كتابٌ يُقاربُ أدب القارّة الأفريقية من خلال الرواية المكتوبة باللُّغة العربيّة
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
الجزائر "العُمانية": يُقاربُ كتابُ "الأدب الأفريقي بين المركز والهامش" (128 ص) لمؤلّفه الدكتور وليد خالدي، موضوع أدب القارّة الأفريقية من خلال الرواية المكتوبة باللُّغة العربيّة.
ويُشير المؤلّفُ بين ثنايا هذا الإصدار، إلى أنّ الأدب الحقيقي، بكلّ ما تعنيه الكلمة من معانٍ، "يتجلّى في ذلك الأدب الذي يضع الموضوعات الإنسانية ضمن الاعتبارات الأولى في استقراء ما هو كائن؛ متجاوزًا في ذلك الاستعلاء الثقافي المتخندق في الرؤى الضيّقة، والإيديولوجيات المتكلسة، والتصنيفات الاختزالية المضلّلة بطبقاتها المتراكمة في نظرته إلى الكون، والحياة، والإنسان".
ويرى الدكتور وليد خالدي أنّ أهميّة العمل الروائي "تكمنُ في معالجته للمواضيع المتنوّعة، والإشكالات الراهنة، في ضوء الرؤيا الشاملة التي تلامس جوهر الإنسان والوجود، باتّباع منطق التمرُّد الخارج عن سنن التقاليد السائدة، وعن كلّ موروث في بناء النص؛ لأنّ مقاومة التنميط على مستوى الأفكار، والمضامين، والأشكال التعبيرية، يتمثل في الخروج عن النسق المعتاد والمألوف ضمن أفق الكتابة الإبداعية".
ويُناقش المؤلّفُ إشكالية الكتاب عبر محاور متنوّعة، أبرزُها "الأدب الأفريقي.. معاني ودلالات المفهوم"، و"الأدب الأفريقي.. ما بعد الكولونيالية والدرس الأدبي"، و"أدب ما بعد الكولونيالية.. عنف المتخيّل في رواية "الزنجية" للروائية الجزائرية عائشة بنور"، و"بلاغة التواتر السردي.. المحكي الإفرادي"، و"عنف المتخيّل وسؤال الوعي".
ويقول الدكتور وليد خالدي عن اختياره لرواية "الزنجية" للروائيّة الجزائرية عائشة بنور لدراستها كنموذج عن الأدب الأفريقي: "النظرة الواعية في إدراك حقيقة الأشياء؛ جعل من الروائيّة عائشة بنور من خلال منتوجها السّردي "الزنجية" تطرح - بطريقة ضمنية - الأسئلة المصيرية، والقضايا الأنطولوجية، التي شكّلت نواة هذا العمل الفني في انبنائيته، بحيث تحدّد طبيعة بنيته السّردية في تقديم الأحداث المتنوّعة، والمتعلّقة بالمادة الحكائية أو القصصيّة".
من جهة أخرى، يُشير مؤلّف الكتاب إلى أنّ القارئ المتتبّع لتفاصيل الرواية، على مستوى الأحداث، والشُّخوص، والأزمنة، والأمكنة؛ "يستشفُّ في ثناياها انتفاضة حقيقية ضد واقع مرفوض وغير مشروع، كردّة فعل واعية تجرُّنا إلى مساحات ثقافة المقاومة في تنوُّع صورها، بالمفهوم الإنساني، وعبر رؤية متماسكة تطالعنا في بناء لغويّ مُحكم يلوح في مضامينه بالإشادة إلى المعايير، والقواعد المرتبطة بالمنظومة القيمية، والوجدانية، والأخلاقية، يأتي في مقدّمتها معالجة موضوع الهجرة غير الشرعية، والتّمييز العنصري، والأمراض الفتّاكة التي تحصد أرواح البشر، منها: الإيبولا، والملاريا، كمادة دسمة لعملها الفني أو الإبداعي بأبنيته الفكرية، وأساليبه التعبيرية، ومواده الترميزية، وتشخيصاته الجوّانية، من خلال رصد حركة الذوات على مستوى الفعل، والتفكير، والوصف، بالإشارة إلى الأوضاع الإفريقية، وما تعيشه هذه القارة من هزائم متتالية ومتعاقبة كحالة مستمرّة تمارس استبدادًا بشقّيه المرئي واللامرئي".
ويضيف الدكتور وليد خالدي: "على ضوء هذه الحقيقة، فنحن إذن إزاء معادلة أفرزت لنا سيناريوهات ضيّقت من هامش الاختيارات، والممكن والمتاح؛ نتيجة الانزلاقات، والتجاوزات، والخروقات التي لامست الحياة الإنسانية، وهذا الإحساس المتعاظم، بتداعياته التي تتأرجح بين الصراع والتعايش، تبدّت ملامحه في الواقع المعيش المحاط بتلك الاضطرابات الداخلية، والنزاعات المتواصلة، والطبقات المتناحرة، والهويات المتصارعة، التي تعيش مجموعة من التوتُّرات، والتناقضات، على حساب الفعالية الإنسانية المنتجة؛ ما دفع بالممارسات الفردية، والجماعية إلى البحث عن حياة أفضل تضمن لهم لقمة العيش الذي يؤمّن لهم الجوانب الاقتصادية، والاجتماعية، بتحقيق الأمل المفقود، والحلم المنشود من أجل ضمان العيش الكريم، هذا المصير التراجيدي كان بمثابة الحافز الذي دفع المجتمعات الإفريقية المضطهدة، باتّخاذ مسالك الهجرة طريقًا للخلاص والنجاة بتجشم وعثاء السفر إلى أصقاع العالم، وقطع الآلاف من الكيلومترات، بحثًا عن حياة آمنة وهادئة توفر لهم نوعًا من الاستقرار النسبي، الذي يخفّف من وطأة الصُّعوبات والتوتُّرات النفسية، والتهديدات الأنطولوجية".
