ديون الأسر البريطانية تهبط إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2002
تاريخ النشر: 12th, October 2025 GMT
تشهد الأسر البريطانية حاليًا أفضل أوضاع مالية منذ أكثر من عقدين، بعد فترة طويلة من ضبط الإنفاق تركت أثرًا واضحًا على الاقتصاد البريطاني.
ووفقًا لبيانات مكتب الإحصاءات الوطنية، انخفض إجمالي ديون الأسر كنسبة من الدخل بنحو 40 نقطة مئوية مقارنة بذروتها في عام 2008، لتسجل 117% في الربع الثاني من العام الحالي، وهو أدنى مستوى منذ عام 2002.
ويُعزى نصف هذا التحسن إلى الفترة التي تلت عام 2020، حين أدت موجة التضخم وارتفاع أسعار الفائدة إلى رفع مستويات الأجور من جهة، وتقليص الاعتماد على الاقتراض من جهة أخرى.
ويعتمد ما إذا كان هذا التحسن سيترجم إلى انتعاش مطلوب بشدة في إنفاق المستهلكين بشكل كبير على خطط وزير الخزانة ريتشل ريفز، التي تُعد لميزانية من المتوقع أن تتضمن زيادات ضريبية في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني.
وقد ينفق البريطانيون بحرية أكبر إذا جنبت ريفز العمال العاديين ضرائب إضافية وعززت التفاؤل بشأن الآفاق الاقتصادية، مما سيساعد حزب العمال على إصلاح المالية العامة وتنفيذ وعوده برفع مستويات المعيشة. لكن تكرار تجربة ميزانيتها الأولى في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي أضعفت الثقة، قد يحكم على البلاد بسنوات أخرى من الركود.
وقال جيمس سميث، الخبير الاقتصادي في الأسواق المتقدمة لدى "ING"، إن المستهلك "يمثل خطرًا صاعدًا على النمو، لأن معدل الادخار كان مرتفعًا جدًا".
وأضاف أن تحسن أوضاع ميزانيات الأسر يمثل مؤشرًا إيجابيًا بشكل عام، إلا أن "المشكلة حاليًا تكمن في أن الثقة لا تزال منخفضة نسبيًا".
ويُعد إنفاق المستهلكين عنصرًا حاسمًا في أي تعافٍ اقتصادي، إذ يشكل نحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي. وعلى عكس نظرائهم في أميركا، لا تزال الأسر البريطانية حذرة في الإنفاق بعد سلسلة من الأزمات في السنوات الأخيرة، بدءًا من الجائحة وصولًا إلى صدمة أسعار الطاقة. وبدلًا من ذلك، فضل البريطانيون الادخار، مما يشكل مصدرًا رئيسيًا لقوة الإنفاق إذا قرروا استخدامه.
وتُظهر بيانات من "نومورا" أن استهلاك الأسر البريطانية ارتفع بوتيرة أبطأ بكثير من جميع الاقتصادات المتقدمة الأخرى في أوروبا وأميركا الشمالية ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، إذ زاد بنسبة 0.7% فقط منذ نهاية 2019، مقارنة مع 3.9% في منطقة اليورو و16.4% في أميركا.
ونتيجة لذلك، لا يزال الاقتصاد البريطاني أكبر بنسبة 5% فقط مما كان عليه قبل الجائحة، مقارنة بـ13% في أميركا، وأكثر من 8% في كندا، وما يقرب من 7% في إيطاليا.
وتُقدّر "PwC" أن النمو سيصل إلى 1.6% في العام المقبل إذا قررت الأسر استخدام مدخراتها، أي أعلى بنحو 0.4 نقطة مئوية من السيناريو الأساسي.
الحذر رغم تراجع الديون
ولا تزال الأسر البريطانية حذرة رغم تراجع ديونها إلى ما دون المتوسط طويل الأجل في بيانات تعود إلى عام 1987. وقد أدى نمو الأجور القوي إلى رفع الدخل القابل للإنفاق لدى الأسر بنسبة تقارب 33% منذ 2019، وهو معدل أعلى بكثير من الزيادة البالغة 16.5% في ديون الرهن العقاري، و7.4% في الائتمان الاستهلاكي، بحسب بيانات "WPI Strategy".
