(هآرتس).. زعيم سوريا الجديد يحاول أن يتعلم من أخطاء الربيع العربي
تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT
يمن مونيتور/ قسم الأخبار
قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، إن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، لا يسارع إلى أي مكان ويحاول أن يتعلم من الأخطاء التي حدثت في الربيع العربي.
وقالت الصحيفة، العبرية، إن ثورة الربيع العربي التي أسقطت نظام القذافي في ليبيا وعلي عبد الله صالح في اليمن، والحرب في العراق، التي أزاحت صدام حسين، علمت الشرع درسا مهما في التداعيات التي يمكن أن تكون للأنظمة التي تسمح للمليشيات بأن تأخذ لنفسها استقلالية وحرية عمل عسكرية.
وهو نفسه مثال واضح على التهديد الذي ينتظر النظام الذي لا يسيطر على جميع القوات المسلحة في الدولة. الشرع نجح في إدارة محافظة ادلب إدارة مستقلة تحت سيطرته بعد أن قام بإخضاع، الفصائل المسلحة التي تجمعت في هذه المحافظة أثناء الحرب الأهلية. والسؤال هو هل سيكون قادرا على شق طريق مختلفة في قيادة كل الدولة، بدون التدهور إلى مواجهات عنيفة.
الشرع، الذي حتى الآن لا يحمل منصبا رسميا، يحذر أيضا في معالجة عملاء نظام الأسد وبالأساس التعامل مع الأقلية العلوية. وخلافا للعراق، الذي بدأ فيه على الفور بعد الحرب تطهير قوات الأمن والأجهزة الحكومية من كل الذين كانوا أعضاء في حزب البعث، حتى لم يبق من سيدير الدولة، فإنه في سوريا هذه الأثناء الموظفون بقوا في أماكنهم، ولا توجد حملات ملاحقة ضد من يسمون “بقايا النظام السابق”. الطلب الوحيد من هذه الجهات هو تسليم سلاحهم لقوات الأمن، بدون تنازلات.
في محافظة اللاذقية التي يتركز فيها معظم السكان العلويين، والتي هرب إليها عدد من رجال الأسد، سجلت مواجهات بين قوات الأمن للشرع وبين المدنيين. من الجيش السوري لم يبق الكثير، ومعظم الضباط الكبار هربوا إلى العراق ودول أخرى.
وخلافا لمصر، حيث سارع هناك الجيش إلى إعطاء رعايته للثورة بعد إسقاط حسني مبارك، وفي نهاية المطاف سيطر على الحكم، فإنه في سوريا لا يوجد مثل هذا التهديد ولا حزب حاكم يجب مواجهته.
يوجد للعارضة في سوريا جيش خاص وحتى زعيم كاريزماتي، الذي سارع إلى نزع الزي العسكري وارتداء البدلة وربطة العنق. هذا مقابل معظم الدول التي مرت بانقلابات الربيع العربي بدون أن تولد قيادة سياسية جذابة.
الشرع لا يسارع إلى ترسيخ إجراءات ديمقراطية. صياغة دستور جديد ليس على رأس سلم أولوياته، وقد أعلن أن الانتخابات يمكن أن تجرى بعد أربع سنوات.
في هذه الاثناء شكل لجنة للأعداد لـ”حوار وطني” برئاسة مؤيد رسلان قبلاوي، الباحث المعروف في العلوم السياسية. في مقابلة مع صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية شرح أن العملية فقط هي في بدايتها، وفي هذه الأثناء هو يقوم ببلورة الخطوط الرئيسية ويحدد الممثلين الذين ستتم دعوتهم.
حسب تقارير سابقة فإنه ستتم دعوة حوالي 1200 شخصية، إلى هذا المؤتمر والتي من شأنها أن تمثل الطوائف، الأديان، التنظيمات، المليشيات وجهات أخرى سيكون عليها تقديم الاقتراحات لصياغة الدستور الذي سيحدد طابع الدولة.
ولكن التوصية هي عدم حبس الأنفاس قبل عقد “الحوار الوطني”. فهذه الحوارات جرت في عدة دول بعد ثورة الربيع العربي، بما في ذلك في مصر، ولكن لم تخرج منها أي فائدة كبيرة.
الشرع أعلن أن الحكومة المؤقتة التي شكلها ستنتهي في شهر آذار/مارس المقبل، وبدلا منها سيتم تشكيل حكومة دائمة، ليس على أساس الانتخابات، وبالتأكيد ليس طبقا لدستور جديد، ويبدو أنه هو الذي سيقوم بتعيينها.
