جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-04@19:16:54 GMT

غزة.. قلعة الصمود الأسطوري

تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT

غزة.. قلعة الصمود الأسطوري

 

مصطفى بن مبارك القاسمي

وسط لهيب الحرب وسياط الحصار، تقف غزة شامخة كجبل عصيّ على الانهيار، تتحدى الموت بجوعها وعطشها، وتواجه الحديد والنار بإرادة لا تلين، هي ليست مجرد مدينة؛ بل أسطورة تتجسد في شعبٍ جعل من الألم وقودًا للصمود، ومن الخراب طريقًا للنهوض.

في كل زاوية من شوارعها، تنبض بقصة مقاومة يستحق أن تروى وتفوق أفلام هوليود الخيالية، وفي كل بيت تتردد أنفاس الصبر والصمود، لا ماء ولا غذاء، ولا دواء يشفي الجراح، لكن الروح هناك أقوى من كل سلاح وأقوى من مفاهيم اللاإنسانية الكاذبة.

إن الإيمان بعدالة القضية يجعل من الجوع والعطش مجرد تفصيل عابر أمام شموخ الأحرار.

أما جنود القسام البواسل، فهم رجال وقفوا أمام أعتى القوى الظالمة، فحملوا أرواحهم على أكفّهم، وحوّلوا المستحيل إلى واقع، بأسلحتهم البسيطة وإرادتهم الصلبة التي لا تلين، واجهوا جيشًا مدججًا بأحدث التقنيات والمعلومات وأحدث الأسلحة فتكا وتدميرا، فلم تنكسر إرادتهم، ولم تخفت عزيمتهم، قاوموا في الأزقة، في الأنفاق، في السماء وتحت الأرض، فكانوا الصاعقة التي بدّدت أوهام الغزاة وأفقدتهم صوابهم.

نعم لم تكن الحرب عادلة، ولم تكن المواجهة متكافئة، ولكن غزة أثبتت للعالم أن التفوق لا يقاس بعدد الطائرات أو حجم الدبابات، بل بحجم الإيمان والصلابة. حاصرها العدو وقطع عنها الحياة، لكن أهلها ازدادوا قوة، ومقاتلوها الأشاوس أبدعوا في الصمود والتصدي للجيوش الجرارة الظالمة؛ فباتت غزة العزة والكرامة والصمود نموذجًا يدرّس في معاني الثبات والإرادة التي لا تُقهر.

غزة ليست مجرد مدينة تحت الحصار؛ بل راية ترفرف في وجه الطغيان، وتكتب للأجيال القادمة بخط من ذهب أن الحرية تُنتزع بالصمود ولا تُوهب، وأن الصمود وحده هو السبيل إلى النصر، مهما طال الزمن ومهما كان الثمن.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

غزة ما بين “حجار داود” و”ركاب جدعون”

في قلب المأساة، حيث تتقاطع النيران مع الصمت الدولي، وتعلو صرخات الأطفال فوق ركام البيوت، تقف غزة مجددًا في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية. وبينما تطلق إسرائيل على عدوانها الأخير اسم “ركاب جدعون”، أطلقت المقاومة الفلسطينية في غزة اسم “حجار داود” على عملية الرد. ليست مجرد تسميات عسكرية، بل معركة رموز ومعانٍ تعكس جوهر الصراع القائم منذ عقود.

بين التاريخ والواقع: مواجهة متجددة
“ركاب جدعون” هو اسم مستمد من سرديات توراتية، يُرمز فيه إلى القائد جدعون الذي خاض حروبًا باسم “الشعب المختار”. تستخدمه إسرائيل اليوم لتغليف عدوانها بلغة دينية مغموسة بالعنف والتفوق. في المقابل، جاء اسم “حجار داود” استحضارًا لقصة النبي داود في مواجهته الشهيرة مع جالوت، بسلاح بدائي وقلب ثابت. وبين جدعون وداود، تكتب غزة حكايتها الحديثة؛ حكاية من يواجه طاغوت العصر بحجر، وصاروخ محلي الصنع، وإرادة لا تلين.

هذه ليست مجرد حرب بين قوتين غير متكافئتين، بل معركة بين مشروع استعماري يسعى لتكريس نفسه بالقوة، وشعب أعزل يقاتل من أجل حقه في الحياة والحرية والكرامة.

العملية الإسرائيلية: نار لا تفرّق
منذ بدء عملية “ركاب جدعون”، تواصل إسرائيل تنفيذ حملة قصف شرسة على قطاع غزة، استهدفت كل شيء: المنازل، المساجد، المستشفيات، المدارس، وحتى مراكز الإيواء. تُبرَّر هذه الهجمات بما يسمى “الردع الاستباقي”، بينما المشهد الحقيقي يظهر شعبًا يُذبح تحت أنقاض بيته، ويُهجّر من أرضه مرة بعد أخرى.

المجازر اليومية ليست ناتجة عن خطأ أو خلل، بل هي جزء من عقيدة عسكرية تتعامل مع الفلسطيني كتهديد وجودي. لقد تحولت غزة في العقل الإسرائيلي من مجرد جغرافيا إلى “مشكلة أمنية” يجب التخلص منها، مهما كانت الكلفة البشرية.

