أنقرة – في خطوة تعكس التغيرات الجذرية في بنية جهاز الاستخبارات الوطنية التركية ونجاحاته في العمليات الأمنية وحضوره المؤثر على الساحة الدولية، إلى جانب إستراتيجية إعلامية مدروسة، شهد عام 2024 إقبالا غير مسبوق من الشباب التركي للعمل ضمن صفوف الجهاز.

وبحسب بيانات هذا الجهاز، استقبل في عام 2024 نحو 44 ألفا و867 طلب توظيف، وهو ضعف العدد المسجل في سنة 2023 الذي بلغ 22 ألفا و42 طلبا.

وبحسب خبراء أمنيين، تأتي هذه القفزة اللافتة بوصفها نتيجة مباشرة للنجاحات البارزة التي حققها الجهاز في مكافحة الإرهاب وتنفيذ عمليات استخباراتية نوعية داخل البلاد وخارجها، فضلا عن الدور المتزايد لتركيا على الساحة الدبلوماسية، وتأثير الأعمال الدرامية المستوحاة من عمليات الجهاز، والتي لعبت دورا كبيرا في تعزيز اهتمام الشباب بالعمل في هذا المجال.

طفرة كبيرة

كما شهد الموقع الرسمي للجهاز طفرة كبيرة، إذ زاد عدد زواره إلى أكثر من 5 ملايين شخص خلال العام 2024، مما يمثل ضعف عدد الزوار في العام السابق.

وكان للأقسام التفاعلية على الموقع، مثل "كيف يمكنك المساعدة؟" و"مجالات العمل"، النصيب الأكبر من الاهتمام، حيث استقبل الجهاز أكثر من 111 ألفا و425 بلاغا، بينها 5163 بلاغا بلغات أجنبية كالإنجليزية والعربية، مما يعكس الثقة المتزايدة في الجهاز بوصفه منصة لمواجهة القضايا الوطنية والدولية.

إعلان

تشير التقارير إلى أن البلاغات المقدمة باللغات الأجنبية سجلت أرقاما مرتفعة، حيث جاءت البلاغات باللغة الإنجليزية في المقدمة، تلتها اللغة العربية. ورغم انخفاض إجماليها مقارنة بالعام السابق، فإن الجهاز أشار إلى تحسن جودة البلاغات، مما يعكس ارتفاع وعي المواطنين بدوره.

تُظهر هذه الأرقام أن جهاز الاستخبارات التركية بات يمثل "رمزا وطنيا يعبر عن التحولات الكبرى في المشهد التركي". ومع حلول الذكرى الـ98 لتأسيسه، يبدو أنه يمضي قدما ليكون من الركائز الأساسية في تشكيل مستقبل الأمن الوطني في البلاد.

عوامل

تعليقا على ذلك، أرجع الضابط السابق في جهاز الاستخبارات التركية مراد أصلان إقبال الشباب الكبير على الانضمام للجهاز إلى عدة عوامل، أبرزها زيادة عدد الجامعات في البلاد وانتشارها في جميع المدن تقريبا.

وأوضح أن "التعليم الجامعي أصبح أكثر شيوعا، ومع تخرج أعداد كبيرة من الشباب سنويا، ينظر الكثير منهم إلى القطاع العام كخيار وظيفي مستقر، وجهاز الاستخبارات يوفر فرصا واسعة بفضل بنيته متعددة الطبقات ووظائفه المتنوعة".

وأضاف للجزيرة نت أن هذا الجهاز يتميز بقدرته على توظيف مختصين من مختلف المجالات مثل خريجي الهندسة أو العلاقات الدولية، مما يجذب فئات متنوعة من الشباب الذين يدركون هذه الفرص.

وحسب أصلان، اعتمد الجهاز في الأعوام الثلاثة الأخيرة إستراتيجيات جديدة للتواصل مع المجتمع بهدف تحسين صورته وتوسيع نطاق معرفته لدى الجمهور. وقال "لقد أصبح الناس على دراية أكبر باحتياجات الجهاز البشرية بفضل جهوده في العلاقات العامة، مما جعل الشباب أكثر إقبالا على التقدّم" للعمل في الجهاز.

وأضاف الضابط السابق أصلان "حين يكون الجهاز ناجحا تزداد ثقة الناس به والإقبال عليه. حقق الجهاز إنجازات بارزة في مكافحة الإرهاب مثل الكشف عن شبكات تجسس إيرانية وإسرائيلية، كما لعب دورا بارزا في الدبلوماسية الاستخباراتية التي أصبحت حديث الصحافة، مما عزز مكانته وثقة الجمهور فيه".