مقابل سلوكه المحسوب على المستوى السياسي فإنه تجاه الخارج يوجد الشرع في ذروة حملة سياسية كثيفة هدفها هو بناء غطاء حماية ودعم سياسي واقتصادي. ولكن مطلوب منه أكثر أن يغازل الشخص الذي يطلب وده. تركيا كانت الأولى التي هبطت في دمشق، وأقامت علاقات دبلوماسية مع النظام الجديد، ولكن في غرفة الانتظار للشرع يوجد الكثير من الزبائن.
ممثلون أوروبيون كبار صافحوا الزعيم الكاريزماتي، والإدارة الأمريكية أقامت حتى حوار تعارف معه، لكن المنافسين الأقوياء هم السعودية وقطر. فقد قامت بإرسال إرساليات مساعدات كبيرة، وهذه لم تكن الوجبة الأولى.
وهبط أمس في الرياض وزير خارجية الشرع أسعد الشيباني، ووزير الدفاع مرهف أبو قصرى، ورئيس المخابرات أنس الخطيب. الشرع أعلن في السابق بأنه “يتوقع أن يكون للسعودية دور كبير في مستقبل سوريا”. ولكن أيضا تم وعد قطر بـ “أفضلية خاصة”، وقبل ذلك حصلت تركيا على مكانة دولة مفضلة.
هذه الدول الثلاث تعتبر مؤيدة للغرب ولها علاقات قوية مع الولايات المتحدة، لكن كل واحدة منها توجد لها مصالح خاصة بها في سوريا. فتركيا التي تسيطر على مناطق في الدولة تسعى إلى التوصل إلى اتفاق يضمن حدودها الجنوبية وازاحة تهديد الأكراد والتحرر من ملايين اللاجئين السوريين الموجودين فيها.
وقطر التي عارضت استئناف علاقات الدول العربية مع نظام الأسد، ومثل تركيا أيدت بعض الفصائل التي تشكل هيئة تحرير الشام (منظمة الشرع)، تعتبر دمشق جزءا لا يتجزأ من فضاء نفوذها، واضافة إلى ذلك هي تريد أنبوب غاز يربط بينها وبين أوروبا عبر سوريا.
السعودية، التي تستأنف تدخلها في لبنان وتوثق علاقاتها مع العراق، تعتبر سوريا موقعا حيويا لصد نفوذ إيران وإضعاف قوة حزب الله في لبنان. إضافة إلى هذه الدول، فإن الدول الأوروبية التي تطمح إلى التخلص من ملايين اللاجئين السوريين تطمح إلى الفرص الاستثمارية التي تستدعيها سوريا. الشرع لم يكن يتوقع عناقا أكثر دفئا من ذلك.
سوريا المدمرة، وخزينتها فارغة والبنى التحتية فيها في كل المجالات تدمرت كليا، ومواطنوها يعيشون تحت خط الفقر، والملايين منهم مهجرون خارج البلاد أو داخلها، تحتاج عشرات مليارات الدولارات لإعادة الإعمار. ولكن المساعدات الضخمة والاستثمارات الأجنبية تأتي بشكل عام مع شروط وقواعد، تخلق الاعتماد وتملي الاستراتيجية. التحدي الكبير الذي يواجهه الشرع هو بناء سوريا كدولة لها أهمية استراتيجية وإقليمية وتجنب شرك العسل الذي سيحولها إلى دولة حماية.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائيلي الشرع سوريا الجديدة ليبيا الربیع العربی فی سوریا
إقرأ أيضاً:
أكسيوس: نتنياهو مهتم بالتطبيع مع سوريا ويطلب من واشنطن التوسط
أبلغ رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم باراك اهتمامه بالتفاوض مع الحكومة السورية الجديدة، بوساطة الولايات المتحدة.
وقال موقع "أكسيوس" الأمريكي، إن نتنياهو مهتم بالتفاوض على اتفاقية أمنية مُحدّثة والعمل على التوصل إلى اتفاق سلام شامل، وفقًا لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى.
وعندما أطاح أحمد الشرع، بنظام الأسد من السلطة، ردّت "إسرائيل" بموجات من الغارات الجوية التي دمّرت بشكل منهجي ما تبقى من القوات الجوية والبحرية والدفاع الجوي وأنظمة الصواريخ السورية.
كما سيطرت "إسرائيل" على المنطقة العازلة بين البلدين وعلى الأراضي المحتلة داخل سوريا.
