية صورة من مدينة شرم الشيخ تظهر لافتة كتب عليها "الأولوية للقادم من الميدان" وإلى جانبها سهم يشبه "السهم الأحمر" الذي بات رمزا لدقة الإصابة والخسارات الإسرائيلية في عمليات المقاومة بغزة، إذ عدّها البعض رسالة للاحتلال.
الأولوية للقادم من الميدان !
في الصورة أثناء مرور وفود المفاوضات pic.twitter.com/8rTjl8TX7b
— عبدالعزيز مجاهد|Abdulaziz mucahit (@elmogahed02) October 9, 2025
لكن بحث "الجزيرة تحقق" توصل إلى أن هذه المنشورات مضللة، إذ تبين أنها إشارة مرورية شهيرة تعرف بـ"قوانين حق الأولوية" لتنظيم حركة المرور وتعزيز السلامة في التقاطعات أو عندما تتداخل الطرق، ولا علاقة لها بالأحداث الجارية ولا الوفود المشاركة في عملية التفاوض بمصر، كما روجت بعض الحسابات.
مفاوضات مباشرةوادعت حسابات أن مصر فاجأت وفدي حركة حماس وإسرائيل بعقد اتفاق بينهما داخل غرفة واحدة، وسط تبادل للحديث وأجواء من الود والانسجام،
وفد اسرائيل تفاجئ بوجود وفد حماس فى نفس الغرفه،المتفق عليه كان مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين
ولكن مصر عدلت الخطة وفاجئتهم بوجودهم فى غرفة واحدة والكل فيه حاضر وبشكل مباشر
ودى كانت تعبيرات وفد حماس للوفد الإسرائيلي ومعناها
احنا فى آمان #مصر وقاعدين قادمكم مش قادرين تعملونا حاجه pic.twitter.com/P4SXlnWlTE
— القَاَئِد عَبْداللّه ◼️◾▪️ (@alqaeed36) October 9, 2025
إعلانوزعم آخرون أن وفد حماس برئاسة خليل الحية شارك في "مفاوضات مباشرة" مع الوفد الإسرائيلي بحضور الوسطاء من مصر وقطر وتركيا، واستندوا إلى مقاطع فيديو نشرتها وسائل إعلام محلية.
لأول مرة في التاريخ:
وفد حماس برئاسة خليل الحية يجلس مباشرة مع الوفد الاسرائيلي أثناء المفاوضات الأولية بحضور الوسطاء من قطر وتركيا ومصر .. pic.twitter.com/HADqpzjb79
— PIC | صـور من التـاريخ (@inpic0) October 9, 2025
لكن التحليل البصري للصور المتداولة ومقارنة المشاهد ببعضها، يؤكد وجود اختلافات جوهرية في بعض العناصر الظاهرة في الصورتين، مثل شكل السجاد المفروش على الأرض ولون وشكل الجدران الداخلية للغرف، ما يؤكد أن الوفدين لم يجتمعا وجها لوجه، كما ادعت بعض الحسابات.
مقارنة وتحليل بصري بين الصور المتداولة يؤكد وجود اختلافات في مكان لقاء وفدي حركة حماس وإسرائيل خلال مفاوضات شرم الشيخ.
وفي تصريحات للجزيرة، نفى مصدر قيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "وبشكل قاطع" عقد أي لقاءات مباشرة مع الوفد الإسرائيلي خلال مفاوضات شرم الشيخ، مؤكدا أن اللقاءات جرت عبر الوسطاء فقط من دون حضور أو تواصل مباشر مع وفد إسرائيل، ما يؤكد أن هذه المزاعم المتداولة لا أساس لها من الصحة.
احتفال في شرم الشيخكما انتشر مقطع آخر زعم ناشطون أنه يظهر طائرتين شراعيّتين مصريتين تحلقان فوق سماء شرم الشيخ بأعلام مصر وفلسطين بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار.
