موقع 24:
2025-07-31@10:01:40 GMT

سوريا والنموذج الأفغاني

تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT

سوريا والنموذج الأفغاني

مخاوف “الأفغنة” خيمت على أجواء سوريا ـ على الأقل على مستوى التحليل والنقاشات ـ عقب سيطرة هيئة تحرير الشام على السلطة وانهيار نظام بشار الأسد، ورغم أن أحمد الشرع قائد الإدارة السورية الجديدة قد حرص على بث صورة مغايرة، نافياً سيناريو تحويل سوريا إلى نسخة من أفغانستان، حيث قال نصاً في حديث متلفز إن البلدين مختلفان للغاية ولديهما تقاليد مختلفة، معتبراً أن أفغانستان مجتمع قبلي في حين لدى سوريا عقلية مختلفة، مؤكداً إيمانه بتعليم النساء، إلا أن محاولات الشرع ورسائله جميعها لم تنجح ـ على الأقل ـ حتى الآن في طمأنة الكثيرين حول العالم، من تصرفات حكام سوريا الجدد، واحتمالات انتقال هذا البلد من الدكتاتورية البعثية إلى دكتاتورية دينية قد ترتدي ثوب “الشعبوية” والادعاء بأنها تحتكم إلى رأي غالبية الشعب السوري للتهرب من اتهامها بالتطبيق القسري للنموذج الديني المتشدد في الحكم.



بعيداً عن الجدل المثار عبر السوشيال ميديا بشأن علاقة الحكم السوري الجديد بماضيه، فإن الموضوعية تقتضي القول بأن الإدارة السورية الجديدة ليست بعيدة تماماً وبشكل قطعي عن سيناريو/ نموذج “الأفغنة” ولكنها تحاول بذل الجهد في “إخراج” مشهد سياسي جديد يمكن أن يحظى بالقبول الإقليمي والدولي، ووسط كل ذلك لفت وزير العدل السوري الجديد الانتباه سواء بمواقف وأفعال سابقة له موثقة تعزز المخاوف بشأن توجهاته وأفكاره، أو حتى بأفكاره الحالية “الجديدة”، إذ يبدو واضحاً أن تجربة ما تسمى بـ“حكومة الإنقاذ” في إدلب تمثل مرجعية للوزراء السوريين الجدد، بل إن اختيار وزراء الحكومة الانتقالية ممن عملوا سابقاً في تلك الفترة يبدو وكأنه “مكافأة” من قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع لرفاقه بعد النجاح في تحقيق أهدافهم، وهذا بحد ذاته أمر لا يبشر بالخير ولا يبعث على التفاؤل لاسيما في ظل إسناد حقائب وزارية لأجانب وكأن سوريا قد خلت من الكوادر البشرية المؤهلة لإدارة المرحلة الانتقالية الراهنة، ما يعكس انغلاقاً على الذات وغياباً للثقة من جانب الإدارة الانتقالية الجديدة التي يبدو أنها تكرر أخطاء التنظيمات الإسلامية التي سبق لها تولي الحكم في دول عربية أخرى وكانت هذه الأخطاء من بين عوامل فشلها.
لم تنتظر الإدارة السورية الجديدة حتى صياغة أسس دستورية وقانونية جديدة للحكم وسارعت إلى التلميح بإحداث تحول جذري في النظام القضائي السوري متناسية الدستور والقانون الوضعييْن اللذين لا يعتمدان على الشريعة كمصدر رئيسي للتشريع، وهي معضلة، إذ كيف ستقام دولة وطنية دون دستور وضعي وقوانين وضعية، والمسألة هنا لا تتعلق بالشريعة بل بالفكرة نفسها وكيفية تطبيقها وتوقيت ذلك، ومن ثم أدلجة النظام القضائي بشكل متسرع في دولة علمانية أساساً وتضم أطيافاً دينية عرقية ومذهبية وطوائف عديدة، حيث ستبرز حتماً معضلات تتصل بحقوق المرأة والأقليات والحريات الدينية وغيرها.
التلويح بفكرة “خيار الشعب” هي المدخل الذي تحدث عنه شادي الويسي وزير العدل في الإدارة السورية الانتقالية، للتمسك بفكرة تحكيم الشريعة خلال المرحلة المقبلة، وهذا الحديث يثير مخاوف حقيقية حول النوايا لأننا لو سألنا حكومة طالبان الأفغانية لردت بالإجابات ذاتها في سياق تبرير تمسكها بتطبيق أيديولوجية دينية متشددة، فدائماً ما يكون التبرير مغلفاً برغبة غالبية الشعب وقناعته، وهذا حديث إفك لم تثبت جديته في أي اختبار فعلي.
لا ندري لماذا اختارت الإدارة السورية الجديدة التورط في جدل مبكر حول حقوق الأقليات، ودخلت في سباق تخمينات ومخاوف عبر تعيين شادي الويسي ذاته وزيرا للعدل، رغم ما يتردد بشأن ممارساته في إدلب، وضعف خلفيته العلمية والمعرفية التي تؤهله لتولي حقيبة مهمة كهذه في مرحلة حساسة للغاية، والأهم من ذلك أنه اختار الدخول في مناطق شائكة وفتح أبواب التكهنات بتصريحاته التي أوحى فيها بأن نظام الحكم الديني سيطبق ولكن من خلال مظلة برلمانية يعتقد أنها توفر لهذا النموذج الحصانة اللازمة للتطبيق والقبول الشعبي فضلاً عن الإقليمي والدولي.
نموذج الحكم الذي يحلم به الشرع ورفاقه لن يكون مقبولاً من السوريين، وما نراه حالياً ليس سوى مرحلة مؤقتة سرعان ما ستتلاشى بتزاحم الوجوه القادمة من “حكومة إدلب” لقيادة سوريا الجديدة، التي لا يبدو فيها مكان حتى الآن لقيادات من خارج هذه المجموعة سوى لميساء صابرين، التي عينت في منصب محافظ المصرف المركزي السوري، ربما لأنهم لا يمتلكون كوادر ممّن يستطيع تولي هذا المنصب الحساس للغاية، فضلاً عن أن تعيينها وفر لهم فسحة من الادعاء باحترام المرأة.
لا أحد يتمنى فشل سوريا الجديدة، ولا أحد أيضاً يعمل على إفشال هذه التجربة لأن الجميع في منطقتنا ـ ببساطة ـ قد تعبوا من الحروب والصراعات والأزمات، والكل يريد ويحلم بالأمن والاستقرار والتعايش والتوافق الوطني، وبالتالي فإن الكرة في ملعب القادمين الجدد من خلفيات تنظيمات إرهابية متطرفة لا يمكن لها أن توفر لهم قاعدة ثقة مطلقة بين عشية وضحاها، ومن ثم عليهم عبء طمأنة الجميع بأفعالهم وسلوكياتهم وليس بأقوالهم فقط، فالكل في منطقتنا يتكلم ويجيد الكلام وترديد الشعارات ورفع الرايات منذ حقب زمنية طويلة، ولكن التجربة علمتنا أن قليلين هم من يعملون لمصلحة دولهم وشعوبهم وينأون بأنفسهم عن عوامل الفشل والتردي والإحباط التي تغذي غضب الشعوب وتخلق بيئة حاضنة للإرهاب والتطرف وكل ما تؤول إليه من كوارث يعرفها الجميع.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد الإدارة السوریة الجدیدة

