فرنسا بين الانفجار والانفراج السياسي
تاريخ النشر: 12th, October 2025 GMT
تعيش فرنسا منذ ما يقارب العام أزمة سياسية، اقتصادية، اجتماعية وحزبية لم تشهدها منذ عقود، وما يؤكد تلك الأزمة هو استقالة ثلاثة وزراء حكومة خلال عام، آخرها استقالة سيباستيان ليكورنو، الذي لم تدم حكومته أقل من خمس عشرة ساعة، وذلك بعد فشله في إقناع الأحزاب السياسية لتمرير خطة الميزانية الفرنسية للعام 2026، بل ولاصطدامه بالعديد من النقاط الخلافية التي ترفضها الأحزاب وبخاصة حزب اليمين المتطرف، بالإضافة إلى الأحزاب اليسارية، والمتعلقة بالتقشف في الإنفاق، وتأثير ذلك على الطبقات الكادحة، وقانون التقاعد الاجتماعي الذي كان قد أقره الرئيس الفرنسي رغم رفض غالبية المجتمع الفرنسي لهذا القانون، وما صاحبه من احتجاجات فرنسية متواصلة من جانب الفرنسيين، ومن جانب الأحزاب اليسارية، ورغم قبول الرئيس إيمانويل ماكرون استقالة ليكورنو، إلا أنه قد أمره بالاجتماع بقادة الأحزاب من أجل التوصل إلى انفراجة لتلك الأزمة السياسية التي تعصف بفرنسا، وبالفعل فقد تمكن ليكورنو من إقناع بعض الأحزاب بتقبل تعيين رئيس للحكومة المقبلة، وعدم رغبة قادة بعض الأحزاب في إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، ومما أدى إلى تفاقم تلك الأزمة أيضا هو أن الانتخابات البرلمانية التي أجريت منذ أكثر من عام قد أسفرت عن برلمان معلق ومنقسم لثلاث كتل أحزاب معارضة لم تتمكن كل منها من الحصول على الأغلبية، ومنها حزب ماكرون الذي جاء ثانيا، الأمر الذي حرمه من مواصلة مدته الرئاسية بأريحية مقابل أغلبية نسبية لأحزاب اليسار مجتمعة، ليجد الرئيس الفرنسي الذي اجتمع مؤخرا بقصر الإليزيه من أجل الخروج من تلك الأزمة إما بنجاحه في اختيار رئيس حكومة متوافق عليه ومقبول من الأحزاب، وإما بتبكير الانتخابات البرلمانية، أو أن يجد الرئيس ماكرون نفسه مجبرا على تقديم استقالته قبل نهاية مدته الرئاسية، لِمَ لا والوضع الاقتصادي والاجتماعي يزداد تدهورا، والانتقادات تزداد من جانب المعارضة وبعض الأحزاب، ومن جانب الشارع الفرنسي، وكلها انتقادات تنهال على الرئيس ماكرون بسبب زيادة الدين الخارجي لفرنسا، والذي تخطى الثلاثة تريليونات يورو، مع تدهور الأوضاع الاجتماعية وتراجع القوى الشرائية للفرنسيين، الذين يجدون أنفسهم أمام مشروع ميزانية تتطلب توفير أكثر من 60 مليار يورو، انطلاقا من مشروع رئيس الوزراء السابق فرانسوا بايرو الذي كان قد اعتمد فيها على التقشف وتقليل النفقات الحكومية، وإلغاء بعض العطلات الرسمية، وإلغاء بعض المساعدات الاجتماعية التي تمس الغالبية الكبرى من الفرنسيين.
ومع الاقتراب من انفجار تلك الأزمة وتداعياتها السلبية الخطيرة على الاقتصاد الفرنسي، بل وتأثيرها على دول الاتحاد الأوروبي فإن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يأمل من خلال اجتماعه بقادة الأحزاب باستثناء حزب فرنسا الأبية، وحزب التجمع الوطني يوم الجمعة الماضي الموافق العاشر من أكتوبر بالتوصل إلى انفراجة، وحل مرضٍ لتلك الأزمة.
