جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-26@16:45:48 GMT

تُراثي.. هُوِّيتي

تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT

تُراثي.. هُوِّيتي

 

 

 

علي بن سهيل المعشني (أبو زايد)

asa228222@gmail.com

سلطنة عُمان، تلك الأرض التي تمتد من محافظة مسندم شمالًا إلى محافظة ظفار جنوبًا، تحمل في طياتها تنوعًا تراثيًا وثقافيًا لا يُضاهى. كل قرية، كل وادٍ، وكل جبل يحمل في ذاكرته قصصًا ترويها الأجيال، ولهجاتٍ تختلف من منطقة إلى أخرى، وعاداتٍ وتقاليدَ تشكل نسيجًا اجتماعيًا غنيًا ومتنوعًا.

هذا التراث ليس مجرد ماضٍ نستعيده في المناسبات؛ بل هو حاضرٌ حيٌ يُمثل هويتنا الثقافية ويُشكل أساسًا لمستقبلنا.

وفي ظل هذا التنوع التراثي الكبير، يبرز سؤالٌ مُهم: لماذا لا نُدخل هذا التراث إلى مناهجنا التعليمية؟ لماذا لا نُخصص مادةً دراسيةً تحت عنوان "تراثي هويتي" في المدارس والجامعات العُمانية؟ إنها فكرةٌ تستحق أن تُناقش بجدية، خاصةً في عصر العولمة الذي نعيشه، حيث تهدد الثقافات الوافدة هوياتنا المحلية.

التراث: جذورٌ تمتد من الماضي الى الحاضر والمستقبل.

والتراث ليس مجرد مظاهر خارجية كالأزياء التقليدية أو الفنون الشعبية؛ بل هو نظامٌ قيميٌ يعكس طريقة تفكير المجتمع وسلوكه. في عُمان، نجد أنَّ كل منطقة لها طابعها الخاص، من لهجة "الشحوح" في مسندم إلى لهجة "الجبال" في ظفار، ومن فنون "الرزحة" و"العازي" إلى "التغرود" و"الهمبل"والبرعة والنانا. هذه المفردات التراثية ليست مجرد تعابير فنية؛ بل هي أدواتٌ تُعبر عن قيم المجتمع وتاريخه.

وإدخال التراث في المناهج التعليمية يعني الحفاظ على هذه القيم ونقلها إلى الأجيال القادمة؛ فمن خلال دراسة التراث، يتعلم الطلاب ليس فقط عن ماضيهم؛ بل أيضًا عن كيفية الحفاظ على هويتهم في عالمٍ سريع التغير. التراث يُعلمنا الانتماء، ويُعزز الفخر بالجذور، ويُسهم في بناء شخصيةٍ وطنيةٍ قوية.

التعليم: جسرٌ بين الماضي والمستقبل.

إن إدخال مادة "تراثي هويتي" في المدارس والجامعات لن يكون مجرد إضافةٍ أكاديمية؛ بل سيكون خطوةً استراتيجيةً نحو تعزيز الهوية الوطنية. هذه المادة يمكن أن تشمل دراسة اللغات المحلية، والفنون التقليدية، والعادات الاجتماعية، وحتى المأكولات الشعبية. كما يمكن أن تتضمن زيارات ميدانية إلى المواقع التراثية، ومشاركة في المهرجانات الثقافية، وورش عملٍ حول الحرف التقليدية.

وفي الجامعات، يمكن أن تكون هذه المادة أكثر تخصصًا، حيث تُدرس التراث من منظورٍ أكاديميٍ وعلمي. يمكن أن تشمل أبحاثًا حول تأثير التراث على الهوية الوطنية، ودوره في تعزيز السياحة الثقافية، وكيفية توظيف التراث في التنمية المستدامة.

