دمشق- "خرجتُ حافية القدمين لا أعلم كيف أصل إلى فلذة كبدي بعد أن أخبرني زوجي أن ابني سليمان توفي بانفجار لغم من مخلفات الحرب"، تقول السيدة حميدة خليل، من بلدة قميناس جنوب إدلب، للجزيرة نت، وهي بجانب ولدها في أحد المشافي وقد تعرض لبتر بالفخذ جراء انفجار لغمين به أثناء عودته لأرضه بعد سنوات من التهجير.

تلقت حميدة الخبر، وكانت قد فقدت ابنا خلال الحرب السورية منذ 4 سنوات، وبوصولها لمكان الانفجار حاولت إخراج ابنها بنفسها، لكن مُنعت من ذلك وتولى أحد مختصي الفرق الهندسية نزع الألغام من حوله وأنقذه وهو مازال على قيد الحياة.

ودعت جميع الأمهات والشباب إلى تجنب العودة إلى المنازل والأراضي التي طُرد منها النظام المخلوع حتى لا يفقدوا حياتهم أو "يتعرضوا للبتر" كما حدث مع ابنها.

خريطة الألغام في سوريا (الجزيرة) منطقة خطر

من جانبه، قال سليمان خليل (21 عاما) المصاب للجزيرة نت "ذهبتُ إلى الأرض لقطف الزيتون ولم أعلم أني دخلت حقل ألغام، انفجر الأول في قدمي فبُترت، حاولت الزحف للخروج فانفجر الثاني وبتر ساقي، فخلعت بعض ملابسي وربطت رجلي لعلي أوقف نزيف الدم".

وأضاف "بعد نحو نصف ساعة، وصل أحد مختصي فرق الهندسة العسكرية ونزع أكثر من 20 لغما حتى استطاع الوصول لمكاني وإخراجي، ونقلتني فرق الدفاع المدني إلى إحدى المشافي في إدلب، قدر الله وما شاء فعل، بُترت رجلي كاملة من الفخذ".

تُعد المناطق، التي كانت خطوط تماس بين قوات النظام السابق وقوات المعارضة في أرياف إدلب وحلب وحماة واللاذقية، منطقة خطر على المدنيين الراغبين بالعودة إلى منازلهم وأراضيهم بعد تهجير امتد سنوات، بسبب كثرة الألغام المخفية فيها بكافة أنواعها.

الدفاع المدني يفجر ذخائر في بلدة كفرناها بريف حلب الغربي (الجزيرة)

ودعا محمد سامي المحمد، منسق برنامج إزالة مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري، في حديث للجزيرة نت، كافة المنظمات والفاعلين في هذا المجال إلى زيادة التنسيق للوصول إلى خطة واضحة للتخلص من جميع مخلفات الحرب بكافة أنواعها.

إعلان

بدوره، قال فيصل الحجي، عضو فرق الهندسة المختصة بنزع الألغام بإدارة العمليات العسكرية، للجزيرة نت، إنهم أصدروا تعميمات كثيرة للأهالي بعدم الاقتراب من الأراضي والمنازل لأن حجم الألغام المزروعة كبير، ولا يمكن إحصاؤها لأنها مخفية وتحتاج عملا كبيرا "ربما يمتد أشهرا للتخلص منها".

وأضاف أن الأدوات التي يستخدمونها لنزع الألغام المتنوعة مثل ألغام دبابات، وألغام وثاب، وألغام فردية، وموجهة، بسيطة وبدائية وأنهم بحاجة لأخرى حديثة ولفرق مختصة دولية تساعدهم بالتخلص من "آلة القتل هذه التي خلفها النظام البائد خلفه".

ألغام دبابة استخرجتها فرق إدارة العمليات العسكرية في إدلب (الجزيرة) هاجس كبير

تزداد أعداد الضحايا بشكل يومي جراء انفجار مخلفات الحرب وخاصة في مناطق ريف إدلب الجنوبي والشرقي، وسط مناشدات من الأهالي للسلطات المحلية والمجتمع الدولي للمساهمة في تأمين نزعها من أجل عودتهم إلى ديارهم، وترك خيام النزوح في ظل الفقر الذي يعيشونه خاصة بعد تجفيف الدعم الإنساني والطبي.