الرد المقاوم: إرادة لا تُقهر
رغم الحصار، والقصف، والدمار، خرجت المقاومة الفلسطينية لتعلن بدء عملية “حجار داود”. وقد شكّل ذلك مفاجأة استراتيجية لإسرائيل، حيث كشفت المقاومة عن جاهزية عالية، وقدرة على المناورة والرد، وفرضت معادلات جديدة في الميدان.

لم تكن “حجار داود” مجرد رد فعل، بل إعلانًا صريحًا بأن المقاومة قادرة على الدفاع عن شعبها، وعلى التصعيد حين يلزم. الرسالة الأهم: أن الغطرسة العسكرية لن تمر دون ثمن، وأن الشعب الذي يُذبح نهارًا، يمكنه أن يفاجئ العالم ليلًا بقوته وثباته.

المعركة ليست فقط في الميدان
ما بين “حجار داود” و”ركاب جدعون”، هناك معركة أخرى تُخاض بالتوازي: معركة الرواية. الإعلام الغربي، كعادته، يختزل الصراع في عناوين سطحية: “تبادل إطلاق نار”، “صراع معقّد”، أو “دفاع إسرائيلي”. يُحجَب السياق، وتُطمَس الحقيقة، وتُغسل يد الجلاد.

لكن أمام هذه الهيمنة الإعلامية، ظهرت أصوات حرّة – عربية وعالمية – تنقل الحقيقة كما هي: غزة ليست عدوًا، بل ضحية مقاومة. الأطفال الذين يُقتلون ليسوا أضرارًا جانبية، بل أجسادًا شاهدة على جريمة مستمرة.

عار الصمت العربي
في الوقت الذي تنهمر فيه الصواريخ على غزة، تلتزم أنظمة عربية الصمت، بل وتفتح لبعض المعتدين أبواب التطبيع. لم تعد الخيانة تهمس في الظل، بل تعلن عن نفسها على الملأ، بتبريرات باردة ومواقف مخزية. وكأن غزة لا تعنيهم، وكأن أطفالها لا يشبهون أبناءهم.

لكن في المقابل، شعوب هذه الأمة – رغم القهر – لا تزال تنبض بالحياة. خرجت التظاهرات، ارتفعت الأصوات، وامتلأت الشوارع بالرايات والدموع. لا تزال فلسطين تعني شيئًا حقيقيًا في وجدان الأحرار، وستبقى.

غزة تُلخّص الصراع
غزة ليست مجرد جغرافيا ضيقة على الخريطة، إنها البوصلة الأخلاقية للعالم. إما أن تكون مع الحق أو مع القتل. لا حياد في هذه اللحظة. من يصمت على الظلم، يشارك فيه، ومن يبرر الإبادة، يسقط من إنسانيته.

“حجار داود” ليست فقط اسم عملية، بل إعلان عن ولادة زمن جديد في المقاومة الفلسطينية. زمن يُصنع من بين الأنقاض، وتُكتب فيه معادلات الردع بحروف الدم، لا باتفاقات القهر. زمنٌ تقول فيه غزة: أنا هنا، أقاتل، وأصمد، وأصوغ من وجعي مستقبلًا حرًّا رغم الألم.

وفي الخاتمة: بين الحجر والدبابة
في النهاية، ما بين “حجار داود” و”ركاب جدعون”، تنتصر الروح على الآلة، والحقيقة على الدعاية، والحق على القوة. ستبقى غزة رمزًا للشرف الإنساني، وستبقى مقاومتها عنوانًا لعصر لا يزال يرفض الخنوع.
ولن تنتهي القصة هنا… فكل قصف يولّد مقاومة جديدة، وكل شهيد يخلّف ألف مقاتل، وكل دم يُسفك يكتب صفحة أخرى في سفر الحرية الفلسطيني.

الشروق الجزائرية

مقالات مشابهة

  • الوزير الشيباني: الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية انتهاك لسيادة سوريا وتفتح المجال أمام الجماعات التي تهدد أمنها لزعزعة الاستقرار.
  • حين تُدار الفريضة بعقل الدولة وروح الإيمان
  • وفد من منظمة التعاون الدولي الإيطالي يزور مدارس قلعة المضيق في ريف حماة
  • الهجرة مشروع الإيمان والتضحية .. دلالات إيمانية من محاضرة السيد القائد ضمن سلسلة القصص القرآني
  • من تونس لرفح.. قافلة الصمود تستعد لفك الحصار عن غزة
  • مواهب شعرية في الظل
  • سمير اليزيدي زميل الملك في الدراسة وعامل قلعة السراغنة يوقف موكبه للتجاوب مع احتجاجات مواطنين
  • قلعة بفاس.. سيرة مغربية في أرض الحب والأيديولوجيا
  • معرض “أيقونات الإيمان والرجاء”.. رسالة سلام لفنانين من مختلف الأجيال
  • غزة ما بين “حجار داود” و”ركاب جدعون”