التحديات والفرص

بالطبع، هناك تحدياتٌ تواجه هذه الفكرة. أولها هو كيفية توحيد المنهج الدراسي ليشمل كل هذا التنوع التراثي في عُمان. فكل منطقة لها خصوصيتها، وقد يكون من الصعب إيجاد منهجٍ واحدٍ يلبي كل هذه الخصوصيات. الحل قد يكون في تصميم منهجٍ مرنٍ يسمح للمدارس في كل منطقة بإضافة ما يميزها من تراث.

والتحدي الآخر هو كيفية جعل هذه المادة جذابةً للطلاب. ففي عصر التكنولوجيا والإنترنت، قد يجد الطلاب صعوبةً في الاهتمام بمواضيع تراثية. هنا يأتي دور الإبداع في التدريس، حيث يمكن استخدام التكنولوجيا نفسها لتقديم التراث بشكلٍ حديثٍ ومشوق.

وأخيرًا.. تراثنا هو هويتنا، وهويتنا هي مستقبلنا. إدخال مادة "تراثي هويتي" في المدارس والجامعات ليس مجرد خطوةٍ تعليمية؛ بل هو استثمارٌ في مستقبل الأمة. من خلال هذه المادة، نستطيع أن نُعزز الانتماء الوطني، ونحافظ على تنوعنا الثقافي، ونبني جيلًا واعيًا بجذوره وقادرًا على مواجهة تحديات العصر.

ولقد حان الوقت لأن نُعطي تراثنا المكانة التي يستحقها في نظامنا التعليمي. فلنعمل معًا لجعل "تراثي هويتي" جزءًا أساسيًا من تعليم أبنائنا؛ لأن الحفاظ على التراث هو حفاظٌ على وجودنا كأمةٍ لها تاريخٌ وحضارة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

العناني مرشح مصر يعلن برنامجه لقيادة المنظمة: «يونسكو من أجل الناس»

أعلن الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار المصري الأسبق، عن برنامجه الانتخابي الذي سينافس به على منصب المدير العام لمنظمة اليونسكو في الانتخابات المقرر إجراؤها في أكتوبر 2025، لمنافسة المكسيكية جابرييلا راموس، والكونجولي فيرمين إدوارد ماتوكو.

العناني مرشح مصر يعلن برنامجه لقيادة المنظمة:  «يونسكو من أجل الناس»

وضع العناني رؤيته تحت شعار "اليونسكو من أجل الناس"، مركزًا على جعل الإنسان في صدارة أولويات عمل المنظمة "دون تمييز أو تفرقة". يهدف برنامجه إلى إحداث نقلة نوعية في عمل اليونسكو من خلال عدة محاور رئيسية:

مكافحة البيروقراطية وتنويع مصادر التمويل

يسعى العناني لمكافحة البيروقراطية داخل المنظمة، ويقترح آليات لتنويع مصادر تمويلها، يشمل ذلك استكشاف فرص جديدة لجمع الأموال عبر الشراكات الإعلامية والفعاليات الثقافية، بالإضافة إلى إطلاق حملات لجمع التبرعات. كما ينوي تخصيص صندوق للطوارئ لضمان استعداد اليونسكو للتعامل مع الكوارث الطبيعية والصراعات والأزمات.

الحفاظ على التراث وتسخير التقنيات الحديثة

تعهد العناني، بالحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي عبر تسخير العلوم والتقنيات الحديثة، وتدريب المعلمين، وتعزيز الزيارات الميدانية للأماكن التراثية لربط الطلاب بتراثهم العالمي. كما وعد بحماية الممتلكات الثقافية خلال النزاعات، ومكافحة الاتجار غير المشروع بها، وحماية التراث المغمور تحت الماء، والطبيعي، والتراث الثقافي المادي وغير المادي.

دعم الدول والسياسات الوطنية

وعد العناني، بتقديم مساعدة مخصصة للدول، خاصة تلك الممثلة تمثيلًا ناقصًا، لتسهيل إجراءات تسجيل المواقع التراثية بالتعاون مع الهيئات الاستشارية. ستُعطى الأولوية للمواقع المهددة بالانقراض، مع جذب الموارد المالية للحفاظ على التراث وتعزيز السياحة المستدامة.