إعلان

وأشار إلى أن جهاز الاستخبارات يعتمد إستراتيجية تهدف إلى جذب مجموعة واسعة من الشباب. فبدلا من الاعتماد على عدد محدود من المتقدمين واختيار الأفضل بينهم، يسعى للوصول إلى قاعدة أكبر من المتقدمين ليضمن اختيار الكفاءات الأعلى جودة.

ولهذا السبب، يتابع، يوفر الجهاز إمكانية التقديم عبر موقعه الإلكتروني، حيث يمكن للشباب تحميل سيرهم الذاتية بسهولة، و"مما يعطيه مرونة كبرى لاختيار أفضل المواهب من بين آلاف الطلبات". وأكد أن "الوعي المتزايد بدور الجهاز ونجاحاته وإستراتيجياته الحديثة في الوصول إلى الشباب، كلها عوامل تجعله وجهة مفضلة للجيل الجديد".

جهاز الاستخبارات التركية يحتفل بالذكرى الـ98 لتأسيسه (الأناضول) إصلاحات وتطور

تاريخ جهاز الاستخبارات التركية:

تعود جذور هذا الجهاز إلى تنظيم "تشكيلات مخصوصة" الذي تأسس كتنظيم سري داخل جمعية الاتحاد والترقي بناء على رغبة الحاكم العسكري أنور باشا في عام 1913، وكان بمثابة أول محاولة لإنشاء جهاز استخباراتي حديث في تركيا، ولعب دورا بارزا في العمليات السرية لحماية مصالح الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى. ومع تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك، استُبدل التنظيم بجهاز أكثر رسمية وأوسع نطاقا. ففي 6 يناير/كانون الثاني 1926، تم إنشاء "رئاسة الخدمة الأمنية الوطنية" التي اعتُبرت أول جهاز استخباراتي مؤسس للدولة التركية الحديثة. وفي التاريخ نفسه من 1927، بدأ الجهاز عملياته الفعلية بعد فترة إعداد استمرت عاما كاملا. خلال العقود التالية، تطور الجهاز لمواكبة التحديات المتغيرة وكان له دور محوري في تحقيق انضمام منطقة لواء الإسكندرون إلى تركيا عام 1939 بعد جهود استخباراتية ودبلوماسية مكثفة. كما أسهم بشكل كبير -خلال الحرب الباردة– في تعزيز التعاون الاستخباراتي مع التحالف الغربي، وشارك في جمع معلومات إستراتيجية عن الكتلة الشرقية. وفي عام 1965، تمت إعادة هيكلة الرئاسة لتتماشى مع الظروف المتغيرة، وتحول الجهاز رسميا إلى "جهاز الاستخبارات الوطنية" بموجب قانون جديد. ومنذ عام 2010، شهدت أنشطة الجهاز الدبلوماسية في المجال الاستخباراتي تسارعا كبيرا، وازدادت أهميته في العمليات الدولية مثل مفاوضات أستانا. وفي 2014، تم إجراء تعديلات قانونية شملت تحديث صلاحيات الجهاز لمواكبة المتطلبات الجديدة. وبعد التحول إلى نظام الحكم الرئاسي في 2018، تم تعديل اسم الجهاز ليصبح "رئاسة جهاز الاستخبارات الوطنية". وفي عام 2023، تم إنشاء "الأكاديمية الوطنية للاستخبارات"، وهي مؤسسة تعليمية عليا مختصة بتقديم الدراسات العليا في مجالات الاستخبارات والأمن القومي، مما يعكس التوجه نحو تحويل العمل الاستخباراتي إلى علم أكاديمي. كما شهدت السنوات الأخيرة جهودا مكثفة لاستهداف القيادات الرئيسية في التنظيمات الإرهابية. وفي الذكرى الـ94 لتأسيسه، افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مقر "القلعة" الجديد للجهاز، تلاه افتتاح مجمع "ماسلاك" في إسطنبول. إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات جهاز الاستخبارات الترکیة من الشباب فی عام

إقرأ أيضاً:

ابتكار جهاز جديد يقيس مستوى ترطيب الجسم لمنع الإصابة بضربات الشمس

في عالم متسارع في مجالات الابتكار والتطور الرقمي والتقني بشكل غير مسبوق في تاريخ البشرية، الأمر الذي غير الكثير من الممارسات الحياتية والأساليب اليومية للفرد في جميع الجوانب والمجالات، واليوم طور فريق بحث من جامعة تكساس الأمريكية جهاز استشعار جديد يمكنه تجنب مخاطر الإصابة بالجفاف، من خلال تنبيه مرتديه إلى حاجة أجسامهم إلى المزيد من الماء.