فيديو متداول في شرم الشيخ .. أعلام مصر وفلسطين بالطائرة الشراعية pic.twitter.com/PgjU10u7ju
— Emad Osama (@emadosamasayed) October 9, 2025
وبالبحث، تبين أن الفيديو قديم، وله نسخة منشورة على منصة "إنستغرام" بتاريخ 10 أغسطس/آب 2025، ونشر آنذاك على أنه التقط في الساحل الشمالي بمصر، ما ينفي علاقته باتفاق وقف إطلاق النار.
View this post on InstagramA post shared by mohamed motawea (@mohamed_motawea_official)
احتفال إسرائيليوانتشر مقطع فيديو على نطاق واسع عبر المنصات الفلسطينية والعربية يظهر احتفال ورقص عدد من جنود الاحتلال الإسرائيلي تابعين للواء يدعى "بيسلاح" خلال الانسحاب من قطاع غزة، حسب ما تداوله ناشطون.
View this post on InstagramA post shared by شبكة قدس | Quds network (@qudsn)
وتتبعت "الجزيرة تحقق" هذا المقطع، ليتبين أنه قديم، حيث نشر مقطع الفيديو في يناير عام 2024، وقيل حينها إنه لاحتفال جنود إسرائيليين بالأناشيد والأغاني عقب تلقيهم خبر سحبهم من قطاع غزة.
View this post on InstagramA post shared by Israel Collective (@israelcollective)
تضليلكما نشرت حسابات إسرائيلية بشكل مكثف مقاطع فيديو تظهر انتشار عناصر المقاومة في شوارع غزة، وتنفيذ عناصر حماس لعمليات إعدام للمتعاونين مع الاحتلال الإسرائيلي، وتصدير صورة عودة السلاح والقوة العسكرية لحماس في غزة فور وقف الحرب، في محاولة لاستفزاز الشارع الإسرائيلي والانقلاب على الاتفاق.
Just like rats, Hamas took out of the tunnels to celebrate.
Remember, victims don’t hold hostages.
On October 7, these Muslim terrorists committed act of genocide against innocent people in Israel. By defending itself Israel prevented a genocide! pic.twitter.com/22AIRtjv8X
— Liza Rosen (@LizaRosen0000) October 12, 2025
إعلانونشر الناشط الإسرائيلي إيال يعقوبي مقطع الفيديو وعلق: الآن وبعد وقف إطلاق النار، فجأة، عادت حماس إلى بزاتها العسكرية، غريب!".
Now that there’s a ceasefire, suddenly Hamas found their uniforms.
Weird. pic.twitter.com/pyTNiX6hYE
— Eyal Yakoby (@EYakoby) October 11, 2025
وبعد البحث، تبين أن مقطع الفيديو قديم ونشر في 26 يناير/كانون الثاني الماضي قبيل تسليم الدفعة الثانية من الأسرى الإسرائيليين في غزة وليس حديثا كما يتم تداوله.
إعدام عملاءوانتشرت مشاهد قيل إنها توثق لحظة إعدام المقاومة لعملاء وعناصر مسلحة تتعاون مع جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
اشرف المنسی کی ملیشیا کے چار ارکان کو تھوڑی دیر قبل جبالیہ البلاد کے علاقے میں قسام کے جنگجوؤں نے گرفتار کیا تھا۔ pic.twitter.com/e50IPFgc9v
— AmeerSahib (@SHamriznews) October 11, 2025
صورة الخونة ممن تعامل مع اسرائيل
القسام تضرب ولاتبالي في كل خائن لهذا الأمة pic.twitter.com/3uSARxUvfR
— Wolverine (@Wolveri07681751) October 10, 2025
وبعد البحث تبين أن المشاهد قديمة إذ تظهر محاسبة اللصوص في غزة، وإعدام متعاونين مع الاحتلال بالقطاع وليست بعد اتفاق وقف إطلاق النار الأخير الذي أعلن عنه بعد مفاوضات شرم الشيخ.