وأعربت حكومة نتنياهو عن قلقها البالغ إزاء الحكومة السورية الجديدة المدعومة من تركيا، وضغطت على إدارة ترامب للتحرك بحذر في التعامل معها.
وصُدم الإسرائيليون عندما التقى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب بالشرع الشهر الماضي في المملكة العربية السعودية وأعلن رفع جميع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا.
ونقل "أكسيوس" عن مسؤولين إسرائيليين قولهم، إن الظروف المتغيرة،لا سيما مع رحيل إيران وحزب الله من سوريا، فرصة لتحقيق انفراجة.
كما أدى التحول الأمريكي الجذري تجاه الحكومة السورية الجديدة إلى تحول تدريجي في السياسة الإسرائيلية، حيث بدأت حكومة نتنياهو بالتواصل مع حكومة الشرع، بدايةً بشكل غير مباشر عبر تبادل الرسائل عبر أطراف ثالثة، ثم بشكل مباشر في اجتماعات سرية في دول ثالثة، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين.
صرح مسؤول إسرائيلي كبير لموقع أكسيوس الأسبوع الماضي بأن الشرع أكثر تأييدًا مما اعتقدت إسرائيل، ولا يتلقى أوامره من أنقرة.
وأضاف المسؤول: "من الأفضل لنا أن تكون الحكومة السورية مقربة من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية".
وخلف الكواليس، زار باراك، المبعوث الأمريكي إلى سوريا والمقرب من ترامب منذ فترة طويلة، "إسرائيل" الأسبوع الماضي والتقى بنتنياهو ومسؤولين كبار آخرين.
قبل أسبوع، كان باراك في دمشق، حيث التقى بالشرع وأعاد فتح مقر إقامة السفير الأمريكي في العاصمة السورية. أثناء وجوده في دمشق، وصف باراك الصراع بين سوريا و"إسرائيل" بأنه "مشكلة قابلة للحل"، وشدد على أن على الطرفين "البدء باتفاقية عدم اعتداء فحسب".
وصرح مسؤول إسرائيلي بأنه عندما التقى باراك بنتنياهو الأسبوع الماضي، أبلغه الأخير رغبته في استغلال زخم اجتماع ترامب والشرع لبدء مفاوضات بوساطة أمريكية مع سوريا.
وصرح مسؤول إسرائيلي كبير بأن هدف نتنياهو هو محاولة التوصل إلى مجموعة من الاتفاقيات، بدءًا باتفاقية أمنية مُحدثة تستند إلى اتفاقية فك الاشتباك لعام ١٩٧٤، مع بعض التعديلات، وانتهاءً باتفاقية سلام بين الجانبين.
ويعتقد نتياهو أن تطلع الشرع إلى بناء علاقات وثيقة مع إدارة ترامب يُتيح فرصة دبلوماسية. وقال المسؤول: "نريد أن نحاول المضي قدمًا نحو التطبيع مع سوريا في أسرع وقت ممكن".
ووفقًا للمسؤول، أبلغ باراك الإسرائيليين أن الشرع منفتح على مناقشة اتفاقيات جديدة مع "إسرائيل".
وصرّح مسؤول أمريكي بأن الإسرائيليين عرضوا على باراك "خطوطهم الحمراء" بشأن سوريا: لا قواعد عسكرية تركية في البلاد، ولا وجود جديد لإيران وحزب الله، ونزع السلاح من جنوب سوريا.
وقال مسؤول إسرائيلي إن الإسرائيليين أبلغوا باراك أنهم سيحتفظون بقواتهم في سوريا حتى توقيع اتفاقية جديدة تتضمن نزع السلاح من جنوب سوريا.
وأضاف المسؤول أنه في اتفاقية حدودية مستقبلية جديدة مع سوريا، تريد "إسرائيل" إضافة قوات أمريكية إلى قوة الأمم المتحدة التي كانت متمركزة سابقًا على الحدود.
وقال الموقع، إن مرتفعات الجولان ستكون إحدى علامات الاستفهام الكبرى في أي محادثات سلام إسرائيلية سورية مستقبلية، والتي احتلتها "إسرائيل" في حرب عام ١٩٦٧.
في كل جولة محادثات مع "إسرائيل" على مدى العقود الثلاثة الماضية، طالب نظام الأسد بانسحاب إسرائيلي كامل أو شبه كامل من مرتفعات الجولان مقابل السلام. خلال ولايته الأولى، اعترف ترامب بمرتفعات الجولان كجزء من "إسرائيل".