إقرأ أيضاً:

وزير الثقافة يبحث مع المفكر جورج صبرة دور الثقافة في بناء سوريا الجديدة

دمشق-سانا

بحث وزير الثقافة محمد ياسين الصالح، خلال لقائه اليوم، مع وفد من مؤسسة دمشق للثقافة والدراسات والتنمية برئاسة السياسي والمفكر جورج صبرة، دور الثقافة في بناء سوريا الجديدة وتوثيق نضال السوريين.

وتناول اللقاء دور الثقافة في بناء سردية وطنية تستمد جذورها من عمق الحضارة السورية، وأهمية توجيه العمل الثقافي نحو تعزيز قيم التعافي والانتماء، وتوثيق النضال السوري بوصفه مساراً تراكمياً يُلهم الأجيال، ويسهم في تشكيل وعي جمعي مرتكز إلى قيم الحرية والعدالة والهوية الجامعة.

وأشاد الوزير الصالح بمسيرة جورج صبرة الثقافية والنضالية، مؤكّداً أن الثقافة تشكّل ركيزة أساسية في حماية مكتسبات الثورة والتحرير، من خلال توثيق سرديات النضال، وتفعيل المؤسسات الثقافية كمراكز للتفكير الحر ومساحات داعمة للتعافي المجتمعي.

من جهته، عبّر صبرة عن فخره بلقاء أبناء وطنه على أرض سوريا بعد سنوات من الغياب القسري، معتبراً أن لحظة التحرير تشكل بداية الطريق نحو بناء وطن يليق بجميع السوريين، مشدداً على أهمية الثقافة كأداة فاعلة في ترسيخ قيم العدالة والحرية والانتماء.