جانب آخر من تحييد اللصوص وقطاع الطرق في شارع الجلاء بغزة يوم أمس
وقد أعلن جهاز رادع بشكل رسمي عن تصفيتهم.
بالإضافة لاستهداف عصابة أبو شباب في خانيونس مما أدى لإصابة بعضهم وفرار آخرين من معاقلهم في المنطقة الحمراء "تحت السيطرة الإسرائيلية" ليهربوا إلى معاقل العصابة في رفح.
وفي… pic.twitter.com/GziXmlvZgQ
— yaseenizeddeen (@yaseenizeddeen) August 10, 2025
تدفق المساعداتكما تداولت حسابات مقطع فيديو يظهر تدفق المساعدات المصرية من معبر رفح البري إلى قطاع غزة فور الإعلان عن وقف إطلاق النار.
@sayda.khalaf75أخيرًا.. شاحنات الإغاثة تعبر إلى غزة ???????????? بداية أمل جديد بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، والإنسانية تنتصر قبل كل شيء ???? #غزة #الاغاثة_إلى_غزة #اتفاق_وقف_إطلاق_النار #مصر_تدعم_غزة #الإنسانية_أولًا
♬ احنا مين .. المصريين – ʏᴜsᴇғ????????☥
وتبين أن هذا المقطع قديم ويعود نشره إلى 21 أكتوبر/تشرين الأول 2023 خلال إدخال شاحنات المساعدات إلى غزة من المعبر الحدودي، ونشرته وسائل إعلام مصرية آنذاك.
خسائر حماسوزعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تصريحات للصحفيين، الجمعة، أن حركة حماس خسرت 58 ألف شخص، معتبرا أن هذه عقوبة كبيرة والناس يفهمون ذلك، مضيفا: "أعتقد أن الجميع سئموا من القتال، فالأمر يتجاوز غزة، غزة مهمة جدا، لكنها ليست سوى جزء من الصورة الأوسع"، وفق تعبيره.
ترامب:
خسرت حماس 58 ألفًا من عناصرها. هذا عقابٌ كبير.
لقد سئموا جميعًا من القتال. pic.twitter.com/Yrx4E1TLkf
— Arab-Military (@ashrafnsier) October 11, 2025
لكن إحصاءات وأرقام خسائر حماس التي أعلنها ترامب غير موثقة، ولم يذكر مصادر اعتمادها، إذ تتناقض مع تقارير إسرائيلية حول العدد الحقيقي لشهداء حماس، إذ قدّر في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 بأنه يتراوح بين 15 إلى 19 ألفا.
وأشارت صحيفة جيروزاليم بوست إلى أن الجيش الإسرائيلي والحكومة اضطرا إلى التراجع عن الإحصائيات أكثر من مرة، فقد قال الجيش في فبراير/شباط 2024 إنه قتل نحو 10 آلاف، وبعدها بأيام قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن الجيش الإسرائيلي قتل 12 ألفا من عناصر حماس، فاضطر الجيش خلال أيام لتغيير أرقامه ليتوافق مع ما قاله نتنياهو علنا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات اتفاق وقف إطلاق النار حماس وإسرائیل وفدی حرکة حرکة حماس شرم الشیخ وفد حماس قطاع غزة pic twitter com تبین أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
ألوف يعودون لمنازلهم المدمرة بغزة مع بدء الانسحاب الإسرائيلي
بدأ ألوف النازحين الفلسطينيين العودة إلى منازلهم المهجورة والمدمرة أمس الجمعة بعد دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس حيز التنفيذ وبدء القوات الإسرائيلية الانسحاب من بعض مناطق القطاع بموجب اتفاق لإنهاء الحرب.
وتحركت حشود ضخمة من النازحين شمالا باتجاه مدينة غزة، أكبر منطقة حضرية في القطاع، والتي كانت هدفا لهجوم واسع قبل أيام فحسب في واحدة من أعنف العمليات العسكرية الإسرائيلية خلال الحرب.
