افتتحت سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، النسخة الرابعة من مهرجان “المرموم .. فيلم في الصحراء” التي تنظمها “دبي للثقافة” في محمية المرموم الصحراوية، بهدف تطوير صناعة السينما المحلية، وتوفير منصة مبتكرة قادرة على دعم أصحاب المواهب والمبدعين، وتحفيزهم على التعبير عن رؤاهم وعرض أعمالهم وإنتاجاتهم أمام الجمهور.


ويشهد المهرجان المبادرة التي تندرج ضمن إستراتيجية “جودة الحياة في دبي”، عرض أكثر من 80 فيلماً روائياً، كما يستضيف الحدث الذي يستمر حتى 12 يناير الجاري ويرفع شعار “حيث يلتقي الخيال بالواقع”، سلسلة من ورش العمل التفاعلية والجلسات النقاشية والحوارية بمشاركة نخبة من المخرجين والفنانين والخبراء في صناعة السينما.
وأكدت سموّها أن دبي نجحت في جذب واستقطاب المخرجين والكفاءات المتميزة في صناعة السينما، بفضل إمكانياتها الواسعة وتكامل بنيتها التحتية وتفرد بيئتها الإبداعية المحفزة على الابتكار، مشيرة إلى أن الإمارة تواصل عبر مشاريعها ومبادراتها النوعية تعزيز ريادتها العالمية ومكانتها عاصمة للفن والثقافة ووجهة مفضلة لصناعة وإنتاج المحتوى السينمائي.
وقالت سموها : تمثل السينما إحدى أبرز أشكال الإبداع الإنساني، وتمتاز بلغتها البصرية المتفردة التي توازن بين الجوانب التقنية ورسالة الفن، وقدرتها على تنشئة أجيال ملتزمة بالقيم والتعبير عن قضايا المجتمعات وطموحاتها وتاريخ الشعوب وثقافتها.
وأضافت : يُعد مهرجان “المرموم .. فيلم في الصحراء” إضافة نوعية للمشهد الفني والسينمائي المحلي، بفضل ما يقدمه من تجارب ثقافية استثنائية وأعمال سينمائية نوعية تبرز أصالة هوية دبي وحيويتها وتطلعاتها المستقبلية، وتعكس جماليات تراثنا وجوهر ثقافتنا وعراقة تاريخنا، وتكمن أهمية المهرجان في قدرته على تعزيز الحوار الفكري وبناء جسور التواصل بين الناس وإثراء ثقافة المجتمع، وإلهام أصحاب المواهب وتحفيز روح الابتكار لديهم، وتشجيعهم على استكشاف أفضل الفرص في الصناعة وأحدث توجهاتها وأساليبها وممارساتها، والمساهمة في تعزيز قوة الصناعات الثقافية والإبداعية في الإمارة، ما يؤسس لجيل جديد قادر على النهوض بهذا القطاع الذي يمثل ركيزة أساسية في الاقتصاد الإبداعي.
وقامت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم بجولة واسعة في المهرجان، اطلعت خلالها على ما يقدمه في منطقة التجربة التفاعلية الغامرة، من أعمال فنية رقمية باستخدام الذكاء الاصطناعي، وجداريات وتركيبات فنية مُلهمة تحمل بصمات الفنانين غالب حويلة، وعبدالله لطفي، وميخائيل أنتيكوف؛ كما زارت سموّها أجنحة المهرجان المخصصة للورش والندوات وأنشطة العائلات والأطفال، وكذلك منطقة “برزة كبار الشخصيات”، حيث التقت بالفنانين المشاركين في الحدث، وأشادت بأفكارهم وأثنت على تنوع أعمالهم الفنية، وما تقدمه من رسائل ومفاهيم تُعبر عن رؤاهم وتوجهاتهم المختلفة.
وخلال فترة انعقاده، يعرض مهرجان “المرموم .. فيلم في الصحراء” مجموعة واسعة من الأفلام التي تم اختيارها من بين 240 فيلماً، ومن بينها أعمالاً مميزة تتنافس على جوائز “مسابقة المرموم للأفلام القصيرة”، التي تتضمن أربع فئات رئيسية، هي: الأفلام الوثائقية، وأفلام الأنيميشن، وأفلام الحركة الحية، والأفلام المصنوعة باستخدام الذكاء الاصطناعي، كما يشمل برنامجه أكثر من 30 ورشة عمل تقدمها نخبة من المبدعين وخبراء السينما، ومن أبرزها 4 ورش عمل ستُنظّمها كلية الفنون والصناعات الإبداعية في جامعة زايد، إلى جانب سلسلة متنوعة من الندوات والجلسات النقاشية والحوارية، والورش المصممة خصيصاً لتشجيع أصحاب المواهب الشابة على بدء مسيرتهم المهنية في مختلف مجالات السينما والفنون.
ويساهم المهرجان الذي يُحاكي في تصميمه شجرة الغاف، عبر فعالياته المتنوعة في دعم قوة السياحة الثقافية، ورفع مستوى الوعي البيئي عبر تحفيز زواره على استكشاف صحراء المرموم كمحمية طبيعية، وإحدى وجهات دبي الثقافية المهمة، كما يحتضن مجموعة من فنون الأداء والعروض الموسيقية والتراثية، إلى جانب ما يوفره من فرص للاستمتاع بتجربة “اصنع فيلمك الخاص باستخدام الذكاء الاصطناعي”، ومراقبة النجوم من خلال القبة الفلكية، ومشاهدة المناظر الطبيعية الخلابة للمحمية عبر جولة سفاري الحافلة، مع إمكانية المشاركة في مسابقة التصوير الفوتوغرافي، فيما تخصص “دبي للثقافة” في المهرجان مساحة واسعة تضيء من خلالها على الحرف التقليدية ومكونات التراث المحلي، ما يعكس حرصها على تعزيز حضوره في مختلف الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية التي تشهدها الإمارة. في حين يُتيح الحدث إمكانية التعرف على المأكولات التقليدية التي يتم تقديمها في أجواء تراثية وفنية صُممت بحرفية عالية.
يذكر أن المهرجان يقام بالشراكة مع مركز شرطة الخيالة، وبلدية دبي، وإسعاف دبي، والقيادة العامة لشرطة دبي، والدفاع المدني في دبي، وهيئة الطرق والمواصلات، ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، ومركز محمد بن راشد للفضاء، وذا كلايمت ترابب، ولينا قطان، وطيران الإمارات، وجامعة زايد، وصندوق الوطن، وجمعية الإمارات للتصوير الفوتوغرافي، ومرايا، وفريج، وفرجان دبي، وإيميرسي.وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