ويعمل الجهاز عن طريق قياس مستويات الترطيب داخل الجسم بشكل مستمر، ونقل تلك البيانات لاسلكيًا إلى الهاتف الذكي الخاص بمن يرتدي الجهاز، إذ يُعد جهاز الاستشعار القابل للارتداء طريقة بسيطة وفعالة لمراقبة مستويات الترطيب في الوقت الفعلي، مما يمكّن الأفراد من اتخاذ خطوات استباقية للبقاء بصحة جيدة وتقديم أفضل أداء لديهم.

وأوضح الباحث الرئيسى للدراسة من جامعة تكساس البروفيسور نانشو لو أن الجفاف يشكل تهديدًا صامتًا يؤثر في ملايين الأشخاص يوميًا، مبينًا أن المستشعر الذي يعتمد عليه الجهاز يستخدم طريقة تسمى المقاومة الحيوية، والتي ترسل تيارًا كهربائيًا صغيرًا وآمنًا عبر الجسم عبر أقطاب كهربائية موضوعة بشكل إستراتيجي، لإخبار الناس متى يشربون الماء لتجنب التعرض للجفاف ومضاعفاته التي قد تكون مميتة.

ويعتمد تدفق التيار على مدى ترطيب الأنسجة، إذ تسمح الأنسجة الرطبة للتيار بالمرور بسهولة، بينما تقاوم الأنسجة المجففة التدفق، كما أن مقاومة الذراع الحيوية ليست حساسة لتغيرات الترطيب فحسب، بل تتوافق أيضًا بشكل وثيق مع قياسات ترطيب الجسم بالكامل، مما يعني أن هذا المستشعر يمكن أن يكون بديلاً موثوقًا به لتتبع مستويات الترطيب، حتى أثناء الأنشطة اليومية مثل المشي أو العمل أو ممارسة الرياضة.

ولإثبات صحة الجهاز، أجرى فريق البحث تجارب متعددة، بما في ذلك دراسة الجفاف الناجم عن مدر البول وتجربة حقيقية لمدة 24 ساعة، إذ أُعطي المشاركون أدويةً لتحفيز فقدان السوائل، ثم رصدت مستويات ترطيبهم عبر الجهاز القابل للارتداء، ومقارنة بعينات البول.

وأظهر الجهاز ارتباطًا وثيقًا بين تغيرات المقاومة الحيوية للذراع، وفقدان الماء الكلي في الجسم، وأشار الباحثون إلى أن المستشعر الجديد قد يوفر بديلاً سهل الوصول إليه وقابلا للارتداء لطرق تتبع الترطيب التقليدية، مثل تحليل البول أو الدم، والتي تعتبر جراحية وتستغرق وقتاً طويلاً وغير عملية.

ومن المعروف أن الترطيب ضروري لتنظيم درجة حرارة الجسم، والحفاظ على وظائف الأعضاء ودعم عديد من العمليات الحيوية الأخرى، وحتى الجفاف البسيط يمكن أن يؤثر في التركيز والأداء، في حين أن الجفاف الشديد قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة مثل ضربة الشمس وحصى الكلى ومشاكل القلب والأوعية الدموية.

إلى جانب الاستخدام اليومي، يعتقد الباحثون أن هذه التقنية قد تُفيد المرضى الذين يعانون من الجفاف المزمن، وأمراض الكلى، وأمراض القلب، كما يُمكن للرياضيين استخدام هذه التقنية للحفاظ على سلامتهم وأدائهم الأمثل، خاصةً في الطقس الحار.

أخبار السعوديةآخر أخبار السعوديةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • وزير الطاقة التركي آلب أرسلان بيرقدار: تزويد سوريا بالغاز الطبيعي القادم من أذربيجان إلى محافظة حلب يبدأ في الثاني من آب المقبل عبر ولاية كيليس التركية
  • من يفكر لصالح السودان يجب أن يعلم أن المطلوب وطنيا هو أن يتقدم جهاز المخابرات
  • اكتشاف نقوش عمرها 10 آلاف سنة بجبل الحساونة
  • تنمية المشروعات ينفذ خطة طموحة لمضاعفة تمويل الشباب بالإسكندرية
  • ابتكار جهاز ينبه مرتاديه إلى حاجة أجسامهم إلى الماء
  • ابتكار جهاز جديد يقيس مستوى ترطيب الجسم لمنع الإصابة بضربات الشمس
  • الهزائم العسكرية العجيبة.. لماذا نتفاجأ مما نعرفه؟
  • 13 ألف حالة| تنظيم الاتصالات يكشف مفاجأة عن حوكمة أجهزة المحمول
  • إيقاف مفاجئ لآلاف الهواتف المحمولة في مصر.. و"تنظيم الاتصالات" يكشف التفاصيل
  • جهاز لوحي ذكي بسعر اقتصادي.. شاومي تنافس بـ تابلت Redmi Pad 2 الجديد