وفي حال تراجعه عن بعض القرارات يمكن أن يتوصل ماكرون إلى إحداث انفراجة في تلك الأزمة، فإما أن يقوم بتعيين رئيس حكومة مرة أخرى من أحزاب اليمين، وعندها سيكون قراره هذا بمثابة استفزاز للفرنسيين، واستمرار للأزمة، وفي حال تعيينه لرئيس وزراء اشتراكي بشروط قوى وقادة اليسار، فإن هذا القرار سوف يزعج الأحزاب اليمينية التي يمكن أن ترفض هذا التعيين، وعلى الجانب الآخر فإن رئيس حزب فرنسا الأبية "جان لوك ميلونشون" كان قد قدم عريضة من أجل عزل الرئيس ماكرون، والتي لم تحصل بدورها على الدعم الكافي من نواب البرلمان من أجل تمريرها، وأيضا فإن رئيسة حزب اليمين المتطرف جوردان بارديلا قد أعلنت هي الأخرى عن غضبها ورفضها لأي حكومة جديدة، ومطالبتها بإجراء انتخابات برلمانية تسعى في حال حدوثها على حصولها على الأغلبية، ومطالبتها الرئيس ماكرون بتقديم استقالته، وتحمل مسئولياته الكاملة عن تلك الأوضاع الاقتصادية، الاجتماعية، والسياسية التي تعيشها فرنسا، فهل يمكن أن يتمكن الرئيس ماكرون من وضع حل مرضٍ لتلك الأزمة، أم أنه سيواصل تعنته السياسي وإيصال البلاد إلى الانفجار-وهو أمر لا يتمناه الفرنسيون والأوروبيون-؟
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الرئیس ماکرون تلک الأزمة من جانب من أجل
إقرأ أيضاً:
أستاذ علوم سياسية: الرئيس السيسي تعامل مع الأزمة من منطلق إنساني وأخلاقي قبل أن يكون سياسيا
أكد اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر وأستاذ العلوم السياسية، أن بدء دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وعودة النازحين إلى ديارهم يمثل صفحة جديدة من العطاء الإنساني، رسمتها مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتؤكد من جديد أن الضمير الإنساني والعربي لا يزال نابضا من قلب القاهرة.
وأشار «فرحات» في تصريح خاص لـ «الأسبوع» إلى أن المشهد الذي تابعته أنظار العالم عند دخول القوافل الإنسانية ورفرفة علم مصر في سماء غزة، لم يكن مجرد حدث إغاثي، بل رمز لمعنى أعمق يجسد مكانة مصر ودورها التاريخي كدولة تصنع السلام وتحمي الحياة، مؤكدا أن هذا الموقف يعكس ثوابت السياسة المصرية القائمة على نصرة المظلومين ودعم القضايا العادلة بعيداً عن أي حسابات أو مصالح ضيقة.
وأضاف نائب رئيس حزب المؤتمر أن التحرك المصري جاء شاملا ومدروسا جمع بين الجهود السياسية والدبلوماسية والإنسانية في آن واحد، وهو ما مكن مصر من فتح ممرات المساعدات وتأمين عودة المدنيين، مشددا على أن الرئيس السيسي تعامل مع الأزمة من منطلق إنساني وأخلاقي قبل أن يكون سياسيا، فكانت مصر صوت الحكمة في زمن الفوضى ويد الرحمة في لحظة الألم.
وأكد «فرحات» أن العالم كله اليوم يدرك أن مصر هي القلب النابض للإنسانية والعروبة، وأنها حين تتحرك تفعل ذلك من موقع المسؤولية والتاريخ، لتعيد التوازن إلى المنطقة وتمنح الأمل للشعوب التي أنهكتها الحروب.
ولفت أستاذ العلوم السياسية أن مصر أثبتت مجددا أنها لا تغيب عن مشهد الأزمات، وأنها كانت وستظل الملاذ الآمن وصوت الضمير في المنطقة، مشيرا إلى أن ما تحقق في غزة هو انتصار للإنسانية وللرؤية المصرية التي تؤمن بأن السلام يبدأ بإغاثة الإنسان وصون كرامته.
اقرأ أيضاًعاجل.. قوافل المساعدات تدخل شمال غزة دون قيود بعد انسحاب قوات الاحتلال
«اليونيسف» تدعو إلى سرعة دخول المساعدات الغذائية إلى قطاع غزة
بعد قرار وقف إطلاق النار في غزة.. المخرج خالد جلال: الرئيس السيسي عزيز مصر