صنعاء تصعّد إلى “المرحلة الرابعة”:استراتيجية الضغط البحري تصل إلى الذروة

 

مع إعلان صنعاء الانتقال إلى المرحلة الرابعة من عمليات الحصار البحري ضد كيان الاحتلال، تدخل المواجهة العسكرية فصلاً أكثر جرأة في سياق تصعيد متدرّج بدأ مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتنامى على مراحل اتّسمت بالتوسع المدروس في بنك الأهداف. حيث تعتبر هذه المرحلة تراكم عملياتي تصاعدي، انتقل من استهداف السفن المرتبطة مباشرة بموانئ الاحتلال، إلى فرض معادلة عقابية شاملة تشمل كل شركة تواصل التعامل مع تلك الموانئ، أيّاً كانت جنسيتها أو وجهة سفنها.

وتشمل المرحلة الجديدة رصد واستهداف السفن التابعة لكبرى شركات الشحن البحري في العالم، مثل ميرسك، CME، Hapag-Lloyd، Evergreen وغيرها. لا يقتصر التهديد على السفن المتجهة إلى موانئ الاحتلال، بل يشمل كل سفينة مملوكة لشركات تتعامل تجارياً مع تلك الموانئ، أينما وجدت. وقد بدأ الرصد الفعلي للسفن العاملة في خطوط الإمداد بين موانئ المتوسط الشرقي والموانئ المحتلة، إضافة إلى ناقلات النفط المرتبطة بعمليات التزويد اليومي لكيان الاحتلال.

كما تحرص صنعاء على توثيق عملياتها كمشاهد عملية إغراق السفن ومنها ما كان متجهاً إلى ميناء إيلات. وعلى الرغم من أن الميناء مغلق منذ أشهر، إلا أن التصعيد الأخير يستهدف توسيع نطاق الحظر ليشمل ميناءي حيفا وأسدود، وهو ما يُعد تطوراً استراتيجيا في عمق البحر الأبيض المتوسط.

المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تجد نفسها أمام خصم لا يتبع نمطاً تقليدياً في التموضع أو الاستهداف. كما أن البنية غير المركزية لعمليات صنعاء، واعتمادها على التضاريس الجغرافية والانتشار المرن، يقلل من فعالية الضربات الجوية، ويجعل الرد الإسرائيلي أقرب إلى المعاقبة الرمزية منها إلى الفعل الرادع. ويقول الكاتب الإسرائيلي يوني بن مناحيم، إلى أن عدم وجود قواعد عسكرية دائمة أو منشآت حساسة واضحة للاستهداف في اليمن، فضلاً عن فاعلية الأجهزة الأمنية لدى صنعاء، جعل كل محاولات الرد الإسرائيلية أقرب إلى محاولة “إرباك” داخلية دون مكاسب عملياتية.

الولايات المتحدة، التي حاولت في الأشهر الماضية تنفيذ ضربات استباقية ضد أهداف في اليمن، فشلت بدورها في ردع صنعاء أو إيقاف عملياتها البحرية. الموجة الأولى من الضربات الأميركية لم تحقق أي أثر استراتيجي يُذكر، بل تسببت أحياناً في تقوية سردية صنعاء داخلياً، باعتبارها طرفاً يتعرض للعدوان بسبب موقفه السياسي من غزة.

المفارقة أن صنعاء، رغم التفاوت الهائل في الإمكانيات العسكرية مقارنة بواشنطن أو تل أبيب، استطاعت الحفاظ على نسق عملياتي مستمر، بل ورفع سقف التصعيد على مراحل، ما يدل على أن الردع الأميركي لم يعد كافياً في التعامل مع الجهات الفاعلة غير التقليدية في المنطقة.

بالتوازي مع هذا المسار العسكري، يتكرّس تحوّل سياسي لا يمكن تجاهله. فالحكومة في صنعاء، التي وُصفت لسنوات بأنها غير شرعية أو متمردة، باتت تبني اليوم شرعية وظيفية وميدانية نابعة من قدرتها على التأثير الفعلي في موازين الصراع، ليس فقط داخل اليمن، بل في الإقليم. نجاحها في فرض معادلة ردع بحرية، والتزامها بخطاب سياسي منضبط لم يكن يوماً مجرد دعاية، منحها مساحة أكبر من الحضور السياسي والإعلامي في ملفات تتجاوز الحدود الوطنية.

هذه التحولات لا تعني بالضرورة الاعتراف الدولي الرسمي، لكنها تشير إلى واقع سياسي جديد يتشكل في المنطقة، طرفه الأساسي قوى تصاعدت بفعل مراكمة القوة الذاتية، وتماسك الخطاب، وفعالية الأداء العملياتي، لا بفعل التسويات أو الرعاية الدولية.

في مرحلة يشتد فيها الضغط على غزة، تبدو صنعاء كطرف يحافظ على تصعيد ميداني مباشر ضد كيان الاحتلال دون تراجع، ودون أن تنجح محاولات الاحتواء أو الردع في كبحه. التصعيد الأخير لا يعكس فقط تصميماً عسكرياً، بل يشير إلى قدرة استراتيجية على توسيع المساحات التي تستنزف الكيان، وفرض معادلات جديدة في عمق البحر، وسط غياب فعّال لأي رد مكافئ. وإذا استمرت هذه الدينامية، فإن موازين الصراع البحري في شرق المتوسط قد تكون على موعد مع مرحلة أكثر اضطراباً، لا يمكن احتواؤها بالخطاب وحده، ولا بالقصف من الجو.

 

مقالات مشابهة

  • محمد السادس يمدّ يده للجزائر.. ملك المغرب يدعو لحوار “صريح ومسؤول” ويجدد موقفه من ملف الصحراء
  • أمير المدينة المنورة يرعى حفل تكريم المشاركين في النسخة الرابعة من مبادرة “الشريك الأدبي”
  • صنعاء تصعّد إلى “المرحلة الرابعة”:استراتيجية الضغط البحري تصل إلى الذروة
  • افتتاح النسخة الثانية من “مهرجان الرياض لموسيقى الأفلام”
  • ياس مول يرتقي بتجربة الترفيه مع عودة “مهرجان ياس للألعاب 2025”
  • افتتاح مهرجان تسوق “صيف طرطوس الأول” بمشاركة أكثر من 84 فعالية متنوعة
  • “الأدب والنشر والترجمة” تُطلِق النسخة الرابعة من “كتاب المدينة” بمشاركة أكثر من 300 دار نشر
  • إنطلاق “جوائز فلسطين الثقافية” في دورتها الثالثة عشرة – 2025/2026
  • بوسدر: “وصافة النسخة الأخيرة لـ”الشان” تضعنا تحت الضغط”
  • مجلة بريطانية: القوات اليمنية تفتتح “مرحلة رعب جديدة” في البحر الأحمر