بدوره، رأى مدير عام المؤسسة العامة للسينما جهاد عبده أن عودة شخصيات وطنية إلى أرض الوطن تمثّل محطة مفصلية، تستوجب من المؤسسات الفنية الاضطلاع بمسؤولياتها في إنتاج أعمال تعبّر عن تطلعات السوريين وقيم ثورتهم في الحرية والكرامة.

ويأتي هذا اللقاء في إطار توجهات وزارة الثقافة لتعزيز الشراكة مع المفكرين السوريين، وتوسيع دائرة الحوار الوطني حول دور الثقافة في بناء سوريا الجديدة.

مؤسسة دمشق للثقافة وزير الثقافة محمد ياسين الصالح 2025-07-28hadeilسابق آراء عدد من طلاب الشهادة الثانوية الفرع العلمي في دمشق حول مستوى الأسئلة في مادة الرياضيات انظر ايضاً وزير الثقافة يبحث مع رئيس هيئة التخطيط والإحصاء وضع قاعدة بيانات للقطاع الثقافي السوري

دمشق-سانا بحث وزير الثقافة محمد ياسين الصالح، مع رئيس هيئة التخطيط والإحصاء أنس سليم

آخر الأخبار 2025-07-28وزير الثقافة يبحث مع المفكر جورج صبرة دور الثقافة في بناء سوريا الجديدة 2025-07-28وزير التربية ومعاون وزير الداخلية يتفقدان مراكز امتحانات الشهادة الثانوية بدمشق 2025-07-28إخماد حريق حراجي على طريق مصياف في ريف حماة الغربي 2025-07-28غرام الذهب ينخفض 10 آلاف ليرة في السوق السورية 2025-07-28ألباريس: المجاعة الحاصلة بغزة جراء الحصار الإسرائيلي “مخزية” 2025-07-28لأول مرة… هولندا تدرج إسرائيل ضمن الدول التي تشكل تهديداً 2025-07-28الأونروا: يجب وقف القصف في غزة والسماح بدخول المساعدات 2025-07-28قافلة مساعدات جديدة تتوجه إلى السويداء- فيديو 2025-07-28وزير الإعلام: نأمل ألا تُعرقل الجهة الخارجة عن القانون وصول قوافل المساعدات إلى السويداء 2025-07-28وزير الطاقة يصل الدمام لزيارة منشآت إستراتيجية في قطاع الطاقة

صور من سورية منوعات اختفاء غامض لعشرات الطواويس من فندق تاريخي في كاليفورنيا 2025-07-27 أمازون تغلق مختبرها للذكاء الاصطناعي بالصين 2025-07-25
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • لطفي بوجمعة : ” الحركية الكبيرة التي يعرفها القطاع نرى نتائجها مع تحقيق الإقلاع الرقمي وانفاذ الإدارة القضائية الإلكترونية”
  • السورية للشبكات تعيد تأهيل إنارة طريق مطار دمشق الدولي ومدينة المعارض الجديدة
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: الإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس الشرع تعمل بشكل متواصل لحل جميع المشكلات التي تواجه الشعب السوري، وخاصة الاقتصادية منها، بهدف دفع عجلة التنمية وتحسين نوعية حياة المواطنين
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القيادة الأذربيجانية تولي أهمية خاصة للعلاقات مع سوريا الجديدة، وقد لقي ذلك ترحيباً وتجاوباً من الجانب السوري، الأمر الذي أدى إلى إقامة علاقات الصداقة والتعاون المتبادل بما يتماشى مع مصالح البلدين والشعب
  • الواقع القضائي في سوريا والتحديات التي تواجه عمل العدليات خلال اجتماع في وزارة العدل
  • باريس تحتضن المفاوضات بين الإدارة السورية وقسد
  • وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار: سوريا الجديدة هي المنتجة التي تعيد تشكيل معاملها وبناء إنتاجها
  • المدير العام للمؤسسة السورية للمعارض والأسواق الدولية محمد حمزة: دورة هذا العام ستعكس صورة سوريا الجديدة، الواثقة بقدراتها ومستقبلها
  • المدير العام للمؤسسة السورية للمعارض والأسواق الدولية محمد حمزة: معرض دمشق الدولي حدث تاريخي عريق طالما شكل علامة فارقة في المشهد الاقتصادي السوري والعربي والدولي
  • وزير الثقافة يبحث مع المفكر جورج صبرة دور الثقافة في بناء سوريا الجديدة