محمد الفهد (18 عاما)، من بلدة معر بليت بريف إدلب الجنوبي، فقد إحدى عينيه وتضررت الثانية بشكل كبير وبُترت ساقه بلغم أرضي أثناء عمله بقطف الزيتون ليعيل أسرته الفقيرة المكونة من 7 أفراد بعد وفاة والده، لكنه اليوم يحمل إعاقة دائمة تمنعه من العمل. ودعا الجهات المختصة إلى الإسراع بالتخلص من الألغام التي باتت "الهاجس الأكبر الذي يلاحق السوريين".

تحاول فرق الدفاع المدني جاهدة الاستجابة لبلاغات المواطنين من خلال تجميع الذخائر غير المنفجرة والتخلص منها، وخاصة في المنازل التي كانت قوات النظام المخلوع تتخذها مقرات عسكرية، أو بالمناطق التي تعرضت للقصف ولم تنفجر فيها الذخائر.

محمد طلفاح أكد تلقيهم بلاغات كثيرة من مواطنين حول وجود ذخائر وألغام (الجزيرة)

 

من جهته، أوضح محمد طلفاح قائد فريق إزالة الذخائر غير المنفجرة بالدفاع المدني السوري، للجزيرة نت، أن هذه الفرق تعمل على إزالة مخلفات الحرب في المناطق التي تعرضت لقصف سابق من قبل قوات النظام السابق أو الأماكن التي كانت توجد فيها مقراتهم العسكرية.

إعلان

وأضاف أنهم يتلقون بلاغات من المدنيين بعد عودتهم عن وجود ذخائر غير منفجرة فيقوم فريق الإزالة عبر مختصين بالكشف عن المكان وتجميع الذخائر بشكل تقني منظم، ومن ثم يحضر فريق خاص بالتخلص منها لتأمين المكان لعودة الأهالي إليه.

وحسب طلفاح، تختص فرق الدفاع المدني فقط بالذخائر، أما الكشف عن الألغام الكبيرة أو المنتشرة بكثرة في المناطق التي كان يسيطر عليها النظام السابق، فهي من اختصاص الفرق الهندسية المختصة. وخاطب المدنيين قائلا: "نهيب بهم توخي الحذر وعدم الاقتراب من المناطق الملوثة بالذخائر غير المنفجرة أو الألغام، وتجنب الاقتراب منها أو لمسها مهما كان نوعها وبالتبليغ عنها فورا".

مكان تحذير من وجود ذخائر غير منفجرة (الجزيرة) توصيات

بدوره، أفاد المختص فيصل الحجي بأن نزع الألغام بأنواعها هو من اختصاص الفرق الهندسية العسكرية المدربة من قبل إدارة العمليات العسكرية، ويحتاج حذرا كبيرا والعمل بهدوء "لأننا نعمل بأدوات بسيطة وبدائية ولا نملك كاسحات حديثة ولا أدوات كشف متطورة".

من ناحيتها، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بيانا تضمن توصيات لمواجهة مشكل الألغام في سوريا، من بينها خرائط لأبرز أماكن انتشارها.

ألغام دبابة استخرجتها فرق إدارة العمليات العسكرية في إدلب (الجزيرة)

ووثقت الشبكة منذ بدء معركة ردع العدوان، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، حتى 31 ديسمبر/كانون الأول ديسمبر من العام ذاته، مقتل 45 مدنيا، بينهم 6 أطفال و4 سيدات، جراء انفجار الألغام الأرضية.

وذكر البيان نفسه أنه منذ، مارس/آذار 2011 وحتى نهاية 2024، سجلت الشبكة مقتل ما لا يقل عن 3521 مدنيا نتيجة انفجار الألغام الأرضية، من بينهم 931 طفلا و362 سيدة، بالإضافة إلى 7 من كوادر الدفاع المدني، و8 من الكوادر الطبية، و9 من الكوادر الإعلامية.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات العملیات العسکریة الدفاع المدنی مخلفات الحرب للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

مشروبات تقوي المناعة وتمنع نزلات البرد في الشتاء

مع بداية فصل الشتاء وتراجع درجات الحرارة بشكل ملحوظ، يواجه كثير من الأشخاص زيادة في حالات الرشح والتهاب الحلق ونزلات البرد الموسمية، ويلجأ البعض للأدوية والمسكنات سريعا،

وأكد خبراء التغذية أن الاعتماد على مشروبات طبيعية غنية بالفيتامينات والمعادن يمكن أن يشكل خطوة فعالة لحماية الجسم وتعزيز جهازه المناعي خلال أشهر البرد.