يُشار إلى أنّ الدكتور وليد خالدي، حاصل على دكتوراه في الأدب العربي، ويُدرّس النقد الأدبي المعاصر، بجامعة طاهري محمد بولاية بشار (جنوب الجزائر)، ومن مؤلفاته: "فعل القراءة وما بعد الحداثة.. مقاربةٌ في رواية اليربوع للكاتب حسين فيلالي" (2020)، و "توهُّجات جسد" (نصوص شعرية/ 2020)، و"ضباب سيعودنا الليلة" (نصوص شعرية/ 2021).
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
مصرع 4 مهاجرات بينهم ثلاث طفلات في انقلاب قارب هجرة غير شرعية
أفادت صحيفة الجارديان البريطانية أن سبع نساء، من بينهن ثلاث فتيات صغيرات، لقين مصرعهن أمس الأربعاء بعد انقلاب قارب يحمل نحو 150 مهاجرًا قبالة ساحل جزيرة إل هييرو، إحدى جزر الكناري الإسبانية، أثناء محاولته الاقتراب من الميناء.
وذكرت هيئة الإنقاذ البحري الإسبانية أن القارب تم رصده على بعد نحو 10 كيلومترات من ميناء "لا ريستينجا"، وتمت مرافقة القارب بواسطة سفينة الإنقاذ الحكومية، إلا أنه انقلب لحظة الاستعداد للنزول بسبب "حركة الأشخاص على متنه"، بحسب بيان الهيئة.
وقال مسؤولو الطوارئ إن الضحايا شملوا فتاة تبلغ من العمر 16 عامًا، وطفلتين يعتقد أن عمرهما أقل من خمس سنوات. كما نقل طفلان، يبلغان من العمر ثلاث وخمس سنوات، في حالة حرجة إلى مستشفى في تينيريفي عبر مروحية، في حين تم نقل رضيع يبلغ من العمر ثلاثة أشهر إلى مستشفى محلي بعد معاناته من صعوبات في التنفس.
وسارع عمال الإنقاذ، إلى جانب غواصين ومتطوعين من المنطقة، إلى انتشال الناجين من المياه في مشهد مأساوي أعاد تسليط الضوء على خطورة طريق الهجرة عبر المحيط الأطلسي.
في أعقاب الحادثة، عبر رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عن "تضامنه العميق" مع الضحايا وعائلاتهم، وكتب على حسابه بمواقع التواصل الاجتماعي: "المأساة التي شهدتها إل هييرو يجب أن تحرك ضميرنا جميعًا. أرواح فقدت في محاولة يائسة للبحث عن مستقبل أفضل. علينا أن نكون على مستوى هذه اللحظة. الأمر مسألة إنسانية".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الحادث هو الأحدث ضمن سلسلة من الكوارث المرتبطة بطريق الهجرة عبر المحيط الأطلنطي نحو جزر الكناري، وهو مسار أصبح من أكثر طرق الهجرة البحرية فتكًا في العالم. ووفقًا لمنظمة غير حكومية، فقد لقي أكثر من 10,400 شخص مصرعهم أثناء عبور هذا الطريق في العام الماضي وحده.
وتلجأ أعداد متزايدة من المهاجرين إلى هذا الطريق، هربًا من تشديد القيود الأوروبية في البحر المتوسط، وغالبًا ما يركبون قوارب متهالكة لا تصلح لمواجهة التيارات القوية للمحيط الأطلسي.
ورغم انخفاض عدد الواصلين إلى جزر الكناري بنسبة الثلث خلال الفترة من 1 يناير إلى 15 مايو مقارنة بالعام السابق، إلا أن الطريق ما زال يحصد الأرواح.
وقال ممثل الحكومة المركزية في الأرخبيل، أنسيلمو بيستانا، إن البحر حول إل هييرو كان "عنيفًا بشكل خاص" في الأيام الماضية، وإن المهاجرين كانوا في حالة إنهاك شديدة بعد عبور طويل وخطير. وأضاف: "نعلم أن اللحظة الأكثر خطورة في أي عملية إنقاذ تكون عند الاقتراب من الشاطئ".
من جهته، وصف رئيس حكومة جزر الكناري، فرناندو كلافيخو، الحادث بأنه "وجه من أوجه المأساة الحقيقية" التي تعيشها المنطقة. وقال: "مرة أخرى، نرى الجانب الأكثر قسوة للهجرة... هذه المرة تأثّر به أطفال. للأسف، القارب انقلب لحظة تحقيق الحلم".