وفي الجنوب شق الناس طريقهم عبر خان يونس، ثاني أكبر مدن غزة والتي دمرتها القوات الإسرائيلية هذا العام. وسار معظمهم في صمت بينما أظهرت لقطات فتى جالسا على مراتب إسفنجية.
وقالت السلطات الصحية الفلسطينية إن الفرق الطبية تمكنت من انتشال 100 جثة من مناطق في أنحاء قطاع غزة بعد انسحاب الجيش.
اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ
أعلن الجيش الإسرائيلي دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ عند الساعة الثانية عشرة ظهرا بالتوقيت المحلي (0900 بتوقيت غرينتش).
وتنص المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين في قطاع غزة على انسحاب القوات الإسرائيلية من بعض المناطق الحضرية الرئيسية في القطاع مع استمرار سيطرتها على نحو نصف أراضيه.
وخلال النهار فتحت القوات الإسرائيلية طرقا مؤدية إلى المدن ليبدأ أول تدفق كبير للفلسطينيين العائدين من المخيمات المؤقتة إلى منازلهم التي غادروها.
العودة.. إلى منازل مدمرة
وقال إسماعيل زايدة (40 عاما) في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة "الحمد لله بيتنا لسة واقف.. لكن المكان كله دمار، البيوت في الحي تبعنا مدمرة، مربعات سكنية كاملة كلها راحت".
ودفع أحمد البريم، وهو رجل في منتصف العمر، دراجة هوائية مربوطا عليها من الأمام والخلف بعض الأخشاب القديمة التي يمكنه استخدامها حطبا للطهي. وكان هذا على حد قوله كل ما استطاع انتشاله من أنقاض منزله.
وأضاف البريم، وهو من شرق خان يونس، "روحنا على منطقتنا.. إبادة. يعني مش عارف وين بدنا نروح بعد هيك.. ما قدرناش نطلع عفش البيت ولا أي شيء.. ولا أي شيء في البيت موجود. وما قدرناش نخش على البيت".
وقال مهدي ساق الله (40 عاما) "أول ما سمعنا خبر الهدنة ووقف إطلاق نار فرحنا كتير واستعدينا لأنه نرجع على غزة على بيوتنا. طبعا مفيش بيوت.. مهدمة".
وتابع قائلا "ولكن فرحتنا إنه نرجع مكان بيوتنا فوق الدمار برضه فرحة كبيرة. إحنا سنتين وإحنا في معاناة ونزوح من مكان لمكان".
وحث المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الجنرال إيفي ديفرين سكان غزة أمس الجمعة على تجنب دخول المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الإسرائيلية.
وقال "أدعو سكان غزة إلى تجنب دخول المناطق الخاضعة لسيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي. التزموا بالاتفاق حتى تضمنوا سلامتكم".
ضمانات بانتهاء الحرب
ابتهج الإسرائيليون والفلسطينيون على حد سواء بعد الإعلان عن الاتفاق، وهو أكبر خطوة حتى الآن لإنهاء الحرب التي قتل فيها أكثر من 67 ألف فلسطيني ولإعادة باقي النحتجزين الذين احتجزتهم حماس خلال هجومها المباغت في السابع من أكتوبر 2023 الذي بدأت بعده الحرب.
وقال خليل الحية رئيس حركة حماس في قطاع غزة إنه تلقى ضمانات من الولايات المتحدة ووسطاء بانتهاء الحرب.
وذكر أن الحركة تسلمت "ضمانات من الإخوة الوسطاء ومن الإدارة الأمريكية مؤكدين جميعا أن الحرب قد انتهت بشكل تام".
ويعتقد أن 20 من المحتجزين الإسرائيليين لا يزالون على قيد الحياة في قطاع غزة، في حين يعتقد أن 26 منهم قتلوا بينما لا يزال مصير اثنين مجهولا. وأشارت حماس إلى أن استعادة رفات القتلى قد يستغرق وقتا أطول من إطلاق سراح الأحياء.