وقال مارتن بيك، كبير الاقتصاديين لدى "WPI Strategy"، إن "الأسعار والأجور ترتفع بسرعة، ما سيؤدي إلى تآكل القيمة الحقيقية للديون"، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن "الطلب على الاقتراض ظل ضعيفًا نسبيًا، خصوصًا بعد فترة الجائحة التي شهدت قيام الناس بسداد ديونهم"، بحسب الاسواق العربية.
ويتوقع بنك إنجلترا تعافيًا في إنفاق الأسر خلال السنوات المقبلة، لكن العضو في لجنة السياسات النقدية كاثرين مان قالت، في خطاب ألقته يوم الخميس، إن الحفاظ على سياسة نقدية مشددة أمر ضروري لتعزيز ثقة المستهلكين، إذ يجب أن يشعر الناس بأن التضخم بات تحت السيطرة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأسر الأسر البريطانية أوضاع مالية الانفاق الاقتصاد الاقتصاد البريطاني مكتب الإحصاءات الأسر البریطانیة
إقرأ أيضاً:
طفرة الذهب ترفع ثروة الأسر الهندية إلى 3.8 تريليونات دولار
سجّلت حيازات الأسر الهندية من المعدن النفيس قفزة غير مسبوقة بلغت قيمتها نحو 3.8 تريليونات دولار، مدفوعة بارتفاع الأسعار العالمية إلى مستويات قياسية هذا العام.
ووفقا لتقرير حديث نشرته وكالة بلومبيرغ، فإن هذا الارتفاع يعكس ما وصفه اقتصاديون في مورغان ستانلي بأنه "تأثير الثروة الإيجابي"، بعد أن تضاعفت القيمة السوقية للذهب الذي تمتلكه الأسر الهندية -والمقدّر بـ34 ألفا و600 طن- لتصبح هذه الأصول المتراكمة عبر الأجيال مصدر دعم قوي لميزانيات العائلات، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي اضطرابات مالية وجيوسياسية متزايدة.
قفزة تاريخية في القيمةوأوضحت بلومبيرغ أن ارتفاع الذهب بأكثر من 50% منذ بداية العام إلى ما فوق 4 آلاف دولار للأونصة شكّل أكبر مكسب منذ عام 1979، مما جعل الهند -ثاني أكبر مستهلك عالمي للذهب بعد الصين- على أعتاب طفرة مالية غير مسبوقة.
ووُصفت هذه الظاهرة بأنها "نقطة انعطاف ثقافية واقتصادية"، إذ بات الذهب في الهند يدمج بين الادخار، والمكانة الاجتماعية، والاستقرار النفسي للأسر.
وأكد التقرير أن الذهب في الهند ليس مجرد أصل استثماري، بل إنه "جزء من النسيج الاجتماعي والديني"، حيث يُستخدم في الطقوس والمناسبات ويُقدَّم هدايا في الأعراس والمهرجانات، ليصبح وسيلة لنقل الثروة بين الأجيال.
وتشير التقديرات الجديدة إلى ارتفاع كبير مقارنة بتقرير مجلس الذهب العالمي الصادر في يوليو/تموز 2023، الذي حدد حيازات الأسر في الهند عند 25 ألف طن فقط.
دور البنك المركزي وتأثير السياساتوأضافت بلومبيرغ أن بنك الاحتياطي الهندي (البنك المركزي) عزز ثقة السوق بشراء نحو 75 طنا إضافيا من الذهب منذ عام 2024، ليصل الاحتياطي لديه إلى 880 طنا، أي نحو 14% من إجمالي احتياطات النقد الأجنبي.
كما تزامنت هذه الطفرة مع خفض أسعار الفائدة وتخفيف الضرائب على الاستهلاك، مما ضاعف من أثر الثروة على إنفاق الأسر ونشاط السوق المحلي.
إعلانويرى محللو مورغان ستانلي، أوباسانا تشاشرا وباني غامبير، أن "الزيادة الهائلة في قيمة الذهب تولّد شعورا متجددا بالثروة لدى الأسر الهندية، وتعزز الثقة بالاستهلاك والقدرة على الادخار"، في حين اعتبرت بلومبيرغ أن هذا الاتجاه يمثل "حالة نادرة يجتمع فيها العامل النفسي بالعامل المالي ليشكلا دعما مزدوجا للاقتصاد الوطني".