طرطوس-سانا

ركّز الاجتماع الذي عقد اليوم في مبنى مديرية زراعة طرطوس مع ‏العاملين في المديرية، بمشاركة وزير الزّراعة في حكومة ‏تسيير الأعمال الدكتور محمد طه الأحمد ومحافظ طرطوس أحمد الشامي، على أهم ‏المشكلات التي تعترض العمل الزراعي في المحافظة وسبل النهوض ‏به وتطويره.‏

ولفت الوزير الأحمد إلى أن محافظة طرطوس محافظة زراعية بامتياز، ‏ولكن الظروف الماضية غيّرت واقعها وأدّت إلى تراجع مساهمة ‏الزّراعة في القطاع الاقتصادي منذ عام 2010 وحتى اليوم ‏من 27 بالمئة إلى 12 بالمئة، موضحاً أنّ نسبة المشغلين بالقطاع ‏الزراعي من الأيدي العاملة لا تتجاوز الآن 15 بالمئة، إضافة إلى ‏تراجع المساحات المروية إلى النصف وتحولها إلى الزّراعة المطرية، ‏مبيناً أن كل هذه المؤشرات تنذر بسوء الحال الذي وصل إليه القطاع ‏الزراعي.

وأشار وزير الزراعة إلى أن أول مشكلة اعترضت العمل على تحسين ‏القطاع الزراعي منذ تسلمه بعد سقوط النظام البائد هي الهيكلية ‏الإدارية وسبل تنظيمها، موضحاً أنّ أهم أسباب تراجع القطاع الزّراعي ‏وتردي الحال في وزارة الزراعة هو نقص حاجات العمل وتحديد ‏احتياجات كل مفصل من مفاصلها، والتغيير المناخي الذي أثّر عليها، لذا ‏لابدّ من التحديد الدقيق لهذه المشكلات وإيجاد حلول لها بشكل يتم فيه ‏توزيع الدّعم بالشكل المناسب لضمان تحسين الواقع الزّراعي.‏

وأكد الأحمد ضرورة فهم كل موظف أو مسؤول لمهامه، وتأديتها ‏بشكلها الصحيح الذي يضمن الفائدة للمواطن وتطوير القطاع ‏الزّراعي بشكل عام، مؤكداً أن العمل مستمر وجاد في سبل تحقيق ‏مطالب الفلاحين وتحسين الواقع الاقتصادي. ‏

من جانبه أكد محافظ طرطوس أحمد الشّامي الاستعداد لتقديم كل الدّعم ‏اللازم لتطوير الواقع الزراعي وإسهامه في النهوض الاقتصادي للبلاد‌‏.‏

وعرض الحضور من فلاحين ومسؤولين في القطاع، مشكلاتهم ‏ومعاناتهم ومطالبهم من توزيع الأدوية الحيوانية، وتخفيض ‏أسعار الأسمدة والأعلاف وتحسين نوعيتها، إضافة إلى طرح العمل ‏بالأسمدة العضوية لضمان منتجات أحسن جودة، وضرورة موازنة ‏الإنتاج بالتصدير والاستيراد لضمان حق الفلاح المنتج وعدم هدر ‏جهده. ‏

نجوى العلي

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

استراتيجيات الموارد البشرية لمواجهة الأزمات

 

 

 

 

د. سعيد الدرمكي

 

في ظل ما يشهده الشرق الأوسط من صراعات مُتكررة، لم تعد الأزمات مجرد حالات طارئة، بل أصبحت واقعًا دائمًا تتعامل معه المؤسسات بشكل  مستمر ويومي. ومن أبرز هذه التوترات، الصراع المتصاعد بين إيران وإسرائيل، الذي يُلقي بظلاله الثقيلة على أمن واستقرار المنطقة، لا سيما في دول الخليج العربي. هذه الأزمات لا تقتصر على الجانب الجيوسياسي فحسب، بل تتغلغل في حياة العاملين، لتنعكس على الاستقرار النفسي، والولاء الوظيفي، وحتى على قراراتهم المتعلقة بالبقاء أو مُغادرة مواقعهم.

في خضم هذه التحديات، يبرز دور إدارات الموارد البشرية لتكون خط الدفاع الأول، ليس بصفتها جهة تنفيذية فحسب، بل كعنصر استراتيجي يعزز التماسك المؤسسي، ويدير المشهد البشري بإدراك يتجاوز المعادلات التقليدية. فهي مطالبة اليوم بتوفير بيئة عمل داعمة نفسيًا، وتطبيق سياسات مرنة وسريعة الاستجابة تراعي ظروف العاملين، وتُبقي المؤسسة متماسكة رغم الضغوط الخارجية.

حين تتزلزل المعادلات الجيوسياسية، لا يبقى العامل في منأى خلف جدران المكتب. تتسرب أصداء الأزمات إلى مساحات العمل، وتتحول التحديات النفسية إلى عنصرٍ مؤثرٍ في الأداء والإنتاجية. الأثر الإنساني للصراعات يتجاوز الخسائر الاقتصادية، ليمس استقرار الإنسان نفسه، ويخلق بيئة عمل مشحونة بالقلق والخوف، مما يؤدي إلى تراجع الإنتاج، وضعف الروح المعنوية، وربما فقدان بعض الكفاءات التي تسعى إلى أماكن أكثر أمانًا.