وفي هذا السياق، قدم الدكتور شهاب صلاح، أخصائي التغذية العلاجية، عدة نصائح حول أهم المشروبات التي يمكن تناولها يوميا لدعم المناعة، مشيرا إلى أن هذه المشروبات تعمل بمثابة«خط دفاع أول» قبل تطور الأعراض.

أفضل مشروبات لنزلات البرد

وأوضح صلاح أن عصير البرتقال بالعسل يأتي في مقدمة المشروبات المفيدة في هذه الفترة، بفضل احتوائه على تركيز عالٍ من فيتامين «C» الذي يساعد على مواجهة الفيروسات، بالإضافة إلى مضادات الأكسدة التي تحمي الخلايا من الالتهاب.

وأشار إلى أن إضافة العسل ترفع من القيمة الغذائية للمشروب، لاحتوائه على مركبات طبيعية مضادة للبكتيريا، مما يجعله خيارا مثاليا لمن يعانون من بدايات الزكام أو التهابات الحلق.

مشروبات تقوي المناعة في الشتاء

وأضاف أن عصير الفراولة بالبنجر من المشروبات القوية التي ينصح بها، نظرا لاحتواء الفراولة على فيتامين «C» بكميات كبيرة، إلى جانب الحديد والفولات الموجودين في البنجر، وهما عنصران يساعدان على تعزيز إنتاج خلايا الدم الحمراء ورفع كفاءة الجهاز المناعي.

وأوضح أن هذا المشروب يمنح الجسم طاقة ويحسن القدرة على مقاومة العدوى الموسمية، خاصة لدى الأطفال وكبار السن.

وأشار إلى أن عصير النعناع بالليمون يعد من المشروبات الفعالة لتهدئة مشاكل الجيوب الأنفية، حيث يساعد النعناع بزيوته الطيارة على فتح الممرات الهوائية، بينما يقدم الليمون جرعة مركزة من فيتامين C.

وأكد أن تناوله دافئا يمكن أن يقلل الاحتقان ويخفف صعوبة التنفس الناتجة عن البرد.

مشروبات مضادة للالتهابات

وشدد صلاح على أهمية مشروب الجنزبيل بالليمون، ويعد من أقوى المشروبات الشتوية، لما يمتلكه الجنزبيل من خصائص مضادة للالتهابات ودوره في تنشيط الدورة الدموية ورفع حرارة الجسم، مما يساعد على مقاومة البرد في مراحله الأولى.

مشروبات لتقوية المناعة

ونصح بإضافة القرفة إلى الجنزبيل للحصول على فائدة أكبر، إذ تساعد القرفة على تدفئة الجسم وتقوية المناعة ومقاومة الميكروبات، إلى جانب دورها في تخفيف الالتهابات.

وأكد أخصائي التغذية أن الانتظام في تناول هذه المشروبات، إلى جانب النوم الجيد وتناول الغذاء الصحي، يمكن أن يقلل بشكل كبير من فرص الإصابة بأمراض الشتاء ويزيد قدرة الجسم على مقاومة الفيروسات الموسمية.

اقرأ أيضاًالوقاية خير من العلاج.. 7 نصائح لحماية طفلك من البرد والانفلوانزا الموسمية

اللقاح درع الأمان.. «الصحة» تنصح بـ 3 لقاحات للوقاية من برد الشتاء

موعد بداية فصل الشتاء 2025 في مصر.. متى يحدث الانقلاب الشتوي؟

مقالات مشابهة

  • موجة جديدة من الانقلابات العسكرية بأفريقيا تحت مجهر مؤتمر الجزيرة للدراسات
  • دونجا ظهاجما إدارات الإسماعيلي: سبب الأزمات ولا يملكون حتى حق العودة لمنازلهم
  • صديق المهدي .. المشروع المدني الديمقراطي هو الوحيد القادر على إيقاف الحرب
  • ماذا تغير في تركيا بعد عام من بدء عودة السوريين إلى بلادهم؟
  • مشروبات تقوي المناعة وتمنع نزلات البرد في الشتاء
  • فرنسا وسوريا تطالبان لبنان باعتقال مهندس قمع السوريين
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
  • صحة غزة: حصيلة جديدة لضحايا الهجمات العسكرية الإسرائيلية في القطاع
  • برنامج الأعمال المتعلقة بالألغام في فلسطين: الأطفال الأكثر عرضة لخطر مخلفات الحرب
  • مركز التعامل مع الألغام: 10,689 شهيداً وجريحاً بمخلفات الحرب والقنابل العنقودية حتى ديسمبر 2023