كما تعهد بدعم السياسات الوطنية التي تحفز الصناعات الثقافية والإبداعية كقوة دافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، مع مواصلة اليونسكو حماية حقوق وحريات الفنانين والمهنيين والعاملين في المجال الثقافي ودعمهم خلال الأزمات.

سلامة الصحفيين والإعلاميين

أكد العناني على مواصلة المنظمة لدورها المحوري فيما يتعلق بسلامة الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام، وخاصة النساء، وحماية حرية الرأي والتعبير. كما سيتم تقديم الدعم لوسائل الإعلام المستقلة والحرة والمتعددة.

التعليم، التغير المناخي، وتحديات إفريقيا

ينوي العناني، الالتزام بقوانين ولوائح اليونسكو، ودعم المعلمين والعلماء والباحثين والفنانين والصحفيين وكل من يعمل على نشر مهمة المنظمة مع حماية حقوقهم كاملة.

في ملف التعليم، وعد بزيادة الاستثمار في البنية التحتية وإمكانية الوصول إلى الإنترنت، خاصة في المجالات المتعلقة بالسلام، حقوق الإنسان، التنمية المستدامة، والمواطنة العالمية. يشمل ذلك أيضًا التعليم حول الإبادة الجماعية والماضي العنيف، بجانب تحديث المناهج الدراسية والتركيز على التعلم الرقمي.

وفيما يخص قضايا المناخ، أكد أن اليونسكو ستستجيب لاحتياجات الدول في معالجة تأثير تغير المناخ من خلال الإعلام والتعليم والتوعية. ستواصل المنظمة جهودها في العمل المناخي، التنوع البيولوجي، النظم البيئية، الحفاظ على التنوع الجيولوجي، أمن المياه، إدارة المحيطات، والحد من مخاطر الكوارث، مع تعزيز البحوث التعاونية والرصد البيئي داخل مواقع التراث العالمي.

أما بالنسبة لإفريقيا، تعهد مرشح مصر بالاستجابة للأولوية العالمية للقارة عبر دعم المجتمعات وتعزيز التعاون مع دول القارة والاتحاد الإفريقي والجهات الدولية لمعالجة التحديات. 

ووعد بتمكين الشباب من خلال تطوير مهاراتهم، وتعزيز برامج التبادل الثقافي والأكاديمي، وإشراكهم في عمليات صنع القرار، مع دعم الفئات الضعيفة بشكل فعال في أوقات الطوارئ.

ووصف خالد العناني،ـ رؤيته في نهاية خطابه بأنها يد ممدودة ونداء للعمل، من أجل منظمة قادرة على توحيد الناس عبر تعزيز الحوار، الثقة، والاحترام، مختتمًا بقوله: "دعونا نتحد لبناء يونسكو من أجل الناس".

مقالات مشابهة

  • الإنسانية لا تعرف حدود المكان أو الزمان!
  • الأمير فيصل بن مشعل يزور مركز التراث الثقافي بالقصيم في مقر فرع هيئة التراث بالمنطقة
  • أمين الإفتاء: وعاشروهن بالمعروف ليست مجرد وصية بل أمر رباني
  • مؤتمر برلين 3.. والأزمة الليبية المستفحلة
  • ترامب: تغطية سي إن إن وMSNBC عن تدمير منشآت إيران «مجرد نفايات»!
  • بتمويل أوروبي.. اليونسكو ترميم مئات المنازل التاريخية في اليمن
  • تراث أصفهان الفارسي والمواجهة بين إيران وإسرائيل
  • العناني مرشح مصر يعلن برنامجه لقيادة المنظمة: «يونسكو من أجل الناس»
  • تسارع عمليات ترميم قلعة اربيل المدرجة على قائمة التراث العالمي
  • القصف الإيراني على إسرائيل.. استنزاف جديد أم مجرد رسائل ردع؟