من هنا، يتوجب على إدارات الموارد البشرية الانتقال من نمط الإدارة التقليدية إلى نموذج القيادة الاستراتيجية. ويتضمن ذلك تفعيل خطط الطوارئ، وتشكيل فرق استجابة سريعة، وتوفير الدعم النفسي والمشورة المتخصصة، إلى جانب تطوير سياسات للعمل عن بُعد أو إعادة توزيع القوى العاملة في مواقع أقل تأثرًا لضمان استمرارية العمل. كما يشمل الدور التنسيق مع الجهات الحكومية المعنية لضمان الامتثال والتأمين المهني.

يُعد الاتصال الفعّال في مثل هذه الظروف المشحونة عنصرًا جوهريًا، إذ يسهم في بناء الثقة وطمأنة العاملين. وتلعب إدارات الموارد البشرية دورًا محوريًا في إصدار تحديثات دورية وشفافة حول الأوضاع، وتفنيد الشائعات من خلال تقديم معلومات دقيقة وموثوقة، فضلًا عن إنشاء قنوات تواصل مباشرة، كالمراكز الداخلية للاتصال أو الفرق المتخصصة بإدارة التواصل في حالات الطوارئ.

ولضمان استمرارية العمليات بكفاءة عالية، يجب أن تتبنى الموارد البشرية سياسات بديلة مرنة، بما يشمل تفعيل خطط التعاقب الوظيفي، وتحديث أنظمة العمل والدوام، مثل العمل الهجين أو بنظام المناوبات، بما يتماشى مع الظروف الطارئة. كذلك، من الضروري الالتزام بالقوانين المحلية إلى جانب السياسات الداخلية لضمان الحقوق والامتثال.

وقد أثبتت التجارب الحديثة، مثل جائحة كوفيد-19، والتوترات الإقليمية خلال عامي 2023 و2024، أن الجاهزية النفسية للعامل لا تقل أهمية عن الجاهزية المهنية. فقد لاحظت مؤسسات عديدة تراجعًا في الولاء والاستقرار، ما استدعى اعتماد برامج للدعم النفسي، وتقديم مرونة في الحضور والانصراف، مما ساعد في تجاوز الأزمة بأقل الأضرار.

في ظل هذه التحديات، يُصبح الحفاظ على الكفاءات أولوية ملحة. ويمكن أن تقدم الموارد البشرية حلولًا مرنة، مثل الإجازات الاستثنائية، وخيارات العمل المرن، وبيئة تواصل إنسانية. كما يمكن عند توفر الإمكانات صرف حوافز رمزية أو علاوات خطر للموظفين في الخطوط الأمامية، ما يعزز الشعور بالتقدير والانتماء.

وما ينبغي التأكيد عليه هو ضرورة عدم الاكتفاء بالنظر إلى الأزمات كعنصر تهديد، بل يجب التعامل معها كفرصة استراتيجية. ففي مثل هذه الأوقات، تستطيع إدارات الموارد البشرية أن تثبت جدارتها كشريك في صياغة القرار، وبناء ثقافة مؤسسية مرنة قادرة على التكيف والاستجابة، إضافة إلى تطوير خطط استباقية لإدارة المخاطر البشرية، تعزز من جاهزية المؤسسة على المدى الطويل.

في نهاية المطاف، يتجلى دور إدارات الموارد البشرية في شخصية القائد الهادئ الذي يوجّه دفة المؤسسة وسط العواصف، واضعًا الإنسان في صميم اهتمامه، قبل الإنتاج، وقبل الأرباح. وهكذا، تتحول من وظيفة دعم إلى ركيزة استراتيجية، تصون رأس المال البشري، وتحفظ استقرار المؤسسة في زمن الاضطراب.

لذلك، تُعد الجاهزية المؤسسية مسؤولية إدارات الموارد البشرية في المقام الأول، عبر تشكيل فرق تدخل سريعة، وتفعيل برامج الدعم النفسي والتوعية، وإعادة توزيع الأدوار الحرجة، والتعاون المستمر مع الجهات الرسمية، بما يضمن بيئة عمل مرنة، متماسكة، ومستعدة لمواجهة أي أزمة مستقبلية.

إدارات الموارد البشرية اليوم ليست رفاهًا تنظيميًا، بل صمّام أمان استراتيجي لضمان بقاء المؤسسات واستقرار مجتمعات العمل في زمن الاضطراب.

 

مقالات مشابهة

  • اجتماع برئاسة المداني يناقش دور الجمعيات التعاونية في النهوض بالقطاع الزراعي
  • استراتيجيات الموارد البشرية لمواجهة الأزمات
  • لتعزيز التعاون.. البنك الزراعي المصري يستقبل وزير زراعة جمهورية صربيا
  • وزير زراعة صربيا يبحث سبل تعزيز التعاون مع البنك الزراعي المصري
  • اليوم.. مجلس الشيوخ يناقش مستقبل كليات التربية في مصر بين الواقع والمأمول
  • محافظ بني سويف يناقش جهود المتابعات الميدانية للعمل بالقطاع الصحي
  • وزير المالية: ٥٣ ألف ممول جديد تقدموا إلكترونيًا للانضمام للمنظومة الضريبية طواعية
  • وزير المالية: تلقينا 110 آلاف طلب لغلق ملفات قديمة و450 ألف إقرار معدل أو جديد
  • عاجل | مزارعون متضررون يشكون من انقطاع الطريق الزراعي الذي يربط مزارعهم في منطقة الكنيسة الفيحاء محافظة مادبا/صور
  • وزير الصحة يترأس اجتماع لجنة مراجعة واعتماد الشروط المرجعية لمشروع تقييم الضرر والاحتياجات بالقطاع الصحي DANA